الله قادر على صنع المتغيرات..

 

الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه الكريم:{ وَٱذۡكُرُوۤا۟ إِذۡ أَنتُمۡ قَلِیلࣱ مُّسۡتَضۡعَفُونَ فِی ٱلۡأَرۡضِ تَخَافُونَ أَن یَتَخَطَّفَكُمُ ٱلنَّاسُ فَـَٔاوَىٰكُمۡ وَأَیَّدَكُم بِنَصۡرِهِۦ وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّیِّبَـٰتِ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ } [الأنفال: 26].

أيها الإخوة المؤمنون، إن من أعظم سنن الله في هذا الكون أنه لا يدع المستضعفين تحت ظلم المستكبرين إلى الأبد، بل يهيئ لهم من أسباب النصر والتمكين ما يمكنهم من إقامة الحق ودحر الباطل, وهذا وعدٌ إلهيٌ ثابت، يظهر في آيات القرآن الكريم وفي الأحداث التاريخية الكبرى التي شهدها الإسلام عبر العصور.

يوم الفرقان.. نموذج لصنع المتغيرات , لقد سُمِّي يوم بدر الكبرى بيوم الفرقان، لأنه كان يومًا فاصلاً بين مرحلتين، مرحلة الاستضعاف ومرحلة القوة، مرحلة الخوف ومرحلة النصر.

وكما قال السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي (يحفظه الله)في محاضرته الرمضانية لليوم التاسع عشر من شهر رمضان المبارك ,قال:
“الله يصنع المتغيرات الكبرى في إطار هدايته لعباده المؤمنين .. شريطة إن استجابوا له في النهوض بمسؤولياتهم.”

في ذلك اليوم القليل عددهم، الفقير حالهم، المعدم سلاحهم، نصرهم الله، وأيدهم بجنوده، وقلب موازين القوى في لحظة لم يكن يتوقعها أحد، لأنهم استجابوا لأمر الله وأخذوا بالأسباب، فكانت النتيجة أن مكّنهم الله وأيدهم بنصره العظيم.

سنن الله في التغيير.. لا يأس مع الله , إن المتغيرات التي صنعها الله في يوم الفرقان، وفي كل المعارك التي خاضها المجاهدون ضد قوى الباطل، تثبت لنا أن الظلم مهما اشتد، والاستضعاف مهما طال، فإن الله قادر على تبديل الحال، وقادر على أن يُخرج الأمة من أزمتها، وينصرها نصراً مؤزراً، متى ما التزمت بالحق ، واستقامت على نهج الله، وأخذت بالأسباب التي تؤهلها للنصر.

يقول السيد القائد:
“البعض من الناس ينسى الله وييأس، وبالذات في واقع المستضعفين.. أياً تكن الظروف قد استحكم فيها الباطل واستشرى.. الله يصنع المتغيرات لصالح المستضعفين إذا هم أخذوا بالأسباب.”

نستلهم من ذلك أن المؤمن لا ينبغي له أن ييأس مهما كانت الظروف، ولا أن يتراجع أمام تحديات الحياة والصراع، لأن الله وعد المستضعفين بالنصر، ولكن بشرط أن يكونوا في حالة يقظة واستعداد دائمين، متمسكين بدينهم، مجاهدين في سبيل الله، ساعين لتحقيق العدل وإقامة الحق.

الانتقال من الاستضعاف إلى التمكين , لقد مرت الأمة ومسيرتنا القرآنية بمراحل من الاستضعاف، وعايشت واقعًا صعبًا في مواجهة قوى الاستكبار، لكن الله تعالى يهيئ لها سبل الخروج من هذا الوضع، كما هيّأ للمسلمين يوم بدر، وكما هيّأ لهم بعد الهجرة إلى المدينة.

يقول السيد القائد:
“مسألة أن يتغير واقع المسلمين المستضعفين، الذين بدأوا من ظروف صعبة، وهم قلةٌ قليلة، بإمكانيات محـدودة جـداً، معظمهم من الفقراء المعدمين، كانت مسألة أن تتحقق نقلات في الواقع.”

وهذا يعلّمنا أن التغيير ليس مجرد أملٍ أو حلم، بل هو سنة من سنن الله، ولكن يحتاج إلى إيمانٍ صادق، وعملٍ دؤوب، وصبرٍ طويل، وأخذٍ بالأسباب.

واجبنا اليوم.. الاستمرار والثبات:
أيها المؤمنون، إن التغيير قادم، والنصر محتوم بإذن الله، لكن علينا أن نكون على مستوى المسؤولية، فلا نتهاون، ولا نضعف، ولا ننسى الله بعد التمكين، وواجبنا في اوقات التمكين الوفاء للمجاهدين المستصعفين السباقين ونعزز ثباتهم ونواصل المسير حتى يتحقق وعد الله كاملاً.

يقول السيد القائد:
“الله سبحانه وتعالى مثلما يصنع المتغيرات الكبرى في تدبير حركة الكون في الليل والنهار.. فهو سبحانه قادر على خلق المتغيرات في واقع البشر والأمم وفق سننه في هدايته لهم وإعراضهم عنه.”

فلنجعل من هذا الخطاب منهجًا عمليًا في حياتنا، ولنتيقن أن الله قادرٌ على تغيير الأحوال، وقادرٌ على أن يجعل الأمة في موضع عزٍّ وتمكين، كما فعل بالمستضعفين من قبل، فالاسلام ومسيرتنا القرآنية لم تنتصر إلا بالمستضعفين الصادقين الذين حققوا شروط النصر وكانوا أهلًا لهذا التغيير، وأهلًا لنصر الله.

نسأل الله أن يجعلنا من عباده الذين يستجيبون له، وأن يهيئ لهذه الأمة نصرًا قريبًا كما نصر عباده في يوم الفرقان، وكما نصرهم في كل معركة كانوا فيها صادقين مخلصين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

🔸أخوكم أحمدصلاح🔸
.🔸19رمضان1446🔸.

قد يعجبك ايضا