القرار الأمريكي .. التحدي والاستجابة
بكل صلف وعنجهية اتخذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرارا باعتراف واشنطن بالقدس عاصمة لاسرائيل، ونقل سفارة الولايات المتحدة اليها.. انها نقطة سوداء في التاريخ العربي والاسلامي، وهذا القرار يشكل تحديا للأمتين العربية والاسلامية، واستكمالا للحروب الصليبية، لذلك، المطلوب عربيا واسلاميا الاستجابة لهذا التحدي!!
ماذا يعني هذا القرار؟
القرار الامريكي ليس مفاجئا للفلسطينيين، فالولايات المتحدة لم تكن يوما بعيدة عن الموقف الاسرائيلي، أو محايدة اتجاه الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، ولم تتوقف عن دعمها لاسرائيل وتمويل ميزانيات حروبها، وضرب وحدة الساحة العربية لصالح المخططات الاسرائيلية.
الرئيس الأمريكي، اتخذ قراره بعد تأجيل منة جانب رؤساء امريكا استمر أكثر من عشرين عاما، تنفيذا لوعد قطعه على نفسه لـ (الانجيليين)، وجماعة الضغط اليمينية الموالية لاسرائيل، بعد تمهيد قام به في المنطقة العربية، كان مكشوفا وواضحا في القمة التي ترأسها في الرياض، ودعا اليها للملك الوهابي السعودي وعاد من هناك محملا بمئات المليارات من الدولارات. ومن هنا، نفهم أكثر الاهداف الحقيقية للتدمير الممنهج الذي تعرضت له ساحات عربية، كسوريا والعراق واليمين، والتصعيد الارهابي في مصر، فالهدف الرئيس من وراء هذا التدمير الذي حمل كذبا وخداعا اسم (الربيع العربي)، هو تصفية القضية الفلسطينية ولأن هذه المؤامرة افتضحت وكشفت، وسقطت على أرض القاهرة ودمشق وصنعاء وبغداد، وتمزق برنامج ما يسمى بالاسلام السياسي.. هذا السقوط المريع بدد آمال واشنطن وتل أبيب، وعواصم الردة التي مولت الارهاب وما تزال، فجاء قرار دونالد ترامب وفي هذا التوقيت عشية الهزيمة الماحقة التي ستلحق بواشنطن وحلفائها وأدواتها، عندما تعلن الانتصارات في سوريا واليمن والعراق ويجتث الارهاب من سيناء بمصر، وبلا شك، هذا القرار الأمريكي، يجيء في وقت يشتد فيه الخناق على عنق ترامب، في الساحة الداخلية، واتهامه بالكذب، وأيضا الوضع السيء الذي يعيشه بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي بفعل قضايا الفساد والتي لاحقه وتهدد مستقبله السياسي، وفي هذه النقطة، تلاقى الاثنان حول قرار يتخذ يمكنهما من استثماره داخليا!!
وقرار ترامب، يفتح الباب واسعا امام تصعيد تحركات العدائية في المنطقة، بمعنى أن استباحةالرئيس الأمريكي للقدس، سيدفعه الى استباحة عواصم عربية أخرى، وهذا ما يجب أن تدركه الانظمة المستمرة في (تحزمها) بواشنطن فالقرار الفاجر الذي أعلنه دونالد ترامب والمخالف لقرارات الشرعية الدولية، له تداعياته الخطيرة، ولن يكون هناك طرف أو وجهة بمنأى عن هذه التداعيات.
وبعد أن اتخذ ترامب قراره المشؤوم، فانه يمكن القول أن أفق العملية السلمية قد أغلق، وأن لا رعاية لأمريكا لهذه العملية فالولايات المتحدة طرف معاد متحالفة عضويا مع اسرائيل.
ان القرار الامريكي الذي اتخذه دونالد ترامب يسقط مدينة القدس من قضايا الصراع، وكل الدلائل تشير الى أنه مهد لذلك مع دول عربية، في مقدمتها المملكة الوهابية السعودية وليس صدفة أو زلة لسان عندما اقترح محمد بن سلمان بلدة أبو ديس عاصمة للفلسطينيين بدلا من مدينة القدس، ورافق هذا التمهيد الامريكي تصعيدا اسرائيليا ضد الفلسطينيين من حصار واستيطان وتهويد، مع (هرولة) خليجية لتطبيع العلاقات مع اسرائيل، وجاء فشل أمريكا واسرائيل والسعودية في اليمن وليبنان وسوريا وغيرها من الساحات ليعجل من اتخاذ الرئيس الامريكي لقراره الذين لن يغير من الواقع شيئا فالقدس، هي عاصمة للدولة الفلسطينية ولن يعطي شرعية للاحتلال، رغم كل ما يتخذه من اجراءات واعتداءات، حيث منحه هذا القرار الأمريكي أضواء خضراء جديدة لمواصلة المزيد من عدوانيته.
ويتضح بجلاء أن القرار الامريكي حول القدس ستعقبة تحركات ارهابية في ساحات عربية تدعمها الولايات المتحدة، لتعزيز قرارها، والتقليل من تداعياته، وحماية في الوقت ذاته لأدواته في المنطقة، التي تخشى ردود فعل شعبية قد تدفه بها الى السقوط، كقصف العاصمة السورية، واشعال الساحة اللبنانية، وتصعيد التهديدات ضد القيادتين الفلسطينية والاردنية، وتكثيف العمليات الارهابية في مصر وحصاد هذه الجهات اقتصاديا.
هذه الضربة الموجهة التي وجهها الرئيس الأمريكي للعالمين العربي والاسلامي، ستحدث زلزالا بدرجة قوية في ساحتيهما، ولا تكهن بنتائجه وارتداداته، فالقدس ستشعل العواصم!!
فلننتظر ونرى!!