العدو الإسرائيلي يوسع دائرة التهجير والقتل في مخيمات الضفة

حرب صامتة تدور على أشدها في الضفة، في جنين تحديداً، مفردات الجريمة ذاتها في غزة يُكرِّرُها العدوُ في المخيم المنهك بالاعتداءات اليومية، بدءاً من الحصار الذي يصل يومه الثلاثين، بينما بلغ عدد الأسر التي فقدت منازلها بالتفجير أو الحرق 3000 أسرة شرّدت وهجرت من المخيم الصغير وتفرق أفرادها (قرابة 25 ألفاً) على مناطق الضفة.

يصف أهالي المخيم الجريمة بالنكبة الصغرى، نكبة لم تقابل بالإدانات، وغابت عنها المواقف وحتى البيانات، ما منح عصابات “جيش” العدو غطاءً من الصمت الكامل يشجعه على الاستمرار والتغوّل أكثر في دماء الفلسطينيين وأرضهم.

تقول اللجنة الإعلامية في مخيم جنين -في أحدث تقرير أصدرته- إن العدوان الإسرائيلي على جنين ومخيمها خلف 27 شهيدًا منذ 29 يوماً، أحدهم برصاص أجهزة أمن السلطة وعشرات الإصابات، فضلاً عن اعتقالات واسعة في صفوف الأهالي، طالت أكثر من 150 مواطنًا، والتحقيق الميداني مع المئات وسط عمليات ضرب وتنكيل وتهديد بالسلاح، كما طال الدمار الممنهج قطاعا واسعا من البنية التحتية والمشاريع والممتلكات والطرقات، بينما تؤكد المشاهد أن العدو يعمل على محو كثير من معالم المخيم، وإعادة تشكيلها وفق مخططات الضم.

وامتدت العملية إلى مخيمات لاجئين أخرى، ولا سيما طولكرم ونور شمس القريب، وكلاهما تعرض للتدمير الكبير حيث شرع العدو أمس في التحضير لهدم ستة عشر منزلاً.

تعرض فريق إسعاف فلسطيني تابع لجمعية الهلال الأحمر لاعتداء وحشي بالضرب من قبل “جيش” العدو الإسرائيلي في مخيم جنين. هذا الاعتداء، الذي وقع أثناء محاولة الطاقم نقل حالة مرضية بعد تنسيق مسبق مع الصليب الأحمر. وتأتي هذه الحادثة لتضاف إلى سلسلة طويلة من انتهاكات العدو الإسرائيلي التي تستهدف كافة أشكال الحياة بما فيها الطواقم الطبية الفلسطينية، والتي تشمل منع سيارات الإسعاف من الوصول إلى الجرحى، واستهداف المستشفيات والمراكز الصحية، واعتقال المسعفين والأطباء.

وفي سياق متصل، استشهدَ الفتى ضياء الدين أحمد عمر سباعنة (15 عامًا)، متأثرًا بجروح حرجة أصيب بها قبل أسبوعين جراء قصف للعدو الإسرائيلي استهدف بلدة قباطية قرب جنين، وكان الفتى يتواجد في محل والده عندما استهدفته مسيرة العدو.

وظلت المخيمات منذ فترة طويلة موطناً أصيلاً للمقاومة الفلسطينية ويعيش بها أحفاد اللاجئين الفلسطينيين الذين هجّروا من منازلهم في حرب عام 1948 خلال فترة النكبة.

وتعرضت المخيمات لمداهمات متكررة من عصابات جيش العدو الإسرائيلي، لكن العملية الحالية تجري على نطاق واسع وبشكل كبير وموسع، وبدأت بعد الاتفاق على وقف إطلاق النار في غزة، ويقول قادة كيان العدو إن “العملية غير محددة بمدة معينة وإنها ستستمر الى أجل غير مسمى”.

بالتزامن، لا تتوقف هجمات المغتصبين على القرى ومزارع الفلسطينيين، آخرها أمس في مدينة الخليل، وهو الهجوم الرابع منذ مطلع الشهر، ضمن هجمات يومية على مناطق الأغوار الشمالية، وجنوب غربي نابلس؛ حيث استولى العدو على أكثر من 16 ألف دونم في مناطق عدة شرق رام الله.

تؤكد الجرائم والاعتداءات اليومية أن مخطط الضم المقر في العام 2017م لم يعد تنظيراً بل تقريراً لمصير الضفة التي سيطر فعلياً حتى اليوم على 60% من أراضيها، ضمن سيناريو إعدام فكرة الدولة الفلسطينية، القشّةُ التي تعلقت بها المفاوضات وتمددت في ظلها التوسعات والمغتصبات.

ولم تتوقف جرائم العدو عند هذا الحد، بل امتدت لتشمل اقتحامات متكررة للقرى والبلدات الفلسطينية في مختلف أنحاء الضفة الغربية. ففي قرية بيتا، جنوب نابلس، اعتدى جنود العدو بالضرب المبرح على شاب فلسطيني، ما أدى إلى إصابته بجروح ورضوض. وأثناء اقتحام القرية، أطلق “جنود” العدو الرصاص وقنابل الغاز السام، ما أدى إلى اندلاع مواجهات مع السكان.

وفي قرية قُصرة، جنوب نابلس أيضًا، تكرر المشهد ذاته، حيث اقتحمت قوات العدو القرية وأطلقت الرصاص وقنابل الغاز السام بكثافة، ما تسبب في إصابة عدد من المواطنين بالاختناق، من بينهم أفراد عائلة داخل منزلهم، نُقلوا على إثرها إلى مركز طبي لتلقي العلاج.

وامتدت اقتحامات العدو الإسرائيلي لتشمل قرى تل وعصيرة القبلية جنوب نابلس، ومدينة طولكرم، حيث احتجزت قوات العدو شبانًا فلسطينيين ونكلت بهم.

وفي تصعيد خطير آخر، أقدم مغتصبون يهود على إحراق مركبات لفلسطينيين في قرية سوسيا بمسافر يطا جنوبي الخليل، في جريمة تأتي ضمن سلسلة اعتداءات المغتصبين المتواصلة على الفلسطينيين وممتلكاتهم، تتم بحماية كاملة من قوات العدو، التي توفر لهم الغطاء والدعم وحتى السلاح وبإشراف كبار مجرمي قادة العدو.

ولم تقتصر الاقتحامات في الساعات الماضية، على هذه المناطق، بل شملت أيضًا بلدات يعبد جنوب جنين، والخضر غرب بيت لحم، وبيت ريما واللبن الشرقية شمال وشرق رام الله، وأطلقت قوات العدو قنابل الصوت والغاز السام باتجاه المنازل والمحلات التجارية، وهي خطوات قد يعقبها عمليات اقتحام كبيرة على غرار ما جرى في جنين ويجري في طولكرم حالياً.

ومنذ بدء حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، صعّد جيش العدو الإسرائيلي والمغتصبون من اعتداءاتهم في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وقد أسفرت هذه الاعتداءات عن استشهاد ما لا يقل عن 917 فلسطينيًا، وإصابة نحو 7 آلاف آخرين، واعتقال 14 ألفًا و500، وفقًا للمعطيات الرسمية الفلسطينية.

قد يعجبك ايضا