المدوّنة السلوكية.. تُحصِّنُ المسؤوليةَ وتعزِّزُ أداءَها..بقلم/ علي عبد الرحمن الموشكي
Share
لطالما فكّرنا وحلمنا وتُهنا كَثيراً حول مَـا هو الشيءُ الضامنُ والذي يساعدُنا على تنفيذِ الأعمالِ بإخلاصٍ وبتوجّـهٍ قرآني يساعد على الحد من الزلل والميل والتفريط وترسيخ وتعزيز النزاهة والأمانة في تأدية الوظيفة العامة بأكثر مسؤولية وإيقاف التلاعب بأموال الشعب وضياع الخطط العامة وذوبانها في كنتيرات المحسوبيات وأصحاب المصالح، وكنا نتفاءل بإنشاء الهيئات والجهات الرقابية لمكافحة الفساد والحد من التي تكون للأسف بعيدة عن الإحساس بقُربها من المسؤول، فلا تلامس واقعة إلَّا في نهاية السنة أَو إذَا هنالك قضية رأي عام.
وغير صحيح وغير منطقي أن تكون الجهات الرقابية بعيدةً عن مؤسّسات الدولة ولا تكون ضمنَها وينعدمُ الإحساسُ وتضمحل جدوائية مكافحة الفساد في ظل غياب الأخلاقيات والقيم الإيمَــانية التي افتقدناها طويلاً، وهذا ما لمسناه وعايشناه طوالَ عقود من الزمن من تاريخ إنشاء هيئة مكافحة الفساد والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة… إلخ، الذي افتقدوا كثيراً لهذا الإنجاز العظيم.
تعد هذه المدونة السلوكية من أرقى وأفضل الأعمال التي ترضي اللهَ -سبحانَه وتعالى- وتساعد وتُعيِنُ على أداء الوظيفة العامة التي ستحظى بإعجاب وإيجاب وقبول الذين يحبون ويسعون للارتقاء والتطوير لمؤسّسات الدولة وتقديم الخدمات للمواطنين بكل إخلاصٍ وتفانٍ.
بعد الاطلاع على تفاصيلها بدءًا بالتسمية والأهداف والإطار المرجعي ووقوفاً على المبادئ والقيم والتزاماً بالمسؤوليات والواجبات وتعاملاً مع البيانات وتكنولوجيا المعلومات والإعلام وتعزيزاً للنزاهة ومكافحة الفساد وختامًا بالأحكام الختامية وجدنا ولمسنا الرعاية الإلهية التي رافقت من عملوا على صياغتها استجابةٍ لتوجيهات السيد القائد -يحفظه الله- والذي وجّه بها وطرح النقاط الأَسَاسية لإعدادها، حَيثُ قال: (المسؤوليات يجب أن تضبط بمدونات سلوكية وجانب رقابي يساعد على تقوى الله سبحانه وتعالى وتفعيل مبدأ الثواب والعقاب والتفريق بين المحسن والمسيء والملتزم المؤدي مسؤولياته على نحو صحيح والمفرط أَو الخائن في أداء مسؤولياته وأعماله)، فكان التوجيهُ بصيرةً ونوراً يستضاء به في دهاليز وأنفاقِ فساد كبير طال الدولة منذ أكثر من (59) عاماً، من النهب والسطو والنخر وامتصاص الدولة التي بنيت على وَهن وتنامت بالفساد والارتشاء والاستحواذ، وأضعف وقلّل بشكل كبير جِـدًّا من تقديم الخدمات العامة، ولا يوجد لومٌ عليهم، فمَن منحهم المسؤوليةَ لم يحرص على السلوك والارتقاء الإيمَــاني ويعرّفهم أن الوظيفة العامة أمانة.
أدرك القائمون على الدولة ممثلة برئيس المجلس السياسي الأعلى -وفقه الله-، والمعنيون عمق أهميّة تنفيذ هذا التوجيه بعنايةٍ واهتمام وكان نتاجه هذا الإنجاز الرائع والعظيم، والذي يعتبر لبنة أَسَاسية وضرورية وهامة للارتقاء وبناء الدولة اليمنية الحديثة.
نعم جميع مؤسّسات الدولة من أعلى إلى أسفل ومن أسفل إلى أعلى بحاجةٍ ماسة لهذه المدونة التي سيعمل القائمون من ذوي الأخلاق العالية والمصداقية من كافة مكونات الشعب على تنفيذ هذه المدونة التي ستنفذ بنودها بعناية وحرص وسترصد وتوثق أعمال المسؤولين وسلوكياتهم ومن خلالها سينفذ بند الثواب والعقاب سيتم الحكم على المخطئ ومكافأة المحسن والمؤدي لمسؤولياته، وهذا ما كان يحلم به كُـلُّ مواطن نزيه وشريف وما كان ينتظره.
من يتذمر من هذه المدونة وينشر الشائعات هو خائن لله وللوطن وللشعب ويكتب على جبينه سارق ومثل ما يقول المثل اليمني الشهير (سبلة السارق توز) الخوف والإرجاف لا يأتي إلَّا ممن يخافون على مصالحهم الشخصية وعلى أن لا يعرفوا ويكشفوا لعامة الناس، ومن يعملون على أن تتعثر عجلة البناء والتنمية والتطوير والارتقاء من خلال عرقلة تنفيذ الخطط وابتزاز المواطنين وسرقة المخصصات والميزانيات الخَاصَّة بالدولة، هؤلاء هم يعملون على نشر الشائعات والأراجيف بين مؤسّسات الدولة وأمام الرأي العام، ولكن فليبدأ القائمون على تدوين السلوك وردود الفعل لمن هم ينخرون في كيان ومؤسّسات الدولة من عملوا على تعطيل الخدمات العامة والخَاصَّة.
نشد على أيادي قاداتنا وقدواتنا الأكفاء ونقول لهم: سارعوا في تنفيذ المدونة السلوكية وآليتها التنفيذية فلم يعد في أجهزة الدولة إلا الأنفاس الأخيرة وجرعة إنعاشها هي الأخلاق والقيم والمبادئ التي اشتملت عليها المدونة السلوكية ويجب أن تعزز وتتضافر الجهود في كافة الوحدات والجهات الرقابية ويبدأ الناس صفحة جديدة وإعطاء فرص لمن ينخرون في جسد الدولة في تصحيح سلوكياتهم والرجوع إلى الله واستشعار الرقابة الإلهية منا جميعاً حتى نلقى الله ونحن سعداء.
الشخص الذي يرتقي ويتحمل المسؤولية بأمانة سيحظى برعاية الله وتأييده وسيوفق وسيجزيه الله حسنات بتعداد هذا الشعب العظيم وآثار ما أنجزه.
ومن يعمل على عرقلة العمل المؤسّسي بتصرفات وأخلاقيات سيئة هو خاسر في الدنيا والآخرة وأنصح من اعتادوا على الفساد ويعطلون عجلة التنمية والبناء، أنت عندما تنهب وتسرق وترتشي باسم الدولة هذه خطيئة كبيرة وتتحمل وزر كبير؛ لأَنَّك لا تخون أمانة شخص واحد وإنما تخون شعباً بأكمله، وستأتي يوم القيامة وخصمك شعب بأكمله جريمة كبيرة جِـدًّا وعقوبتها عظيمة في الدنيا وفي الآخرة.