«المعادلة البالستية» تضعف ادعاءات السعودية
عين الحقيقة / الأخبار اللبنانية
جهود كبيرة بذلتها السعودية منذ 2011 لتخريب البرنامجين الدفاعي ــ الجوي والبالستي في اليمن، واغتيال الطيارين وتدمير الأسراب الروسية، عبر وكيلها عبد ربه منصور هادي، الذي استعان لذلك بخبراء أميركيين… كلّ ذلك يصطدم اليوم بحقيقة استمرار إطلاق الصواريخ على العمق السعودي، ومواصلة «القوة الصاروخية» مفاجأة العدوان
وكانت «الصاروخية» قد أعلنت إطلاقها أول صاروخ تجريبي بعيد المدى من نوع «بركان 2» على قاعدة عسكرية في منطقة المزاحمية (40 كلم غربي الرياض)، مشيرة إلى أن «بركان 2» هو تطوير عن «بركان 1» المطوّر بدوره عن «سكود» الروسي.
يقول عضو «الهيئة الإعلامية للمجلس السياسي الأعلى» في صنعاء عبد الرحمن الأهنومي، إن «التجربة الصاروخية (بركان 2) تحمل بشريات أخرى»، ملمحاً إلى قصف أهداف في العمق السعودي ضمن مدن مركزية مثل الرياض وجدة. وأضاف الأهنومي في حديث إلى «الأخبار»، إن من ضمن المفاجآت المقبلة «التحييد الكلي لطيران أف 16 من سماء العاصمة صنعاء ومناطق أخرى»، وذلك في إشارة إلى ما كان زعيم «حركة أنصار الله»، عبد الملك الحوثي، قد لمّح إليه في خطابه الأخير.
يشار إلى أن «الصاروخية» أعلنت مساء أول من أمس إطلاق صاروخ بالستي متوسط المدى على مطار أبها في عسير جنوب السعودية.
من «بركان 1» إلى «بركان 2»
«بركان 1»، الذي كان قد «دخل إلى الخدمة» في «الصاروخية» في الثاني من أيلول الماضي، وهو مطوّر عن صاروخ «سكود»، تقول القوّة إن مداه يصل إلى أبعد من 800 كلم، ويحمل رأساً مصمماً يزن نصف طن لقصف القواعد العسكرية الكبيرة، فيما لم تفصح عن المزيد من التفاصيل عن «بركان 2».
تقول مصادر عسكرية إن «الصاروخية» نجحت رغم قصف العدوان عدداً من مخازن السلاح التابعة للجيش، في استصلاح عدة أنواع من الصواريخ وإعادة إدخالها إلى الخدمة، مثل «مالوتكا» المضاد للدروع. ووفق المصادر نفسها، يستعمل الجيش و«اللجان الشعبية» مجموعة أخرى مثل «الصرخة» القصير المدى، وكذلك «زلزال» المتوسط المدى، وكلها محلية الصنع. كما يستعملان صواريخ «القاهر»، فضلاً عن إعادة عدد من صواريخ «توشكا» و«سكود» إلى الخدمة.
تخريب الدفاع الجوي والبالستي
ومنذ تسلم الرئيس المستقيل، عبد ربه منصور هادي، السلطة من خلفه علي عبدالله صالح، بموجب «المبادرة الخليجية» عام 2011، فإنه عمل على مشروع الصواريخ وأنظمة الدفاع الجوي، التي كانت من الأساس هدفاً استراتيجياً للسعودية، علماً بأن الأخيرة اشترطت في المبادرة تفكيك الجيش اليمني تحت ادعاء إعادة الهيكلة، وهو الشرط الذي كُلّف هادي فعله بالتعاون مع حزب «الإصلاح» («الإخوان المسلمون»).
ورغم أن قرار هيكلة الجيش الصادر في 19 كانون الثاني 2012 قضى بإلغاء الحرس الجمهوري والفرقة الأولى مدرع، احتفظ هادي بوحدة القوة الصاروخية. لكن، بعد القرار بعدة أشهر، حاول الرئيس المستقيل تفكيك منظومة الصواريخ واستدعى لذلك خبراء أميركيين عملوا على نزع الرؤوس الخاصة بصواريخ «سكود» و«توشكا»، وأيضاً تفكيك منظومة «سام» للدفاع الجوي.
بعد ذلك، جاء تعيين العميد الركن علي محسن علي مثنى في قيادة مجموعة الصواريخ الممثلة بالألوية الخامس والسادس والثامن، لكنّ هادي أقر بتبعية «القوة الصاروخية البالستية» للرئاسة مباشرة وليس لوزارة الدفاع.
وخلال الأعوام 2011 ــ 2014، نجحت الرياض في إنهاك منظومة الدفاع الجوي، وتنامت خلال تلك الفترة ظاهرة سقوط الطائرات الحربية في سماء العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات في عمليات التدريب. كذلك تكررت حوادث السقوط التي أدت إلى مقتل قرابة 16 طياراً حربياً و23 مدرباً وفنياً وملاحاً، وتدمير 20 طائرة من نوع «سوخوي» الروسية الصنع وكذلك «ميغ ــ21»، فضلاً عن سقوط طائرة نقل عسكرية من طراز «أنتونوف» وسط سوق مزدحم في صنعاء. مع ذلك، كان هناك من يبرر تلك الأحداث بخروج تلك الطائرات عن الخدمة بسبب تقادمها.
وما زاد الشكوك حول دور السعودية آنذاك، تعرض بعض الطائرات للتفجير في مرابضها، إذ تم تفجير أربع طائرات عسكرية؛ ثلاث منها في تشرين الأول 2011 داخل قاعدة الديلمي الجوية في صنعاء، فيما اتهم مجهولون بالوقوف وراء الحادثة.
بالتزامن مع التدمير المنهجي للقوات الجوية، تصاعدت الاغتيالات خلال الأعوام 2012 ــ 2014 بحق منتسبي القوات الجوية من ضباط وخبراء، وامتدت إلى اختطاف خمسة من ضباط القوات الجوية المبتعثين للدراسة في «أكاديمية الأسد العسكرية» في حلب قبل عودتهم إلى البلاد.
بعد كل هذه المحاولات، تستمر الصواريخ البالستية اليمنية في قصف السعودية، ما أصاب الرياض بارتباك كبير، في ظل استمرار حالة الإنكار الإعلامية بشأن سقوط الصواريخ في أهدافها أو وقوع إصابات جراءها.
ورغم إعلان المتحدث الرسمي باسم «التحالف»، العميد أحمد عسيري، في منتصف نيسان 2015، تدمير الترسانة الصاروخية اليمنية بنسبة 90%، فإن الرياض لا تزال تشترط تسليم الصواريخ البالستية كبند رئيسي لأي اتفاق، وهو ما يناقض ادعاءات «التحالف» من جهة، ويناقض فكرة إعادة «الشرعية» التي تستند أساساً إلى الاستقلالية والسيادة من جهة أخرى.