المسيرة القرآنية منطلقات إيمانية وانتصارات ربّانية

المسيرة القرآنية منطلقات إيمانية وانتصارات ربّانية

صحيفة الحقيقة/ خاص

أتت هذه السنة الذكرى السنوية لصرخة البراءة من قوى الطاغوت والهيمنة الأمريكية والإسرائيلية، في ظرف مغاير لما سبقه من الظروف على مدى 22 عاما مضت من إعلان الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه-، وبفضل الله ورعايته نرى أن هذه المرحلة مرحلة مختلفة تماما عمّا سبقها من المراحل من حيث:-

طبيعة العدو: فالمسيرة القرآنية اليوم في مواجهة مباشرة مع الأعداء(الأصلاء)، مع رؤوس الكفر وأئمته (أمريكا وإسرائيل وبريطانيا)، بينما كانت فيما سبق في مواجهة مع الأدوات المحلية من الداخل، أو مع الأدوات الإقليمية، وإن كان لأمريكا دور فهو بشكل غير مباشر وتحت عناوين زائفة.

يقول السيد القائد” مسألة أنَّ أمريكا وبريطانيا دخلتا في الحرب بشكل مباشر، وأننا أصبحنا في مواجهة مباشرة بيننا وبين الأمريكي والبريطاني والإسرائيلي، هذا شيءٌ لا يخيفنا إطلاقاً، بل ارتحنا لذلك كثيراً، وحمدنا الله تعالى على ذلك، على هذه النعمة الكبيرة، على هذا الشرف العظيم: أن نكون في مواجهة مباشرة بيننا وبين الإسرائيلي والأمريكي والبريطاني، الذين هم أم الإرهاب، وجذور الإرهاب، ومنابع الإرهاب، وهم منبع الشر والإجرام والطغيان، وهم أشرُّ خلق الله ظلماً، وطغياناً، وإجراماً، وفساداً في الأرض، وهم منبع الفساد، وهم مصدر القلق والشر والمؤامرات على المجتمع البشري، “

طبيعة المواجهة: حيث أن المسيرة القرآنية بمشروعها الجهادي، لا تقتصر في الرد على العدوان فحسب، بل نرى الموقف أكبر من ذلك، فالمبادرة كانت من جانبنا باستهداف الداخل الفلسطيني المحتل، وضرب مواقع حساسة للعدو الصهيوني، ويتطور الموقف إلى فرض الحصار البحري وما تبعه من استهداف للسفن الصهيونية أو المتجهة إلي كيان العدو، وصولا إلى تصاعد الموقف من مجرد المنع والإجبار على المغادرة إلى الاستهداف المباشر، وليس انتهاءً بإعلان السيد القائد -حفظه الله- بالتصعيد أكثر وأكثر بمنع السفن من المرور عبر المحيط الهندي ورأس الرجاء الصالح.

طبيعة البعد الجغرافي للمواجهة: فالمعركة ليست على مستوى اليمن وجغرافية اليمن، بل المواجهة امتدت لأكثر من ذلك، فهي تصل إلى عمق الأرض المحتلة في فلسطين، ولا تنتهي بالبحرين الأحمر والعربي، بل امتدت إلى ما بعد رأس الرجاء الصالح، وصولا إلى المحيط الهندي.

طبيعة التحالف: فيما مضى كانت التحالفات ضد المشروع القرآني تقتصر على النظام العميل، ثم تطور إقليميا ليشمل دول الجوار، وتطور أكثر ليشمل دولا على مستوى العالم كما شهدنا في العدوان الكوني على اليمن، لكنه اليوم يشمل تحالفات صورية ويتهاوى قبل أن تلملم أمريكا بقية التحالف كما حصل مع تحالف حارس الرخاء، وعملية بوسيدون آرشر، وهكذا كلما أعلن عن تحالف لا يستمر.

يقول السيد القائد” نعمة كبيرة أننا أصبحنا في مواجهة مباشرة معهم؛ لأن سياستهم واستراتيجيتهم في كل المراحل الماضية: أن يضربونا بغيرهم، وأن يكونوا دائماً الطرف الذي يكسب، ولا يخسر، ولا يتعب؛ إنما يستفيد، أن يضربوا أمتنا بعضها ببعض، وأن يسلِّطوا تلك الدول على تلك الدول، وتلك الكيانات على تلك الكيانات… وهكذا،”

طبيعة بنك الأهداف: في السابق كان بنك الأهداف هو ما يحدده العدو في الداخل اليمني من مواطنين ومنشآت وبنى تحتية، بينما نرى بنك الأهداف تحدده القيادة اليمنية وتستهدفه القوات المسلحة بتسديد الله وفضله، والعدو يقف حائرا لا يدري كيف يمنع تلك الاستهدافات.

 طبيعة السلاح: وهذا كله بفضل الله وتوفيقه، فالعدو في كل مواجهة يتفاجأ بأسلحة جديدة ونوعية، ولعل استراتيجية استهداف السفن المعادية بالصواريخ الباليستية تحسب لليمن فهو أول من أسسها ونفذها بكل جدارة واقتدار بفضل الله، فضلا عن المفاجآت بالزوارق المسيرة، والغواصات المسيرة، والقادم أعظم بكل معنى الكلمة-بإذن الله-.

“مشروعنا القرآني في هذه المرحلة أقوى من أي مرحلةٍ مضت، بالرغم من كل ما قد حُورِب به منذ بدايته وإلى اليوم، ووعي شعبنا العزيز عالٍ جدًّا، مهما كانت المؤامرات، فنحن معتمدون على الله “سبحانه وتعالى”، متوكلون عليه، {وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا}، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}.”

والكلام عن هذه المقارنات طويل ويشمل نواحي أخرى ومتعددة منها( حجم خسارة العدو، التفاعل الواسع على المستوى المحلي والعالمي، ووحدة الساحات، وعجز العدو الصهيوني عن الرد، وإحجام دول الجوار عن مساعدة العدو ضد اليمن، الانتشار الواسع للمقاطعة، و…الخ، ولكن ما سبق يكفي لكي نؤكد من خلال الواقع على:

1- عظمة وفاعلية وتأثير ونجاح هذا المشروع القرآني المبارك.

2- أهمية شعار الصرخة في وجه المستكبرين.

3- ضعف العدو وهشاشته أمام الروحية الإيمانية الجهادية النابعة من الثقافة القرآنية.

4- القدرة على الصمود والانتصار مع الأخذ بالأسباب والتوكل على الله والثقة بنصره للمؤمنين.

5- عالمية المشروع القرآني وعدم اقتصاره على الداخل اليمني فحسب، بل يتجاوز كل الحدود الجغرافية.

6- أهمية إحياء مناسبة ذكرى الصرخة، كمنطلق للمشروع القرآني المبارك، واستحضار عظمة وسمو الفكر الذي أسس قواعده الشهيد القائد-رضوان الله عليه- بدمه الزاكي الشريف.

 

الصرخة تواجه الانحراف والعمالة وتحصن الأمة من الاختراق

وأهمية وقيمة هذا الشعار وهذه الصرخة بكل ما يترافق معها، وبكل ما يأتي معها أيضاً في مسارٍ عمليٍ مهمٍ وواسع: أنه موقف في مقابل خطورة من يتجه الموقف الآخر، موقف الانحراف، موقف العمالة والخيانة؛ لأن البعض من أبناء الأمة لم يكتفوا بالسكوت، ولم يكتفوا بالقعود، لم يكتفوا بالتنصل عن المسؤولية، وفي الابتعاد عن الموقف الصحيح؛ إنما اتجهوا اتجاهاً منحرفاً وخاطئاً: اتجاه الخيانة والعمالة، والوقوف في صف أمريكا وإسرائيل، وموالاة أمريكا، والتحرك مع أمريكا

فأن يأتي البعض ليتجه هذا التوجه من أبناء الأمة على مستوى أنظمة وحكومات، وعلى مستوى حركات وتيارات وشخصيات، وأن يكون للبعض الآخر اتجاهٌ آخر يتمثل بالسكوت، والقعود، والجمود، والتنصل عن المسؤولية، والتخاذل، والتفريط، وإفساح المجال للعدو ليدخل ويعمل ما يشاء ويريد، نرى قيمة هذا الموقف الذي يتمثل بهذه الصرخة، بهذا الشعار، بهذا التوجه الإيجابي والصحيح، الذي ينسجم مع القرآن الكريم، الذي يتجه اتجاه التحمل للمسؤولية التي يفرضها علينا ديننا وانتماؤنا للإسلام، ومسؤوليتنا أيضاً تجاه أنفسنا، تجاه أمتنا، تجاه شعوبنا،

ندرك أيضاً أهمية وقيمة هذا الموقف وهذه الصرخة، وما يترافق أيضاً معها من مشروعٍ عملي: بحساب طبيعة هذا الصراع، وطبيعة مؤامرات العدو، هذا العدو الأمريكي والإسرائيلي الذي يستهدفنا كأمةٍ مسلمة بكل الأساليب، ويستهدفنا في كل المجالات، ويتجه بشكلٍ كبير إلى اختراقنا من الداخل، إلى أن يحوِّل هذه المعركة معركةً واسعةً وشاملة بعناوين متعددة،

طبيعة هذا الصراع الشامل والواسع الذي يتحرك فيه العدو على المستوى السياسي، وعلى المستوى الاقتصادي، وعلى المستوى الإعلامي، وعلى المستوى الفكري والثقافي والتعليمي… وعلى كل المستويات وفي كل المجالات، تستدعي أن يقابل هذا التحرك تحركٌ واعٍ، شامل وواسع، ويتجه إلى ما يسد هذه الثغرة على العدو، إلى ما يحصن هذه الأمة من الداخل، ويحميها من الاختراق.

ولأهمية هذه المسألة، كانت هي المسألة الرئيسية التي ركَّز عليها القرآن الكريم وهو يعلِّمنا، وهو يوعينا، وهو يهدينا فيما نفهم به طبيعة الخطورة التي علينا من العدو الأمريكي والإسرائيلي، يتحدث عن فريقٍ من أهل الكتاب يمثل شراً كبيراً وخطراً رهيباً على هذه الأمة، بطبيعة أساليبه وخطواته ومؤامراته التي تستهدف هذه الأمة للتأثير عليها من داخلها، وتفكيكها من داخلها، واختراقها من داخلها.

فيأتي هذا الشعار، هذا الهتاف، هذه الصرخة بكل ما لها من نتائج، بكل ما لها من آثار، بطبيعة مفرداتها وما تصنعه من وعي، لتسد هذه الثغرة، لتسد حالة الاختراق، لتساعد على عملية التحصين من الداخل.

 هذه المعركة، لا يكفي فيها موقفٌ رسمي، تطلقه حكومة معينة، ولا موقفٌ نخبوي، تطلقه فئات معينة من أبناء الشعب أو من أبناء الأمة، على مستوى مثلاً أحزاب في موقفها السياسي، أو في تصريحاتها الإعلامية، أو في بياناتها، ولا يكفي فيه أيضاً مواقف محدودة وبسيطة عابرة ومنتهية؛

يتطلب مواقف مستمرة، ومساراتٍ عمليةً مستمرة،

يتطلب مساراً توعوياً يصنع الوعي، يعزز الوعي، يقدِّم صورة متكاملة عن الأحداث، عن العدو، وعن أهدافه، عن مؤامراته،

 ويتطلب أيضاً مساراً عملياً يحرِّك الأمة في خطوات عملية في كل المجالات،

ويتطلب أن يكون الجميع في هذا الموقف، ضمن هذا التحرك، ضمن هذه المسيرة في مواجهتهم لهذا الخطر، لا يكفي أن يتحرك فيه النخب، ولا أن يكون فيه فقط الجانب الرسمي في مواقف محدودة؛ لأنه يتجه إلى الجميع، طبيعة الأنشطة التي يتحرك فيها أعداء الأمة هي تستهدف الجميع بلا استثناء، هي تستهدفنا كأمةٍ مسلمة، هي تستهدفنا رجالاً ونساءً، وكباراً وصغاراً، يستهدفنا في كل المجالات: يستهدفنا ثقافياً، وفكرياً، وسياسياً، وإعلامياً، واقتصادياً، وعسكرياً، وأمنياً، لا يدع مجالاً إلَّا ويتحرك فيه، وفق سياسات وخطوات مرسومة ومحددة ومدروسة.

في ظل توجهٍ كهذا، كيف نجعل من الجميع منا كأمة في موقع المسؤولية؟ كيف نقدِّم مشروعاً يتيح لكل فردٍ من أبناء الأمة أن يكون في موقع المسؤولية، وأن يكون في الموقع الذي يحظى فيه بالتحصن من هذا الخطر، بما يحميه من هذا الاستهداف، يحميه على المستوى الفكري، يحميه على المستوى الثقافي، يحميه على المستوى الاقتصادي، يحميه على المستوى العسكري، على المستوى الأمني؟

ختاماً

نحن كشعبٍ يمنيٍ ينتمي للإيمان نثق بالله تعالى، ونتوكل عليه، ونثق بوعده الصادق، هو “جَلَّ شَأَنُهُ” القائل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}[محمد: الآية7]، انطلقنا في موقفنا لمناصرة الشعب الفلسطيني في غزة، لمناصرة الشعب الفلسطيني المظلوم في كل أنحاء فلسطين، والذي ترتكب بحقه جرائم الإبادة الجماعية في غزة، انطلقنا من منطلق النصرة لله، الاستجابة لله، الطاعة لله، الالتزام الإيماني بيننا وبين الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، نحن نعتز بالله، نثق به أنَّه ملك السماوات والأرض، أنَّه المهيمن القاهر، أنَّه القوي العزيز، أنَّه العلي العظيم.

شعارنا في هتاف الصرخة في وجه المستكبرين، هتاف الحرية والبراءة مبتدؤه:

الله أكبر

الموت لأمريكا

الموت لإسرائيل

اللعنة على اليهود

النصر للإسلام

مبتدؤه (الله أكبر)،

نحن ننطلق بوعي بما تعنيه (الله أكبر)؛ ولذلك قال السيد حسين بدر الدين الحوثي “رضوان الله عليه” في بداية انطلاقة المسيرة القرآنية: ((أمريكا قَشَّة))، من هذا المنطلق، بما تعنيه عبارة وجملة: (الله أكبر)، أمريكا قشة.

 نحن نعتز بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، نعتمد عليه، نثق بوعده الصادق، هو القائل: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}[الحج: الآية40].

 نحن نثق بهذا الوعد الإلهي المؤكد، ونثق بهذا التأكيد الإلهي: {إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}.

هل يمكن أن نقارن أمريكا أو بريطانيا، أو كل طغاة وأشرار ومستكبري هذه الدنيا بشيءٍ من بأس الله وقوته وجبروته؟ هم لا شيء أمام الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.

نحن نثق بقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ}[التوبة: من الآية14]،

 نحن نثق بوعود الله المتكررة في كتابه الكريم، نحن نؤمن بكتاب الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”؛

ولذلك نحن ننطلق بثقة، لا يخيفنا الموقف الأمريكي، لا يزعجنا، ولا يؤثر علينا، في موقفنا إلى أن نتراجع عنه، أو أن يضعف موقفنا، بل بقدر ما تكون المواجهة مع الطغاة المستكبرين، والأشرار السيئين، مع أئمة الكفر، وقادة الظلم؛ بقدر ما نحن أكثر رجاءً لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” بأن ينصرنا، وأن يؤيِّدنا، بقدر ما إيماننا بنصر الله وتأييده أكبر، هل نتصور أنَّ التأييد الإلهي يأتي إذا كنت في مواجهة مع عدو تعتبر إمكانياته بسيطة، أو تعتبره ليس في مستوى يملك ما تمتلك من إمكانات وقدرات؟! نحن في مواجهة الأشرار، الطغاة، الظالمين، المفسدين في الأرض، ونحن أرجى ما نكون لنصر الله ومعونته وتأييده.

قد يعجبك ايضا