المناورات الايرانية الروسية الصينية.. رسائل من البحر
قبل ايام قليلة خرج قائد جيش الاحتلال الاسرائيلي “افيف كوخافي” بكلام عن القدرات العسكرية الايرانية، ابرز ما فيه ان الصناعة العسكرية الايرانية اكبر بكثير من كل الصناعات العسكرية لكيان الاحتلال.
من هذه النقطة يمكن ان ننفذ الى موضوع المناورات البحرية التي تجريها ايران مع روسيا والصين في شمال المحيط الهندي وبحر عمان، وهي المناورات الاولى بين هذه الدول.
بداية تجدر الاشارة الى ان المحيط الهندي ثالث اكبر محيطات العالم، واضافة الى الدول التي تطل عليه واهميتها، تتواجد فيه ثلاثة مضائق هي باب المندب ومالاغا والاهم مضيق هرمز. وهنا تبدا سلسلة الرسائل التي تبعث بها المناورات من البحر الى كل العالم.
الرسالة الاولى
المناورات تاتي بعد نحو شهرين من مؤتمر دولي استضافته البحرين وبرعاية اميركية وحضور اسرائيلي تحت عنوان امن الملاحة، كان موجها بشكل مباشر وصريح ضد ايران. المؤتمر وبتفسير السياسة كان لعبا بالماء العكر في منطقة تمتلك ايران الحق الاكبر والاصدق لحفظ امنها. خاصة وان المؤتمر مرتبط بتحالف مزعوم اميركي لارسال قوات بحرية دولية الى المنطقة بذريعة حفظ الامن في الخليج الفارسي.
وعليه يمكن اعتبار المناورات الاخيرة ردا صريحا بان مشاريع الولايات المتحدة الممولة من دول عربية والمدعوم بمشاركة اسرائيلية مرفوضة. كما ان محاولات عزل ايران واحتكار الامن في المنطقة من قبل دول على الخليج الفارسي بحماية اميركية نجاحها غير واقعي لان الدولة الاهم هناك مستبعدة ومستهدفة. وبالتالي فان ايران والصين وروسيا يقولون من خلال المناورات ان امن المنطقة حق للدول الجادة في حفظ هذا الامن وليس الدول التي تريد رهن المنطقة بمغامرات غير محسوبة. وهنا يبرز الكلام الروسي عبر المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماريا زاخاروفا التي اكدت ان روسيا والصين وايران تقوم بحماية المنطقة علنا ووفق القانون الدولي، ومنخرطة في ضمان الاستقرار والامن ومكافحة الارهاب.
الرسالة الثانية
رسالة سيكون من الصعب على بعض الدول استيعابها، لانها منخرطة في مشاريع ومرتهنة لاجندات تمنعها من استيعاب الرسالة وتلقفها بنية جادة. هذه الرسالة تتمثل بتاكيد ان امن المنطقة وضمنها امن الخليج الفارسي مسؤولية دوله. وبالتالي لا بد لهذه الدول من التعاون مع بعضها على اساس التخلي عن مساعي ومخططات عزل ايران من قبل بعض الدول الاقليمية. لاسيما وان المناورات تكشف حجم القبول الدولي لطهران، خاصة وانها تجري مع دولتين بحجم وقيمة روسيا والصين. وطرح ايران لمبادرة التعاون الاقليمي (مبادرة هرمز للسلام)، كانت على اساس الادراك الحقيقي لحجم ودور طهران على الساحة الدولية (والذي يظهر واضحا من خلال المناورات) وبالتالي دورها في حل القضايا العالقة في المنطقة سياسيا وامنيا.
الرسالة الثالثة
رسالة ثلاثية الابعاد الى الولايات المتحدة. هنا يجب بداية الاشارة الى توصيف مجلة “فورين بوليسي” Foreign Policy، للسياسة الخارجية الاميركية معتبرة انها تقف بين الفشل الذريع والنجاح المشكوك، مشيرة الى ان من يؤمنون بنجاح سياسة دونالد ترامب تجاه الصين وروسيا وايران هم مستشاروه والدائرة الضيقة في البيت الابيض فقط، اما باقي الولايات المتحدة والعالم فهم مقتنعون بانها سياسة متخبطة ومتضاربة لاسيما تجاه الصين والحرب الاقتصادية، وروسيا والقضية الاوكرانية، وايران والاتفاق النووي وما يرتبط به من امن الخليج الفارسي ومشاكل المنطقة.
وعليه فان الرسالة التي تبعث بها المناورات لواشنطن ومعها كيان الاحتلال الاسرائيلي تتمثل بان سوء تقدير وتقييم قوة طهران وبكين وموسكو مقابل الحظر الاقتصادي والحرب التجارية والضغوط السياسية الاميركية سيرفع اسهم الفشل الذريع الذي يهيمن على الصورة العامة للسياسة الخارجية الاميركية قبل عام من انتخابات لم يضمن ترامب مصيره فيها حتى الان.
*حسين الموسوي