المخا بداية معركة أم ترتيبات أخيرة؟
عين الحقيقة /أحمد الحسني
منع تهريب الأسلحة الإيرانية عبر ميناء المخا -الذي تردده وسائل إعلام العدوان ومرتزقته- هو آخر ما يمكن افتراضه كهدف لعملية الرمح الذهبي، إن لم يكن هو الافتراض المستبعد تماماً على الأقل في ظل السيطرة الكاملة لبحرية تحالف العدوان وداعميه من الدول الغربية على الملاحة في باب المندب، والحصار المطبق الذي يفرضه التحالف على كل الموانئ اليمنية في الساحل الغربي، ومنها ميناء المخا، فلماذا الرمح الذهبي؟ ولماذا كل هذه الاستماتة في معركة المخا، وكل ذلك البذخ في توفير الغطاء الجوي والإسناد البحري لها؟ وهل هي كما يقول إعلام العدوان بداية معركة، أم مجرد محاولة أخيرة لإعداد طاولة التفاوض التي لا ترى المملكة أنها مناسبة لها حتى الآن، كما توحي بذلك زيارة المبعوث الأممي الأخيرة إلى صنعاء، التي بدا فيها أقرب إلى من يريد تأجيل التفاوض وليس من يريد الإسراع فيه؟
هناك ثلاثة احتمالات يمكن أن يكون أحدها أو جميعها أهدافاً مفترضة لعملية الرمح الذهبي.
الاحتمال الأول: تتناوله وسائل الإعلام علناً، وهو اجتياح سهل تهامة وسيطرة المرتزقة على جميع موانئ الساحل الغربي، كبديل محلي قليل التكلفة خارج نظام مسئولية المملكة ينوب عن بحرية التحالف في استمرار الحصار الذي تتزايد الضغوط الدولية لرفعه، وهذا يعني على الأقل إطالة أمد الحرب الأهلية التي تريد المملكة الاستمرار بتمويلها بطريقة غير مباشرة، كما أنه يمنح المملكة والتحالف وضعية منتصر على طاولة التفاوض والخروج من الحرب، لكن ما يجعل هذا الاحتمال ضعيفاً كهدف، أو يجعل منه هدفاً لا يمكن للرمح الذهبي تحقيقه هو أن السيطرة على الساحل الغربي تحتاج إلى قوات برية كبيرة وكثافة في العنصر البشري، وليس فقط لعشرات المدرعات وبضع مئات من المقاتلين، وكل ما يستطيعه الغطاء الجوي والإسناد البحري هو تأمين رحلة خطرة لقوات الرمح الذهبي على الساحل، ريثما يتم استثمارها سياسياً.
الاحتمال الثاني: أن يكون الهدف من عملية الرمح الذهبي هو محاولة السيطرة على الساحل الغربي لتعز فقط، والتوجه شرقاً للسيطرة على معسكر خالد بن الوليد، ومن ثم التوجه نحو تعز لتحقيق إنجاز فيها، وهذا أيضاً سيكون عاملاً مساعداً في إطالة عمر الحرب الأهلية وسيمنح المملكة نسبياً مقعد انتصار على طاولة التفاوض، لكن مساحة مسرح العمليات، وإن كانت أقل من الشريط الساحلي، إلا أنها تظل كبيرة بالنسبة للقوات البرية في عملية الرمح الذهبي، إضافة إلى أن الطبيعة الجغرافية أكثر صعوبة، والغطاء الجوي أقل فعالية، ولن ينجح حتى في تأمين جولة لقوات الرمح الذهبي والعودة بسلام.
الاحتمال الثالث والأقوى: هو أن يكون الهدف من عملية الرمح الذهبي محاولة السيطرة على المرتفعات المطلة على ذوباب وباب المندب والمخا، لتأمين سيطرة مرتزقة التحالف، خصوصاً من الجماعات الإرهابية على منطقة باب المندب وطريق المخا تعز، هذا الهدف رغم أن توظيفه كنصر واستخدامه كورقة تفاوضية هو أقل بريقاً من سابقيه، إلا أن ما يجعله الاحتمال الأقوى كهدف للرمح الذهبي هو أنه من حيث الإمكانية هناك تناسب نسبي بين حجم مسرح العمليات والقوات البرية في الرمح الذهبي، ما يجعله أقل صعوبة من سابقيه، وهو من حيث الجدوى سيؤثر على أداء ميناء المخا، ويمكِّن المملكة من استخدام جماعاتها الإرهابية لتهديد الملاحة في المضيق، وتوظيف ذلك، سواء في حصار موانئ اليمن الغربية، أو استهداف سفن الدول التي لا تطيق الحرب عليها كروسيا وإيران.. أو الضغط على دول تريد استمرار تبعيتها لها كمصر التي لا قيمة لقناة السويس بدون ملاحة آمنة في باب المندب، أو كدول الخليج التي تحاول التمرد على سلطة الشقيقة الكبرى.
المحصلة هي أن الأهداف العسكرية المحتملة بغض النظر عن مدى قابليتها للتحقيق، تفضي إلى أن الرمح الذهبي ليست منطلقاً للحسم العسكري كما يخطب هادي، وإنما هي محاولة قد لا تكون الأخيرة لترتيبات النهاية، بما يكفل للمملكة كرسي منتصر على طاولة المفاوضات، وأوراقاً رابحة، ويبقي على حصار اليمن مدة أطول، والتمكين لحرب أهلية تمولها المملكة ولا تشارك فيها مباشرة والتمكين لعصاباتها الإرهابية من مضيق باب المندب لاستخدامها في حروبها خارج نطاق المسئولية الدولية، ولكن هل يمكن أن يحقق الرمح الذهبي كل ذلك؟
المؤكد هو أنها ستمنع تدفق الأسلحة الإيرانية إلى اليمن فذلك غير موجود أصلاً، وما عدا ذلك فإن المقاتل اليمني يقول إنه مستحيل وبالغ الصعوبة ومؤقت، وفي كل الأحوال فإنه أياً كان ما ستحققه الرمح الذهبي فعند توقف الغارات سيذهب كله أدراج الرياح.