الفطرة السليمة ترحب بالمولد النبوي
عين الحقيقة / أحلام شرف الدين
يقول الله – تعالى -: “فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين الحق”؛ ما زلت أتذكر حين بدأنا دعوة الأفراد والعائلات اليمنية وطرقنا بيوتهم بيتا بيتا ندعوهم لحضور الاحتفال الكبير والمولد العظيم؛ مولد النبي الهدى الذي أخرج الناس من الظلمات إلى النور، وأثناء قيامنا بذلك بدت لنا حقيقة كنت قد غفلت عنها فقد وجدتُ ترحيبا كبيرا وتأثرا إيجابيا من أولئك البسطاء الذين لم تنفخهم ربطة العنق ولم يركبوا العربات الفاخرة وتلك النساء اللاتي تتوق فطرتهن السليمة وتتوقد شوقا للمشاركة في الاحتفال بمولد سيد البشرية – عليه وآله أفضل الصلاة والتسليم – وهن يذوبن شوقا للقائه إنما منعت الظروف عددا منهم وقضاء أزواجهن عليهن بالحبس أحيانا أخرى فما كان منهن إلا الاستسلام ومداراة الواقع الذي جهل لذة المشاركة في مثل هذه المراسيم الروحانية وخوض هذه اللحظات في معراج الحفل النبوي.
أما تلك الفئة من الناس التي حسبت نفسها قد بلغت في العلم شأوا لا يؤهلها لحضور مثل هذه الفعاليات فقد توصل اجتهادهم الذي خرجوا للأمة الإسلامية به إلى أن الاحتفال بنبي الأمة بدعة ليست نعمت البدعة بل يصدرون الأحكام والفتاوى التي تقضي بأن الاحتفال بالمولد النبوي بدعة وشرك كما تصرح إحدى الصحف السعودية التي تعلن في عدد آخر وبتناقض واضح أن الاحتفال بالملك السعودي من باب شكر النعمة؛ حينها لا تملك إلا أن تقول “ما لكم كيف تحكمون”؛ وحين تدعوهم إلى كلمة سواء بيننا وبينهم يقولون لم لا نحتفل به كل يوم؛ وفي المقابل نقول لهم: ولمَ لم يجعل الله الشهور شهر رمضان والأيام جمعة والسنوات أعيادا؛ وهل عساكم فاعلون إن جعلناه حفلا يوميا وقد استكثرتم يوما واحدا عند أولئك الذين يستخدمون كل ما لديهم من جهل.
إنها محنة وأي محنة في اتخاذ قرارات لا أساس لها من الصحة وربط علاقات بين نقاط متباينة لا يربطها رابط عقلي لكن “ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور”؛ ومن الأمور التي تنبهنا لها خلال زياراتنا تلك، بعض تلك البيوت المقفرة والعيون التي تشكو سوء الحال في حين لم تنطق ألسنتهم سوى بذكر الله – عز وجل – والثناء عليه والترحيب بالمولد النبوي وحبسهم العوز عن لذة المشاركة في خضم معركة الحياة.
هذا وغيره يحسم أمرا مهما علينا أن نضعه في الحسبان إذ لم يتوقف واجبنا عند الاحتفال فالمهمة طويلة والواجبات متعددة وعلينا أن نكون العين الفاحصة والقلب الرحيم لأولئك وتقديم الوعي لهم ثقافيا وماديا والأخذ بأصحاب هذه الفطرة السليمة إلى شاطئ الحق لتلحق بسفينة النجاة وهو ما أدركه القائد العلم السيد عبد الملك الحوثي –سلام الله عليه- حين حث على مبدأ الإحسان وجعل شعار المولد (أشداء على الكفار رحماء بينهم).
وأقول لأولئك الجهلاء إذا كانت الحرية تكفل لكم عدم المشاركة فإن الحرية قد كفلت لنا من باب أولى المشاركة في هكذا احتفال وفي هكذا عظمة، ولذكر الله أكبر لو كانوا يعلمون؛ ولتعلموا أن تلك القوانين والأبواق التي تنعق بالحرية وحقوق الإنسان وتمارس أقسى أنواع الظلم وتنفث مكونات الاستعباد والإساءات والإهانات للفطرة السليمة والنزعة الإنسانية التي أبت إلا الحق؛ تلك العقول الجوفاء التي تقف صامتة أمام من يسرد إهاناته وإساءاته للرسول الأعظم – صلى الله عليه وآله وسلم – فمن الحرية الإساءة إلى نبينا وليس الاحتفال به حرية في حين لهم الحق في الاحتفال بأعيادهم وشخصياتهم التي ما ارتقت إلى العظيم محمد؛ وهم أول من قيدته المادة بقيود الاستعباد لأمريكا وإسرائيل وهي جوعى إلى الحرية فكيف لها أن تهديها أحدا.
فألف مرحبا بالمولد النبوي الشريف وطوبى لمن سلمت فطرته وصحت عقيدته من علم لا ينفع وقلب لا يخشع وعين لا تدمع، ولبيك يا رسول الله.