القول السديد :صحيفة الحقيقة العدد”348″:دروس من خطابات ومحاضرات السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي يحفظه الله
القول السديد
بعض السلبيات التي تحدث في عمليات التشييع، في مراسم التشييع ومراسم الدفن، نأمل تجنبها، ومنها: إطلاق النار هذا يجب تجنبه نهائياً، إطلاق النار يجب تجنبه نهائياً، ولا ينبغي أبداً أثناء مراسم التشييع أو الدفن، هذا أمر خطير وسلبي إلى حد كبير.
الشهداء والمنطلقات الصحيحة.
1- الشهداء عندهم وعي بهذه الحقائق، عندهم وعي أن الوجود البشري ليس للدعة والاسترخاء في هذه الحياة، ونحن في عالم الدنيا وهو غير عالم الجنة، ليس عالماً للدعة والنعيم، هو عالم للمسؤولية، السعادة فيه بقدر ما يتحقق للعدل.
2- المبادئ والقيم العظيمة والسامية التي تُصلِح هذه الحياة لا بد لإقامتها من تضحية؛ لأنها تعارض بشدة من قِبَلِ قوى الشر والطغيان، وتُحَارَب بشدة من قبل قوى الطغيان، وهذا الذي حصل حتى مع الأنبياء أنفسهم، ما سلموا لا من أعداء، ولا من استهداف، ولا… أبداً، {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِّنَ الْمُجْرِمِينَ}[الفرقان من الآية: 31]، نبي، بكل مقامه العظيم، بكماله السامي والعظيم، بقيمه الراقية جدًّا يحارب من الكثير، يستهدف من الكثير، يؤذى من الكثير، الكثير من الأنبياء استشهدوا، في طليعة الشهداء عدد كبير من أنبياء الله -سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى-.
فالشهداء ينطلقون من وعي بواقع هذه الحياة، وحقيقة هذه الحياة، وظروف هذه الحياة، ويرون أن حساب الشهادة حساباً ضمن حسابات الربح، وليس ضمن اعتبارات أو حسابات الخسارة، وأنه أداءٌ وتضحية واعية ورابحة وفائزة، نتيجتها الفوز العظيم، ومردودها الايجابي في الحياة عظيم جدًّا في الدنيا نفسها، الشهداء بصمودهم وتضحياتهم يقدمون لمن خلفهم من أممهم، من أقوامهم، من شعوبهم، يساعدون على تعزيز الأمن والاستقرار والحماية والدفاع، ويدفعون عنهم الكثير من الشر، الكثير من الظلم، الكثير من الاضطهاد، من الاستعباد… الخ.
فيَحِقُّ للشهادة أن تُستوعب كثقافة عظيمة، وكعطاء مقدس وعظيم وسامٍ، له أثاره العظيمة في الحياة ونتائجه المباركة، ويدفع عن الناس الكثير من التضحيات والخسائر العبثية، غير المحسوبة، غير المثمرة؛ لأن الناس لو لم يتحركوا لدفع الظلم عن أنفسهم، لمواجهة الطغيان والشر والاستكبار؛ يمكن أن يداسوا، وأن يستباحوا، وأن يقتلوا بدمٍ بارد، وتكون تضحياتهم غير مثمرة، لا تدفع عنهم شيئاً، لا تسهم في تحقيق نصر، ولا في دفع خطر، ولا في الوقاية من شر، فيتحتم أن يكون هناك توعية، من المهم أن يكون هناك توعية كبيرة بهذا الشأن، واغتباط واعتزاز بالشهداء وبتضحياتهم وبأسرهم.
في ظل عطاء الشهداء.. ما المطلوب منا تجاههم؟
هنا يهمنا بعد كل هذا الشرح والحديث أن نتحدث حول بعض النقاط فيما يتعلق بالشهداء، وأتوجه بهذا الخطاب إلى شعبنا العزيز: من المهم جدًّا ونحن في كل يوم نقدِّم شهداء يومياً، ما يمر بنا يوم في ظل التصدي للعدوان الأمريكي الإسرائيلي الإماراتي السعودي الغاشم على بلدنا وشعبنا نحن كل يوم نقدِّم الشهداء الذين يبذلون حياتهم في سبيل الله، ودفاعاً عن شعبهم، وعن بلدهم، وعن أرضهم، وعن عرضهم، وعن أمتهم، وعن قيمهم، وعن مبادئهم، وعن أخلاقهم، ويهمنا في ظل هذا العطاء العظيم اليومي أن يكون هناك اهتمام بالشهادة كثقافة، وبالشهداء وما ينبغي علينا تجاههم:
أولاً: استذكار مآثرهم وتخليدها، طبعاً الاعتزاز بالشهداء من خلال جملة إجراءات، مثلاً: ما يقوم به الكثير من مراسيم للدفن، وإجراءات فيها التوقير للشهداء والتعظيم والتبجيل، هذا شيء جيد، وللشهداء الحق في أن يميّزوا في ذلك، يضاف إلى ذلك- أيضاً- ما ينبغي علينا حتى على مستوى الكتابات، على مستوى التوثيق الإعلامي، على مستوى النشاط التوعوي… التخليد للمآثر، والاستذكار لها بكل الوسائل المتاحة.
ثانياً: ربط الجيل الناشئ بذكراهم، سواءً فيما يتعلق بأبناء الشهداء، وهذا مهم جدًّا؛ لأن البعض ينشأ، أو استشهد والده وهو في مرحلة الطفولة، عندما يكبر من المهم أن يعرف عن والده، عن تضحية والده، وعن الشهداء بشكل عام، وعن نماذج عظيمة كان لها مواقف استثنائية وبارزة جدًّا، وهذا شيء يجب أن يُلحظ، هذه من الأشياء المهمة فيما يتعلق بهذا المجال.
سلبيات أثناء التشييع ينبغي تجنبها.
هناك أيضاً بعض السلبيات التي تحدث في عمليات التشييع، في مراسم التشييع ومراسم الدفن، نأمل تجنبها، ومنها: إطلاق النار هذا يجب تجنبه نهائياً، إطلاق النار يجب تجنبه نهائياً، ولا ينبغي أبداً أثناء مراسم التشييع أو الدفن، هذا أمر خطير وسلبي إلى حد كبير، هناك أيضاً بعض الأشياء التي تحصل وليست مطلوبة، مثلاً: الزغاريد أثناء مراسيم التشييع أو الدفن من بعض أمهات الشهداء، طبعاً يقدر بكل إعزاز، وبكل تقديس، وبكل تبجيل، لأسر الشهداء وأمهات الشهداء وأرامل الشهداء ما هم عليه من تماسك، من معنويات عالية جدًّا، من اعتزاز بعطائهم، من افتخار بتضحياتهم، هذه المعنويات العالية، هذا الابتهاج بهذا العطاء، وهذا الاعتزاز بهذه التضحيات، هذا أمر عظيم، ويُقَدَّر، ويشكرون عليه، وهم فخرٌ لنا أسر الشهداء فيما هم عليه من معنويات وشجاعة وثبات وتماسك واعتزاز بالتضحية، ولكن ليس من الضرورة أن يكون هناك مثلاً: زغاريد، أو إظهار للزينة، هذه خطوة ليست ضرورية؛ لأنه يمكن أن يكون هناك يعني تأكيد على الجانب المعنوي، وهذا يحصل، كثير من أمهات الشهداء، من أرامل الشهداء، من أقاربهم، من آبائهم، من إخوتهم يتحدثون بعبارات عظيمة تؤكد الصمود، وتعبِّر عن المعنويات العالية، وتؤكد على القناعة بهذا الموقف، وعلى الاعتزاز بهذه التضحية، وعلى الاستمرار في هذا الطريق، هذا يحصل، ونشاهد الكثير من المقابلات مع: آباء، إخوة، أقارب، كذلك أمهات، أخوات، أرامل… هذا يحصل، ويطلقون فيها مواقف عظيمة جدًّا ومؤثرة؛ لأنها من واقع، لأنها في حالة مصداقية مؤكدة وواضحة لا لَبْسَ فيها، تترك أثراً كبيراً، وتدل على ثبات عظيم، يكفي مثل هذه الكلمات العظيمة المعبرة، المواقف العظيمة، لكن مسألة الزغاريد لا حاجة إليها، مسألة الزينة وإظهار الزينة لدى البعض مثلاً لا حاجة لها في ذلك المقام (في مقام الشهادة)؛ لأنه هو مقام اعتزاز فعلاً، وفي الوقت نفسه نحن نحزن لفقدانهم، نعتز بعطائهم وبالتضحية من جانبهم وبهم، ولكن في الوقت نفسه نحن نحزن، مشاعرنا الإنسانية طبيعية جدًّا في الحزن عليهم مع الصبر، هذا شيء مؤكد، مع التجلد، مع التماسك، مع الاعتزاز، هذا شيء يُلحظ.
من الأشياء التي نلاحظها في التلفزيون في مشاهد التشييع للشهداء: أن البعض أثناء حمل الشهيد، وهم يتجهون به لدفن الجثمان، يسرعون بشكل زائد، يعني: عجالين، يسرعون في المشي، وهذا لا ضرورة له، ولا ينبغي شرعاً، يعني: يفترض أن تكون المشية مشية وقار، لا مسارعة بزيادة: مسرعين (سبق)، ولا متأنيين زيادة، يعني: بثقالة جدًّا، نحن اليمنيين طبيعتنا عجّالون في كل أمورنا يعني، ولكن مشية وقار ومشية طبيعية: لا سرعة زائدة جدًّا، ولا ثقالة زائدة، هذا مما نأمل أن يُلحظ.
فيما يتعلق بموضوع أسر الشهداء، ونحن نعتز بتضحياتهم، والبعض من الأسر قدَّمت تضحيات كبيرة ومتميزة، يعني مثلاً: البعض من أسر الشهداء قدَّمت كل رجالها، لم يبقَ إلا الأطفال والنساء، هؤلاء لهم فضل عظيم في التضحية، وهم القدوة، وهم الأصل في مستوى العطاء والتضحية، ونحن نؤكد دائماً على الإخوة في الجانب العسكري وفي وزارة الدفاع أن يمنع وحيد الأسر من المشاركة في الجبهات، يعني: من لم يبقَ لأسرته إلا هو هناك آخرون يعني يمكن يذهبوا هم إلى الجبهات، لكن من لم يبقَ لأسرته إلا هو، من المهم أن يعود إلى أسرته ليتواجد بين أسرته، للقيام بأسرته، يعني: لا نفترض من الأسر أن تقدم كل أبنائها، حتى لا يبقى إلا الأطفال والنساء. |لا|، هذه تضحية كبيرة جدًّا وعظيمة، لكن نحن شعب تعداده بالملايين، وهناك الكثير من الرجال والشباب، والله المستعان! يعني: لا ينبغي أن يكون الثقل في التضحيات والعطاء منحصراً على البعض، ويبقى البعض بدون أن ينالوا هذا الشرف.
المواضيع من كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله في الذكرى السنوية للشهيد 1439هـ/ 19 / مارس, 2019م.