المقاطعة الاقتصادية وعي وجهاد

 

نظراً للحرب الشاملة التي يشنها أعداء الإسلام على أمتنا بغرض السيطرة عليها وتركيعها وإذلالها ونهب خيراتها والقضاء على أبنائها والتي من ضمنها: الحرب الاقتصادية  لتبقى سوقا استهلاكية لمنتجاتهم، ثم بإدخال المواد المضرة وبالذات منتجات أمريكا وإسرائيل اللذين هما وجهان لعملة واحدة، ويسعيان بجد إلى الإضرار بالأمة بكل وسيلة ممكنة لديهم، وللحذر من ذلك جمعنا عدة مواضيع حول أهمية المقاطعة كجزء من الحملة للدعوة إلى مقاطعة المنتجات الأمريكية والإسرائيلية، آملين أن نعطي هذه القضية أهمية، وبالذات في هذه المرحلة ونحن نخوض معهم حربًا شاملة، وبعد أن كُشفت حقيقتهم وظهرت نواياهم وأنهم كما قال الله عنهم: ﴿وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَاد﴾ (البقرة 205).

فما يجري من إبادة للشعب الفلسطيني المسلم العزيز كشف واقعهم وتوحشهم وحقدهم على هذه الأمة فالمقاطعة لمنتجاتهم هي أقل ما يمكن أن نعمله نصرة لشعبنا الفلسطيني المظلوم.

 

 

ضرورة أن نحمل العداوة لأمريكا وإسرائيل

«حالة العداء لليهود عندما قال الله سبحانه وتعالى عن اليهود: ﴿ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا﴾ (المائدة: من الآية82) يريد منا أن نربي أنفسنا، وأن نربي أولادنا على أن يحملوا عداوة لأعداء الله لليهود والنصارى، أن يحملوا عداوة. العداوة في الإسلام إيجابية ومهمة، إذا كنت تحمل عداء لأمريكا وإسرائيل، إذا كان الزعماء يحملون عداء، والمسلمون يحملون عداء حقيقي  فإنهم سيعدون العدة ليكونوا بمستوى المواجهة، أما إذا لم يكن هناك عداء حقيقياً فإنهم لن يعدوا أي شيء، ولن يكون لديهم أي مانع من أن يتعاملوا مع اليهود والنصارى على أعلى مستوى، حتى إلى درجة الاتفاقيات للدفاع المشترك، الاتفاقيات الاقتصادية وغيرها؛ لأنه ليس هناك أي عداء».

فلسطين هي المتراس المتقدم للأمة

لنعي جيداً في هذا العالم العربي والإسلامي أن فلسطين هي المتراس المتقدم والخندق الأول الذي كلما اهتمت به الأمة، وكلما ناصرته الأمة، وكلما وقفت معه الأمة؛ كلما تقلصت الأخطار في بقية أقطارها.

لاحظوا: لو أن العرب اتجهوا بكل جدية وبكل مسؤولية وبوعي وبشكل صحيح إلى المناصرة للشعب الفلسطيني ودعم موقفه ومواجهة الخطر الإسرائيلي كما ينبغي لحفظوا الميدان والساحة العربية والإسلامية من الكثير من المؤامرات، ولم يصل إليها شر إسرائيل ومؤامرات إسرائيل وأمريكا، ولربما كانت قد مسحت إسرائيل أصلاً وانتهت.

لكن لو افترضنا أنه بقي النزاع هناك والصراع والمواجهة هناك لكان كل أولئك مشغولين هناك ولما تفرغوا لبقية الأقطار، لكن الأمة تركت فلسطين فانتقلت المؤامرات لتغزوها إلى بلدانها وأصبحت هي بنفسها ساحة مفتوحة غير محصنة لا بوعي ولا بتعبئة ولا بأي شيء.

فأيضاً يتحتم على الجميع العداء الواضح الصريح المترجم إلى مواقف هذه مسألة مهمة: أن نترجم عداءنا لإسرائيل إلى مواقف عملية، ليس من الصحيح أبداً أن يأتي البعض ليقول كلنا يعادي إسرائيل، ولكن يحافظ على حالة العداء في أعماق نفسه لا تترجم إلى أي موقف هذا عداء ليس له ايجابية ليس له أهمية ليس له قيمة.

هذه الحالة تصلح أن تكون حالة فردية لإنسان مستضعف لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً ولا يستطيع أن يحرك ساكناً ولا يقدر على فعل شيء، أما أمة كبيرة، وأمة عظيمة فلا يجوز أن يكون خياراً لأمة، بل وصل البعض إذا ترجمت موقفك، إذا ترجمت عداءك إلى مواقف سخط عليك، عندما تقول: نحن نعادي إسرائيل ماذا عليك من ذلك؟ يقول لك: كلنا نعادي إسرائيل لكن (اصمت)! البعض يحاول أن يمنعك أن تترجم عداءك إلى مواقف، وأن يفرض عليك حالة الصمت، ويبرر ذلك بأنه هو أيضاً يعادي إسرائيل! يا سبحان الله هل هذه علامة ممتازة لنوع عجيب من العداء، نوع من العداء لإسرائيل يجعل الإنسان يغضب على أي إنسان يتخذ موقفاً عدائياً تجاه إسرائيل؟!».

المقاطعة الاقتصادية هي ترجمة فعلية لعدائنا لأمريكا وإسرائيل

«يجب أن نترجم عداءنا لإسرائيل بشكل واضح في الشعارات، في الفعاليات، في نشاطنا الإعلامي أن لا يغيب الاهتمام بالقضية الفلسطينية، التوعية للأمة على الخطر الإسرائيلي، التعبئة والتحريض على إسرائيل من على وسائلنا الإعلامية، في نشاطنا التثقيفي، في مناهجنا، أن نعيد هذا الحضور وأن نسعى إلى تعزيز هذا الحضور في شتى أنشطتنا التثقيفية والتعليمية.

أيضاً في المقاطعة وما أدراك ما المقاطعة! المقاطعة الاقتصادية للبضائع الإسرائيلية والأمريكية هذا هو من أهم الخيارات المتاحة لكل شخص، أي: ليس هناك مبرر، الكثير يريد لنفسه ألا يتحمل أي مسؤولية، وأن لا يتخذ أي موقف، وأن لا يتحرك أي تحرك، يبقى إنساناً فارغاً ليس له أي موقف، هذا لا ينجيك أمام الله أن تعتبر نفسك غير معني بشيء. (ما شاء الله) حضرتك كيف أعفيت نفسك من كل المسؤوليات؟! كيف فعلت ذلك؟! الله هو من يحدد مسؤولية المسلمين وحدد لنا المسؤولية: أن نقف ضد الطاغوت، ضد الظلم، ضد المتكبرين المستكبرين والظالمين ﴿ كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ﴾ هذه مسؤولية أن نتجه، كيف نكون من أنصار الله؟ إلا بأن نواجه قوى الطاغوت، قوى الظلم، قوى الظلام، ثم إعفاؤك لنفسك من المسؤولية لن يعفيك من آثار ذلك ونتائجه، لذلك نتائج كبيرة وسيئة في الواقع».

مسألة في غاية الأهميّة: الاهتمام بالخطوات العملية لترسيخ وتفعيل حالة السخط والعداء ضد إسرائيل وأمريكا، مثل:

1-   الحث على تفعيل مسألة (المقاطعة) للبضائع والمنتجات الأمريكية والإسرائيلية، هذا عمل مفيد ومؤثر وذو إيجابية ويجعل الإنْسَان يحس أنه يخوض هذه المعركة عمليًا في أي بلدٍ هو، في أي شعب هو، أنت في اليمن أَوْ أنت في تونس أَوْ أنت في مصر أَوْ في أي بلد إِذَا أنت تلتزم بمقاطعة البضائع والمنتجات الأمريكية والإسرائيلية أنت تعيش فعليًا وتباشر موقفًا عمليًا فتعيش فعليًا في الموقف، هذه خطوة نؤكّد عليها ومهمة أن تحظى بتوعية ونشاط توعوي كبير وإذا اتسعت دائرتها فلها تأثيرها الكبير.

 

أمرنا الله بمقاطعة كلمة قد يستفيد منها اليهود فبالأولى مقاطعة منتجاتهم

المقاطعة مهمة، لاحظوا: الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم يقول:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ لاحظوا هذه الآية المباركة نزلت تمنع عن المسلمين مفردة وكانت مفردة عربية ﴿ لَا تَقُولُوا رَاعِنَا﴾ راعنا: كانت مفردة عربية، يقول المفسرون والمؤرخون: إن اليهود كانوا يستخدمون هذه المفردة ويقصدون معنى آخر فيه إساءة ضمنية للنبي (صلوات الله عليه وعلى آله) فكانوا يستفيدون من معنى محتمل من هذه المفردة.

القرآن الكريم منع على المسلمين استخدام هذه المفردة وأمرهم إلزاماً بمقاطعتها، لاحظوا معي: بمقاطعة مفردة عربية ﴿ لَا تَقُولُوا رَاعِنَا﴾ لأن اليهود كانوا يستفيدون من هذه المفردة فمنع القرآن استخدامها حتى لا يستفيد اليهود من استخدامها؛ لأنهم سيستمرون في استخدامها لو بقيت مستخدمة لدى العرب؛ فإذا كان هناك مقاطعة لمفردة عربية يستفيد منها اليهود أما اليوم فالبضائع الإسرائيلية والأمريكية، أمريكا أكبر داعم وحاضن وراعٍ لإسرائيل والبضائع الأمريكية والإسرائيلية تشكل أكبر مصدر دعم رئيسي لهما: لإسرائيل ولأمريكا.

والمقاطعة من أبناء الأمة اليوم عالمنا العربي هو سوق من أكبر الأسواق في العالم سوق مستهلك؛ لأن مستوى الإنتاج عندنا في العالم العربي ضعيف ويكاد يكون حكراً فنعتمد في مشترياتنا وفي استهلاكنا على المنتجات الأجنبية، نستورد، كل شيء مستورد لا ننتج كما ينبغي وبالتالي تذهب معظم أموالنا إلى أعدائنا وتشكل ثروة لهم ومصدر دخل كبير لهم.

 لاحظوا: اليوم النفط العربي من أكبر مصادر الدعم لأمريكا وبالتالي لإسرائيل؛ لأن ما استفادت منه أمريكا تستفيد منه حتماً إسرائيل هذا أمر لا شك فيه، ويظهر في الخفاء أن هناك تعاوناً مباشراً ودعماً مادياً مباشراً لإسرائيل، ولكن على المستوى الرسمي الطامة واضحة والكارثة كبيرة ومعظم خيرات هذه الأمة تصب في جيوب أعدائنا، ولكن على مستوى واقعنا الشعبي وعلى مستوى أن نشكل داخل شعوبنا توجهاً معادياً لإسرائيل له مواقف عملية، وله تحرك عملي ويسعى إلى أن يتسع نطاق نشاطه في أوساط الأمة.

 يعني: عندما يقاطع الآلاف يكون لمقاطعتهم تأثير، عندما يقاطع مئات الآلاف سيكون هذا التأثير أكثر، وعندما يقاطع الملايين من أبناء شعوبنا للبضائع الأمريكية والإسرائيلية سيكون لهذا تأثير أكبر.

هذا الموضوع يجب أن يحظى باهتمام حتى في التثقيف في المساجد، في الوسط الجامعي والمدرسي، وكذلك في الأوساط الشعبية وأن يلقى نشاطاً مستمراً.

المقاطعة تعطي فرصة لتنمية الناتج المحلي

ولاحظوا: هناك فوائد كثيرة جداً لو تفعلت المقاطعة للبضائع الأمريكية والإسرائيلية في أوساط أمتنا سيتيح هذا فرصة لتنمية الإنتاج المحلي، وهناك – للعلم – بدائل هذا معلوم قطعاً، هناك بدائل للبضائع الأمريكية والإسرائيلية وأي شيء تريده هناك ما هو بديل عنه من مختلف الاحتياجات والبضائع، هناك بدائل لا حجة للإنسان ولا مبرر أمام الله سبحانه وتعالى والمشكلة خطيرة جداً؛ لأنك ستكتب عند الله داعماً لإسرائيل وداعماً لأمريكا إذا كانوا يستفيدون بمالك وأنت باستطاعتك أن لا يستفيدوا من مالك هذا، باستطاعتك أن تحترز أن لا يصل هذا الدعم إليهم، باستطاعتك أن تعتمد في مشترياتك واحتياجاتك ومتطلبات حياتك على بدائل حتى لا تذهب أموالك إليهم.

بشرائك للبضائع الأمريكية والإسرائيلية ستكون شريكاً في جرائمهم

عندما تصبح شريكاً لإسرائيل وشريكا لأمريكا في جرائمها وظلمها أي مشكلة أكبر من هذه وأي خطر أكبر من هذه على دينك؟ وهذه المسائل المهمة ستكون مسائل مهمة يوم القيامة؛ لأن البعض من المثقفين والخطباء سيأتي يُحذر من الغيبة والنميمة ونحوها وينسى مثل هذه المسائل.

لا بأس ثقِّف عن كل الأخطار وحذر من كل الذنوب والمعاصي ولكن النسيان للمسائل الكبيرة غفلة كبيرة، يوم القيامة ستبقى للمسائل الكبيرة أهميتها وليس بالمستطاع تهميشها آنذاك، ستبقى هذه القضايا الكبرى قضايا كبرى يوم القيامة وحاضرة يوم القيامة، وكلٌ منا سيُحاسب ويُسأل ويُجازى، مهم أن نراجع أنفسنا وأن نحسب حساب أنفسنا في مسائل لها هذه الأهمية، لها هذا المستوى من الاعتبار وسنسأل عنها يوم القيامة.

فالمقاطعة مسألة مهمة الله أمر المؤمنين إلزاماً في مقاطعة كلمة آنذاك كان يستفيد منها اليهود فما بالك بالمليارات التي يستفيد منها اليهود الصهاينة والتي يستفيد منها الأمريكي ولا أحد يبالي بالمخذلين المثبطين.. لا. يكون هم الإنسان أن يؤدي مسؤوليته ولا يكترث بالمخذلين والمثبطين.

المقاطعة الاقتصادية هي غزو للعدو إلى عقر داره

«المقاطعة الاقتصادية كذلك يجب أن يهتم الناس بها، المقاطعة للبضائع الأمريكية والإسرائيلية، يحاولون أن يقاطعوها، المقاطعة مؤثرة جداً وحتى لو لم يكن إلا منطقة واحدة، لا يقول أحد كم يا ناس يشترون! يوجد ناس آخرون يقاطعون في البلاد العربية، فأنت لا تحتسب نفسك مع الذين لا يقاطعون، احتسب نفسك رقماً إضافياً إلى آلاف الأرقام الأخرى في البلاد العربية التي تقاطع…

المقاطعة الاقتصادية للبضائع مهمة جداً ومؤثرة جداً على العدو، هي غزو للعدو إلى داخل بلاده، وهم أحسوا أن القضية عندهم مؤثرة جداً عليهم، لكن ما قد جرأت الحكومات العربية إلى الآن أن تعلن المقاطعة، أن تتخذ قراراً بالمقاطعة، لأن الأمريكيين يعتبرون إعلان المقاطعة لبضائعهم حرباً؛ لشدة تأثيرها عليهم.

فإذا كانت مؤثرة بهذا الشكل فلينطلق الناس فيها، ومعظمها أشياء يوجد بدائل لها، يوجد بدائل أرخص منها وأفضل منها، الإنسان المؤمن يكون عنده هذا الشعور، عنده هذا الاهتمام، حتى ولو كنت تظن أنه لا يوجد إلا أنت اعمل هذا الشيء، لا تشترِ بضائع أمريكية.

نزلت قوائم فيها أسماء بالبضائع الأمريكية التي يقاطعها الناس، يهتم كل واحد أن يقاطعها، يهتم كل واحد أن يذكِّر صاحب دكان أو صاحب متجر أن لا يستورد منها، إذا قد استورد كمية يحاول أن يصرِّفها ويكفي، لا عاد يستورد شيئاً جديداً.

في الأخير سترى كم ستطلع من أرقام كبيرة من ملايين الدولارات خسارات للشركات الأمريكية، والأمريكيين ليست حركتهم هذه الكبيرة إلا بتمويل العرب، بعائدات أموال العرب، الاستثمارات الكبيرة التي لديهم، البلاد العربية سوق كبيرة لمنتجاتهم وشركاتهم. يترك الناس كلمات: (أن هذا العمل لا يؤثر، وهذا ليس منه فائدة، ماذا عساه أن يفعل؟! ماذا سيكون تأثيري عليهم إذا لم أعد أشتري كوب عسل) لا. على الناس أن يتركوا هذه التفسيرات وينطلقوا من منطلق أن المقاطعة الاقتصادية مادامت تؤثر إذاً سنقاطع، وسترى بأنك وأنت شخص واحد كم ستكون مشترياتك في السنة الواحدة، ستطلع أرقاماً كبيرة، خلِّ عنك الآلاف معك، وإذا كنتَ ترى أهل بلادك لا يقاطعون ولا يهتمون، فاعتبر نفسك أنك لست رقماً غريباً، أنت رقم مع مقاطعين كثير في (أندونيسيا) في (ماليزيا) في مختلف البلاد الإسلامية، والبلدان العربية الأخرى، احسب نفسك واحداً مع هؤلاء في المقاطعة، لا تحسب نفسك واحداً مع الذين لا يرضون أن يقاطعوا ولا يرضون أن يفهموا من أهل البلاد».

المقاطعة الاقتصادية سلاح استراتيجي

«يوجد فهم مغلوط لمسألة التكافؤ، يعني يتصور البعض أن القضية هي قضية مثلاً حديد، عند العرب قوة أخرى تعطل تلك القوة، لا تحتاج لها ربما خبرات نهائياً؛ لأن هذه سنة إلهية، لا يسمح للعدو أن يكبر دون أن يكون فيه نقاط ضعف كبيرة. أمريكا عندها تكنولوجيا متقدمة جداً، عندها سلاح متطور، عندها جيش كبير، عندها عتاد عسكري كثير جداً.

لكن لو أن العرب قاطعوها اقتصاديًا، وقطعوا النفط ـ هل في هذا العمل تكنولوجيا؟ أو فيه شيء؟. لانهارت، لو سحبوا أموالهم من بنوكها لانهارت أمريكا. أيضاً إذا هناك فهم لما هو التكافؤ، المسلمون ملزمون إلى أن يطوروا أنفسهم على أرقى مستوى، أن يعدو كل القوة، لكن قوة واحدة (مسألة التوازن) يجب أن لا تكون لديهم دائماً، ومسيطرة على مشاعرهم، مسألة التوازن هذا نفسه، أن تفهم سنن أخرى، لا تأتي تقارن بين نفسك بأن ما لديك إلا بندق، أو لديك حاجة بسيطة والآخر عنده طائرة، وعنده كذا، فتقول: (متى ما قد عندي طائرات ودبابات، وعندي كذا، وعندي كذا … الخ، فسأعمل كذا)، أليس الناس قد يقولون هكذا؟.

لا، افهم في الواقع بأنه هذا العدو الكبير يوجد ثغرات لديه، يوجد نقاط ضعف رهيبة جداً، يوجد وسائل في متناولك أن تعملها تؤثر عليه، وأنت في مواجهته أنك تؤثر عليه فعلاً، خاصة في الزمن هذا، الحرب في الزمن هذا وإن بدت أرهب هي أسهل هي أسهل، ووسائل مواجهة العدو كثيرة، ومتنوعة، في متناول الناس أن يعملوا الكثير منها، ففي يديك وسائل تعيقه عن استخدام السلاح الكبير ذلك. إذاً هذا توازن أليس توازن؟ هنا التدخل إلهي، التدخل الإلهي هو يعمل عملاً كبيراً جداً، أو العمل كله يأتي من خلال التدخل الإلهي.

فأنت تجد أنه في الوقت الذي تراه كبيراً عنده ثغرات كبيرة تجعل تفكيره بالشكل الذي لا يعد يستخدم تلك الحاجة الكبيرة ضدك، لا يستخدمها ضدك. وأنت في الطريق تعدُّ كلما حصل عندك إمكانيات، تصنع تحصل على أسلحة متطورة، اعمل كل ما باستطاعتك، اعمل كل ما بوسعك، هذا شيء لا بد منه.

لكن عندما يقعدون هنا، ويقولون: نريد توازناً، أي أن يكون لدينا تكنولوجيا مثل ما يوجد عند أمريكا نفسها، يكون عندنا من الأسلحة مثل ما عند أمريكا نفسها! هذا ليس مقياساً أساساً، لا واقعاً، ولا ضمن السنة الإلهية، ليس مقياساً؛ لأنه معلوم عند العرب الآن، وهم يعرفون بأن لديهم سلاح النفط، والمقاطعة الاقتصادية بالشكل الذي يوقف كل هذه القطع التي تحركها أمريكا.

لأن تكنولوجيا أمريكا التي نراها متطورة يترتب عليها التزامات مالية كبيرة، يكون أي ضعف اقتصادي يؤثر عليها، يقولون حتى تحريك هذا السلاح النووي أنه مكلف جداً، تخزينه، وإخراجه من داخل مخازنه، يعني الحركة حتى للتي تكون جاهز، مثل رؤوس، أو قطع، يقولون: بأنه هو مكلف جداً، ليست قضية سهلة، ليست مثل عندما تأتي تأخذ لك قذيفة من هذه القذائف العادية، وتحملها، بل هو يحتاج إلى أشياء يقولون مكلفة جداً مسألة التخزين، وتجهيزه مكلف جداً.

ثم في الأخير تجد أنه بحاجة إلى المال في حركته هذه، والمال مصدره من عندك كسوق استهلاكية، والنفط الذي أنت مهيمن عليه. فلاحظ من باب التوازن هذا، أليس العرب عندهم هذا السلاح: سلاح النفط، وسلاح المقاطعة الاقتصادية؟ سيوقف أمريكا عن قراراتها هذه كلها؟ لم يتحرك الأمريكيون إلا بعد ما حاولوا في العرب أن يعملوا اتفاقيات معهم أن النفط لا يستخدم كسلاح، أولاً يجمدوا سلاحنا!».

كل من يتولى أمريكا لا بد أن يدخلوه معهم في اتفاقيات اقتصادية

«أليس هناك في أوساطنا (تولي) لليهود والنصارى وللكافرين؟ أيّ دولة أيُّ زعيم لا علاقة له بالكافرين وباليهود والنصارى علاقات صداقة حميمة، واتفاقيات اقتصادية، اتفاقيات دفاع مشترك، اتفاقيات ثقافية، اتفاقيات تجارية، اتفاقيات تبادل خبرات حتى في المجال التربوي؟ صداقة حميمة قائمة بين من يُفترَض منهم أن يكونوا هم من يقفون في وجه أولئك من أعداء الله الكافرين واليهود.

المقاطعة تحول دون وصول كثير من الأمراض إلى أجسامنا

«عندما يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا﴾(البقرة: من الآية104) لماذا لا يأتي الخطاب لليهود؟ يا أيها اليهود اسكتوا أو اتركوا استخدام هذه الكلمة؟ (لأن مفتاح أن يضرك العدو، أن يهينك العدو، أن يهزمك العدو هو من عندك أنت).

ذلك عدو: يهودي نصراني كيفما كان إذا كنت مستقيماً تسير على هدي الله على كتاب الله فلن يضرك العدو وستهزمه مهما كان ﴿ لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ﴾(آل عمران: الآية 111).

هذه القضية في القرآن مؤكدة هنا توجه الخطاب إلى المؤمنين كلهم، أن يتركوا كلمة: ﴿ رَاعِنَا﴾ وهل يمكن أن أصحاب النبي (ص) : ﴿ رَاعِنَا﴾ في المعنى اليهودي الذي يستخدمه اليهود؟ لا، لماذا؟ لأنه لا يمكن أن يقفل المجال على اليهود فلا يتمكنون أن ينطقوا بهذه الكلمة أي تحبط مؤامرتهم – اعتبرها أحبطت مؤامرتهم – إلا بأن تقفلوا أنتم هذا المجال من عندكم وإن كنتم لا تستخدمونها بنفس المعنى الذي يستخدمه اليهود، (إقفال المجالات التي فيها ثغرات للأعداء تأتي من عند المؤمنين).

هذه الآية تعتبر شهادة فيما يتعلق بالمقاطعة الاقتصادية ألم يحصل هنا مقاطعة للكلمة؟ قاطع المسلمون في أيام رسول الله (ص) كلمة؛ لأن استخدامها يمثل ماذا؟ دعماً لليهود، إذاً فأنت قاطع بضائعهم؛ لأن بضائعهم تشكل دعماً مادياً كبيراً لهم وتفتح عليك مجالاً لأن تتقبل كل ما يريدون أن يوصلوه إلى بدنك إلى جسمك من سموم أو من أشياء لتعقيمك حتى لا تعد تنجب أو تورث عندك أمراضاً مستعصية أشياء كثيرة جداً مع تقدمهم العلمي يعتبرون خطيرين جداً، سيطرتهم على الشركات التي تعتبر متطورة في صناعات أشياء خطيرة من المواد السامَّة عناصر كثيرة تستخدم قد أصبحوا يستخدمون عناصر تؤثر نفسياً تقتل عندك الاهتمام تصبح إنساناً بارداً لا تهتم ولا تبالي».

«طعامهم كذلك؛ لأنه لاحظ الإنسان عندما يكون لديه كيان، أو ما يزال لديه طموح أن يقيم كياناً، قد يسعى إلى أن يستخدم أشياء كثيرة تؤثر على المسلمين عن طريق الطعام، وعن طريق النساء، تسميم معين، أشياء معينة، وهذه المرحلة التي نحن فيها مرحلة خطيرة جداً، استخدام أطعمتهم، لذلك نحن نقول عندما يأتي البعض يأتي بهذه الآية في موضوع المقاطعة، مقاطعة بضائعهم، قال إن الله يقول: ﴿ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ﴾ قلنا: نحن بحاجة إلى فقه قرآني، بحاجة إلى أن نعرف القرآن؛ لأن الذي يقول هذا لا يعطي معنى لكلمة ﴿ الْيَوْمَ﴾، ﴿الْيَوْمَ﴾ هي تحكي لك وضعية هامة جدًا، وضعية من الذي يستطيع يشخصها إلا من يفهم كتاب الله، نحن في وضعية ممكن أن يدسوا في كثير من الأغذية ـ حبوب وغيرها، وأدوية ـ سموماً، مواداً أخرى تؤدي إلى أمراض فتاكة، مواداً أخرى تؤدي مثلاً إلى تغيير في ميول الإنسان ونفسيته، ويحصل عنده حالة لامبالاة، وفتور وأشياء من هذه، قد لديهم خبرات عالية، ويستخدمون خبرات عالية، ولديهم شركات غنية، ولديهم كيان قائم، ويعرفون وضعيتنا أنها وضعية منهارة. أي: هم عندهم أمل الآن أن باستطاعتهم أن يقضوا على الأمة هذه نهائياً.

الأمة أصبحت في صراعها مع اليهود في صراع حضاري، ومنه المجال الاقتصادي:

الأمة أصبحت في صراعها مع اليهود في صراع حضاري، لم يعد صراعاً عسكرياً فقط ، أصبح صراع أمة، صراع حضارة، لذا لا بد لهذه الأمة أن تتجه نحو الاكتفاء الذاتي ، لتعتمد على نفسها في مجال غذائها فتهتم بالزراعة تهتم بالتصنيع، في كل المجالات ، تهتم بالتصنيع العسكري، تهتم بالتصنيع في مختلف الأشياء التي يحتاجها الناس لتكون بمستوى المواجهة، تهتم أن تنشئ جيلاً يعرف كيف ينظر إلى الغرب، جيلاً يحمل العداء لأعدائها  يصيح بالعداء لأمريكا، بالعداء لإسرائيل، وتبني نفسها لتكون بمستوى المواجهة.

مما يتحركون فيه ويمثل خطراً كبيراً على الأمة: استهداف الأمة في اقتصادها، هم لا يريدون لنا أي خير، لا يريدون لنا أي رخاء، أي تقدم، هم لا يريدون إلى أن نصل إلى مستوى أن نصنع لأنفسنا، أو أن نحقق الاكتفاء الذاتي في الاحتياجات الأساسية لحياتنا وفي مقدمتها في مقدمتها مجال الزراعة
﴿ مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ﴾ (البقرة: من الآية105) يستهدفون الأمة في اقتصادها بأشكال كثيرة، نهب الثروات، مَن هو أكبر مستفيد من النفط العربي؟ هم الأعداء. ما مدى استفادة الأمة العربية من نفطها؟ صفر، استفادة محدودة جداً. ما مدى استفادة الأمة العربية من كل ثرواتها؟ مَن الذي يفرض سياسات اقتصادية تضرب الأمة وتضعف الأمة فلا يكون لها أي اقتصاد ولا أي نمو اقتصادي حقيقي يجعلها في مستوى المسؤولية، في مستوى المواجهة، في مستوى مواجهة الأخطار والتحديات؟ يتحول الواقع داخل الأمة الإسلامية في الحال الأعم الأغلب وفي كثير من الشعوب العربية بالنسبة للواقع الاقتصادي إلى واقع صعب جداً، والبعض من الدول العربية تعيش تحت خط الفقر، لا تستفيد الأمة العربية من أي ثروة من ثرواتها، هل هي أمة بدون ثروات؟ ليس هذا صحيحاً. مَن يتحدثون عن نقص حاد في الموارد الاقتصادية هم يكذبون على الشعوب، الأمة العربية غنية بمواردها، اليمن نفسه غني بموارده، يملك احتياطي كبير من النفط والغاز، الغاز يمثل احتياطي كبير جداً في اليمن، الثروة البحرية نفسها الثروة السمكية، لكن أين تذهب معظم تلك الثروات؟ مَن الذي لديه إحصائية صحيحة ودقيقة عن مستوى الإنتاج النفطي؟ أين يذهب معظمه؟ أين تذهب معظم الأموال من تلك الموارد؟.

الواقع أن الحال السائد هو أن الكثير من تلك الموارد تُنهب فيما يتوفر منها، لا تُستغل بالشكل الصحيح، لا توجد سياسيات اقتصادية سليمة وصحيحة لبناء اقتصاد وطني صحيح لا في اليمن ولا في معظم الشعوب العربية، حتى الشعوب العربية التي فيها شيء من الرخاء الاقتصادي هو في حدود أنها أسواق، أسواق ضخمة، لكن هل هذا الرخاء الاقتصادي لأننا أمة منتجة، منتجة اقتصاديا، مصنعون، مستفيدون من مواردنا، من خيرات أراضينا فيما في الباطن وفيما في الظاهر؟ ليس كذلك، سياسات اقتصادية سيئة، لا توجد أيادٍ أمينة تحفظ للشعوب تلك الثروة، ولا سياسات حكيمة، ولا يُراد، لا يُراد ليس هناك لا إرادة ولا جدية في اعتماد سياسات اقتصادية سليمة تبني وضع الأمة الاقتصادي من الداخل فتكون أمة منتجة مصنِّعة، محققة لنفسها الاكتفاء الذاتي على مستوى الزراعة، بل سياسات تزيد من إفقار الشعوب من إفقار الدول، سياسات قائمة على اعتماد القروض الربوية المرهقة والمكلفة وتبديد تلك الأموال التي يحصلون عليها من خلال القروض في أشياء ليس لها عائد لا تنتج لا تفيد ليس لها عائد اقتصادي على الشعب، هل هم يقترضون تلك الأموال الكثيرة والهائلة المرهقة للشعب والتي هي ربوية؟ هل هم ينفقونها ويفعلونها ويستغلونها فيما له عائد يسددها ويعود بالشعب بالكثير الكثير من الخير؟ أبداً، إنما يرهقون الشعب أكثر فأكثر.

وتعتمد السياسة الغربية التي توظف الجانب الحكومي للحكومات العربية لتنفيذه تعتمد تلك السياسات على إفقار الشعوب العربية، وتحويلها في الحال الكثير مع التخريب الأمني مع إثارة الحروب إلى مخيمات لاجئين، ثم تعتمد على منظمات تقدم القليل القليل في مقابل الكثير الذي يُنهب من ثروات هذه الشعوب، يعني تُحوَّل الشعوب العربية والدول العربية إلى دول متسولة في البعض وسوق في البعض الآخر، وهكذا.

الأمة عندما تضعف اقتصادياً تضعف بالتالي في مواجهة أعدائها، ثم تُستغل حالة الفقر والظروف الصعبة داخل الشعوب العربية لشراء الناس، لشراء مواقفهم، على قاعدة (جوع كلبك يتبعك) يحولون الشعوب العربية ينظرون إليها هكذا أنها مورد، نفس الشعوب ثروة بشرية تُستغل، يعمدون إلى استهدافها في قيمها، في أخلاقها، يضعفونها، يفقرونها، ثم يحاولون أن يستغلوا، أن يستغلوا الكثير منها في سبيل الدفع بهم إلى مواقف تضربهم من الداخل، تضعفهم من الداخل، تشتتهم، تعمق حالة العداء فيما بينهم، استغلال وهذا ما يريدونه.

أمة واسعة يريدون أن يستغلوا فيها أن يستغلوا فيها كل شيء الأرض، الثروة، الموقع الجغرافي، وحتى البشر يعتبرونهم مجرد ثروة تُستغل، ويريدون لهم حتى مستقبلاً، ويريدون لهم حتى في المستقبل أن يجندوا الكثير منهم لمواجهة قوى ومواجهة دول تناهض الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية، والسياسات الأمريكية والإسرائيلية.

النظرة الصحيحة التي يجب أن تكون قائمة لدينا كمجتمع مسلم، كأمة عربية وكأمة مسلمة أن نعرف أن أولئك يحملون حالة عداء شديد، مهما سوقوا في وسائل إعلامهم أنهم أصدقاء وأنهم يريدون إقامة علاقات طبيعية، أبداً. هم ماكرون، أما الواقع فهم يحملون حالة عداء وحالة عداء شديدة جداً ﴿ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ﴾(المائدة: من الآية82).

هذا بالنسبة للخير في هذا الجانب الاقتصادي في جانب ما نستهلكه في مجال الغذاء. الدواء كذلك معظم الأدوية من شركات أجنبية، واليهود معلوم بأنهم هم أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة المسيطرة على قطاعات واسعة من الاقتصاد في أمريكا وفي دول الغرب في أوربا وغيرها. يحملون عداوةً شديدةً لكم فهم لا يودون لكم أي خير، وهم دائماً دائماً مستشعرون لهذه العداوة لأنه أناس لا تعرفهم ولا بينك وبينهم، أنت لا تودهم، ولا تبغضهم، لا تعاديهم، ولا تواليهم.

من العجيب أن العرب يفهمون أن أمريكا أحوج إليهم من حاجتها لإسرائيل .. أليس ذلك معروف؟. هل البترول الذي تحتاج إليه أمريكا وبريطانيا وفرنسا وغيرها من دول الغرب من إسرائيل أو من البلدان العربية الأخرى؟. أمريكا وبريطانيا وفرنسا وغيرها بحاجة إلى العرب أحوج منها إلى إسرائيل.

أمريكا حاجتها إلى إسرائيل لا تساوي شيئاً بالنسبة لحاجتها إلى العرب، والعرب يفهمون أن أمريكا هي وراء إسرائيل، وبريطانيا هي التي تساند إسرائيل، أمريكا هي التي تساند إسرائيل، وفرنسا ودول الغرب جميعاً هي التي تساند إسرائيل.

فلماذا لا يفهمون بأن عليهم – إذا كانت أمريكا أحوج إلينا ودول الغرب أحوج إلينا كسوق استهلاكية، ويحتاجون إلى ثرواتنا البترولية وغيرها – لا يستطيعون أن يستخدموا هذا كوسيلة ضغط على أمريكا وبريطانيا وغيرها لأن تجعل إسرائيل تكف عما تقوم به على أقل تقدير؟!. لا. إسرائيل تضرب الآن الفلسطينيين والعرب يتفرجون على المذابح الجماعية بحق الشعب الفلسطيني وفي نفس الوقت يعززون ولاءهم لأمريكا والبعض مع إسرائيل بشكل واضح وعلني.

أليس هذا من الأشياء الغريبة؟ أليس هذا مما يدل على أن مشكلة العرب ومشكلة المسلمين هي مشكلة داخلية؟. أنهم هم قد وصلوا إلى حالة سيئة، حالة سيئة لا يمكن للإنسان أن يتصور فظاعة هذه الحالة، لا يستطيعون أن يستخدموا حتى حاجة أمريكا لهم، والبترول بملايين البراميل أمريكا بحاجة إليه، وغيرها من دول الغرب.

ما حاجة أمريكا إلى إسرائيل؟ ما هو الذي تستفيده أمريكا من إسرائيل من الناحية الاقتصادية؟ لا شيء، لا شيء.

ثم لماذا لا يعملون على مقاطعة الشركات الأجنبية؟ أحيانا إذا حصل هكذا من منطلق فردي، أو مجموعات تعمل على أن تقاطع منتج معين لشركات يهودية .. لكن لماذا لا تتخذ الدول العربية قراراً بقطع التعامل الاقتصادي مع أي شركة إسرائيلية، أو تدعم إسرائيل. أليس باستطاعتهم هذا؟.

لماذا – إذا كان العرب يخافون من أي حصار اقتصادي على دولة ما – لماذا لا يعملون على إقامة سوق إسلامية مشتركة بحيث يحصل تبادل اقتصادي فيما بين البلدان الإسلامية، ومع بلدان أخرى؟.

أيضاً هناك بلدان أخرى ليست مستعدة أن ترتبط اقتصادياً بأمريكا في ما لو حصل من الجانب العربي مقاطعة لأمريكا، أو لأي بلد تساند إسرائيل .. هناك بلدان أخرى مستعدة للتعامل مع العرب، ستأخذ بترولهم، ستأخذ منتجاتهم، ستأخذ أشياء كثيرة وتتعامل معهم.

من واجب العلماء هم أن يلحوا في هذا المجال؛ لأنه اتضح جليّاً أن الأمة لا تستطيع أن تدافع عن دينها، ولا تستطيع أن تدافع عن نفسها وهي لا تزال فاقدة لقوتها الضروري الذي يعتمد أساساً على الزراعة، وليس الاستيراد. أصبح شرطاً، وأصبح أساساً، وأصبح ضروريّاً الاهتمام بجانب الزراعة في مجال نصر الإسلام أشد من حاجة المصلي إلى الماء ليتوضأ به. هل تصح الصلاة بدون طهارة؟ إذا لم يجد الماء يمكن أن يتيمم فيصلي.

ما دمنا مفتقدين تأمين غذائنا فلا نستطيع أن نعمل شيئاً، ولو كانت كل الصحاري (قات) ولو كانت كل الجبال (قات) لا نستطيع أن نقف موقفاً واحداً ضد أعداء الله، أصبحت حاجتنا إلى الغذاء أشد من حاجة المسلمين إلى السلاح في ميدان وقفتنا ضد أعداء الله.

القوت الضروري فلا تستطيع أن تقف على قدميك وتصرخ في وجه أعدائك وأنت لا تملك، وإنما قوتك كله من عندهم.

ولكن نحن نقول: إن اتخاذ المواقف هو في الوقت نفسه من مقدمات العودة إلى الله سبحانه وتعالى، أو بداية العودة إلى الله لنعد إلى أنفسنا، فنراه سبحانه وتعالى يطلب منا ويأمرنا بأن نكون أنصاراً لدينه، وأن نعتصم جميعاً بحبله، وأن نكون أمة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، تدعو إلى الخير، وتقوم بهذه المهمة في الناس جميعاً.

فأملنا كبير في الله سبحانه وتعالى أن يعيد إلينا بركات السماء والأرض، فيستطيع الناس أن يعودوا إلى زراعة الحبوب، وزراعة مختلف الأصناف من الثمار التي هم بحاجة ماسة إليها لأنها قوتهم الضرورية.

المقاطعة الاقتصادية هي واحدة من وسائل البراءة من أعداء الله

«سورة التوبة تضمنت البراءة من المشركين فيما هم عليه من شرك وكفر وضلال وفساد، وفيما هم عليه من عدوان وطغيان واستهداف للإسلام والمسلمين فيما يمثلونه من خطورة على المسلمين في دينهم، وفي أمنهم واستقرارهم وفي كل شيء.

من بداية السورة سورة براءة بكل ما يندرج تحت البراءة من مواقف، موقف القتال مثلاً، موقف المقاطعة الاقتصادية، كثير من المواقف تدخل في إطار البراءة، فالبراءة تشمل مواقف كثيرة كلها مباينة وكلها عداء للأعداء الحقيقيين للإسلام والمسلمين.

  • ••

 

قد يعجبك ايضا