تتمثل أهمية مناسبة الذكرى السنوية للشهيد في ترسيخ المفهوم القرآني الصحيح عن الشهادة في سبيل الله، وأهميتها، وما تعنيه وما تمثله من قيمة إيمانية عالية، وفوزٍ عظيم، وبالنظر إلى قيمة الشهادة الإيمانية والأخلاقية كما قدمها الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم، نراها بعين القرآن أن فيها شرفاً عظيماً، وفضلاً ومجداً وعزةً، وفوزاً عظيماً.
ماذا تعني الشهادة في سبيل الله؟
الشهادة في سبيل الله عزَّوجل: هي تضحية بتوفيق من الله “سبحانه وتعالى” في موقف الحق، وفي إطار قضيةٍ عادلةٍ وفق توجيهات الله ”سبحانه وتعالى” وتعليماته.
ويقدم السيد القائد عبد الملك بدرالدين الحوثي التعريف الدقيق لمفهوم الشهادة في سبيل الله “سبحانه وتعالى” بأنها أسمى عطاء يجود به الإنسان عندما يصل ذلك العطاء إلى مرتبة العطاء بالنفس، والجود بالنفس، وأن يهب الإنسان روحه وحياته في سبيل الله “سبحانه وتعالى”، يقول السيد القائد:
“الشهادة في سبيل الله “سبحانه وتعالى” هي عطاءٌ عظيمٌ، وهي فيما يتعلق بالعطاء هي أسمى عطاء يجود به الإنسان، فالإنسان قد يقدم المال، وقد يقدم الكثير من الأمور مما يستطيع أن يفعله، أو أن يساهم به في إطار الموقف الحق، في إطار الموقف الصحيح، في إطار تجسيد القيم الإنسانية والأخلاقية والإيمانية، في إطار المواقف التي هي رضا لله، والتي هي أيضاً تنسجم كل الانسجام مع الفطرة الإنسانية، ولكن أي عطاءٍ يقدمه الإنسان ويبذله الإنسان لا يصل أبداً إلى مرتبة العطاء بالنفس، الجود بالنفس، أن يهب الإنسان روحه وحياته هو أسمى عطاء وأعظم عطاء، وهذا ينطبق عليه أنه عطاءٌ في سبيل الله، عندما تتوفر فيه عدة عناصر أساسية، بدايتها من المنطلق الذي يتحرك الإنسان فيه وهو حاضرٌ لبذل روحه، لتقديم حياته، كيف يكون منطلقاً سليماً، صحيحاً، سامياً، عظيماً، راقياً، وأسمى نية، وأسمى هدف، وأعظم مقصد، هو عندما يكون ذلك من أجل الله “سبحانه وتعالى”، استجابةً لله جلَّ شأنه”.
”في سبيل الله” عنوان للشهادة بالمفهوم القرآني:
إن عبارة “في سبيل الله” هي عنوان للشهادة في مفهومها الإسلامي القرآني المقدس، يقول السيد القائد:
“العنوان المهم (في سبيل الله) هو عنوان للشهادة في مفهومها الإسلامي القرآني المقدس، وهي تختلف كثيراً عمّا يعبر عنه الكثير من الناس في عناوينهم وفي قضاياهم، هي تنطلق من مفهوم عظيم ومفهوم مهم، هذا المفهوم هو أن الإنسان الذي يحتفظ بجوهره الإنساني القيمي والأخلاقي هو أغلى وأعلى قيمةً من كل الموجودات على هذه الأرض، بل أغلى وأعلى قيمة حتى من الأرض بكلها، قيمته في جوهره الإنساني أعلى من كل قيمة من كل الموجودات في هذه الدنيا”.
النظرة السلبية للشهادة البعيدة عن النظرة القرآنية:
قد ينظر الكثير من قاصري الوعي من الناس إلى الشهادة في سبيل الله بأنها خسارة، وأنها تمثل إشكاليةً كبيرة على المجتمع الذي يقدم الشهداء، حيث ينظرون إليها دائماً بعين المأساة، والكارثة، والمصيبة، والفاجعة، والمحنة، والألم، ويؤكد السيد القائد أن هذه النظرة السلبية هي نظرة بعيدة عن النظرة القرآنية، إذ يقول:
“ربما الكثير من الناس قد ينظرون إلى الشهادة في سبيل الله إلى أنها خسارة، وإلى أنها تمثل إشكاليةً كبيرة على المجتمع الذي يقدم الشهداء، ولأنها ذو طابعٍ مأساوي، ينظر إليها دائماً بعين المأساة، والكارثة، والمصيبة، والفاجعة، والمحنة، والألم، وهذه النظرة السلبية هي نظرة بعيدة عن النظرة القرآنية، وبعيدةٌ جداً عن الوعي الإيماني والقرآني، وهي نظرة تفصل مسألة الشهادة في سبيل الله عن الجانب الرئيسي فيها، وهو الموقف الذي هي في إطاره، والمنطلق الذي هي على أساسه؛ ولذلك عندما نتحدث من خلال القرآن الكريم، ومن خلال الواقع، وبالمقارنات، ندرك كم أنها فوزٌ عظيم، وشرفٌ كبير، وفضلٌ لا يساويه فضل، ودرجةٌ ومرتبةٌ رفيعةٌ وعاليةٌ جداً”.
دافع إيماني ومقدس:
إن عنوان ”في سبيل الله” له مضمون مهم يضبط موقف الإنسان بدءًاً من دافعه، حيث يكون الدافع دافعًاً راقياً بقيمة معنوية عالية تنسجم مع قيمة هذا الإنسان في جوهره الإنساني، إذ أن هذا الدافع هو دافع إيماني، ومقدس، ونبيل، وذو قيمة أخلاقية، ومعنوية، وإنسانية، كما أن هذا الدافع ذو قيمة عند الله “سبحانه وتعالى”، يقول السيد القائد في خطابة في الذكرى السنوية للشهيد للعام 1441هـ:
“هذا العنوان (في سبيل الله) له مضمون مهم يضبط موقف الإنسان بدءًا من دافعه حيث يكون الدافع دافعًا راقياً بقيمه معنوية عالية تنسجم مع قيمة هذا الإنسان في جوهره الإنساني، قيمة عالية جداً، الدافع ليس طمعاً ليس استكباراً ليس بغياً، الدافع ليس حقداً الدافع دافع إيماني، دافع مقدس دافع نبيل وسامٍ وعظيم ومشرّف دافع ذو قيمة أخلاقية، ذو قيمة معنوية، ذو قيمة إنسانية، ذو قيمة عند الله سبحانه وتعالى.
الدافع الإيماني دافع نظيف، ينطلق الإنسان فيه من أجل الله سبحانه وتعالى، ليس فيه حتى الرياء ليس فيه حتى الطلب للسُمعة عند الناس والمكانة بين أوساطهم، لا.. دافع نظيف من أجل الله سبحانه وتعالى، استجابة لتوجيهاته استجابة لأوامره، وللتحرك وفق تلك التوجيهات وفق ذلك المسار الذي يحدده الله سبحانه وتعالى بتعليماته وآياته وتوجيهاته، يقف ذلك الموقف لأن الله أمر بذلك، وجّه بذلك، أرشد إلى ذلك، في موقف حق وفي قضية عادلة، لا بغي لا طغيان لا تجبر لا تكبر لا إفساد في الأرض، لا، موقف حق يشهد له القرآن بأنه حق، يشهد له القرآن بأنه يمثل قضيةً عادلةً، حينها يكون لهذه التضحية ثمرة وقيمة عالية جداً. وتمثل شهادة في سبيل الله سبحانه وتعالى، طابقت فيها كل هذه العناصر، الدافع، الموقف، القضية العادلة”.
وعندما يوجه “الله سبحانه وتعالى” ويأمر المؤمنين في القرآن الكريم بأن يقفوا المواقف التي قد يضحون فيها بحياتهم، ويبذلون فيها أرواحهم خالصة تحت عنوان الجهاد في سبيل الله، فهو ليس بحاجةٍ منهم إلى ذلك، فالله “سبحانه وتعالى” هو رب العالمين، هو ملك الناس وربهم، ومالك السماوات والأرض، وهو الغني الحميد،وإنما جعل الله “سبحانه وتعالى” للمؤمنين الجهاد وسيلةً أساسيةً يحتاجون إليها في واقع حياتهم للتصدي للمجرمين والأشرار، ودفع الأشرار والطغاة عن الهيمنة والسيطرة عليهم، واستعبادهم.