الله -سبحانه وتعالى- عندما ينعم على أحد من عباده، لا ينعم عليه إلَّا وهناك فتنة يختبر من خلالها الإنسان في مدى التزامه بأوامر الله ونواهيه، لذلك يجب على الإنسان أن يعي معنى أنه معرّض للاختيار الإلهي في ما يعيشه من نعمة أَو بلاء؛ لأَنَّ سنة الله تقتضي التمحيص، تقتضي الاختبار لهذا الإنسان، لو تأملنا فتنة إبليس عندما خلق الله أبونا آدم -عليه السلام- فقد كان خلق الله لآدم فتنه للملائكة وإبليس فنجحت الملائكة وخسر الشيطان هذا الاختبار وأنعم الله على أبينا آدم عندما قال سبحانه وتعالى: (وَيَا آَدَمُ اسْكُنْ أنت وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا من حَيثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمينَ)، ولكن كانت فتنة أن قال الله سبحانه وتعالى: “وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمينَ”، وهكذا يجب أن نعرف أن أية نعمة لا بُـدَّ أن يلازمها فتنة.
وفي واقعنا الكثير من النعم والكثير من الفتن، فعندما يمكننا الله سبحانه وتعالى فنكون في موقع المسؤولية يجب ألا يغيب عن مداركنا أننا في موقع فتنة، الموقع الذي إن فرطنا فيه فقد وقعنا في الفتنة التي هي ملازمة لأية نعمة، وهنا يجب أن نسأل أنفسنا ومن ثم نقيمها، هل نحن فعلًا نعمل بما يقتضيه الأمر الإلهي في واقع مسؤوليتنا، أم أننا عكس ذلك وقد وقعنا في الفتنة وأطعنا عدونا الذي حذرنا الله منه الشيطان الرجيم الذي سبق وأغوى أبانا آدم وأقسم إنه يستمرَّ في أُسلُـوبه الشيطاني ليلحق بذلك ذرية آدم عليه السلام؟.
كلّ ما قد يتعرض له الإنسان من إخفاقات أَو مآسٍ تعود في حقيقتها إلى وقوعه في شباك الشيطان وسقوطه في الفتنه التي لازمت وتلازم الإنسان في كُـلّ مسارات حياته، وهنا يجب التقييم للذات عندما يكون واقع الإنسان الوظيفي أَو المهني أَو واقعه الشخصي لا يسير وفقاً لما هو صحيح، وهذا ينطبق على كُـلّ المستويات من المستوى الشخصي صعوداً إلى أعلى المستويات ليصل إلى مستوى إدارة وطن، فعندما يكون هناك اختلال في أي مستوى فَـإنَّ التقييم يصبح ضرورة والاستمرار في الوضع غير الطبيعي يعمّق الاختلالات وتتسع دائرتها لتشمل آثارها السلبية كُـلّ المجتمع فيكون من الصعب حينها الخروج من هذه الفوضى.
وأخيرًا يجب علينا أن نقيم واقعنا ابتداءً بالتقييم الشخصي وُصُـولاً إلى التقييم العام لواقعنا لنعرف أين نحن مما أمرنا الله به ونهانا عنه.