العميد المتقاعد في الجيش اللبناني شارل بي نادر يكتب: العدوان على اليمن مستمر بأشكال مختلفة.. هكذا يراه السيد الحوثي
Share
في كلمة له بمناسبة الذكرى السنوية ليوم الشهيد، حذر السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي من مغبة ما يرتكبه تحالف العدوان من تصعيد في المستويات الاقتصادية أو العسكرية، قائلًا إن “الأمور إذا اتجهت للتصعيد نتيجة لتصعيد تحالف العدوان على المستوى الاقتصادي أو العسكري، فإننا معنيون بالاستعانة بالله للمضي بموقفنا لمواجهته بمستوى أكبر وبفاعلية أكثر”.
وفيما رأى السيد الحوثي أن “الأمور لا تزال تراوح مكانها لأن الأمريكي – وهو أصل المشكلة – مستفيد من الحرب ولا يريد إلا سلامًا يستفيد منه هو، وهذا السلام الذي يريده الأمريكي ليس إلا استسلامًا بالنسبة لنا”، شدد في كلمته على أن “الأمريكي والإسرائيلي والبريطاني وأدواتهم الإقليمية يريدون لليمن أن يكون محتلًا خاضعًا وخانعًا لهم، محاولين وضعنا بين خيارات غير منصفة ولا عادلة”.
طبعًا، ليست الرسالة الأولى التي يتوجه فيها السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي إلى اليمنيين والعالم بتوصيف دقيق وشامل للأمور التي تعني بالحرب على اليمن، وبكافة اتجاهاتها (اقتصاديًا وسياسيًا وأمنيا وعسكريًا)، والتي طبعت مسارها خلال حوالي السنوات الثمانية التي قطعتها حتى الآن – وهي مستمرة – فالسيد ساهم ومن خلال قيادته للثورة أولًا ومن خلال قيادته وادارته لمعركة الدفاع ضد العدوان ثانيًا، وثالثًا، من خلال مواكبته الاعلامية الدقيقة لهذه الحرب عبر خطاباته الحساسة والتي كانت مفصلية في أغلب الأحيان، ساهم بشخصه وبرؤيته البعيدة وحسن قيادته في ترجيح كفة المواجهة لمصلحة أبناء اليمن.
هذا لناحية دور وموقع السيد الحوثي في قيادة وإدارة معركة المواجهة ضد العدوان حتى الآن، ولكن لكلمته الأخيرة أهمية استثنائية نظرًا للنقاط اللافتة التي أضاء عليها، والتي يمكن أن نعتبرها مفصلية في هذه المرحلة من العدوان، مرحلة المراوحة والغموض والضياع كما يريدها العدوان، من خلال وقف اطلاق النار الغامض وغير الواضح أو مرحلة الهدنة الهشة، وحيث رأى أن هذه المرحلة تختلف عن مرحلة القتال والعمليات العسكرية، أو مرحلة فرض معادلات القوة وتوازن الردع، أضاء على النقاط التالية: بداية، ننطلق من مناسبة الكلمة والتي هي ذكرى الشهيد، حيث جعل السيد عبد الملك من هذه الذكرى مناسبة للاضاءة على ذكرى الشهداء وما قدموه للأمة في شهادتهم، وتحديدًا على ما قدموه في معركة الصمود والدفاع الحالية، فكانوا عنوانا يحتذى به وقدوة لأبناء الأمة الذين بقتالهم وصمودهم الاستثنائي، كسروا كل مقاييس ومعادلات الحروب والقتال التاريخية، وانتصروا في مواجهة لم تكن أبدًا متكافئة، لا بالامكانيات ولا بالأسلحة والقدرات والتجهيزات العسكرية ولا بالحشد الدولي والاقليمي اعلاميًا أو سياسيًا، فكانت الأمّة – وبوحي من مسيرة الشهداء وتضحياتهم – على قدر المسؤولية، وكان الصمود والثبات وفرض الموقع والموقف.. وكان الانتصار.
وأضاء السيد وبشكل مفصل ودقيق على أهداف العدوان التي ما زالت هي نفسها منذ انطلاق مساره، محددًا هذه الاهداف بأربعة أساسية وهي:
في موضوع الهيمنة وفرض النفوذ، رأى السيد أن أهم هدف للعدوان كان وما زال فرض الهيمنة على الشعب اليمني عبر خلق وايجاد قادة لهذا الشعب، مصنفين قادة مسيّرين من قبل العدوان وخاضعين له، وهذا الذي حاربناه وواجهناه منذ بداية ثورتنا وخلال كامل مسار المواجهة سياسيًا وعسكريًا، مضيفًا “لا يمكن أن نقبل بأن يكون اليمن محتلًا بحيث يأتي الأمريكي والبريطاني والإماراتي والسعودي، فيضع قواعده فيه أينما يريد وينهب ثرواته”. من هنا، يحاول العدوان تحقيق ما يلي:
احتلال اليمن وسرقة ثرواته، لناحية احتلال اليمن، كهدف من أهداف العدوان، يتحقق اليوم في مناطق المرتزقة الخاضعين وذلك مباشرة عبر نشر سلسلة واسعة من القواعد العسكرية، وما يؤكد ويفضح ذلك كما يرى السيد: “ما حصل ويحصل في المحافظات البعيدة عن خطوط المواجهة حيث لا جبهات لنا بمواجهة الاعداء، والذين ذهبوا لإقامة قواعد عسكرية في حضرموت والمهرة وسقطرى”، متسائلًا: “هل المرونة السياسية هي أن نقبل بالاحتلال وبإخضاع شعبنا العزيز الحر للهيمنة الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية والسعودية والإماراتية؟”.
فتكون هذه القواعد العسكرية لدول العدوان وداعميه نقاط حماية وتنسيق متقدمة، لادارة سرقة ثروات اليمن والسطو عليها، حيث حقول النفط والغاز وموانىء تصديرها تنشط بقوة في محافظات الشرق والجنوب برعاية مباشرة من قواعد العدوان، وبرضى وخضوع وتواطؤ من قبل قادة المرتزقة الخانعين.
ويضيء السيد رابعًا على هدف أساسي من أهداف العدوان لا يقل أهمية عن أهدافه المذكورة وهو التطبيع مع العدو الاسرائيلي، موضحًا أن “مشكلة العدوان الثانية مع الشعب اليمني أنهُ يريد من اليمنيين أن يطبعوا مع “إسرائيل” وأن يعادي الشعب الفلسطيني وأحرار الأمة والجمهورية الإسلامية في إيران دون أي سبب”، وتابع “إيران لم تحاربنا ولم تعتدِ علينا بل أعلنت موقفًا متميزًا عن كل الدول في التضامن مع شعبنا، وانهم يريدون منا أن نعادي حزب الله الذي وقف أشرف موقف معنا، وايضا يريدون أن نعادي أحرار العراق دون أن يفعلوا أي شيء ضدنا”.
أخيرًا، يمكن أن نستنتج من كلمة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي أن المطلوب اليوم هو الوحدة واليقظة ونبذ التشدد والتعصب والتركيز على ادارة أمور الناس والتنبه لمحاولات الأعداء ضرب الساحة الداخلية، وذلك كون العدوان يحاول تمرير مناورة أخرى مختلفة تقوم على مواصلة عدوانه عبر الحصار الذي لم يتوقف ولم يخفّ عمليًا، وعبر اعتداء مقنّع وبوجه آخر، يتجاوز عبره مناورة الاعتداء العسكري المباشر التي فشل بها من خلال تبديد الانتصار وافراغه من مضمونه، عبر توسيع اشكال الحصار وتعقيد الحياة وإضعاف عوامل تقوية الاقتصاد.