وصل عدد الضحايا في اليمن إلى 47 ألفاً، بفعل الغارات والاعتداءات السعودية والإماراتية، في محصلة غير نهائية ومرشحة إلى الارتفاع، نتيجة استمرار عدوان التحالف على البلاد للعام السابع على التوالي.
7 سنوات من الحرب العبثية على اليمن، وما زال التحالف السعودي يرتكب المجازر بحقّ آلاف المدنيين العزل، ويستهدف الأطفال، ويسرق الثروات، ويدمر بهمجيته المنازل والأسواق والبنى التحتية، ويفرض حصاراً برياً وبحرياً وجوياً لسلب اليمنيين كل أسباب الحياة.
وفي آخر إحصاء لأعداد الضحايا اليمنيين جراء العدوان السعودي، أعلن وزير الصحة العامة والسكان في حكومة صنعاء، طه المتوكل، (25 كانون الثاني/يناير 2022) أن عدد الضحايا بلغ 47 ألفاً بين شهيد وجريح، مضيفاً أنّ جرائم التحالف “المركّبة” بحق الشعب اليمني ستكون “وصمة عار على جبين الأمم المتحدة ومنظماتها والمجتمع الدولي”.
أطفال اليمن عرضة لكلِّ أنواع الانتهاكات
منذ بداية حرب التحالف السعودي على اليمن، يتعرَّض أطفال هذا البلد لمختلف أنواع الانتهاكات، من قتل واحتجاز في سجون التحالف، ومنع من الوصول إلى المدراس وتحصيل حقهم بالرعاية الصحية، ما أدى إلى إصابتهم بالأمراض والأوبئة والتشوهات، فضلاً عن التأثيرات النفسية المختلفة، وذلك خلافاً لما نصت عليه اتفاقية جنيف للعام 1949 وبروتوكوليها الإضافيين للعام 1977 من قواعد تحمي الأطفال.
وبحسب إحصائيات منظمة “انتصاف” لحقوق المرأة والطفل، حتى 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2021، كان هناك حوالى 600 ألف طفل من الخُدج يحتاجون إلى الوقود لتشغيل الحضانات وإبقائهم على قيد الحياة، كما أنّ “أكثر من 400 ألف طفل يمني مصاب بسوء التغذية الوخيم، منهم 80 ألفاً مهددون بالموت”، مشيرةً إلى أنَّ “من أصل 1000 مولود يتوفى أكثر من 27 طفلاً بشكل سنوي”.
وأكَّدت المنظمة أن “أكثر من 3 آلاف طفل مصابون بتشوهات قلبية”، موضحةً أنّ “دول التحالف منعت إدخال الأجهزة الكهربائية الخاصة بمرضى القلب، ويواجه آلاف المرضى خطر الوفاة بسبب ذلك”.
ولا يتورّع تحالف العدوان في جرائمه عن قصف المدارس واستهداف المستشفيات، حتى بات اليمنيون يتخوفون من إرسال إطفالهم إلى المدارس أو نقلهم إلى المستشفيات في حال احتاجوا إلى الاستشفاء.
أبرز مجازر العدوان بحق أطفال اليمن
المجازر والانتهاكات التي ارتكبها التحالف السعودي بحق أطفال اليمن بفعل القصف والحصار وغيرها كثيرة، ولكن هناك العديد من المجازر والحالات رسخت في البال، وكانت علامة فارقة في سجل الانتهاكات الإنسانية في اليمن.. هنا نعرض أبرزها فقط:
الطفلة بثينة.. رمز من رموز حرب اليمن
في 25 آب/أغسطس 2017، ارتكب التحالف السعودي مجزرة في حي فج عطان جنوب غرب العاصمة صنعاء، فقدت فيها الطّفلة بثينة الريمي البالغة من العمر 8 سنوات والديها وعمّها وشقيقاتها الأربع وشقيقها الوحيد.
صورة بثينة وهي تحاول فتح عينها اليمنى المجروحة، فيما التورم والدم يغلق عينها اليسرى، اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، وكانت شاهداً على هجمية العدوان.
جريمة التحالف السعودي لم تنتهِ هنا، فقدت عمدت السعودية إلى اختطاف الطفلة، بعد أن قامت بخداع عمها عبر مؤسسة تابعة لها، ادعت بأنها ستصور معهم فيلماً وثائقياً عن السلام.
وفي العام 2021، وبعد رفع فريق التفاوض اليمني اسمها بين قائمة الأسرى، أُطلق سراح الطفلة بثينة قبل يوم من إطلاق الأسرى.
استشهد في الغارة 3 أطفال، بينهم الطفلة إشراق المعافى، التي افترشت التراب بزيها المدرسي، وفي جوارها حقيبتها المدرسية، إضافةً إلى استشهاد 3 مدنيين، بينهم وكيل المدرسة، وجرح 4 أطفال آخرين.
طفل تشبّث بجسد والده الشهيد
في 22 نيسان/أبريل 2018، شنّت طائرات التحالف السعودي غارة جوية على حفل زفاف اليمني يحيى جعفر في مديرية بني قيس الطور التابعة لمحافظة حجة، استُشهد جراءها أكثر من 30 مدنياً، معظمهم من النساء والأطفال، ومنعت الطائرات الأميركية الأهالي والطواقم الطبية من إسعاف الضحايا.
وقد بقيت في الأذهان صورة الطفل الذي بقي قرب جثة والده نتيجة الغارة.
مجزرة طلاب ضحيان
في 9 آب/أغسطس 2018، قصفت طائرات التحالف السعودي حافلة مدرسية في سوق مزدحمة في ضحيان التابعة لمحافظة صعدة، راح ضحيتها أكثر من 120 طفلاً بين شهيد وجريح. وبرزت صورة الحقائب المدرسية التي كان يرتديها الأطفال، وكانت تحمل شعار منظمة “اليونيسف”.
وفي إثر هذه المجزرة، طالب نواب أميركيون بالتحقيق في دور البنتاغون بدعم عمليات التحالف السعودي في اليمن. وأفادت شبكة “سي أن أن” الأميركية بأن الصاروخ الذي استخدمته السعودية أميركي الصنع، بزنة 227 كيلوغراماً، موجّه بأشعة الليزر، وهو جزء من صفقة الأسلحة التي وافقت عليها وزارة الخارجية الأميركية للسعودية.
جنين الحديدة
وفي الحديدة (23 تشرين الثاني/نوفمبر 2021)، شن التحالف السعودي غارة على منزل في مديرية الحيس، أدت إلى استشهاد عبد الله شريان، وإصابة زوجته بجروح خطرة، بعد أن قتلت الغارة جنينها.
اعتداءات التحالف لا توفّر نساء اليمن
كما الأطفال كانت الانتهاكات بحق النساء كبيرة، وقد شملت جميع أنواع الانتهاكات، من قتل وجرح وأسر، إلى تجويع وتهجير وحرمان من أساسيات الحياة من طعام ودواء ورعاية صحية، وقد وثقت المنظمات الإنسانية والحقوقية على مدار سنوات العدوان عدداً كبيراً من هذه الانتهاكات، نذكر على سبيل المثال ما وثقته منظمة “انتصاف” اليمنية من انتهاكات أعلنت عنها العام الماضي.
في آذار/مارس 2021، وثقت منظمة “انتصاف” الانتهاكات التي ارتكبتها قوات التحالف السعودي بحق المرأة اليمنية، وأشارت إلى مقتل 2394 امرأة وجرح 2804 خلال عدوان التحالف السعودي على اليمن.
لم تقتصر الانتهاكات على القتل والإصابة بل تم توثيق حالات اغتصاب عديدة، فقد وثقت المنظمة “تعرض 456 امرأة وطفل للاغتصاب، في حين تعرضت 423 امرأة للاختطاف”، في محصلة غير نهائية وآيلة إلى الارتفاع.
المنظمة الحقوقية أعلنت في مؤتمر صحافي في مقر وزارة الخارجية اليمنية في صنعاء أن “منطقة الساحل الغربي، الواقعة تحت سيطرة القوات المدعومة إماراتياً، شهدت 685 جريمة، منها 132 جريمة اغتصاب”.
أبرز مجازر التحالف بحقّ المدنيين
حي عطان.. مجازر متكررة
في 20 نيسان/أبريل 2015، استهدف العدوان حي عطان في العاصمة صنعاء بقنبلة مزوّدة باليورانيوم المستنفذ، ألقتها طائرة شبح أميركية على الأحياء السكنية في منطقة فج عطان، ذهب ضحيتها حوالى 84 شهيداً و364 جريحاً في مساحة سكانية واسعة تمتدّ على أكثر من 3 كيلومترات مربعة، ملحقةً دماراً هائلاً بالمنازل والمباني والمنشآت الحكومية والممتلكات الخاصة في المنطقة.
وفي آب/أغسطس 2017، استهدف التحالف السعودي منازل مدنية في الحي نفسه، وتسبب باستشهاد 14 يمنياً، بينهم نساء وأطفال. وكان التحالف السعوديّ قد أقر بالوقوف خلف الغارة، وزعم أنّ إصابة الهدف المدنيّ وقعت بسبب وجود خطأ تقنيّ.
جريمة نُقُم
في 12 أيار/مايو 2015، شنت طائرات التحالف عدواناً همجياً على حي نقم السكني في أمانة العاصمة بعدة غارات مباشرة، مستخدمة قنابل غازية وفسفورية شديدة الانفجار، ما أدى إلى استشهاد وجرح أكثر من 400 يمني.
تدمير حيّ سكني كامل في تعز
في 22 آب/أغسطس 2015، دمّرت طائرات التحالف حياً مدنياً بأكمله في منطقة “صالة” السكنية في مدينة تعز، وأوقعت عشرات الشهداء والجرحى، بينهم العديد من الأطفال والنساء، جراء تدمير عشرات المنازل فوق رؤوس ساكنيها.
استهداف حفل زفاف في المخا
في 28 أيلول/سبتمبر 2015، استهدف التحالف السعودي حفلَ زفاف في منطقة واحجة في مديرية ذباب القريبة من ميناء المخا في محافظة تعز بشكل مباشر ومتعمّد، ما أدى إلى استشهاد أكثر من 135 مواطناً، معظمهم من النساء والأطفال، وإصابة العشرات.
الغارات استهدفت أيضاً الحديدة وصعدة ومأرب، واستُخدمت فيها قنابل انشطارية محرمة دولياً، بحسب وزارة الدفاع اليمنية.
مجزرة زفاف سنبان في ذمار
في 8 تشرين الأول/أكتوبر 2015، ارتكبت طائرات التحالف مجزرة باستهداف مخيم ومنزل وحفل زفاف المواطن محمد صالح في ميفعة عنس قرية سنبان شرق محافظة ذمار، ما أدى إلى استشهاد وإصابة أكثر من 100 مدني، بينهم عدد كبير من النساء والأطفـال.
قصف صالة عزاء في صنعاء
في 8 تشرين الأول/أكتوبر 2016، ارتكب التحالف السعودي مجزرة باستهدافه مجلس عزاء آل الرويشان في الصالة الكبرى في العاصمة صنعاء، ما أدى إلى استشهاد وجرح أكثر من 750 شخصاً ممن كانوا يؤدون واجب العزاء.
مجزرة مجلس عزاء في أرحب
في 15 شباط/فبراير 2017، ارتكب التحالف السعودي مجزرة وحشية في قرية الأشرع مديرية أرحب في محافظة صنعاء، باستهدافه المباشر مجلس عزاء لأسرة آل النكعي في أرحب، ما أدى إلى سقوط عشرات الشهداء والجرحى، بينهم نساء وأطفال.
استهداف موكب نسائي في حريب القراميش
في 17 كانون الأول/ديسمبر 2017، استهدفت طائرات التحالف السعودي بشكل مباشر موكب نساء في منطقة هيسان في مديرية حريب القراميش في محافظة مأرب، أثناء عودتهن مشياً على الأقدام من حفل زفاف في المنطقة ذاتها، ما أسفر عن استشهاد 12 امرأة.
مجزرة حفل الزفاف في حجة
في 22 نيسان/أبريل 2018، استهدفت طائرات التحالف السعودي حفل زفاف في منطقة الراقة في مديرية بني قيس في محافظة حجّة، راح ضحيتها أَكْثَـر من 90 شخصاً بين شهيد وجريح، وبينهم عدد كبير من الأطفال.
مجزرة أسرة المحويت
وفي كانون الأول/ديسمبر 2021، نفذت قوات التحالف مجزرة أودت بحياة أسرة الحوري في مدينة المحويت، بعد أن استهدف القصف الجوي للتحالف السعودي السكن الخاص بحارس مؤسسة الاتصالات في منطقة عِجامَة هاشم الحوري، الأمر الذي أسفر عن استشهاد طفل وامرأة وإصابة 8 من أسرة واحدة.
مجزرة الحي الليبي في صنعاء
في 17 كانون الثاني/يناير 2022، استهدفت طائرات التحالف السعودي الحي الليبي في مديرية معين غرب العاصمة اليمنية صنعاء، ما أدى إلى سقوط 29 شخصاً بين شهيد وجريح، من بينهم مدير كلية الطيران والدفاع الجويِّ العميد الركن طيار عبد الله قاسم الجنَيْد مع أفراد أسرته، في إثر استهداف طائرات العدوان منزله في صنعاء.
ومنعت غارات التحالف السعودي طواقم الإسعاف من الوصول إلى حي الليبي.
محرقة السجن الاحتياطي في صعدة
في 21 كانون الثاني/يناير 2022، قامت طائرات التحالف السعودي بعد أيام قليلة من ارتكابها مجزرة في الحي الليبي بارتكاب محرقة باستهدافها السجن الاحتياطي في صعدة، راح ضحيتها 91 شهيداً و263 جريحاً، في آخر حصيلة للعدوان أعلنها وزير الصحة العامة والسكان في حكومة صنعاء طه المتوكل.
ويضمّ السجن المركزي أكثر من 2000 نزيل يمني ومن جنسيات أخرى، إضافة إلى مركز إيواء للأفارقة الذين يعبرون من اليمن إلى مناطق أخرى.
القنابل العنقودية: قاتل خفيّ على المدى البعيد
مع كلّ الترسانة العسكرية التي تستخدمها السعودية وتحالفها ضد اليمنيين، والتي تطال في قسم كبير منها الأطفال، إلا أنها لم تتورع عن استخدام القنابل العنقودية التي تحمل تأثيراً واستهدافاً بعيد المدى، وربما لا تنتهي مفاعيلها لسنوات طويلة، مسببة الإصابات والإعاقات، وموقعةً الكثير من الشهداء.
وتحتل محافظة صعدة شمالي اليمن رأس قائمة المحافظات اليمنية التي تعيش معاناة متواصلة جراء انفجار مخلّفات حرب التحالف السعودي، وأبرزها القنابل العنقودية وقذائف المدفعية والصواريخ وغيرها، إذ سجّل في المحافظة نحو 70% من ضحايا مخلفات القصف.
المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام في العاصمة اليمنية صنعاء أكَّد استهداف التحالف السعودي 9 محافظات يمنية بأكثر من 2500 غارة استخدمت القنابل العنقودية، واستكمل ذلك بمنع إدخال أجهزة خاصة بالكشف عن مخلفات القصف الجوي والقنابل العنقودية من دون مبرّر.
وقد ألقيت هذه القنابل بشكل مركز على عدة مناطق سكانية وزراعية، وتمكّن المركز من اكتشاف 3179 قنبلة عنقودية في مناطق متفرقة من البلاد.
من أصناف القنابل العنقودية الأميركية المعروفة التي استخدمها التحالف في اليمن، “BLU61-63-97A/B” و”M71″ و”BLO/108″و “BLU/77″، إضافةً إلى القنابل التدميرية الأميركية المعروفة بـ”MK81-82-83-84″، والتي تحتوي مواد خطرة وشديدة الانفجار.
ووفقاً للمعلومات، تم توثيق استهداف اليمن بقنابل عنقودية بريطانية من نوع “BMLT1/2” و”بي ال-755″، وفرنسية من نوع “ZP/39″، وبرازيلية من نوع “S-A-2″، إضافةً إلى وجود عدد كبير من القنابل العنقودية المجهولة المصدر (يُعتقد أنّها إسرائيلية).
وحتى نيسان/أبريل 2021، بلغ إجمالي عدد المتضرّرين من القنابل العنقودية أكثر من 4700 مدني يمني بين شهيد وجريح (962 شهيداً، بينهم قرابة 100 طفل، و3700 جريح).
كما منعت القنابل العنقودية الآلاف من الأسر المشردة نتيجة استهداف قراها ومزارعها من العودة إلى مناطقها، رغم أنها أصبحت آمنة، فما زالت بقايا تلك القنابل موجودة في مزارع المواطنين. وهنا، تؤكد إحصائية لفريق مسح ميداني تابع لمركز التعامل مع الألغام في صنعاء تضرر 50 ألف مزرعة من مخلفات العدوان والقنابل العنقودية في 3 مديريات في حافظة الجوف شملها المسح الميداني.