العاصمة اليمنية صنعاء تعيدُ رسمَ لوحة ثورية عريضة بحشود ثائرة في ذكرى شهادة الإمام الأعظم
بعدَ أسبوعَين على الحُشُودِ الغفيرة التي ملأت عشراتِ الساحات في كُـلّ المحافظات الحرة لتجديد الثورة في يوم عاشوراء، عاود اليمانيون الأحرارُ، أمس الثلاثاء، تجمهُرَهم الحاشد والكبير المليء بالثوران في وجه الطغاة والمستكبرين والمحرفين، وعززوا من إرادَة وعزيمة ثورتهم واستقاء الدروس من محطة فارقة أُخرى تحل على الأُمَّــة، وهي ذكرى استشهاد الإمام زيد بن علي عليهما السلام، حَيثُ ملأ مئاتُ الآلاف من أحرار الشعب عدداً من الساحات في عدد من المحافظات، في حين تصدرت عاصمةُ الصمود صنعاءُ على كُـلّ الساحات التي خرجت لإحياء هذه المناسبة التي تشد الأحرار إلى محطة ثورية رسخت من مبدأ الخروج على الظالمين وإصلاح الأُمَّــة وإنقاذها من بطش أعدائها، كما أحيت روحَ التضحية والفداء في سبيل الحرية والكرامة والعزة الحقيقية.
تعزيزُ إرادَة الثورة
ولأنها عاصمةُ الصمود كانت صنعاء على الموعد في صدارة المحافظات التي أحيت المناسبة، حَيثُ خرج عشرات الآلاف من الأحرار في العاصمة صنعاء، بمسيرة حاشدة تحت شعار “بصيرة وجهاد”، بحضور رسمي واسع، وشعبي أوسع منقطع النظير.
ووسط الهاماتِ المرفوعة التي تستقي المزيدَ من العنفوان والإصرار في مواجهة المستكبرين، رفعت الحشودُ الجماهيريةُ، الشعاراتِ واللافتاتِ التي أكّـدت على مواصلة الصمود والثبات والتضحية والمُضي على نهج الإمام زيد -عليه السلام- وثورته في مواجهة قوى العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي، وجرائمها بحق الشعب اليمني ونهب ثرواته منذ سبع سنوات، وإصراره على مضاعفة معاناته، في حين ردّدت الحشودُ هُتافاتٍ ندّدت باستمرار خروقات العدوان، وأكّـدت الاستمرار في النفير ورفد الجبهات ودعم المرابطين بقوافل المال والرجال لردع قوى العدوان، ومواصلة معركة التحرّر والاستقلال، ورفض الذل والخنوع والتبعية.
وأكّـدت الحشودُ الجماهيرية الاقتدَاءَ بالإمام زيد، والسيرَ على المبادئ والقِيم التي ضحى مِن أجلِها لنصرة الحق، والدفاع عن المستضعفين، ومقارعة الظالمين والطغاة، مشيرةً إلى أن الشعب اليمني يسير اليوم على نهج أئمة وقادة الإسلام العظماء في مواجهة العدوان، الذي يرتكب وما يزال جرائم بحق النساء والأطفال والشيوخ.
وفيما اعتبر المشاركون إحياءَ ذكرى استشهاد الإمام زيد محطةً تعبوية للأُمَّـة، لتعزيز وحدة الصف، والوقوف في وجه طواغيت العصر والمستكبرين، مهما كانت التضحيات، فقد شدّدوا على أن الشعب اليمني ماضٍ في ثورته ضد المستكبرين، اقتدَاء بالإمام زيد وثورته ضد الطغاة والظالمين.. معتبرين إحياء هذه الذكرى تجسيداً للارتباط بالإمام زيد والمنهج الذي تحَرّك؛ مِن أجلِه، لافتين إلى أن الإمام زيداً حمل رايةَ الحق -في زمن السكوت- ضد الظلم والباطل، الذي جسّد بثورته معاني الجهاد والتضحية، والتحَرّك في سبيل الله.
محطاتٌ تعزِّزُ دماءَ الثوران في وجه الطغاة والمحرّفين
ووسط تدفُّقِ الحشود وتعالي هتُافات الحرية والكرامة، ألقى مستشارُ رئيس المجلس السياسي الأعلى، العلامة محمد مفتاح، كلمة أكّـد فيها أن التاريخَ “يُكتَبُ لأبناء الشعب اليمني في أنصع صفحاته، أنهم من حازوا الشرف العظيم والفخر الكبير، شرف إحياء اليوم التاريخي المهيب الذي هو يوم من أبرز الأيّام في حياة المسلمين والبشرية، وإن تجاهله البعض ولم يهتموا به، فلن يقلل من شأنه وقيمته ومكانته”، مُضيفاً “أنه اليوم الذي نجدد فيه وفاءنا وولاءنا وارتباطنا بالنهج النبوي، اليوم الذي نُحيي فيه ذكرى استشهاد أحد أبرز عظماء المدرسة النبوية الإمام زيد بن علي، هذه المدرسة التي رسم معالمها خاتم الأنبياء -صلى الله عليه وآله وسلم- في يوم المساومة عندما جاء الأعداء يساومون النبي على رسالة الله ودينه، وأرادوا بذلك أن يضعفوا عزيمة من ناصروا النبي الكريم عليه الصلاة والسلام”.
ولفت مستشار رئيس المجلس السياسي الأعلى إلى أن الإمام زيد بن علي -عليهما السلام- استشهد على النهج النبوي وتحت الراية التي رفعها جده رسوله الله وجده الإمام علي وجده الحسين، وهم يخوضون أعظم الملاحم الفارقة في تاريخ الأُمَّــة، مُضيفاً “كان ذلك اليوم الذي أظهر فيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وذاب عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر منذ أن عرف يمينه عن شماله، وهو المنهج النبوي والطريق العلوي والمسيرة الحسينية والنهج الزيدي”.
وبيّن العلامة مفتاح جانباً من الأحداث التي واجهها الإمامُ زيد بن علي عليهما السلام، وحتى استشهاده، مردفاً بالقول: “لقد حمل الراية وفصل رأسه عن جسده وأحرق وصلب واختفت آثاره المادية وبقي أثره في دم كُـلّ مؤمن ووجدان وكيان كُـلّ مؤمن وحر”.
ونوّه إلى أنه “أراد الإمام زيدٌ بثورته أن يكشف هذا الزيف ويعيد الأُمَّــة إلى النهج والطريقة الصحيحة فسعى سعيه وبذل جهده وجاهد في الله حتى ظهرت راية الحق وهو يقول الحمد لله، لقد فزت وأخجل وأستحي أن ألقى رسول الله ولم آمر في أمتي بمعروف ولم أنه عن منكر”.
وأوضح مفتاح أن “هذا هو يوم العظمة والوفاء والتضحية ويوم المدرسة النبوية المباركة التي أحد أبرز أعلامها الإمام زيد بن علي بن الحسين عليهم السلام”، معبراً عن الفخر والاعتزاز بما يتميز به أبناء اليمن الميمون وتفردهم بإحياء هذا اليوم التاريخي لإيصال رسالة لأبناء الأُمَّــة المجيدة بالوفاء لرسول الله والمدرسة النبوية المباركة.
وفي حديثه عن المذهب الزيدي، قال العلامة مفتاح: “لا أقصد النهج الزيدي بطائفة أَو فئة أَو مذهب إنه النهج النبوي الذي سار عليه الإمام زيد ولا يوجد حق لأي مزايد مهما كان أن يدعي أن الزيدية طائفة أَو فئة أَو مذهب، إنما هي نهج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم”.
ودعا مستشار رئيس المجلس السياسي الأعلى كافة العلماء إلى ما دعاهم إليه الإمام زيد للاضطلاع بواجبهم وقراءة وتبيين الحقيقة للأُمَّـة وألا يستمر طغيان الظالمين والجبابرة إلى يوم القيامة وألا يحملهم التعصب على تبيين الحقيقية.
كما دعا كافة العلماء في المغرب العربي وشمال أفريقيا ومصر والسودان والجزيرة العربية إلى توضيح الحقيقة للناس وتحملهم المسؤولية، مبينًا أن نهج الإمام زيد -عليه السلام- هو النهج النبوي الصحيح والواضح والدقيق والذي لا لبس ولا شك فيه، نهج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
العِداءُ ضد أعداء الأُمَّــة في تصاعد حتى النصر
وفي خضم المسيرة الحاشدة بحضور عضو السياسي الأعلى محمد علي الحوثي ورئيس مجلس القضاء الأعلى، وعدد من قيادات الدولة، أكّـد الأحرارُ المشاركون في المسيرة، تمسك أبناء الشعب اليمني بقضايا الأُمَّــة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وتقديس المقدسات ورفض تدنسيها.
ونوّهوا في بيان مسيرتهم إلى أن عداء الشعب اليمني متصاعد ضد أعداء الأُمَّــة والدين وعلى رأسهم أمريكا وإسرائيل ومن سار في فلكهم، مؤكّـداً الرفض لأعمال الخيانة وكل أشكال التطبيع والعلاقات مع العدوّ الصهيوني من قبل أنظمة العمالة والخيانة.
وقال البيان: “نظرتنا إلى العدوان في ظل الهُـدنة المعلنة، نظرة القرآن نحو من لا يلتزمون ولا يفون بعهد ولا ميثاق ونحن نجدهم لم يلتزموا ولم يفوا بما عاهدوا عليه”.
ووجّه بيانُ المسيرة رسالة لقوى العدوان أن الشعبَ اليمني لن يهن أَو يوهن عزمه ولم تخمد جذوته ولن يفرط في هُــوِيَّته ولا استقلاله ولا عزته وكرامته.
كما أكّـد البيانُ موقفَ الشعب اليمني المبدئي في مواجهة العدوان وكله ثقة بنصر الله وتأييده مهما كانت التضحيات، لافتاً إلى أن مماطلة الأمم المتحدة وعدم ضغطها على دول العدوان بصرف المرتبات والوفاء بالتزاماتها بالهُـدنة، يكشف عدوانها مع المعتدين.
وَأَضَـافَ “إن شعبنا اليمني لن يتفرج على أعدائه وأذنابه ينهبون ثرواته ويرفضون صرف مرتبات أبناء اليمن من ثرواته، وإلا فَـإنَّ الضربات ستجعلهم يندمون”.
واعتبر البيانُ إحياءَ ذكرى استشهاد الإمام زيد، يجسِّدُ ولاءَ الشعب اليمني لله ورسوله وأهل بيته، والتأكيد على علاقته بالإمام زيد قائداً وقُدوةً والمضي على نهجه وثورته والاقتدَاء بصبره وثباته وتضحيته في مواجهة الطغاة والمستكبرين.