العالم يستعد لمرحلة ما بعد نصر اليمن وسوريا..
– خلال ست سنوات ونصف مضت على حرب اليمن، كانت سورية مع بدايتها في ظروف شديدة الصعوبة عسكرياً، وكان الرهان على الوصول إلى تسوية مع روسيا عنوانها سورية من دون الرئيس السوري بشار الأسد، كانت المعادلة الدولية والإقليمية تشهد ترتيبات عنوانها، الاستعداد لمرحلة ما بعد الرئيس السوري وما بعد حسم سعودي في اليمن، وفي هذه الأيام مع تسليم العالم البعيد والقريب بنصر سورية، يستعد العالم للتسليم بنصر اليمن، حيث لا يمكن قراءة كلام معاون وزير الخارجية الأميركي الأسبق ديفيد شنكر، عن قرب استحواذ أنصار الله على مأرب، واعتبار النصر فيها إعلان انتصار نهائي في الحرب، واعتبار ذلك أسوأ سيناريو ممكن لكل من الرياض وواشنطن، من دون رؤية معنى ذلك كتسليم بنهاية دراماتيكية مفجعة للأميركيين وحلفائهم، غير متوقعة، في اليمن.
– الوقائع العسكرية الآتية من جبهات اليمن، تتحدث عن انهيارات في صفوف جماعة الحلف الذي تقوده السعودية، وتجميع قوات، وانسحابات، من كل الجبهات، اعترفت بها قيادة قوات التحالف ووصفتها بإعادة الانتشار، وهو المصطلح الرائج لتوصيف ما يصيب الجيوش عند تلقيها ضربة مؤلمة تضعضع قواتها، وفي الوقائع هروب قيادات والتحاق أخرى بأنصار الله، وشيوخ قبائل يفاوضون على مستقبل أدوارهم في السلطات المحلية او المركزية الجديدة، وأبواب مقرات المنظمات الأممية تشهد كثافة حضور من كوادر الأحزاب المناوئة لأنصار الله طلباً للحماية أو الإجلاء، ومشهد يكاد يشبه مشهد كابول قبيل الانسحاب الأميركي.
– مرحلة ما بعد تثبيت نصر الأسد ونصر اليمن، ستكون مختلفة جداً على الصعيد العربي والدولي، فكل من البلدين محوري في الجغرافيا السياسية والاستراتيجية وصاحب تأثير حاسم في توازنات المنطقة لا تسمح بتجاهل ما يجري فيه، كما لم تسمح من قبل، واحد يمسك بالبحر المتوسط وآخر بالبحر الأحمر، واحد يمسك بأمن كيان الاحتلال وآخر يمسك بأمن الخليج.
– الجميع يضع اليوم تخيلاته الافتراضية لشكل العالم الناشئ عن هذين الانتصارين، وكيفية التعامل معهما، والتسابق لفتح قنوات الاتصال بالمنتصرين قد بدأ، وهذا ليس غريباً، فالعالم فعلها مع طالبان، فكيف لا يفعلها مع قوى وقيادات ورئاسات وحكومات ثابتة على خطاب الانفتاح والاعتدال، والتمسك بالقانون الدولي، وفي مناطق استراتيجية يصعب تجاهلها.
صحيفة البناء