اللعبة القذرة || عابد حمزة
حرصت أمريكا على مدى خمسين عاما مضت أن تجعل لكل نظام عربي مهما بلغت عمالته منافساً يلازمه كالظل له من النفوذ والإمكانات ما يمكنه من الانقلاب عليه في حال تمرد أو انقلب على سياستها وبهذه اللعبة القذرة استطاعت أن تلجم الكثير من الزعماء والحكام العرب وتجعلهم مرتهنين لها لا يستطيعون أن يحققوا لأنفسهم ولو قليلا من الاستقلالية أو الخروج عن التبعية الأمريكية ولنا خير شاهد على ذلك النظام اليمني السابق إبان حرب الجنوب والحروب الست على محافظة صعدة وكيف حرصت أمريكا أن تجعل من الإخوان نداً منافساً له تسوقه بعصاهم لخوض حروبها الظالمة كذلك ما نشاهده اليوم في السعودية من منافسة بين أمراء آل سعود على السلطة وكيف تغلب تيار الملك سلمان بمساندة الأمريكيين على تيار أخيه الراحل عبدالله لأنه تكفل لهم بخوض حرب أمريكا على اليمن وكيف استطاع أيضاً محمد بن سلمان أن يقصقص أجنحة ابن عمه محمد بن نايف لأن الأخير أرتكب غلطة العمر عندما عبر ذات مرة عن عدم رضاه بمواصلة الحرب لا حباً منه في اليمن أو رحمة بأطفاله ونسائه الذين يقتلون يومياً بالمئات وإنما لتكاليف الحرب الباهظة التي أوصلت بلاده إلى أزمة اقتصادية حادة يصعب تجاوزها فما كان من الأمير المدلل الطامع في خلافة أبيه إلا استغلال امتعاض بن نايف من الحرب في الوشاية به لدى الأمريكيين مستعيناً في ذلك بالخصم اللدود لابن عمه الأمير الإماراتي محمد بن زايد الذي تكرم بتقريبه من حليفته إسرائيل وإسرائيل بدورها قدمته لإدارة ترامب كرجل يمكنها الاعتماد عليه في مواصلة العدوان على اليمن ومساعدتها في الإيفاء بما كانت قد وعدت به في حملتها الانتخابية من انعاش الاقتصاد الأمريكي وعلى حساب ما يعانيه المواطن السعودي من فقر وبطالة ونقص الخدمات وقطع المرتبات ومضاعفة الضرائب وغلاء الأسعار تكفل بن سلمان بمواصلة العدوان على اليمن وتوفير مليون وظيفة للعاطلين عن العمل في أمريكا وقدم لترامب في زيارته الأخيرة لواشنطن 200 مليار ومؤخراً قام برصد مبلغ 56 مليار دولار لرفد الاقتصاد والمساهمة في بناء مشاريع البنية التحتية الأمريكية .
كل ذلك مقابل أن يساعده الأمريكيون في الوصول للسلطة والتخلص من منافسة حليفهم الأول محمد بن نايف ويبدو هنا أن الأمريكيين قد أعطوه الضوء الأخضر بدليل قيامه مؤخراً بتعيين أخيه الأصغر خالد سفيراً في الولايات المتحدة وشقيقه الآخر عبد العزيز بن سلمان، وزير دولة لشؤون الطاقة وابن أخيه الأمير أحمد بن فهد بن سلمان، نائباً لحاكم المنطقة الشرقية المعروفة بثرائها النفطي وإنشائه مركزاً للأمن القومي بهدف منافسة وتعطيل أعمال وزارة الداخلية التي يرأسها بن نايف هذه التغييرات وغيرها كثير كخصخصة الشركات واستقطاع الأراضي ومضاعفة الضرائب وإنشاء المراقص والتكفل للأمريكيين بالاستمرار في الحرب وعدم الاكتراث بمعاناة الشارع السعودي تذكرنا بما كان عليه اليمن إبان حكم الإخوان وكيف وضع الأمريكيون بعد عام 2011 م كل بيضهم في سلتهم مقابل أن يتكفلوا لها بخوض الحرب التي يخوضها اليوم بالنيابة هذا الأمير الطائش الذي لم يتعظ من التجارب ولم يكلف نفسه سؤال الإخوان عن ما حل بهم وبدارهم عندما تصدروا الواجهة لمواجهة مسيرة قرآنية عظيمة كتب الله لها النصر والظهور والغلبة