الكفّ اليمني يدمي قلوب قوى العدوان .. فهل من مدّكر
مؤخراً،، تركزت عمليات الجيش واللجان الشعبية على استهداف “الضرع الحلوب” كما أكد ذلك قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي، كون هذا الرد يأتي في سياق الرد الطبيعي والمشروع في ظل استمرار العدوان والحصار على الشعب اليمني للعام الخامس على التوالي.
إن قوى تحالف العدوان وعلى رأسها السعودية تتميز بغباء شديد وازلي لا نظير له، فبالرغم من أن القول السديد لقائد الثورة يحتوي على الداء للنظام السعودي وفيه الدواء له من حماقاته المتكررة، إلاَّ أنه يعرض دائماً عن الدواء، وتأخذه العزة بالإثم ويستمر بالداء، ولم يأخذ العبر من العمليات الهجومية، والتي تحولت نحو استهداف منشآته الاقتصادية ضمن بنك أهداف مكون من 300 هدفاً.
إقامة الحجة:
رغم أن عملية التاسع من رمضان كانت لإيصال رسالة للنظام السعودي مفادها نستطيع اليوم ضرب كل حقول نفطكم ومنشآتكم النفطية وقادرين على تدميرها فاجنحوا للسلام لتنعموا بالأمن والاستقرار، فلن تجدو سلاما ولا أمنا ولا استقرارا وعدوانكم مستمر، حيث دعاهم قائد الثورة صراحة ليعتبروا من تلك العملية وخاطبهم مباشرة، وناشدهم وحذرهم من مغبة الاستمرار في الحماقة، فأكمل بذلك عليهم الحجة.
وبعد عملية التاسع من رمضان، كثفت العمليات الهجومية للقوة الصاروخية وسلاح الجو المسير التي استهدفت مطارات ابها ونجران وجيزان وخميس مشيط بشكل غير مسبوق، لعل وعسى أن يعلم النظام السعودي علم اليقين أن اليمن بات اليوم يمتلك مخزون استراتيجي من الأسلحة وأنه أصبح قادراً على استهدافه بها كل يوم وبشكل مستمر في مسعى أن يفهم ذلك، ولكنه للأسف ظل متعنت، إلى أن تم استهداف حقل الشيبة بعملية سميت بعملية “توازن الردع الأولى” لعلهم يفقهون ولكنهم للأسف جعلوا أصابعهم في آذانهم، واستغشوا ثيابهم واصروا واستكبروا استكبارا!.
وجاءت العملية الثانية من عمليات توازن الردع كإنذار أخير وكرسالة تقول لقوى العدوان وخصوصاً النظام السعودي أن هذه العملية هي التدشين الفعلي لمرحلة تجفيف موارد العدوان وقطع الضرع الحلوب، حيث أن الحقول النفطية ومنشآتها هي أولوية لأهداف هذه المرحلة.
وفي تأكيد على استمرار مرحلة التصعيد العسكري الجديدة التي تم تدشينها قبل أقل من شهر بعملية “توازن الردع الأولى” التي استهدفت حقل “الشيبة” النفطي، أطلقت القوات المسلحة على العملية اسم “عملية توازن الردع الثانية”، لتحمل هذه العملية على غرار سابقتها، رسالة شديدة اللهجة للنظام السعودي، لاسيما وأن حقل “الشيبة” النفطي ينتج مليون برميل يومياً، كما أن مصفاة “بقيق” النفطية يتم فيها معالجة 70% إنتاج أرامكو، والذي يمثل 6% من إجمالي الاستهلاك اليومي العالمي للطاقة النفطية، وتضم أكبر معمل لتركيز الزيت ينتج يوميا أكثر من 7 ملايين برميل يوميا، بالإضافة الى أن مصفاة “خريص” تنتج تقريباً مليون ومائتي برميل من الزيت يومياً، والتي تقع إلى جوار حقل الغوار النفطي المعروف كأكبر حقل في العالم، الأمر الذي يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أو المراوغة، أن عمليات “توازن الردع” لم تعد تقتصر على إضعاف الاقتصاد السعودي، وإنما تدميره تماماً، بعمليات نوعية ومدروسة وناجحة، تصل إلى حد يجعل فيه استمرار النظام السعودي في حماقاته بعدوانه على اليمن أمراً انتحارياً يهدد وجوده تماماً.
وبحسب الأرقام السابقة، فإنه من الواضح أن العملية الثانية هي الأكبر عمليًا، لاسيما وأنها تشل قدرة السعودية على إنتاج 8 ملايين برميل يوميا، بحسب ما ذكّرت صحيفة “نيويورك تايمز”، وستكون العملية الثالثة “بتأييد الله” أكثر تأثيرًا، وهذا ما يشير إلى تصاعد أثر هجمات عمليات التصعيد اليمني، ويجعل فحوى الرسائل الاقتصادية لمعادلة “توازن الردع” واضحة وضوح الدخان في كبد سماء السعودية ومن خلفها أمريكا باعتبار أنها هي من تدير العدوان على اليمن من جهة، ويتعرض ضرعها الحلوب لهجمات قد توقفه تماماً من جهة أخرى. ولعل الرسالة قد وصلت إلى السعودية ومن خلفها أمريكا، بصورة واضحة، ومختصرة، ولا تحتاج إلى تحليل، مفادها: “باستمرار العدوان لا أمن لكم ولا استقرار لا اقتصادي ولا غيره “.
التظليل على العملية بغباء شديد:
يمكن القول أن عملية الردع الثانية بلغت من الدقة والمفاجئة إلى حد وجد النظام السعودي نفسه عاجزًا تماماً عن الإنكار أو التضليل، فلم تمر دقائق على عملية الردع الثانية حتى امتلأت المنطقة بالسنة الدخان الكثيف، وتداولت شبكات الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي مشاهد مصورة توثق حرائق ضخمة وواسعة وانفجارات متتالية، ونقلت وسائل الإعلام الدولية تلك المشاهد في تغطية واسعة ومباشرة للهجوم، وهذا شكل فضحية مدوية للنظام السعودي، إذ لم يقتصر التوثيق فقط على الحرائق الواسعة التي حولت ليل مدينة “بقيق” إلى نهار، بل وثقت بعض المشاهد أيضا لحظات وصول بعض الطائرات المسيرة التي ظهر صوت “ازيزها” واضحا قبل أن تصيب هدفها في معامل المصفاة.
وأمام رعب عمليات الردع، لم تستطيع أمريكا والسعودية الانكار ولم تجد أماهما سواء التضليل بحقيقة استهداف الطائرات المسيرة لمنشأت ارامكوا، حيث تعمد الأمريكي ومن وراءه السعودي التظليل على عملية الردع الثانية، في مسعى لحجب العجز الأمريكي عن حماية المنشآت الحيوية السعودية وخصوصا أرامكو، إذ كان من الضروري عدم الاعتراف بأن اليمن مصدر الهجوم على بقيق وخريص، وتقديم معلومات تشير إلى وجود مؤامرة كبرى تحتاج للتحقيق والدراسة، على أساس اعتقاد الأمريكي أن اشغال العالم بالجدل حول مصدر الهجوم قد ينجح في لفت الأنظار عن خطورة الهجوم نفسه، وبالتالي سيخلصهم من الحرج الناتج عن عجزهم عن حماية منشآت النظام السعودي، وكذلك التغطية على عمق ورطة النظام السعودي.
ويظهر الغباء الشديد في الأقاويل التي يروجها الأمريكي والسعودي للتشكيك بمصدر الهجوم القول إنهم يستبعدون امتلاك اليمن لطائرات تصل إلى حقل بقيق، فلماذا تم الاعتراف بأن الطائرات المسيرة اليمنية ضربت حقل الدوادمي بالرياض وحقل الشيبة قرب الإمارات، ودعت السعودية في ذلك الوقت لثلاث قمم؟!، فعلاً أنه الغباء المستفحل، فمن يضرب حقل الشيبة يستطيع ضرب بقيق وخريص وأي حقول نفط أخرى.
ولأن الغباء خصلة لا يمكن حجبها، ونجدها مستفحلة في عقلية بن سلمان ووكالة الأنباء السعودية التي صرحت على لسانه، حين تلقى اتصال من ترامب لمناقشة هجوم بقيق بالقول أن “المملكة قادرة على التعامل مع العدوان الحوثي”، فهو حدد المسؤولين عن الهجوم في وقت كان الإعلام الأمريكي والسعودي يعمل على استبعاد تنفيذ “الحوثيين” للهجوم، ويتهم إيران بالهجوم، ويحدد إيران والعراق والكويت مصدرا للهجوم.
وبالرغم من أن أمريكا هدفت إلى لفت الأنظار تارة، وتوجيه أصابع الاتهام لإيران، إلا أن اليمنيين قد حققوا هدفهم ووجهوا ضربة إستراتيجية قاصمة لعدوهم، غير مبالين تماماً بالتهديدات العلنية، حيث صرح نائب رئيس مجلس الشورى الأستاذ محمد البخيتي بالقول: “الطائرات التي استهدفت مصافي بقيق وخريص طائرات يمنية وانطلقت من الأراضي اليمنية ومن لا يريد أن يصدق فليذهب لمواجهة إيران عسكريا ويرد عليها”.
ترمب للنظام السعودي: ادفع ولن نحميك!: