يقول السيد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه): ((تجد من عظمة القرآن الكريم والقضية العجيبة فيه ـ رغم أنه مجلد واحد، كتاب واحد ـ يغطي الحياة كتاب هو للسموات والأرض، وللدنيا والآخرة، والصفحة الواحدة فيه كم تجد فيها من علوم، ولهذا الإمام علي يتحدث عن انبهاره هو بالقرآن فيذكر بأنه [بحر لا يدرك قعره وعيون لا ينضبها الماتحون ولا يشبع منه العلماء ولا يخلَق على كثرة الترداد ])). ونحن في شهر القرآن الكريم لجدير بنا أن نلتفت إلى كتاب الله وأن نعطيه من الاهتمام والتقديس ما يستحقه وأن نؤسس لعلاقة مستمرة بالقرآن الكريم علاقة من يتفهم ويستبصر ويهتدي فنحن في مرحلة كما يقول السيد حسين (رضوان الله عليه) ((لا يمكن أن ينجينا من الإهانة، من الذل، من القهر، من الضعة التي قد نتعرض لها أكثر مما قد حصل إلا العودة إلى القرآن الكريم))
العودة إلى القرآن الكريم وفهم الأحداث يشكل حصانة في مواجهة العدو
نحن أمام عدو لم يدخر أي وسيلة ليقهرنا بها ولديه الكثير من وسائل التضليل والقوة العسكرية ولكنه يظل في موقف العاجز ما دام ارتباطنا بالله قوياً وبالقرآن مستمراً، ولأن التضليل يقدم لنا بصورة الناصح ويحاصرنا من كل جهة وبالتالي ليس أمامنا من وسيلة فعّالة وكفيلة بأن تجعل جهود العدو تتبخر سوى القرآن الكريم يقول الشهيد القائد (رضوان الله عليه) “المؤمن إذا لم يربِّ نفسه من خلال تلاوة القرآن الكريم على تأمل كتاب الله، وتدبر الأحداث في الدنيا فسينطلي عليه الباطل”
ويقول أيضاً ” إذا لم نرجع إلى القرآن ولم نتأمل الآيات في الآفاق وفي أنفسنا من خلال التغيرات التي تطرأ على يد الإنسان في هذه الآفاق فإن معنى ذلك أنهم سيضربوننا وسيقهروننا”
ويضيف ((القرآن الكريم ركز على : أن الإنسان يجب أن يكون حذراً جداً من الضلال، والوقوع في الضلال، وتكون كلمة باطل: تزعجه))
كما أن المرحلة التي نعيشها تتطلب عودة صادقة إلى القرآن الكريم يقول السيد حسين (رضوان الله عليه) ((نحن في مرحلة يجب أن نتمسك بالقرآن وليعمل ما يريد الآخرون أن يعملوا لن يضرونا ما دمنا متمسكين بالقرآن، ولن ينقصوا علينا شيئاً يعتبر خسارة علينا في ثقافتنا أو إيماننا على الإطلاق)).
القرآن الكريم أقوى سلاح في ميادين الجهاد
إن الجندي لا ينزل إلى ميدان المعركة بدون سلاح ولكن لا يكفي سلاح الحديد والمعركة تتطلب مواقف قوية فلا مكان للضعف فيها، ولا مكان للهزيمة، ولا مكان للتراجع وبالتالي يحتاج الجندي المجاهد في سبيل الله أن يكون وثيق الارتباط بالله وبالقرآن الكريم الذي يعتبر أقوى سلاح في ميدان الجهاد فمنطقه كما يوضِّح السيد حسين (رضوان الله عليه): “منطق القرآن كله عمل، وجهاد ووحدة، وأخوة، وصدق ووفاء” مؤكداً أن ” القرآن الكريم ليس فقط يوجهك أو ينذرك بأن هناك خطورة بل يضع برنامجاً كاملاً يشرح لك الخطورة في هذا الشيء، منبع الخطورة فيه، ثم يؤهلك كيف تكون بمستوى مواجهته، ثم يقول لك كيف ستكون الغاية أو النتيجة السيئة للطرف الآخر في واقعه عندما تواجهه، ثم يقول لك أن الله سيكون معك، بل إن الحياة والأمور كلها ستتغير بالشكل الذي يكون بشكل تجنيد لما هو جند لله سبحانه وتعالى في السموات والأرض في الاتجاه الذي تسير إليه إلى جانبك في مواجهة ذلك الخطر، الخطر على البشرية، والخطر على الدين.”
القرآن الكريم كله قوة
لكم يفرح المجاهد في سبيل الله وهو يرى نفسه في موقف القوة ويرى الأعمال القوية التي ترعب أعداء الله ويرى الأسلحة الفتاكة التي يكون لها أثر كبير بأيدي جنود الله، ويرى رجال مؤمنين تظهر في ملامحهم القوة والعزة والتي هي من القرآن الكريم فالقرآن كما يقول السيد حسين (رضوان الله عليه): ” القرآن الكريم كله قوة، وعزة، وشرف، ورؤى وحلول صحيحة تجعل كل من يسيرون على نهجه بمستوى أن يضربوا أعداء الله كيفما كانوا وكيفما كانت قوتهم”
وبالتالي فكل الضعف والخوف والتردد الذي يظهر لدى البعض إنما سببه ابتعادهم عن القرآن لأن: ” الذي يحمل القرآن وهو ضعيف في مواقفه من أعداء الله، وضعيف في رؤيته للحل الذي يهدي إليه القرآن هو بمعزل عن القرآن الكريم، وبعيد عنه وهو يسيء إلى القرآن”.
ولهذا ” يجب أن نرجع إلى القرآن الكريم فنستفيد منه كيف نكون حكماء في رؤيتنا، وتقييمنا لأنفسنا، وفي تقييمنا للآخرين من حولنا، وفي معرفتنا لما يدبره أعداؤنا، وفي معرفتنا للحل في مواجهة أعدائنا”
القران يمنح الإنسان ثوابت ورؤية تمنحه المبادرة في المواقف
{هُدىً لِلنَّاسِ} هل معناه يُعلّم الإنسان كيف يكون [طيِّب] وأشياء من هذه، يصلى ويصوم [وما له حاجة من شيء]!! فنقدم القرآن وكأنه لا يمتلك أي رؤية، ولا يعطي أي حل، ولا يهدي لأي سبيل فيما يتعلق بالمشاكل الكبيرة، فيما يتعلق بالمخاطر العظيمة، هو {هُدىً لِلنَّاسِ} في كل مجال، في كل شأن، فتكون نظرتنا للقرآن الكريم نظرة صحيحة، أنه كتاب حي، كتاب يتحرك بحركة الحياة.
بل تستطيع فعلاً – لأنه أوسع من الحياة – تستطيع إذا ما أُعْطِيت فهمه، إذا ما كنت تعيش معه وفق نظرة صحيحة – أن يُقيّم لك الأحداث فتكون أدق من أي محلل سياسي آخر، أدق من أي صحفي آخر، أدق من أي مهندس لسياسة أمريكا وفي غيرها في تقديرك للأحداث.
ولأنه يمنح الإنسان ثوابت، تعتبر مقاييس ثابتة، يربيه على أن تكون لديه رؤية تمنحه المبادرة في المواقف، فهو لا يجعلك بالشكل الذي تنتظر ماذا سيعمل بك العدو لتفكر بعد ماذا تصنع، هو من يربيك على أن تعرف كيف تضرب العدو من البداية، وهو من قد قدم لك من البداية الشرح الطويل والإيجاز لتعرف كيف يكون عدوك، وكيف واقعه، مثل آية: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ} أليس هذا تقرير إلهي عن الأعداء؟.
الآيات الكونية آيات كثيرة جداً فهي مدرسة، واسعة، لكن مفتاحها من خلال القرآن، فالقرآن يعلم الانسان كيف يهتدي بها، والقرآن سيشرح له كيف كان مصير أهلها، ولماذا صاروا إلى هذه العاقبة السيئة.
الله يقول في القرآن الكريم: ﴿تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ﴾ لا تعتقد أن لديك كل شيء، وبين يديك المجالات كلها، وأن القرآن لم يتناول إلا سبعين في المائة منها مثلاً.، يجب أن تفهم أن القرآن الكريم ما يزال تبياناً لمجالات كثيرة جداً، لأشياء غير معروفة لديك، وما بين يديك لا يتناولها.
القرآن يكشف لك واقع عدوك
يقول السيد حسين (رضوان الله عليه) ((لا يستطيع أي شخص مهما كان أن يعطي تقريراً عن عدوه بأنه سيكون هكذا، لا تستطيع أمريكا أن تعطي تقريراً عن العراق الآن بأنها إذا ما توجهت لضرب العراق فإنه لن يضرها إلا أذى وإن يقاتلها سيوليها الأدبار ثم لا يُنصر.. هل تستطيع أمريكا بمخابراتها بأقمارها بأجهزتها الدقيقة؟ لا تستطيع إطلاقاً. لكن الله لأنه عالم الغيب والشهادة هو من استطاع أن يكشف لأوليائه كيف ستكون نفسية أعدائه.
وبشكل عجيب يتجلى ما تجلى في الأيام هذه عندما قال الله عن اليهود بأنهم {لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى} (الحشر: من الآية14) تجلت هذه في إسرائيل أمام مقاومة الفلسطينيين، مقاومة بسيطة لا تمتلك شيئاً يذكر بما تمتلكه إسرائيل، نجد الآية هذه يظهر مصداقها واضحاً فتبني إسرائيل الأسوار، وتشاهدوا أنتم عندما تعرض في التلفزيون الأسوار جُدُر جُدُر، ونفس المستوطنات قرى محصنة، المستوطنات التي تقام لليهود هي قرى محصنة.
كما نشاهد اليوم في بلدنا فكل ذلك الصمود وذلك الاستبسال وتلك المواقف والتضحيات التي قدمها المجاهدون في سبيل الله في مواجهة عدوان كوني إجرامي تقوده دول الاستكبار وأدواتها في المنطقة بكل إمكانياتهم ولست سنوات يقصفون ويزحفون دون أن يحققوا أي إنجاز يذكر.
ويستطرد السيد حسين (رضوان الله عليه) قائلاً: (( ولهذا هو عندما يقول في القرآن الكريم بأنه {قَوِيٌّ عَزِيزٌ} هو يقول للناس بأنه بالمستوى الذي ينبغي أن يتولوه، فهو قوي هو عزيز، وهو غالب على أمره، وهو قاهر فوق عباده، وهو يعلم السر والنجوى، ويعلم الغيب والشهادة، يستطيع أن يكشف لك واقع عدوك، يستطيع أن يملأ قلبَ عدوك رعباً، فتكون إمكانياتك البسيطة هي من ترعبه، ويرى أن ما لديه من إمكانيات، ما لديه من قوى لا يحقق له الأمن)).
القرآن الكريم يصنع فيك روحاً عالية
إننا عندما نقرأ قصص الأنبياء الكرام (عليهم السلام) في القرآن الكريم نجد كيف كانت مواقفهم قوية واستطاعوا تغيير وجه التاريخ وبنوا حضارات وحتى في تاريخنا الإسلامي نجد كيف استطاع رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) وأصحابه المخلصين أن يبنوا حضارة عظيمة وأن يغيروا ما كان سائداً ومتجذراً في المجتمع العربي وكان تغييره بنظرنا اليوم من المستحيلات ولكن كل ذلك كان بفعل المعنويات العالية التي صنعها القرآن الكريم في نفوس المؤمنين باعتباره كتاب عمل وتربية يقول الشهيد القائد (رضوان الله عليه) ((الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم، باعتباره كتاب حياة، كتاب تربية، كتاب عمل، شهد على أن هذا الكتاب يستطيع أن يخلق روحاً عالية من خلال ما نشاهده من نظرة أولئك العظماء، مثل الأنبياء (صلوات الله عليهم)، كالنبي (صلوات الله عليه وعلى آله) وكالإمام علي (عليه السلام)، وكالحسن، وكالحسين، وأمثالهم من العظماء)). ويضيف قائلاً ((هل كان لدى الرسول كتاب آخر؟ أو الإمام علي وكذلك الجيل الذين انطلقوا فغيروا مجرى الحياة، ومجرى التاريخ، وأصبحنا نعيش نعمة وآثار ما بذلوه، من جهود عظيمة في سبيل هذا الدين، هم عظماء، وكانوا يرون أنفسهم أن كل ما هم عليه إنما هو من خلال الاهتداء بالقرآن الكريم، وأن تلك الروح العالية التي يحملونها إنما هي تجسيد لروح القرآن الكريم)).
القرآن الكريم يعلمك طريق العزة والرفعة
((وعندما يتأمل الإنسان القرآن الكريم بشكل حقيقي يرى أن هذه ليست حقيقة: أنك تكون في الدنيا تعيش حالة خزي، وذلة، وتنتظر في الآخرة رفعة، وعلواً، ونعيماً مقيماً. ثم هل ما يصيب المؤمنين وهم في حال المواجهة، هل هو يعد من الخزي، والذلة؟ لا يعد أبداً؛ لأنك عندما تنطلق في ميدان المواجهة في سبيل الله، وضد أعداء الله، تعيش حالة من الارتياح فيما أنت عليه، وما يصيبك من عناء، ما يصيبك من تعب ليس معدوداً في قائمة الذلة، وليس معدوداً في قائمة الخزي في القرآن الكريم أبداً، معدودة كلها أعمال صالحة، تعد كلها أعمال صالحة، ويكون من هو منطلق في هذا الميدان في سبيل الله، ومن أجل الله يعدها كلها أعمال صالحة، لا يشعر أنها خزي، ولا يشعر أنها ذلة)). [خطورة المرحلة]
((فيجب أن تكون نظرتنا إلى القرآن صحيحة، عندما ننظر للقرآن، عندما تتعلم القرآن تعلمه وأنت تَعُد نفسك واحداً من جنود الله، وإلا فستكون من تلك النوعية التي تتقافز على الآيات {كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ} (الصف: من الآية14) كونوا أنتم (أنا مالي دخل)، {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ} (آل عمران: من الآية104) أنتم كونوا أمة (أنا مالي دخل). وهكذا تتقافز على الآيات فتكون أنت من تضع أمامك حجبا عن الاهتداء بالقرآن الكريم، وبالتالي ستكون أنت من تقدم القرآن الكريم للآخرين ضعيفاً هزيلاً)). [الثقافة القرآنية]
القرآن يصنع منك جندياً لا يخشى إلا الله
أن يصل الإنسان إلى درجة ألا يخشى إلا الله القضية سهلة وتناولها سهل معرفياً، ارجع إلى القرآن الكريم تجد أن الله يعرض نفسه في القرآن أنه ملك وإله السموات والأرض، له جنود السموات والأرض، الجبار، المهيمن، القوي، العزيز، الغالب على أمره، هذه أسماء الله، وهذا كمال الله والله يريد أن تكون من أوليائه، وجنوده، وأتباعه، من المعتزين إليه وأي إنسان متى ما رأى نفسه معتزياً إلى جهة، أو شخصية قوية، رئيس أو كبير ويرى أن ذلك الرئيس أو ذلك الشخص يعده من أوليائه، وسيكون معه، وسيدافع عنه، وسينصره، سيبدو قوياً أمام الناس، والناس ينظرون إليه قوياً، ويتعامل في المجتمع وهو لا يخاف)).
من أخطر ما يضربك ابتعادك عن القرآن الكريم
يقول السيد حسين في دروس مديح القرآن للإمام القاسم بن إبراهيم (عليه السلام):
[فمن لم يرشد بكتاب الله فلا رشد، ومن ابتعد عن كتاب الله فبَعُد، كما بعدت عاد وثمود] لماذا يقول الإمام القاسم هكذا؟ لأنه يفهم القرآن الكريم، إذا لم يعد ينفع فيك القرآن ففي ستين داهية على ما نقول، لا جعلك ترشد، ولا جعلك تهتدي، ولا..؛ لأن الله يقول: {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ}(الجاثية6) ماذا بقي من شيء تتوقع أنه ممكن يؤثر فيك؟ إذا وجدت نفسك لا يؤثر فيك القرآن تأكد أنك في وضعية لم يعد هناك شيء آخر ممكن يؤثر فيك))
ولكم نحن بأمس الحاجة إلى الاهتداء بالقرآن الكريم وإلى الاهتمام بهدى الله وفتح قلوبنا له وعقولنا خاصة في هذه المرحلة فكلما ابتعدنا عنه كلما ابتعدنا عن توفيق الله ونصره يقول السيد حسين (رضوان الله عليه): ((الإنسان يحتاج إلى الله، وإلى رعايته الدائمة، وكل المسائل تحتاج إلى تسليم من الانسان ضروري ان يكون مفتحا لآذانه بشكل واعٍ للهدى)) ويقول: ((بعد أن يقدم الهدى على أرقى مستوى، تفصيل، تبيين، نور، شفاء، ثم لا يقبل الإنسان يجعل الله له عقوبة ان يضله، يقسو قلبه، يأتي شيطان معه، في الأخير يتخبط)).
قال السيد بأن المتقين هم من يعرفون أهمية وعظمة القرآن الكريم لأنهم وهم يتحركون في ميادين الجهاد في سبيل الله يشعرون بالحاجة الماسة إلى هدى الله (([المتقون هم من سيهتدون بهذا القرآن ويتعاملون مع هداه بكل جدية] بدون إهمال، بدون تقصير، بحذر، بيقظة. المتقون عمليون، عمليون دائماً، متحركون بحركة الحياة، وفي مجالات الحياة كلها، وعندما تتحرك تتلمس بأنك بحاجة دائماً إلى هدى الله، هدى متجدد، هدى؛ ولهذا نقول: بأن القرآن حتى فهمه لا تتصور أن بالإمكان أن تجلس في زاوية وتفسره وانتهى الموضوع. لا، بالحركة في الحياة.))
القرآن يعلمك أن تراعي الأولويات
كثيراً ما تطرأ في واقع العمل الجهادي بعض الإشكاليات التي منبعها الرغبة في الحصول على بعض الماديات والتي قد يكون هناك ما هو أولى منها فإذا لم تتوفر أصبح التذمر سيد الموقف وهذا الموقف يرفضه القرآن الكريم ويعطي الأهمية للأولويات في مجال نصرة دين الله سبحانه وتعالى يقول الشهيد القائد (رضوان الله عليه) (( مما يهدي إليه القرآن الكريم موضوع الأولويات في أعمال الناس: هذا الموضوع أهم من هذا، وتختلف الأولويات باختلاف الأزمنة واختلاف نوعية الصراع واختلاف وضعية الجيل، فإذا كانت القضية تتطلب أن يبذل الكل جهوداً كبيرة في مقام نصر الله في مجال مواجهة أعداء الله الذين لديهم وسائل متعددة إذاً لا يوجد هنا أولوية لبناء مسجد، قد يكون بناء المسجد مثلاً يؤدي إلى بذل أموال طائلة جداً ليست الصلاة في أن تكون مقبولة مرتبطة بالمسجد بل قد يكون هناك مصلون في المسجد ولو في المسجد الحرام لا تقبل صلاتهم، الذي يصلي في الصحراء وبتوجه صحيح في عمل في سبيل الله تكون صلاته مقبولة)). ولأننا نواجه اليوم حرب كونية وساخنة ويستعمل فيها العدو كل وسائل الصراع العسكرية والاقتصادية والإعلامية فيجب أن نقيس على واقعنا هذا المثال الذي طرحه الشهيد القائد (رضوان الله عليه) وأن نعطي سلم الأولويات الأهمية القصوى وأن لا يكون حساب المصالح والرغبات فوق العمل على التصدي للعدوان الإجرامي ولنتذكر دائما أن مع العسر يسر.
القرآن ينسف حالة اللامبالاة
إن القرآن الكريم يعطينا الوعي والثقافة التي تجعلنا ننطلق في سبيل الله سبحانه انطلاقة فاعلة وبكل جد ونشاط نحمل هم المسؤولية فلا يبقى وهن ولا ضعف ولا تردد يقول السيد حسين رضوان الله عليه: ((فالمسؤولية في القرآن الكريم هي بالشكل الذي تنسف حالة اللامبالاة، وتعطيك عملا، أو حركة مسبقة من واقع الشعور بالمسؤولية أمام الله، أن لا تفرط، فيؤاخذك في الدنيا والآخرة على تفريطك. هذا جانب. وجانب الترغيب في الموضوع كبير أيضاً جداً، بالثواب من الله، بما يمنح الله الناس عندما يكونون على هذا النحو في الدنيا وفي الآخرة)) ويحذرنا الشهيد القائد (رضوان الله عليه) من حالة اللامبالاة ((حالة اللامبالاة ليست قضية سهلة، يجب أن يفتِّح الإنسان من أول ما يسمع أي كلمة هدى، أو موقف هدى، أو بصيص نور هدى، يجب أن يكون له قيمة لديه)).
ثم يقول: ((القرآن يعلمنا بأن الله الذي يأمرنا ويرشدنا لمختلف الأعمال الصالحة مهما بدت أمامنا ثقيلة على أنفسنا أنه فيها ومن خلالها تتجسد رحمته بنا، أليس هو الرحمن الرحيم؟ هو الرحيم بعباده، هو الناصح لعباده، هو اللطيف بعباده، هو الخبير بما يصلح عباده، إذاً أثق، أثق فعلاً لأقُول لأي شخص – سواء قلت له مشافهة أو أقول له بلسان الحال – : إن الله هو أرحم بي منك، الله هو أنصح لي منك حتى وإن كنت رحيماً وإن كنت ناصحاً فقد توقعني في الهلكة من حيث لا تشعر، أما الله سبحانه وتعالى فهو رحيم بعباده رحيم بنا، وهو الذي يعلم ما هو فعلاً رحمة بنا ويحقق لنا الأمن.))
القرآن يقدم الحلول لكل الإشكاليات
من الطبيعي أن تظهر الكثير من الإشكاليات والتحديات في حياة الناس خاصة من يتحركون في سبيل الله لكن من غير الطبيعي أن نسخر المال والوقت والجهد في بحث عن حلول بلا نتيجة بعيداً عن القرآن الكريم، إن القرآن الكريم ـ وهذه من نعم الله سبحانه وتعالى ـ يتضمن الكثير من الحلول لكل الإشكاليات التي يواجهها المجاهدون في سبيل الله ولهذا يحذرنا الشهيد القائد (رضوان الله عليه) من أن نظل أسرى الإشكاليات وإن نظل نبحث عن حلول بلا مخرج ويؤكد أن القرآن فيه الحل والمخرج يقول (رضوان الله عليه) (( عندما يقول لك: القرآن هدى ونور وشفاء، طيب أنا لدي إشكاليات معينة، وفي الحياة إشكاليات معينة، فلا بد أن نفترض أن في القرآن حلولاً لها لو سار الناس عليها لما وقعت هذه الإشكاليات نهائياً إذا افترضنا أن القرآن ليس له دخل من الموضوع إذاً ما تردده عبارة عن عبارات فاضية، أنه نور مبين، وهدى، وضياء، وأشياء من هذه، وأنت مؤمن بالإشكالية كإيمانك بالقرآن! كيف تؤمن بالمشكلة كإيمانك بالقرآن أنها واقعة، وليس هناك منها مخرج يجب أن نفهم ما هو الحل وإلا قد يقال بالنسبة للقرآن: هدى، نوراً، شفاء، الخ. فيقال هنا وضعية معينة إشكالية، ما هو النور ما هو الهدى في هذا ما هو… الخ. وعندما لا يكون هناك شيء إذاً لماذا تقول: هدى، ونور، وأنت معتقد بأن هذه ظلمة، ولا يوجد منها مخرج في قرآنك وهذه مشكلة)).