العوامل التي تفسر سر تزخيم عمليات اليمن وتطورها كمًّا ونوعًا
أربعة عوامل تفسر سر تزخيم عمليات اليمن وتطورها كمًّا ونوعًا
قبل نحو سبعة أشهر أطلقت الولايات المتحدة الأميركية صافرة الحرب في البحر الأحمر، بمشاركة دول غربية عدة، لكنّها بعد انتهاء الأشواط الأصلية ما تزال عاجزة عن تحقيق هدف حماية السفن “الإسرائيلية”. ومع اقتراب الوقت الإضافي من النهاية تجد واشنطن نفسها في موضع الدفاع عن مدمراتها وقطعها البحرية لمنع الهزيمة الساحقة وتلافي السقوط المدوي.
وبدلًا من توفير الأمن للسفن المشمولة بقرار حظر الوصول إلى الموانئ الفلسطينية المحتلة، ومرافقتها حتّى الخروج من نطاق العمليات الحربية، اضطرّ تحالف “الازدهار” المزعوم إلى تعديل مهامه، ولجأ إلى تقديم المشاركة في عمليات إطفاء حرائق السفن المستهدفة وإنقاذها من الغرق في قالب الإنجاز العسكري.
في جديد العمليات المساندة لغزّة الإعلان عن استهداف مدمرة أميركية وسفينتي كابتن باريس وهابي كوندور في البحرين الأحمر والعربي في الوقت الذي ترقب فيه أميركا وتحالفها البحري بلا حول لهما ولا قوة السفينة توتور اليونانية وهي تغرق، مكتفية بالمشاركة في إجلاء طاقم السفينة عبر الجو وذلك لصعوبة التنقل في البحر.
وفي هذا السياق ورد في تقرير لصحيفة “جيرزوليم بوست” “الإسرائيلية” أن تخلي أميركا عن سفينة يونانية آيلة للغرق مؤشر واضح على عجز “المجتمع الدولي” عن تأمين ممرات الشحن، وسط تحذير من تآكل الثقة في قدرة الولايات المتحدة ودول أخرى في حماية ممرات الشحن مع تصاعد ما وصفته الصحيفة بمعاناة “إسرائيل” من تداعيات ذلك.
مع تزايد الاعتداءات “الإسرائيلية” في رفح، ورفض العدوّ الجنوح للسلام، وإدخال المساعدات الإنسانية لسكان القطاع المحاصر، دشن اليمن مرحلة رابعة من التصعيد العسكري دعمًا لغزة بمفاجآت عسكرية يمنية أربكت الحسابات الغربية وقدرات متطورة في الكم والنوع. ولتفسير هذا التطور يمكن الإشارة إلى أربعة عوامل أساسية أعطت أفضلية الهجوم للقوات اليمنية.
أولًا: اتساع نطاق المواجهة البحرية، ودخول عناصر وأوراق جديدة إلى ميدانها، والانتقال بها من البحرين الأحمر والعربي إلى المحيط الهندي وصولًا إلى البحر الأبيض المتوسط، وهذا ما وسع بنك الأهداف، وخيارات الاستهداف وقلل من قدرة التحالف الأميركي على رصد كلّ التهديدات والتصدي لها.
ثانيًا: إدراج سفن كلّ الشركات المتعاونة مع كيان العدوّ في قائمة السفن المشمولة بقرار حظر الوصول إلى الموانئ الفلسطينية المحتلة من أي جنسية كانت وبغضّ النظر عن وجهتها النهائية، الأمر الذي عزز الحصار على الكيان الغاصب وفاقم أزمته الاقتصادية.
ثالثًا: التطور النوعي للقدرات اليمنية، إن على صعيد الصواريخ الباليستية والمجنحة أو سلاح الجو المسير والأسلحة البحرية المتوفرة، فاليمن بعون الله وعلى لسان قائده السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي لا يخوض مرحلة جديدة من التصعيد إلا ولديه من الأسلحة ما يواكب ويلائم الخيارات المؤلمة للأعداء تحت قاعدة لا خطوط حمر يمكن أن تعيق القوات المسلحة عن تنفيذ عملياتها وواجبها الإنساني والديني المساند لغزّة.
رابعًا: انسحاب العديد من الفرقاطات الأوروبية من البحر الأحمر، أضعف الموقف الأميركي على الصعيد السياسي كما العسكري في حين مثلت العمليات اليمنية العراقية المشتركة تحدّيًّا إضافيًّا لأميركا وصداعًا يؤرق قادة الكيان.
وكان قادة الفرقاطات الغربية المنسحبة قد رأوا أن مهمّة تقويض القدرات اليمنية ومنع الهجمات تبدو شبه مستحيلة مع إطالة أمد الحرب، ونفاد ترسانات تلك الفرقاطات، من صواريخ اعتراضية ذات كلفة باهظة في مقابل طائرات مسيرة زهيدة الثمن قوية الفعل والتأثير، وهذا ما تشكو منه أميركا التي خسرت أكثر من مليار دولار في هذه المعركة وفق المعلومات المتداولة والمتاحة.
اليمن مقبل على مرحلة خامسة وسادسة وربما سابعة من التصعيد البحري، ما دام العدوان على غزّة مستمرًّ، والعرب يغطون في سباتهم العميق، ولا يوجد أي حسابات سياسية يمكنها التأثير في موقف الشعب اليمني ولا مجال لمؤثرات الترغيب والترهيب الأميركية، ومعادلة الحصار بالحصار قائمة، والمدمرات الأميركية وحاملة الطائرات هي أحوج ما تكون للحماية في هذه المرحلة، وفاقد الشيء كما يقال لا يعطيه.