القول السديد :صحيفة الحقيقة العدد”337″:دروس من خطابات ومحاضرات السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي يحفظه الله
القول السديد
هدفنا من إحياء هذه المناسبة العزيزة أن تكون منطلقاً لإحياء الرسالة المحمدية وإحياء شخصية الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله في وجدان الأمة وفي مشاعرها، وحتى يكون للرسول حضور في واقع الأمة بهديه ونوره وأخلاقه وروحيته العالية، حضورٌ في القلوب، وحضورٌ في النفوس، عزماً وإرادة، حضوره كقدوة وقائدٍ وأسوة
الهدف من إحياء مناسبة المولد النبوي الشريف
إن هدفنا من إحياء هذه المناسبة العزيزة أن تكون منطلقاً لإحياء الرسالة المحمدية وإحياء شخصية الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله في وجدان الأمة وفي مشاعرها، وحتى يكون للرسول حضور في واقع الأمة بهديه ونوره وأخلاقه وروحيته العالية، حضورٌ في القلوب، وحضورٌ في النفوس، عزماً وإرادة، حضوره كقدوة وقائدٍ وأسوة، نتأثر به في سلوكنا وأعمالنا ومواقفنا وقراراتنا، نتأثر به ونهتدي به، وبالهدى الذي أتى به من عند الله في واقع حياتنا.
في مرحلة عاصفة لأمتنا يسعى أعداؤها الألداء أن يفصموها وأن يبعدوها عن منابع عزها ومجدها، وأن يكون انتماءها إلى الإسلام ونبيه وقرآنه شكلاً لا مضمون له، وزيفاً لا حقيقة له، وأن يكونوا هم من يتحكمون بالأمة في واقعها السياسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي، وبطغيانهم وبفسادهم وبإجرامهم وبحقدهم وعداوتهم يؤثرون في واقع الأمة ليس فيما يصلحها، وليس بما هو خير لها، بل يؤثرون في واقع الأمة بما يزيدها فرقة وشتاتاً، وذلةً وهواناً، وجهلاً وتخلفاً، وانحطاطاً ودناءة، وضعفاً وعجزاً، وشقاءً وعناءً، ويستمرون في نهب ثرواتها وسرقة خيراتها، والاستفادة من جغرافيتها، فهم أعداء لا يهمهم مصلحة هذه الأمة.
إننا في هذه المناسبة الرسالية العزيزة ننادي في أمتنا مذكرين لها بأصالتها فهي أمة الرسالة، أمة القرآن، أمة محمد، أمة الأنبياء، الأمة التي آمنت بجميع أنبياء الله، الأمة التي ورثت وحي الله، كتابه الكريم، وأراد الله لها أن تكون خير الأمم، أمة المبادئ والقيم ومكارم الأخلاق، الأمة التي حمَّلها الله مسؤولية عظيمة عالمية أخرجت للناس؛ لتجسد وتطبق تعاليم الإسلام، ومبادئ وأخلاق دينه الكريم، وتتحرك بهذا الإرث العظيم لنشره في العالمين، بقيمه العظيمة، ومبادئه الكبرى، وبالحق وبالعدل وبالخير وبالعزة وبالكرامة وبمكارم الأخلاق.
وبعون الله وبنصره وبتأييده حينما تنهض الأمة بمسؤوليتها ستتمكن من مواجهة قوى الطغيان، والظلم، والفساد، والإجرام، والمنكر، قال الله تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ}(آل عمران:110)، إنه ومهما تقادمت السنون، وتعاقبت الأجيال، ونأت بنا الأيام عن نبينا الكريم، فإن الولاء والإتباع والاقتداء والتمسك يختصر لنا مسافة الزمن، ويوصلنا إلى أحضان الرسالة، حتى لا يغيب من رسول الله إلا شخصه، تبقى أخلاقه، ويبقى الإرث العظيم من دينه ومبادئه تحملها أمته.
البدايات الأولى وصول صدى الرسالة الإسلامية لكل أنحاء الجزيرة العربية
لم يؤمن منهم إلا القليل، الأكثر لم يؤمنوا حتى فيما بعدُ، لم يدخل الإيمان إلى قلوبهم، النبي صلوات الله عليه وعلى آله بالرغم من طيلة المُدة التي قضاها في مكة ثلاثة عشر عاماً كما في بعض الأخبار والروايات لم يؤمن إلا دون الألف مع جهد كبير جداً بذله هناك، ولكنه لم يفشل فقد حقق نتائج مهمة جداً في مكة، أول نتيجة وهي نتيجة مهمة للغاية أنه أوصل صوته وأوصل صدى هذا الدين الجديد هذا الإسْـلَام المستجد في تلك البيئة وإلا فالإسْـلَام هو رسالة الله ودينه لأنبيائه جميعاً، أوصل صدى وصوت هذا الدين إلى كُلّ أنحاء الجزيرة إلى التي كانت تتوافدُ منها الوفود بالحج إلى بيت الله الحرام؛ لأن الحج كان باقياً منذ نبي الله إبراهيم في الوسَط العربي، كان العرب لا يزال يحجون حتى في عصر الجاهلية.
ازديادُ البناء الإسلامي قوةً واتساعاً رغم العوائق وكل أشكال الصّد
الوفود القادمة إلى مكة للحج وللتجارة كانت تسمع بهذا الدين تعرفُ مبادئه يلتقي بها النبي صلوات الله عليه وعلى آله يعرفُها بالإسْـلَام يدعوها إلى الله إلى دينه المجيد، هذا كان له أهمية كبيرة فيما بعد؛ لأن وصول هذا الصوت إلى الآخرين مهم جداً يهيئهم فيما بعد للاستجابة عن معرفة، الكثير قد تحول بينهم وبين الاستجابة عوائق معينة لكنهم حينما يكونون قد عرفوا وتزول تلك العوائق يكونون جاهزين للدخول في الإسْـلَام، وهذا ما حدث فيما بعد عندما دخلوا في دين الله أفواجاً بعد زوال بعض العوائق التي تؤثّر على البعض على كُلّ حال، قريش بأكثرها إلا القليل واجهت الرسول ورسالته بالتكذيب والصد والافتراء والاستهداف على كُلّ المستويات والدعايات المتنوعة وكل أشكال الصد والتكذيب وقالوا عنه إنه كذاب وقالوا إنه ساحر، قالوا إنه افترى على الله، قالوا عنه إنه مجنون، كثير من الدعايات والاتهامات التي استهدفوا بها شخصية النبي صلوات الله عليه وعلى آله وهم يعرفونه، هم كانوا يسمونه بالصادق الأمين، إضافة إلى ذلك هم واجهوا كثيراً من مبادئ الرسالة ومن ضمنها مبدأ المعاد، مبدأ التوحيد، جملة من المبادئ المهمة والأَسَــاسية في الرسالة واجهوها أَيْـضاً بالتكذيب وبالجدل وبالخصام إلى غير ذلك، ولكن مع كُلّ ذلك كانوا يلحظون هم أن بنيان هذا الدين يزداد صلابة وقوة واتساعاً، فزاد قلقهم.
ما تحقّق للنبي صلى الله عليه وآله وسلم في المرحلة المكّية
انتقلوا ( كفار قريش) في مؤامراتهم إلى محطة أخرى سيما بعد رحيل من كان لهم دور أَسَــاسي في حماية النبي صلوات الله عليه وعلى آله، أمثال أبي طالب، اتجهوا إلى التآمر المباشر على شخصية النبي صلوات الله عليه وعلى آله، في مرحلة كان الله سُـبْحَـانَـه وَتَعَالَى قد هيّأ فيها لهذا النبي مرحلة جديدة في تَـأريخ الإسْـلَام ومرحلة مهمة بعد اكتمال أَوْ إشراف المرحلة الأولى على الاكتمال، المرحلة التي تسمى بالمرحلة المكية كان فيها ثلاثة أشياء مهمة جداً قد تحققت، المسألة الأولى هي :
1- أن مكة كمركز مهم للتوافد إليه من شتى أنحاء الجزيرة قد قدمت خدمة كبيرة، فذاع فيها صيت الإسْـلَام ووصل فيها صوت الرسول أصبح معروفاً بالشكل المهم والمطلوب واللازم، في الجزيرة العربية بشكل عام،
2- إضافة إلى بناء اللبنة الأولى من الجماعة المسلمة التي سيكون لها دور أَسَــاس، من المهاجرين الذين هاجروا مع النبي صلوات الله عليه وعلى آله إلى المدينة،
3- إضافة إلى ذلك تهيئت بيئة جديدة قابلة وحاضنة للإسْـلَام هم الأنصار الأوس والخزرج، الذين من خلال توافدهم إلى مكة للحج عرفوا بالرسالة وسمعوا من النبي صلوات الله عليه وعلى آله، وبينهم روابط عشائرية مع النبي صلوات الله عليه وعلى آله وهم أخوال والده. وبالتالي كانت البيئة الجديدة التي قد عمل عليها النبي صلوات الله عليه وعلى آله على تهيئتها وأرسل إليها بعض المهاجرين ليهيئوها أكثر وينشروا الإسْـلَام فيها ويعملوا على تهيئتها بشكل ملائم لاستقبال الرسول واستقبال هذا الدين ونصرته، الأنصار هؤلاء الأوس والخزرج القبيلتان اليمانيتان نالوا هم الشرَف العظيم الذي خسره مجتمع قريش بأكثره، مجتمع قريش بأكثره الذي واجه الرسالة والرسول بالخصام الألد بالنكران والتكذيب بالكفر والعناد بالبغضاء والأحقاد.