العرض العسكري في عيون الخبراء العسكريون :اليمن لم تعد دولة عابرة يمكن القفز عليها
حمل العرض العسكري الذي أقيم في ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء الكثير من الرسائل والدلالات، فمن بين ركام الحرب، ينهض الجيش اليمني من جديد بعد 9 سنوات من العدوان الأمريكي السعوديّ الغاشم؛ ليؤكّـد للعالم أنه أقوى وأكثر عزماً وثباتاً.
وأظهر العرض العسكري أن اليمن لم تعد مُجَـرّد دولة عابرة يمكن القفز عليها، بل باتت قوة إقليمية ستكون لها المكانة المتميزة بين الدول، وأن الأعداء الذين حاولوا قصم ظهر ثورة 21 سبتمبر لم يفلحوا في ذلك، فقد خرجت القوات المسلحة بقوة مهابة سيحسب لها العدوان ألف حساب.
وإذا ما فكر العدوان بالاستمرار في تماديه وغيه، متجاوزاً حقائق اليوم، فَــإنَّه سيجد نفسه غارقاً في وحل الهزيمة، ولن تقوم له قائمة أمام هؤلاء الرجال الأبطال الذين يمتلكون قوة الإيمان والسلاح والإرادَة، ولا يعرفون معنى الهزيمة والانكسار.
الخبير العسكري والمحلل الاستراتيجي اللبناني، أمين حطيط، تابَعَ مجريات العرض بانبهار بما رأى من تنظيم للقوات المسلحة المتعددة، وما احتوى العرض من أسلحة جديدة ملفتة للانتباه،
وهنا يقول: “الواضح لو نظرنا إلى هذه الأسلحة لوجدنا أولاً منظومات الأسلحة المستعملة في البر وفي هذه المنظومات المدرعة الهجومية، مُرورًا بالصاروخ قصير المدى، وُصُـولاً إلى الصواريخ البالستية ذات الوقود الصلب والوقود السائل، يعني أن القوى تملك ما يلزمها في معركة القتال، وهذا ما يمكنها من الثبات في العمليات الدفاعية المتحَرّكة والثابتة، والعمليات الهجومية قصيرة المدى وبعيدة المدى”.
وفي هذه النقطة يستطيع المسؤول عن تخطيط الدفاع -بحسب العميد حطيط- أن يطمئن إلى قدراته الدفاعية في البر، وامتلاك السيطرة على الأرض، أَو لجهة الحدود دون خرق لاحتلالها،
أما فيما يتعلق في ناحية البحر والقوات البحرية، فيقول حطيط في لقاءٍ مع قناة “المسيرة”: “الجانب البحري في المعركة هو مهم جِـدًّا بالنسبة لليمن، ونتوقف عند ثلاثة عناصر في مسألة البحر:
أولاً: الألغام وهي عنصر دفاعي.
ثانياً: الزوارق، وهي مهمة جِـدًّا في هذا المجال.
ثالثاً: الصواريخ “بر -بحر”؛ ما يعني أن اليمن امتلكت القدرات العسكرية والتسليح الكافي لبناء منظومة دفاعية فاعلة على الشواطئ اليمنية؛ وهذا ما يفقد العدوّ ورقة أَسَاسية كان يمكن أن يلعبها، خَاصَّة عندما كانت القدرات البحرية اليمنية محدودة.
ويشير حطيط إلى “أهميّة امتلاك اليمن لعنصر التأثير في عمق العدوّ، وهذه النقطة هي بجهد كبير من القدرات العسكرية اليمنية التي ترهق العدوّ القريب والبعيد، وقدرات إدارة العمق تستند بشكل أَسَاسي إلى المسيَّرات متعددة الاستخدامات من استطلاع، تعقب، مراقبة، حمل الصواريخ الحربية، وصنع القدرة على الطيران لمدة تتراوح من”6- 8” ساعات، هذا أمر يرعب العدوّ بكل معنى الكلمة”،
مؤكّـداً “أن القرار اليمني العسكري الذي يوضع موضع التنفيذ بوجهه الدفاعي، أَو بوجهه الهجومي بمعرض الدفاع بإمْكَانه تحقيق الغايات التي يستهدفها، بشكل مؤكّـد وبشكل محكم”.
ويرى حطيط أن “هناك قفزةً نوعيةً قامت بها القوات المسلحة اليمنية، والتصنيع الحربي اليمني بشكل اختصر الكثير من المخاطر التي كانت تتهدّد اليمن، ولو كان الأمر من جهة إلى جهة وباتت اليمن تمتلك القدرة العسكرية الرادعة التي ترعب العدوّ، وتجعله يدرك بأن ثمن عدوانه على اليمن باهظ، وعليه أن يتوقف”.
ويشير العميد حطيط إلى أن “الجيوش عندما تذهب لعرض عسكري، فَــإنَّها لا تعرض أقصى ما تلمك من سلاح، ودائماً تعرض السلاح بدرجة أَو بدرجتين أقل مما تملك؛ وهذا يعني أن كُـلّ ما شاهدناه في العرض ليس كُـلّ ما هو مملوك لدى الجيش اليمني”.
الحفاظ على السيادة:
من جانبه، يتطرق الخبير العسكري والمحلل الاستراتيجي، اللواء خالد غراب، إلى جانب مهم من القدرات العسكرية التي ظهرت في العرض العسكري، مُشيراً إلى أن “إدخَال منظومات التشويش والحرب الإلكترونية والدفاع الجوي بمنظومات الإنذار المبكر، ومنظومات نبأ، جميعها مرتبطة بالدفاع الجوي ورصد الطيران المعادي، ثم الإطباق عليه، وتوجيه أحد الأسلحة للتصدي لها بحسب نوعية طائرة العدوّ وسرعتها، وعدد من التفاصيل التي تأتي من غرفة السيطرة، وبحسب كُـلّ نظام”.
ويضيف أن “منظومات الدفاع، منظومات متكاملة، وتستطيع مراوغة السلاح المعادي وعدم إفلاته من الإسقاط، وتعتبر قوات الدفاع الجوي موفرًا لحماية بقية القوى وهي مرتبطة بحماية كُـلّ المنشآت الحيوية”.
أما الخبير العسكري العقيد مجيب شمسان، فيؤكّـد أن “القدراتِ الجوية المتطورة للقوات المسلحة اليمنية، وقدرتها على كشف الأهداف المعادية على بُعد آلاف الكيلو مترات وعن فعالية الرادارات خلال أية حرب قادمة هو تطوير مهم، وأن هذه القدرات كان لها فاعلية كبيرة جِـدًّا، وأثر كبير في مواجهة سلاح العدوّ، على اعتبار أن العدوّ منذ البداية كان يعتمد على تدمير الدفاعات الجوية اليمنية، وتعطيل الرادارات، وصواريخ وبطاريات الدفاع الجوي، وُصُـولاً إلى نقطة أنه وصل إلى تأمين حركته بأمان وانسيابية ودون أن يكون هناك ما يعيق أسلحته الجوية في سماء اليمن”.
ويضيف شمسان: “أن يتم تطوير وتأهيل هذه المنظومات الرادارية، في مستويات الكشف المتتالية في المدى القريب والمتوسط والبعيد؛ هذا يعني أن حركة العدوّ اليوم لم تكن كما كانت في السابق، وأصبحت مرصودة من قبل هذه الرادارات، وهذه القدرات التي طورتها أيادٍ يمنية، وأعادت تأهيلها، في ظل ظروف صعبة لا يمكن أن تصل بها إلى هذا المستوى، لكن صناعات الدفاعات الجوية هي من أعظم الصناعات العسكرية”.
وواصل: “وبالتالي الوصول إلى هذا المستوى من الإنجاز يحسب للقوات المسلحة اليمنية، وعندما نتحدث عن تمكّن الصواريخ الجوية اليمنية من إسقاط أحدث الطائرات الأمريكية التجسسية، والصينية، وأُخرى مختلف من الطائرات المتطورة والمتقدمة والتي تحلق على ارتفاعات عالية جِـدًّا، ولديها منظومات متطورة في التشويش، وَلإخفاء الأثر الراداري، كُـلّ ذلك لم يحصل أمام تطور القدرات الدفاعية الجوية اليمنية، واستطاعت أن تحُدَّ من فاعلية تلك الحركة؛ إذ كان العدوّ يستطيعُ التنقل في بداية المعركة”.
ويردف شمسان “اليوم نتحدث عن تطور هذه القدرات ووصولها إلى مستوى الكشف الذي يصل إلى أكثر من 200 كم، وعلى المستوى الآخر فيما يتعلق بالأسلحة الموجهة، وكيف لهذه الرادارات والمنظومات أن تحد من حركة العدوّ وتسقط طائراته، في مسافات أبعد مما كانت عليه في السابق”، لافتاً إلى أن هذا يقودنا إلى أن صنعاء تراكم من قواتها، وفاعلية عناصر القوة التي كانت بيد العدوّ منذ البداية، والوصول إلى نقطة تكون سماء اليمن، محرمة على سلاح العدوّ وعدم انتهاكها للسيادة اليمنية، وهذا بفضل الله سبحانه وتعالى، وبفضل الاهتمام الكبير الذي حظيت به القوات المسلحة اليمنية بكل مستوياتها.
وحول تكامل القوى، يقول العقيد شمسان: “إن الإنجازات التي وصلت إليها القوات المسلحة اليمنية لها رسائل واضحة منها أننا لم نقف عندما وصلنا إلى هذا المستوى، بل عازمون على مواصلة تطوير القدرات، من حَيثُ القدرة التدميرية والدقة وأنواع الأسلحة”، منوِّهًا إلى أننا وصلنا إلى هذا المستوى الذي بتنا نمتلك مثل هذا الصواريخ الدقيقة الإصابة والمؤثرة في مسار العمليات العسكرية.
ويتابع شمسان: “على مستوى الصناعات البحرية من الزوارق الحربية والسريعة والتي تمتلك قدرات تكنولوجية متقدمة في مسألة التشويش على الهدف ومزايا أُخرى تمتاز بها تلك الزوارق، ولم يتم الحديث عنها، والأسلحة الأُخرى التي لم يُكشف عنها في هذا العرض، والتطور في مختلف وحدات القوات المسلحة اليمنية من الأسلحة البحرية، وأسلحة الدفاع الجوي وسلاح الجو المسيَّر، إلى الصواريخ البالستية، والصواريخ المجنحة وهناك تغيير في قدرات الفرد المقاتل وتأهيله”،
مؤكّـداً أن هناك إرادَة متكاملة لصناعة قوة عسكرية قادرة على حماية سيادة هذا البلد، الذي تحيط به الأطماع من كُـلّ الاتّجاهات.
ويرى أن “امتلاك اليمن أسلحة الردع الاستراتيجي باتت اليوم بعون الله تعالى تنفذ ضرباتها إلى أبعد نقطة من جغرافيا العدوان، وأن تضرب أهدافها بدقة عالية، متجاوزةً مختلف المنظومات الرادارية الدفاعية الموجودة، وبالتالي هذه الميزة، من خلال العمليات السابقة، وثمّ إضافات أُخرى إليها اليوم، مثل صواريخ طوفان وعقيل وغيرها من الصواريخ البالستية والمجنحة، بأجيالها المختلفة كصواريخ قدس وما فيها من الرسائل من حَيثُ المسمى، أَو من حَيثُ القوة التدميرية والقدرة العالية على المناورة والوصول إلى الأهداف”.
ويشير الخبير شمسان إلى أن “هذا التطور في مختلف المسارات يعكس التطور في الجانب العلمي الذي تمتلكه صنعاء في ظل ظروف صعبة قاسية كادت أن تحرق المسافات الزمنية؛ مِن أجل الوصول إلى هذا المستوى من التقدم، وأصبح يحسب لها ألف حساب”.
وفيما يتعلق بالصناعات الدفاعية الجوية يقول شمسان: “إن العرض كشف عن منظومات جديدة لأول مرة من حَيثُ الرادارات، أَو أدوات البحث والتعقب والرصد، أَو من حَيثُ الصواريخ التي كشف عنها، وكان لها دور كبير في إسقاط العديد من الطائرات الأمريكية والصينية”، موضحًا بالقول: “إننا أمامَ عملٍ متكاملٍ واستراتيجية متكاملة لتطوير القدرات اليمنية، لتبلغ المستوى الذي تكون فيه قادرة على حماية السيادة اليمنية براً وجواً وبحراً”.