“المجزرة الكبرى” تنتظر الردّ الأكبر..رسائل ودلالات
بلغ السيل الزبى.. أفرغ “آل سعود” أحقادهم على الشعب اليمني في مجزرة هي الأقسى منذ بدء العدوان السعودي على اليمن. لا ندري من أين نبدأ حول جريمة تتجاوز جرائم الحرب والقوانين الإنسانية والدولية وتتنافى مع كل الأعراف والقيم . ما قبل المجزرة ليس كما بعدها، فأرواح وجراح أكثر من 700 مواطن يمني لن تذهب سدى وستكون الكابوس المفزع للنظام السعودي، لاسيّما أن هذه “المجزرة الكبرى” تخطّت كافّة المجازر السابقة في الحديدة والمخا وحجة وصالة وسنبان ومختلف مناطق اليمن.
لا شكّ أن ما قبل المجزرة ليس كما بعدها، هذا ما سمعناه من أصوات يمنيّة عدّة، فلن تمر دون رد يشفي صدور اليمنيين إزاء الظلم والطغيان الذي يتعرض له الشعب في ظل صمت وتواطؤ المجتمع الدولي الذي يعجز عن فتح تحقيق يتعلّق بارتكاب السعودية مجازر بحقّ الأطفال.
حاولت السعودية، في خطوة لا تقل بشاعة عن الجريمة نفسها، التنصّل من المجزرة الكبرى، التي تعدّ امتداداً لجرائم الحرب المتكررة التي ينفذها تحالف العدوان السعودي منذ أكثر من عام ونصف، حيث أعلن التحالف العربي ان طائراته لم تُنفذ أي عملية جوية في منطقة صنعاء، وكأن هناك طائرات غير تابعة للتحالف في أجواء المدينة. لانستغرب أن يخرج المتحدث باسم التحالف السعودي لاتهام “أنصار الله” أو “المؤتمر الشعبي العام” بالمجزرة في الصالة الكبرى، تماماً كما لانستغرب أن تتهم أصوات التحالف إعصار “ماثيو” الأمريكي بالوقوف خلف المجزرة وذلك في إطار الجنون السعودي على قانون “جاستا” الأمريكي، إلا أن المشاهد التي ظهر على الشاشات الإعلامية فضحت هذه الفبركات الإعلامية الرخيصة سريعاً.
بعيداً عن ردود الأفعال الأوسع في تاريخ اليمن، حملت “المجزرة الكبرى” التي استهدفت قاعة عزاء آل الرويشان بالعاصمة صنعاء رسائل ودلالات عدّة أبرزها:
أولاً: رغم أن ما حصل من مجزرة في اليمن أمر طبيعي ومتوقع من هذا النظام عندما نتطلع إلى تاريخه وما ارتكبه في الجزيرة العربية ودول الجوار، إلا أن هذه المجزرة البشعة تكشف حجم الحقد والعجز السعودي على حدّ سواء، فهل رفعت السعودية العاجزة سقف جرائمها لإنهاء العدوان عبر البوابة الأممية.
ثانياً: إن كافّة الأصوات اليمنية أجمعت على عبارة واحدة “ما قبل المجزرة ليس كما بعدها، فهل ستطال الصواريخ البالستية المدن السعودية الكبرى؟ لا ندري، لكن الناطق الرسمي للقوات المسلحة العميد الركن شرف غالب لقمان، أكّد أن قوات تحالف العدوان العاجزة عن تحقيق أي إنجاز لها على جبهات القتال تتوهم إنها باستهداف المدنيين قد تثني الجيش واللجان الشعبية عن واجبهم الوطني والديني في مواجهة العدوان.
ثالثاً: تأتي هذه المجزرة في ظل عجز الأمم المتحدة عن فتح تحقيق، قد سحبته في وقت سابق، حول ارتكاب السعودية مجازر بحق الأطفال في اليمن، فهل سيحرّك الأمين العام الجديد للأمم المتحدة ساكناً رغم أن مهمّته لم تبدأ بشكل رسمي؟ هل ينهي بان كي مون فترته الرئاسية بعمل “مشرّف” يضع نقطة بيضاء في صفحته السوداء أمام شعوب المنطقة عموماً، والشعب اليمني على وجه الخصوص؟ كيف سيردّ المجتمع الدولي على هذه الجريمة البشعة التي تعد جريمة حرب وإبادة جماعية لم يسبق لها مثيل في التاريخ المعاصر؟
رابعاً: تزامنت “المجزرة الكبرى” مع المحادثات التي يجريها المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن اسماعيل ولد الشيخ احمد مع وفد القوى الوطنية في العاصمة العمانية مسقط، الأمر الذي يؤكد أن الحديث السعودي عن أي حل سياسي لا يعدو عن كونه ضجّة إعلامية للتغطية على الفشل الميداني. يبدو أن الأشهر الـ19الماضية لم تُقنع العقل السعودي المتعنّت بفشل خياره العسكري وإجباره على العودة إلى طاولة المفاوضات.
خامساً: لم تعد السعودية التي تتستّر بالغطاء الديني الوهابي الذي لا يمت إلى الإسلام بصلة، تستهدف مراسم العزاء فحسب، بل يأتي هذا الإستهداف في شهر محرّم الحرام. في الحقيقة ، إن “آل سعود” تخطّو في غيّهم وطغيانهم عرب الجاهلية الذين كانوا يتوقّفون عن القتال في الأشهر التي حُرِّمَ فيها القتال منذ عهد إبراهيم الخليل ( عليه السَّلام )، و كان هذا التحريم نافذاً حتى زمن الجاهلية قبل الإسلام، إلا أن جاهلية “آل سعود” أشد كفراً ونفاقاً!
السعودية ستحاول غداً امتصاص الغضب الشعبي والإقليمي والدولي عبر “فتح تحقيق” و هدنة قصيرة الأمد، تعود بعدها إلى ارتكاب المجازر من جديد، إلا أن ردود الأفعال التي وصلت إلى إعلان النفير العام الرسمي والشعبي ورفد الجبهات، لن ترضى إلاّ بالنصر الذي سيكون حليف الشعب اليمني الصبور والمضحّي.
الشعب اليمني ينتظر ردود الأفعال الميدانية والسياسية على “المجزرة الكبرى” التي لن تمرّ دون رد يشفي صدور اليمنيين. هذا ما قرأناه في بيان المجلس السياسي الأعلى الذي دعا “أبطال الجيش واللجان الشعبية لدراسة واستخدام كل الوسائل والخيارات المتاحة للرد علی هذه الجريمة وغيرها من الجرائم”، إلا أننا ننتظر بفارغ الصبر ترجمته على الأرض خلال الساعات القليلة المقبلة.
الوقت