الغدير.. بين الشرعية والابتداع …بقلم/ عدنان علي الكبسي
Share
كل فئات المجتمع الإسلامي، وكل الطوائف في أمة الإسلام، قديمها وحديثها، مجمعون على حادثة الغدير، والكل يذكر حادثة الغدير بأنها متواترة، ووقوف رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) بوادي غدير خم لأمر طارئ، لا خلاف فيه، وأمر ثابت عند الأمة بكلها. في الثامن عشر من شهر ذي الحجة، آخر السنة العاشرة للهجرة النبوية، وعند عودة رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) من حجة الوداع، وهو في طريقه إلى المدينة وفي منطقة بالقُرب من الجحفة، في وادي غدير خم، نزل قول الله سبحانه وتعالى: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغ مَآ أُنزِلَ إِلَيكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّم تَفعَل فَمَا بَلَّغتَ رِسَالَتَهُ وَٱللَّهُ يَعصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهدِي ٱلقَومَ ٱلكَٰفِرِينَ)، فجمع رسول الله الحجيج، وأرسل إلى من قد تقدَّم منهم أن يعود، والذي متأخر أن يتقدم، وانتظر للمتأخرين حتى اجتمعوا، الكل جُمِعوا في صعيدٍ واحد، في مكانٍ واحد، في ساحةٍ واحدة، وفي منتصف النهار، وجمعت أقتاب الأبل بأمرٍ من رسول الله “صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلى آلِه”؛ لتكون منصةً ليصعد عليها الرسول “صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلى آلِه” صعد عليها ومعه عليٌ “عَلَيْهِ السَّلَامُ” بأمره، وهم أكثر من مائة وعشرين ألفاً من الحجاج، واستهل خطابه في الناس بالحمد والثناء لله، ثم قال: (يا أيُّها الناس إنَّ الله مولاي، وأنا مولى المؤمنين، أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه، فهذا عليٌّ مولاه، اللهم والِّ من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله). ومع هذه الحقيقة الثابتة، والصحيحة والمتواترة لا زال هناك من يقول بشرعية الاحتفال بعيد الغدير، وهناك من يقول: إنه بدعة، مع وضوح هذه الحادثة، وتوثيقها في كل المصادر والمراجع التاريخية التي تتعلق بالروايات والأحداث. والقاعدة التي يُعتمد عليها في تصحيح الدعوى وإبطالها لا شك هي الدليل، والذي يصف الاحتفال بعيد الغدير بأنها بدعة، ماذا سيردون على هذه الحادثة المشهورة والتي وثقت في أهم مصادرهم؟!. والطامة الكبرى أن الذين يصفون الاحتفال بعيد الغدير بدعة هم أنفسهم يختلقون الأكاذيب التي تسيء إلى المحتفلين بهذه المناسبة، وينشرون الشائعات الكاذبة حول المناسبة محاولة منهم لصد الناس عن الاحتفال بهذه المناسبة المهمة، ولم يكتفوا بقولهم: إنها بدعة، وإنما يصنعون الدعايات حتى يكره الناس فعالية الغدير. والهدف من خلق الأكاذيب حتى لا يعرف الناس أهمية وقيمة مبدأ الولاية، حتى تبقى الأمة في خط الانحراف والذي بدأ من إقصاء الإمام علي (عليه السلام) من الخلافة، مع معرفتهم ويقينهم بأن الأولى بالخلافة بعد رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) هو الإمام علي (عليه السلام). مع وضوح النص الجلي يوم الغدير وصحته وتواتره في مصادر الذين ينكرون على الناس الاحتفال بعيد الغدير، فأنفسهم استيقنت ولاية الإمام علي وصحة إحياء يوم الولاية، ولكنهم جحدوا بها ظلمًا وجورًا وعلوًا واستكبارًا، يفترون الأكاذيب والله يعلم أنهم كاذبون. فالاحتفال بعيد الغدير أول من سنه رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) في الثامن عشر من شهر ذي الحجة آخر السنة العاشرة للهجرة النبوية، وإن كذب الذين نافقوا بعيد الغدير فليكذبوا كتبهم ومصادرهم، وليجحدوا بأئمتهم الذين نقلوا لهم حادثة الغدير. أما المؤمنون في كل البلدان سيحتفلون بيوم الولاية، ويفرحون بكمال الدين وتمام النعمة الربانية، راضين ومرتضين الإسلام دينًا والقرآن منهجًا ومحمد بن عبدالله رسولًا والإمام علي وليًا، حاملين راية الإسلام تحت قيادة ربانية اختارها الله من أهل بيت رسول الله، راضين ومرتضين وارتضوا السيد المولى عبدالملك بدرالدين الحوثي -رضوان الله عليه- علمًا ومنارًا للهدى، ومن لم يتولَّ الله ورسوله والإمام علياً وأعلام الهدى من أهل البيت فلا بديل له سوى أن يتولى اليهود والنصارى، وهذه هي الحقيقة التي أثبتها الواقع في هذه المرحلة بالذات.