الكاوبوي والبقرة الخليجية
عين الحقيقة/ علي مخلوف
على بساط سحري طائر يستلقي دونالد ترمب بلباس علاء الدين، الوجهة نحو صحراء الربع الخالي حيث يُدفن فانوسه السحري، قد لا تكون فانوساً بالمعنى الحقيقي بقدر ما هي بقرة تدر ذهباً ونفطاً، وباعتراف ترمب نفسه عندما وصف أنظمة الخليج بذلك الوصف.
راعي البقر بقبعته التكساسية وسوطه سيقيم حفل اصطياد أبقار تبلس دشاديشاً، وتتدلى منها أثداء يتفجر منها النفط والدولارات، فيما يتلمض هو بشهية نحو المشاريع القادمة التي ستدر له أرباحاً خيالية، قد يعجز فانوس علاء الدين بذاته على تلبيتها.
فقد أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال كلمة ألقاها في ولاية فلوريدا عن نية بلاده إقامة ما سماها بالمناطق الآمنة في سورية بتمويل من بلدان الخليج العربية لمنع تدفق اللاجئين على الغرب، بل لقد شدد ترمب على من سيدفع الفاتورة بقوله سنعمل على أن تقوم بلدان الخليج بتغطية الإنفاق.
طبعاً فإن الأنظمة الخليجية كانت قد عرضت خدماتها المالية على فكرة المناطق الآمنة ومناطق حظر الطيران منذ سنوات لكنها اشترطت غطاءً سياسياً دولياً لذلك وبمشاركة قوى كبرى، إذ أن الرياض لا تقوى على تنفيذ تلك الأفكار، فهي إلى الآن تعاني من حربها في اليمن.
ومن الأفكار التي قدمتها السعودية سابقاً المشاركة في عملية تدخل بري واسعة النطاق على أن تكون ضمن قوات متعددة الجنسيات، وعلى رأسها الأميركي.
الآن الفكرة التي لطالما حلم أباطرة النظام السعودي بها بدأت تلقى صدى في البيت الأبيض، فترمب يرى من الضرورة بمكان حصر هؤلاء اللاجئين ضمن محميات في الهواء الطلق درءاً لتوجههم إلى الولايات المتحدة أو الدول الغربية، هذه المناطق ستكون بحماية قوات مشتركة على الأغلب وستشارك من ضمنها السعودية والكويت والبحرين والأردن وتركيا.
أما حول المناطق المرشحة فهي الشمال والجنوب السوريين، في الشمال تحت إشراف تركي وبمشاركة سعودية، وفي الجنوب تحت إشراف أردني ـ إسرائيلي، كما أن تلك المناطق ستتحول إلى غرف عمليات ومناطق إدارة ذاتية تسيطر عليها الميليشيات المحسوبة على الخليج وتركيا وأميركا، مما سيجعل فكرة تحريرها من قبل الجيش العربي السوري مرهونة بصدام إقليمي، كما أن المناطق الآمنة ستجعل سورية مقسمةً بشكل رسمي إلى قسمين، الأول تحت سلطة الحكومة السورية وحلفائها والثاني تحت سيطرة الميليشيات المسلحة والدول الراعية لها، وعلى ذلك الأساس سيستند التفاوض السياسي من أجل الحل لاحقاً، وقد يفسر أن يكون هذا المشروع هو السبب الذي يجعل وتيرة الحلول والتفاهمات تسير ببطء بشأن سورية.
أيضاً فإنه من التوقعات التي يطلقها بعض المراقبون أن تلك المناطق الآمنة أيضاً نقطة انطلاق عمليات عسكرية لاستعادة ما خسرته الجماعات الإرهابية ضد الجيش العربي السوري، وهنا ستعمل موسكو على إظهار قوتها الردعية بعد أن أظهرت ما يكفي من مرونتها الدبلوماسية.
إن تصريحات ترمب حول أن دول الخليج هي من سيدفع الفاتورة ليس بالجديد على تاريخ العلاقات الخليجية ـ الأميركية، إذ لطالما كانت الأنظمة البدوية هي من تدفع فاتورة الحروب الأميركية ضد العرب والمسلمين في أفغانستان والعراق وسورية.
لكن الجديد هو أن ترمب يصرح مباشرة وعلانية وبلغة القوة إن أرادت دول الخليج تحويل حلم المناطق الآمنة إلى حقيقة فما عليها سوى تحرير شيكاتها، هذا التصريح أتى بعد وصف الرئيس الأميركي الجديد لدول الخليج بأنها بقرة يجب حلبها، وأنظمة الخليج وعلى رأسها السعودية بقرة حلوب تحب أن يُداعب ثديها مقابل تحقيق طموحاتها، لم لا فالحرة لا تأكل من ثديها، ولم تكن أنظمة الخليج في يوم من تاريخها حرة.