العدوان السعودي على اليمن بات عبئاً على أمريكا
عاد السؤال عن حقيقة الدور الأميركي في العدوان والحرب السعودية على اليمن إلى الواجهة من جديد ، بعدما كشفت منظمة «هيومن رايتس ووتش» تورّط الولايات المتحدة في جرائم الحرب التي يرتكبها التحالف السعودي في هذا البلد حيث قالت المنظمة الدولية إن الغارات الجوية التي نفذها «التحالف» على سوق مستبأ الشعبي في منطقة حجة الحدودية جرت بقنابل زودته بها أمريكا ما أدى إلى مقتل 97 مدنياً بينهم 35 طفلاً ، ما اعتبرت ذلك جريمة حرب سواء أكانت متعمدة أم مستهترة .
وبناءً على هذا التحقیق ، تساءلت صحیفة «نیویورک تایمز» الأمیرکیة عن «من یجب أن نلوم حین تقتل الغارات الجویة مدنیین فی الیمن؟». ویستند هذا السؤال أیضاً إلى طبیعة الدور التی أقرّت به واشنطن فی بدایة الحملة العسکریة على الیمن قبل أکثر من سنة .
فی حینه ، أکد مسؤولون فی الإدارة الأمیرکیة أن دور بلادهم یقتصر على المشاركة فی تحدید الأهداف للتحالف السعودي بناءً على معلومات استخباراتية، إلى جانب تزوید الطائرات الحربیة بالوقود من الجو .
وفی التحقیق المیدانی الذی أنجزته «هیومن رایتس ووتش» فی الثامن والعشرین من آذار الماضی، وجدت المنظمة الدولیة فی السوق بقایا قنبلة «جی بی یو-31» موجّهة بالأقمار الصناعية، تتکوّن من قنبلة «إم کی ـ4» الأمیرکیة تزن 2 طن، بالإضافة إلى مجوعة توجیه عبر الأقمار الصناعية (ذخائر الهجوم المباشر المشترک JDAM)، قدمتها واشنطن أیضاً للریاض .
وأکدت الصحیفة الأمیرکیة أن « الصراع فی الیمن أصبح عبئاً کبیراً على الولایات المتحدة» . وبالرغم من أن الأخیرة لم تقاتل فی هذه الحرب مباشرةً ، إلا أنها تؤدی أدواراً مهمة «لا یمکن التحالف الاستغناء عنها» . و عُرضت أشکال الدعم الأمیرکی للریاض، بدءاً من تقدیم السلاح للسعودیة، الدولة الثالثة الأکثر استیراداً للسلاح فی العالم ، وصولاً إلى تعیین الأمیرکیین 45 عسکریاً لتنسیق المشاركة العسرة فت الحملة مع جنود من السعودیة والإمارات والبحرین.
وقالت الباحثة فی قسم الطوارئ فی «هیومن رایتس ووتش»، بریانکا موتابارثی ان «الأسلحة التی قدمتها الولایات المتحدة استُخدمت فی واحدة من الهجمات الأکثر دمویة ضد المدنیین في حرب الیمن، الأمر الذی یوضح لماذا ینبغی للدول إیقاف بیع الأسلحة إلى السعودية» ، و دعت واشنطن و حلفاء «التحالف» إلى توجیه رسالة واضحة للریاض، مفادها رفض المشاركة فی عمليات قتل المدنیین. فی المقابل ، حاولت الباحثة فی المنظمة نفسها والمختصة فی الشأن الیمني بلقیس ویلی ، إیجاد مخرج للأمیرکیین فی هذا المجال، عبر طرح احتمال عدم معرفتهم بأن السعودیین سیستخدمون الأسلحة ضد المدنیین حین باعوهم تلک الأسلحة .
إلا أن «ذنب الولایات المتحدة»، وفقاً لـ«نیویورک تایمز»، یمکن إحالته إلى السؤال الآتی : هل شارکت واشنطن فی تحدید الهدف فی خلال الهجوم على السوق، أو إذا کانت قد زوّدت طائرات «التحالف» بالوقود من الجوّ فی أثنائه، وفقاً لأشکال دعمها المعلن ؟
وفی رسالةٍ للصحیفة، قال المتحدث الرسمي باسم القیادة المرکزیة الأمیرکیة، باتریک رایدر ، إن القرار النهائی فی تحدید الأهداف المنوی قصفها، یقوم بها «التحالف»، لا الولایات المتحدة. «ولکن هل یعفی ذلک واشنطن من المسؤولیة»، تساءلت الصحیفة الأمیرکیة التی أشارت إلى «عدم الارتیاح» أبداه مسؤولون أمیرکیون خلال الأشهر الماضیة إزاء الطریقة التی تقود بها السعودیة الحرب ومن إطالتها لمدتها، بالإضافة إلى القلق من «تصفیة الحسابات مع الحوثیین» . ودعت الصحيفة واشنطن إلى البحث فی قضیة تصدیر السلاح للسعودیة، قائلةً إنه إذا لم تکن الریاض تستطیع أن تکون أکثر انضباطاً فی استخدام الأسلحة المدمّرة، فإن على الولایات المتحدة أن تعید النظر فی بیع الأسلحة لها، انسجاماً أیضاً مع دعوة البرلمان الأوروبی للحکومات الأعضاء قبل نحو شهرین بوقف تصدیر السلاح إلى السعودیة .
وفی سیاق متصل ، تطرّقت صحیفة «ذی واشنطن بوست» الأمیرکیة لقضیة أخرى تثیر التساؤلات عن دور واشنطن فی هذه الحرب. فإلى جانب اتهامها بالمشارکة فی ارتکاب جرائم حرب، ذکّرت الصحيفة بتحقیق وکالة «رویترز» قبل أیام قلیلة، حول إسهام هذه الحرب بازدهار تنظیم «القاعدة فی جزیرة العرب»، بعد توسّعه وسیطرته على أراضٍ واسعة فی الجنوب، مستغلاً الفراغ الأمنی. وکان التحقیق قد قارن مدینة المکلا التی یسیطر علیها التنظیم جنوبی الیمن، بمدینة الرقة السوریة، «عاصمة الخلافة» التی أعلنها تنظیم «داعش» .
وأکدت الصحیفة مقاربة التحقیق المذکور حول أن انشغال التحالف السعودی بمحاربة «الحوثیین»، سهّل لعناصر التنظیم المتطرف التوسع فی المدن الساحلیة. وفیما أشارت إلى المعطیات حول الواقع الاقتصادی والاجتماعی للتنظیم الذی تمکن من تکدیس ثروات طائلة بواسطة الأموال المنهوبة من الصارف فی المکلا (عاصمة محافظة حضرموت)، أنذرت من أن ذلک سیکون له نتائج مخیفة لن یمکن إنکارها.