العاصمة صنعاء :استهداف “تيليمن” .. توحُّشٌ أمريكي سعوديّ جديد على “الاتصالات”
لا يفكِّرُ العدوانُ الأمريكي السعوديّ بطَيّ أحقاده وتوحشه الدائم على اليمن، فعلى الرغم من مرور سبع سنوات متتالية وما رافقها من مآسٍ وأحزان وفواجع وآلام، إلَّا أن بصماتِ التوحش لا تزال ماثلةً أمام الجميع، فالوجع الكبير الذي يتجرعه العدوّ في جبهات القتال يعوضه باستهداف المدنيين والأعيان والمؤسّسات التابعة للدولة.
وفي جديد هذا التمادي أقدم طيرانُ العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي فجر الاثنين 14 فبراير 2022 على استهداف الشركة اليمنية للاتصالات “تيليمن” في منطقة الجراف بالعاصمة، ليحولها إلى أطلال، مدمّـراً كافة تجهيزاتها الفنية والأَسَاسية، وملحقاً أضراراً جسيمة في المبنى والتجهيزات الفنية، وهي جريمة جاءت بعد أسابيع على استهداف مماثل لمبنى الاتصالات بمحافظة الحديدة، وتسببت حينها بتدمير البوابة اليمنية للإنترنت، ما أَدَّى إلى عزل اليمن عن العالم؛ بسَببِ انقطاع الإنترنت، واليوم تتكرّر المأساة، ليعزل العدوان اليمن عن العالم، وتتوقف عنه الاتصالات الدولية.
وَلتبرير هذا التوحش قدم العدوان الأمريكي السعوديّ جملة من التبريرات الساذجة جراء استهدافه لمبنى وزارة الاتصالات، حَيثُ أعلن تحالف العدوان أنه دمّـر منظومة الاتصالات التي تتحكم بالطائرات المسيَّرة شمالي صنعاء، مُشيراً إلى أن الاستهدافَ دمّـر منظومةَ اتصالات تُستخدَمُ لتشغيل محطات اتصالات أمامية للتحكم بالمسيَّرات.
ويثيرُ هذا التبريرُ الشفقةَ على العدوّ، إذ طالما ساق مثل هذه الادِّعاءات خلال جرائمه المتوحشة التي تستهدف المدنيين باليمن، ليتضح بعد ذلك عدم مصداقيتها، فالطائرات المسيَّرة تعرف من أين تتحَرّك، ولا تحتاج إلى الاختباء في الأحياء السكنية أَو المؤسّسات الحكومية، ليتضح في كُـلّ استهداف أن العدوان يحمل بصمات الحقد والكراهية، وأن الهدف من وراء هذه الغارات هو الانتقامُ من الشعب اليمني ككل.
ومن بين الأنقاض، عقدت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات مؤتمراً صحفياً، لتوضيحِ حقيقة ما جرى، ولتعرية العدوان الظالم، وكشف توحشه الآثم.
ووصف وزيرُ الاتصالات، المهندس مسفر النمير، هذا الاعتداءُ بأنه “سافر” و”جبان” ومخالف لكل الأعراف والقوانين الدولية والإنسانية، مُشيراً إلى أن الغارات على مبنى “تيليمن” تسببت في تدمير سنترال الاتصالات الدولية، ما أَدَّى إلى انقطاع الخدمات الصوتية الدولية عن المواطنين في جميع أنحاء الجمهورية.
ودعا المهندس النمير، إلى تحييد الاتصالات وخدماتها، مؤكّـداً أن استهدافها يمثل جريمة حرب.
ولفت إلى أن المبنى منشأة مدنية تقدم خدماتها لجميع المواطنين في محافظات الجمهورية بحيادية ومهنية عالية، داعياً الأمم المتحدة والمنظمات الدولية إلى زيارة موقع المبنى ومعاينة المكان للتأكّـد من صحة ذلك.
وخلال اتصال هاتفي بقناة “المسيرة”، أوضح الوزير مسفر النمير أن دولَ العدوان لا تلتزم بالقانون الدولي والإنساني؛ وذلك كون أمريكا تساندها في ذلك، منوِّهًا إلى أن “استهداف البنية التحتية جريمة حرب ونحن بصدد إعداد ملف قانوني لمحاسبة تحالف العدوان دوليًّا، مبينًا أن قوى العدوان تمنع دخول التجهيزات وتحظر تعامل الشركات الدولية معنا؛ بهَدفِ منع تطوير خدمات الاتصالات في اليمن”.
وتابع: “لدينا توجُّـهٌ حقيقي للنهوض بواقع المجتمع وتأمين أفضل الخدمات للمواطن اليمني رغم الحصار والتحديات”، مؤكّـداً أن الوزارة مُستمرّة في تطوير قطاع الاتصالات وأنها ملتزمة بوعدها للشعب في تطوير هذا القطاع مع مراعاة كُـلّ ما نعانيه من العدوان والحصار، مُشيراً إلى أن هناك تدخُّلاً من سفراء أجانب بشكل مباشر لمنع شركات دولية من تنفيذ أية اتّفاقيات معنا أَو توريد أجهزة متطورة إلينا.
وأكّـد النمير أن “إمعان أنظمة تحالف العدوان وعلى رأسها الإدارة الأمريكية يأتي في سياق محاولة قطع أية صلة للشعب اليمني وما يرتكب بحقه من جرم عن العالم ليتمادى في طغيانه”.
وبيّن النمير أن الاتصالات تقدم خدماتها لعموم المحافظات اليمنية منذ بدء العدوان وإلى اليوم، مؤكّـداً قيام الوازرة بإعادة خدمة الاتصالات إلى مأرب وسيئون وبعض المناطق الحدودية وذلك نتيجة قيام بعض العناصر التخريبية بقطع خطوط الألياف الضوئية.
وأوضح أن تلك الأعمال التخريبية والعدائية تهدف إلى عزل المحافظات اليمنية عن بعضها البعض؛ وذلك كون الاتصالات الشريان الوحيد الذي يربط مختلف محافظات الجمهورية.
وأكّـد أن ما يقوم به المرتزِقة من ادِّعاءات حول نقل الاتصالات هي عارية عن الصحة وأن ما يقوم به مرتزِقة العدوان من مشاريع تعد مشاريع شخصية؛ بهَدفِ الأرباح وابتزاز الشعب وما يثبت ذلك هو فشل بعض تلك المشاريع.
وتطرق إلى أن التصعيد العدواني على قطاع الاتصالات في الآونة الأخيرة أتى بتوجيهات أمريكية وبقنابل أمريكية.
من جانبه، أوضح رئيس مجلس إدارة وكالة الأنباء اليمنية سبأ، نصر الدين عامر، أن العدوان يمعن في استهداف المنشآت المدنية في جميع أنحاء الجمهورية.
وأشَارَ عامر إلى أن الهدف من دعوة وسائل الإعلام المحلية والخارجية اليوم هو معاينة ما قام به تحالف العدوان من استهداف لمنشأة مدنية وليس كما يزعم.
وفي السياق نفسه، أوضح عارف العامري ناطق وزارة حقوق الإنسان أن ما يرتكبه تحالف العدوان من جرائم استهداف الأعيان المدنية والمرافق الخدمية وخَاصَّة التي تمس حياة الإنسان بشكل عام يعد من جرائم الحرب التي لا تسقط بالتقادم، معتبرًا تلك الإعمال انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية والبروتوكولات الملحقة بها.
ولفت العامري أن قيادة تحالف العدوان تتخذ أُسلُـوباً همجياً من خلال التصريحات المسبقة وتحذير المواطنين والتي تأتي لتبرير أعمالهم الإجرامية الانتقامية التي تستهدف مصالح المواطن.
وأشَارَ إلى أن استهدافَ أبراج الاتصالات وبواباته ومرافقه بكل أشكالها نوعٌ خطيرٌ من الجرائم، مؤكّـداً أن تلك الجرائم بعد السقوط الكبير لتلك الأنظمة الغازية، أخلاقياً وإنسانياً.
وتطرق إلى أن الفشل العسكري لأنظمة تحالف العدوان جعلهم يستهدفون الأعيان المدنية والمؤسّسات الحكومية المدنية.
وطالب العامري محاكمة كُـلّ من تسبب في حصار الشعب اليمني واستهدافه المباشر بالقتل اليومي أَو عبر حصاره أَو استهداف المنشآت الحيوية ورفع القضية إلى محكمة الجنايات الدولية، مؤكّـدة عدم التزامها بالشرائع السماوية والقوانين الإنسانية وأخلاق الحروب.
وأختتم العامري حديثَه بالقول: “إن العدوان ما زال يعتقد نفسه وصياً على اليمن، متناسياً أن الشعب اليمني قد أطلق كلمته في الحادي والعشرين من سبتمبر 2014، منتزعاً سيادته الوطنية مضحياً بالغالي والنفيس؛ مِن أجلِ عزته وكرامته واستقلال أراضيه وحريته.
مسارٌ طويلٌ من الاستهداف
وَخلال السنوات السبع الماضية عاشت مؤسّسة الاتصالات اليمنية مساراً طويلاً من الاستهداف لأبراجها، ومحطاتها، ومبانيها في مختلف أنحاء اليمن، كما ارتقى العشرات من منتسبيها شهداءَ؛ نتيجة الغارات التي طالتهم وهم في مقار أعمالهم، وهو مسارٌ دأب عليه العدوان؛ بهَدفِ إضعافِ اليمن اقتصاديًّا، لتتحقّقَ غايتُه الكبرى المتمثلة في إعلان اليمنيين الاستسلامَ وإعلان الطاعة للعدوان.
وتشيرُ وزارةُ الاتصالات إلى أن خسائرَها جَرَّاءَ العدوان والحصار الأمريكي السعوديّ خلال السنوات الماضية بلغت أكثر من 5 مليارات دولار، حَيثُ استهدف العدوّ بشكل مباشر أكثر من ألفي موقع ومنشأة تابعة للاتصالات والبريد، وألحقت بهما دماراً وأضراراً جسيمة، كما دمّـر العدوان 23 % من البنية التحتية وَ24 % تدميراً جزئياً، إضافة إلى 774 منشأة ومرفق خدمي خاص بالاتصالات والبريد تم إغلاقه وإيقاف خدماته.
وبحسب وزارة الاتصالات، فَـإنَّ العدوان دمّـر 248 برجاً تابعاً لقطاع الاتصالات وألفاً و652 محطة اتصالات و46 منشأة سنترالات وألفاً و458 معدات قوى وتكييف و32 كبينة اتصالات، و28 صالة بريد، و50 وسيلة نقل بريدي و34 صرافاً آلياً، وأن 87 مدينة وقرية في اليمن تم عزلُها عن العالم بانقطاع خدمات الاتصالات والإنترنت لما يقارب مليوناً و315 ألفاً و724 مواطناً.. موضحًا أن 14 مليون مستخدِم تضرروا من ضعف تردي خدمات الاتصالات والإنترنت.
وأمام هذا الإجرام الكبير، يمارس العدوان الأمريكي السعوديّ الحظر الشامل والحصار على قطاع الاتصالات اليمنية، ويمنع دخول التجهيزات وأنظمة الاتصالات التي تأتي إلى اليمن.
صحيفة المسيرة