في الوقت الذي ينعي شريط الأخبار “الماثل أسفل الشاشة” أهالي غزة الأعزة، ويزفُ على هودجه المئات من الشهداء والجرحى والمهيضة أحلامهم، فيما يلملمُ أحدهم أشلاء أسرتهِ بكفن واحد وبقلبٍ بقضاء الله حامد، وتمسد إحداهن ضفائر طفلتها المثخنة بالدماء، وتحضن طفلها الآخر بما تبقى منه للمرة الأخيرة على أرصفة الأنين، تقوم مملكة العهر لتدشن موسم الرياض للرقص والفسوق والمجون دون مراعاة لما يحدثُ بفلسطين.
إنه النظام السعودي الذي سبق وأن شن عاصفة الحزم على اليمن هاهو اليوم يدشن عازفة الرقص وهز الخصر على أوجاع غزة، وكأنه يوجه رسالة مفادها “لسنا معكم” وليس غريبا ممن أقام الحفلات واستدعى المطربات في أقدس أرض “بيت الله الحرام” مايرتكبه هذا النظام المارق لهو أبشع مشهد سيدون في صفحات تاريخه البهيم، فهو بهذا الفعل القبيح يثبت تنصله عن دعم القضية الفلسطينية، ويلغي تضامنه الإنساني والأخلاقي لهذه القضية المتروكة على رف النسيان من قبل الأمم والأنظمة والمنظمات منذُ زمن.
وهناك العزفُ الصامت الذي عزفتهُ غالبية الدول العربية، ولحنهُ شرذمة من المطبعين على شلالات الدماء الغزاوية لترضى عنهم اليهود والنصارى، وهذا ما مهد للكيان بأن يرتكب المزيد من المجازر الوحشية التي لم تترك طفلاً ولا شجرا ولا حجرا إلا وقصفته ونالت منه.
ويستمر النزيف في بقاع غزة ورقاعها، وتحتدمُ ساحة المعركة يوما بعد يوم، فالمقاومة الفلسيطينة هي طوفان بحد ذاته، ورغم ذلك إلا أنها بحاجة لكتائب وجبهات تقف إلى صفوفهم وتنكل بعدوهم، وتقوض أركانهم، فالمسألة ليست غزة، إنما القضية قضية أمة عربية إسلامية، فإن تمكن الكيان من غرس أنيابه في القطاع، وأحالها إلى مستعمرات على جغرافيته بحسب وعد بلفور، فالدور قادم لامحالة على من ارتضى وصمت وهان، لن يكتفي العدو بغزة فقط، بل ستمتد يداه من شرق الأرض لغربها، ومن شمالها لجنوبها، حينها ستظل رشقات الصواريخ هي الوتر الخامس في كمنجات الحروب، سينام الأطفال على أنين غير منقطع، ونشيج مبتور، ومع كل جنازة جديد ومأتم مهيب ستولد غصة عالقة في قلب كل ثكلى، وستبقى هذه المشاهد أشبه بنيزك غُرس في قلب فلسطين للأبد، فإلى متى ياعالم الصمت إلى متى الأنين ؟ إلى متى ستطبق صمت الهوان المُهين؟!