المعركة على الخرطوم: الجيش السوداني يحقق تقدماً ميدانياً وسط صراع مستمر
تشهد العاصمة السودانية الخرطوم تطورات عسكرية كبيرة، مع تصاعد المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، التي اندلعت في أبريل 2023 وأدت إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح الملايين، وقد شكّلت استعادة الجيش للقصر الرئاسي تطورًا بارزًا في هذا الصراع، ما يعكس تحولًا محتملاً في ميزان القوى.
التقدم العسكري للجيش السوداني
في ظل هذه التطورات، أعلن رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، أن القوات المسلحة تواصل معركتها من أجل تحرير البلاد، مشيرًا إلى أن الجيش مستمر في تقدمه ولن يتراجع، جاء هذا التصريح في تجمع جماهيري بمدينة الكاملين بولاية الجزيرة، حيث أكد أن قواته ماضية في عملياتها لاستعادة السيطرة على كامل الأراضي السودانية.
السيطرة على القصر الرئاسي ومعالم استراتيجية أخرى
في تحوّل ميداني مهم، أعلن الجيش السوداني استعادة القصر الرئاسي وسط الخرطوم بعد معارك عنيفة استمرت لأيام ضد قوات الدعم السريع، وقال وزير الإعلام السوداني خالد الإعيسر عبر فيسبوك: “اليوم ارتفع العلم وعاد القصر، والرحلة ماضية حتى يكتمل النصر”.
ووفق مصادر عسكرية، فقد نجح الجيش في استعادة عدة مواقع استراتيجية في الخرطوم، منها:
مقر اتحاد الصحفيين السودانيين واستاد الخرطوم
مكتب قناة الجزيرة
البنك المركزي والمخابرات العامة
برج زين، ومصرف الساحل والصحراء، وبرج التعاونية في منطقة مقرن النيلين
الجيش يفرض سيطرته على مناطق إضافية
خلال الأيام الأخيرة، حقق الجيش تقدمًا ملحوظًا في عدة مناطق بالعاصمة، حيث أعلن سلاح المدرعات فرض حصار كامل على قوات الدعم السريع في وسط الخرطوم، كما بدأ الجيش التوغل في جزيرة توتي، التي تتمتع بموقع استراتيجي مهم عند ملتقى النيلين الأزرق والأبيض.
ردود فعل قوات الدعم السريع
من جهتها، نفت قوات الدعم السريع فقدانها السيطرة على القصر الرئاسي، مؤكدة أنها لا تزال متواجدة في محيطه، حيث أعلنت تنفيذ هجوم مضاد أسفر عن مقتل عشرات الجنود. كما أصدرت بيانًا قالت فيه: “معركة القصر الجمهوري لم تنته بعد، وقواتنا لا تزال تقاتل من أجل استعادة المواقع التي احتلها الجيش”.
كما اتهمت القوات الجيش السوداني بالتعاون مع عناصر إرهابية، زاعمة أنها نفذت عملية استهدفت ما وصفته بـ”تجمع لعناصر داعش من الحركة الإسلامية” داخل القصر الجمهوري.
تحديات واستمرار القتال في ولايات أخرى
في ظل التقدم الذي يحرزه الجيش في الخرطوم، تستمر قوات الدعم السريع في تعزيز نفوذها في غرب السودان، وخاصة في ولاية دارفور، حيث أعلنت أنها تمكنت من السيطرة على قاعدة عسكرية رئيسية في شمال دارفور، ويشير هذا إلى تقسيم فعلي للبلاد، حيث يسيطر الجيش على أجزاء واسعة من وسط وشرق السودان، بينما تتمدد قوات الدعم السريع في الغرب.
التداعيات الإنسانية والمخاوف الدولية
أدى هذا الصراع الدامي إلى أحد أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، وفقًا للأمم المتحدة، فقد تسببت الحرب في:
مقتل أكثر من 20 ألف شخص وفق التقارير الرسمية، بينما تشير تقديرات أخرى إلى أن العدد قد يتجاوز 130 ألفًا.
نزوح أكثر من 15 مليون شخص داخل السودان وخارجه.
تدمير البنية التحتية الأساسية، بما في ذلك المرافق الصحية والمياه والكهرباء.
تفشي المجاعة والأوبئة في العديد من المناطق، مع تحذيرات من حدوث كارثة إنسانية غير مسبوقة.
كما يواجه الطرفان اتهامات بارتكاب جرائم حرب، حيث تتهم منظمات حقوقية قوات الدعم السريع بارتكاب إبادة جماعية وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بينما يواجه الجيش اتهامات بعمليات قصف عشوائي طالت المدنيين.
المستقبل: نحو تسوية أم استمرار الحرب؟
في ظل تزايد التوترات العسكرية والانقسامات الجغرافية، يظل مستقبل السودان غامضًا، وبينما يسعى الجيش لتثبيت سيطرته على الخرطوم والمناطق المحيطة بها، تعمل قوات الدعم السريع على تعزيز سلطتها في الغرب، ما يزيد من احتمالات تقسيم البلاد فعليًا.
في هذا السياق، تبقى التساؤلات قائمة:
هل سيتمكن الجيش من حسم المعركة واستعادة كل المناطق؟
هل ستؤدي الحرب إلى تفاقم الأزمة الإنسانية، ما يدفع المجتمع الدولي للتدخل؟
أم إن هناك إمكانية لحل سياسي يضع حدًا للصراع ويعيد الاستقرار للسودان؟
بينما يستمر القتال في شوارع الخرطوم ومختلف أنحاء السودان، يظل المواطنون هم الضحية الأكبر لهذه الحرب التي أحرقت الأخضر واليابس، وبينما يترقب الجميع تطورات الأيام القادمة، يبقى الأمل في أن يجد السودان طريقًا نحو السلام والاستقرار، بعيدًا عن شبح الحرب والانقسام.