بعد قيام ثورة 21 سبتمبر في العام 2014 م خططت أمريكا لشن عدوانها على اليمن عبر أدواتها في المنطقة تحت مسمى التحالف العربي الذي شن عدوانه على اليمن في 21 مارس من العام 2015 م، ولعل أبرز هذه الأسباب هو نجاح ثورة 21 سبتمبر 2015 م الرافضة للوصاية الأمريكية والسعودية،
لا سيما بعد أن وجدت أمريكا في تلك الثورة ثورة حقيقية لها قيادتها القادرة على تحريك الشعوب ضد هيمنة قوى الطغيان والجبروت الأمريكي الصهيوني، وكذلك أطماع الولايات المتحدة في مضيق باب المندب، المدخل الجنوبي للبحر الأحمر والثروات النفطية في اليمن والتي قدرت بأكثر من 30 % من الاحتياطي العالمي في محافظة الجوف ومحاولة لوأد أهداف ثورة 21 سبتمبر 2014 م ، في استكمال تحرير القرار الوطني والاستقلَال السياسي، من التدخل الخارجي في المسائل الداخلية، وضمان الشراكة الوطنية، فجاء العدوان الأمريكي استمراراً للتدخلات السابقة، وتعبيراً عن الثورة المُضادة المكونة من دول الاستعمار والتوسع الأجنبية وركائزهم المحلية.
– العدوان الأمريكي على اليمن:
في الثاني من مارس 2015م أي قبل 24 يوماً من شن العدوان، أعدت الولايات المتحدة الأمريكية آخر الترتيبات السياسية للعدوان، حيث قامت أمريكا عبر العميل هادي بنقل العاصمة اليمنية من صنعاء إلى عدن ونقل السفارات الأجنبية إليها، ويومها التقى السفير الأمريكي “ماثيو تولر” بهادي في عدن، وفي 26 مارس 2015م باشرت الولايات المتحدة الأمريكية عدوانها على اليمن، عبر الحلفاء بقصد ضرب الثورة اليمنية وإعادة نفوذها ؛ فمن واشنطن أعلن السفير السعودي لدى أمريكا عادل الجبير العدوان على اليمن وكان للإعلان من واشنطن دلالة هامة وواضحة بأن هذا العدوان أمريكي الهوية والإرادة والاستمرار، ومازال كذلك حتى اليوم وقد دخل العدوان عامه السابع وقد شهدت الولايات المتحدة الأمريكية تبدل ثلاث إدارات كلها تعمل في ذات الاتجاه.
وفي أول يوم للعدوان أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية أن الرئيس الأميركي، باراك أوباما، أقر تقديم الدعم اللوجستي والاستخباري “دعماً للعملية التي تقوم بها قوات مجلس التعاون الخليجي”. في بيان صدر عن “برناديت ميهان” المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي، وقال البيان الذي صدر بعد ساعات من العدوان على اليمن إن “الولايات المتحدة كانت على تنسيق لصيق بالرئيس هادي والشركاء الإقليميين، وإنه بسبب تدهور الأوضاع في المنطقة فإن المملكة العربية السعودية وبلدان مجلس التعاون ودول أخرى سيقومون بأعمال عسكرية لحماية حدود السعودية وحماية الحكومة اليمنية”، وأكد البيان الصادر عن مجلس الأمن القومي، أن الولايات المتحدة تنسّق مع السعودية ودول مجلس التعاون في شؤون تخصّ أمنهم ومصالحهم المشتركة ، وأن الرئيس الأمريكي لذلك أقر المساعدات اللوجستية والاستخبارية، أي أن الولايات المتحدة تكفلت بالجزء الأكبر من عمليات العدوان وتبقت المهام التنفيذية على المملكة السعودية، وأوضح البيان أن القوات الأمريكية لا تقوم بعمل عسكري مباشر في اليمن دعماً لهذا العمل، لكنها تقوم بإنشاء غرفة عمليات تنسيق مع السعودية، وذلك لتنسيق العمليات العسكرية والاستخبارية، إلا أنها تدخلت بصورة مباشرة.
-الغطاء الأمريكي للعدوان:
وفي 14 إبريل، 2015م وإمعاناً في الدعم الأمريكي للعدوان على اليمن، وفرت أمريكا لدول العدوان غطاءً دولياً شكلياً وذلك بدعم إصدار قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2216)، والذي يهدف في جوهره إلى التراجع بالوضع إلى ما قبل الثورة.
وقد كانت الولايات المتحدة تعد شريكا مباشرا في الحرب، وفي الثالث من أكتوبر 2016م لوحت أمريكا باستخدام القوات البحرية في العدوان والحصار، وأرسلت البحرية الأمريكية قوات خاصة إلى باب المندب في أعقاب الضربة على سفينة “سويفت” الإماراتية، ونفذت هذا التهديد ، ففي 13 أكتوبر من ذات العام 2016م شنت الولايات المتحدة الأمريكية أول ضربة عسكرية مباشرة علنية على اليمن ضمن تحالف العدوان، حيث اطلقت البحرية الأمريكية عددا من صواريخ كروز من طراز “توماهوك” على رادارات في ساحل محافظة الحديدة، وجاء ذلك بعد ادعاء العدوان زورا باستهداف الجيش واللجان لشعبية لبارجة أمريكية اسمها ميسون في المياه الدولية دون تعرضها لإصابات.
– الممارسات العدوانية الأمريكية:
عقب هذا التدخل العسكري المباشر العلني، بالإضافة إلى العدان المباشر والخفي وبالوكالة، مارست الولايات المتحدة الأمريكية تدخلات عدوانية عديدة في اليمن عسكرية وسياسية واقتصادية ودعائية، وأبرزها كالتالي: 2016م الضغط الأمريكي على قرار المفاوض اليمني، حينما هدد السفير الأمريكي الذي كان يحضر جلسات مشاورات الكويت بضرب العملة اليمنية ، وإغلاق المطار إذا لم ترضخ صنعاء لشروطهم.
30 يوليو، 2016م التدخل في القرارات السيادة اليمنية لإعاقة تشكيل مجلس سياسي أعلى ، إذ صدر بيان مجموعة السفراء المعتمدين في صنعاء: “تابعنا بقلق الخطوة التي اتخذها انصار الله والمؤتمر الشعبي العام في صنعاء بتاريخ 28 يوليو بتشكيل مجلس سياسي وهي لا تتوافق مع الالتزامات والنوايا الحسنة للسعي في تحقيق حل سلمي تحت رعاية الأمم المتحدة”.
2017م العدوان الميداني المباشر للقوات البرية الأمريكية، قام قائد القوات الأمريكية بالشرق الأوسط، الجنرال “جوزيف فوتيل”، بزيارة منطقة جيزان ودخلت فرقة القبعات الخضراء مسرح الأحداث في المناطق الحدودية مهمتها عادة مكافحة الحركات الثورية وهي الفرقة المسؤولة عن ملاحقة واغتيال المناضل الثوري الكوبي من أصول أرجنتينية شي جيفارا في 9 أكتوبر 1967م في بوليفيا.
9 نوفمبر، 2017م بيانات إدانة للأعمال الدفاعية اليمنية المشروعة ضد العدوان، البيت الأبيض يدين الرد اليمني ويعتبره هجوما على السعودية مدعوماً من إيران.
20 سبتمبر، 2017م هادي يلتزم بتنفيذ المطالب الأمريكية في استخدام الملف الاقتصادي في العدوان على اليمن ، بناءً على تهديدات السفير الأمريكي ، وقد ألتقى هادي بترامب في نيويورك، على هامش مشاركته في الدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة.
3 ديسمبر، 2017م التدخل الأمريكي المباشر في دعم فتنة ديسمبر في صنعاء ، السفير الأمريكي يعرب عن قلقه في ما أسماها “المواجهات في صنعاء”، وفي ليلتها كان الطيران الأمريكي قد شن غارات مساندة لمرتزقة علي صالح في العاصمة صنعاء واستهدفت عددا من النقاط والمواقع العسكرية لإحداث إرباك.
11 ديسمبر, 2017م العدوان الأمريكي يستخدم العناوين الإنسانية لمحاولة الضغط على صنعاء بعد وأد الفتنة، فقد صدر بيان السكرتير الصحفي للبيت الأبيض حول إدانة ما أسماه العنف والظروف الإنسانية في اليمن.
19 ديسمبر، 2017م بيانات الإدانة على الأعمال الدفاعية اليمنية المشروعة ضد العدوان واشنطن تدين ما تسميه “الهجوم الحوثي الصاروخي المتهور على الرياض ، ديسمبر 2017م التدخل الأمريكي في الجانب الاجتماعي القبلي والتحريض على حرب أهلية، السفير الأمريكي يحرض القبائل اليمنية ضد أنصار الله .
-أهداف العدوان الأمريكي على اليمن:
بعد زيارة “ولي ولي العهد” السعودي لواشنطن وعقد صفقتها بمليارات الدولارات مع الولايات المتحدة، بدأ الحديث عن نوايا المشاركة الواسعة للولايات المتحدة في بدء الحرب العدوانية على اليمن .. الموقف الأمريكي أصبح أكثر تطرفا في دعم الموقف السعودي بحذافيره تجاه الملف اليمني أثناء زيارة وزير الدفاع الأسبق ماتيس للمملكة واتفاقه مع النظام السعودي على بيع منظومات صواريخ بقيمة ستة وثلاثين مليار دولار.
ويمكن إيجاز أهداف العدوان الأمريكي على اليمن فيما يلي : اجهاص الثورة اليمنية التي قادتها حركة أنصار الله والتي تمكنت من إسقاط نظام الرئيس عبد ربه منصور هادي الحليف للنظام السعودي – الأمريكي والذي حاول شق الصف اليمني من خلال اتخاذه لمدينة عدن جنوب البلاد مقراً لتنظيم الجماعات المعادية للثورة والتنظيمات الإرهابية والتكفيرية لاسيما ” القاعدة و” داعش ” في مسعى لفصلها عن الإدارة المركزية في العاصمة صنعاء من خلال اللعب بالورقة الطائفية.
تشتيت قوى المقاومة التي تتصدى للمشروع الأمريكي في المنطقة بعد أن شعرت السلطات السعودية ومن خلفها الإدارة الأمريكية أن أنصار الله الذين رفعوا منذ بداية ثورتهم شعارات الموت لأمريكا والموت لإسرائيل أصبحوا قوة كبيرة قادرة على أداء دور مؤثر لصالح محور المقاومة، تحدث ماتيس في زيارته للمملكة السعودية أن الولايات المتحدة لن تسمح بأن يكون لإيران ذراع مسلح في اليمن يشبه حزب الله في لبنان وهي مجرد ذريعة لاستمرار العدوان على اليمن، و تحدث عن أن حماية حليفته السعودية من الصواريخ التي تقدمها إيران للحوثيين – حد وصفه – هو أيضا أمر ستعمل عليه الولايات المتحدة، إخضاع الجغرافيا اليمنية للهيمنة السعودية بالتذرع بدور إيراني ، أي أن المراد هو أن تكون السلطة السياسية في اليمن منسجمة كليا وخاضعة كليا للسلطة السعودية ، أو بعبارة أخرى لا يجب أن يترك اليمن خارج المنظومة الأمريكية ويجب أن يفقد استقلال قراره وأن يتم صهره لصالح (السعودية)داخل هذه المنظومة وانه اذا لم تتواجد المملكة السعودية في اليمن فهناك فراغ قد تتواجد فيه ايران يوما ما تبعا لوجهة نظرهم بالطبع.
إقامة حلف “الناتو العربي” ودمج الكيان الصهيوني لمواجهة الخطر الإيراني في المنطقة وتحقيق خطوة نوعية باتجاه تطبيع الدول العربية مع إسرائيل، وهذا ما لمسناه من مشاركة إسرائيل في العدوان على اليمن وفي إعلان الإمارات والبحرين تطبيعهما مع الكيان الصهيوني ومباركة زعماء الدول الرجعية لهذه الخطوة التي وصفها البعض بالحدث التاريخي نحو السلام.
منع حكومة الإنقاذ بقيادة ” أنصار الله ” من الاستفادة من الموقع الجغرافي الاستراتيجي الذي تتمتع به اليمن التي تشرف بشكل مباشر على خليج عدن ومضيق باب المندب البوابة الجنوبية الوحيدة للبحر الأحمر الممر الحيوي والحساس للملاحة البحرية على الصعيدين الإقليمي والدولي.
تكريس المشروع (الأمريكي – الصهيوني) في المنطقة من خلال دعم الأنظمة العميلة والرجعية لتنفيذ مشروع ” شرق أوسط جديد” في هذه المنطقة المهمة والحساسة من العالم.