الطوفان القادم من اليمن يعصف بالهيمنية الأمريكية على الممرات البحرية
تقرير ـ جميل الحاج
تشهد البحار الثلاثة الأحمر والعربي والابيض المتوسط والمحيط الهندي تصاعدًا في العمليات العسكرية للقوات المسلحة اليمنية المساندة لمظلومية غزة، وبالرغم من التحرك الأمريكي والبريطاني في حشد وتشكيل تحالف دولي ضم دول غربية وأوربية، بما تمتلكه من بوارج وحاملات الطائرات وغيرة من العتاد العسكري المتطور، وشن عدوان أمريكي بريطاني على اليمن لحماية الكيان، إلا أن هذه العمليات للولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون لم تستطع وقف الهجمات اليمنية وفشلوا في حماية السفن ومصالح الكيان الصهيوني، ومعا استمرار العدوان على غزة وتصاعد العمليات المساندة عملت اليمن على تطور القدرات العسكرية الرادعة وفق احتياجات ميدان المعركة، هذا التطور العسكري اليمني تحدي المستحيل، وتسارعت خطوات التصنيع العسكري اليمني والتكتيكات العسكرية الفريدة في تنفيذ الهجمات البحرية التي شنتها القوات المسلحة اليمنية دعمًا لغزة.
وعلى النقيض مما تؤمله الولايات المتحدة وحلفها من إضعاف القدرات العسكرية اليمنية أو فتورها، أزاحت القوات المسلحة اليمنية خلال المواجهات البحرية عن أنواع جديدة من أسلحتها النوعية الفتاكة فائقة التطور التي دخلت معركة اسناد غزة للمرة الأولى وفاقت التقنيات التي يمتلكها العدو.
صنعاء مصممة على تطوير ترسانتها العسكرية وفقا لمتطلبات المعركة مع ثلاثي الشر العالمي “أمريكا وبريطانيا وكيان العدو الصهيوني، لتصبح قادرة على التغلب على المنظومات الغربية المنتشرة في المنطقة العربية وهزيمتها، وفي الأشهر الماضية اعلنت القوات المسلحة عن إنجازات عسكرية جديدة أثبتت فعاليتها العسكرية على أرض الواقع في مواجهة أحدث التقنيات العسكرية الغربية.
إعلام العدو يعترف بالفشل
ومع مرور الأشهر العشرة من العدوان على غزة في ظل تصاعد العمليات العسكرية اليمنية في البحار الثلاثة والمحيط الهندي واستهداف أكر من 180 سفينة بشكل مباشر وإحراق وإغراق عدد من السفن المرتبطة بثلاثي الشر توالت الاعترافات بفشل الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها عبر الإعلام الأمريكي والبريطاني نقلاً عن مسؤولين عسكرين عملوا ضمن القوات المشاركة العمليات لمنع اليمن من استهداف السفن المتوجهة للكيان الصهيوني.. البداية كانت عبر صحيفة “فورين بوليسي” الأمريكية والتي أقرّت بأن الجهود الغربية في البحر الأحمر لم تنجح في تحقيق أهدافها. كما أشار الخبير البحري في مركز الاستراتيجية والأمن البحري، سيباستيان برونز، إلى أن اليمنيين أثبتوا أنهم “قوة هائلة” على الرغم من الفارق الكبير في القوة العسكرية بينهم وبين القوات الغربية.
الإعلام البريطاني أيضًا اعترف بالفشل الأمريكي في البحر الأحمر، حيث نشرت صحيفة “التلغراف” البريطانية تقريرًا يؤكد أن “الحوثيين” هزموا البحرية الأمريكية. وأشارت الصحيفة إلى أن العمليات العسكرية من اليمن شهدت تصاعدًا في العدد والتنوع، بما في ذلك استخدام الطائرات بدون طيار، الصواريخ المجنحة والبالستية، وعمليات اقتياد السفن.
كما أشارت “التلغراف” إلى تراجع الوجود الأمريكي والبريطاني في المنطقة، مشيرةً إلى أن بريطانيا تواجه نقصًا في السفن الحربية القابلة للعمل. بينما تواصل القوات اليمنية استخدام الطائرات المسيّرة بشكل متزايد في عملياتها الهجومية ضد الأهداف البحرية الغربية.
تظهر هذه التطورات تفكك التحالف الغربي في البحر الأحمر وفشل استراتيجيته في مواجهة القوات المسلحة اليمنية، مما يعكس تحولًا في موازين القوى البحرية في المنطقة.
الجيش اليمني استخدم أساليب مختلفة وتكتيكات جديدة
وفي نفس السياق، تناولت صحيفة “ماري تايم إكسكيوتيف” الأميركية المتخصصة بشؤون الملاحة البحرية، قبل أيام، في تقرير لها التطور النوعي في استراتيجية الجيش اليمني، موضحة أن هناك تغير واضح في استراتيجية البحرية اليمنية في استهداف السفن.
وذكرت الصحيفة أن البحرية اليمنية قامت يوم الـ21، ويوم 22 أغسطس، بملاحقة سفينة بضائع واحدة لساعات، حيث شنوا عدة هجمات غير ناجحة ضد السفينة.
وأوضحت أنهم في المراحل المبكرة من حملتهم، كانوا عادة يشنون هجومًا على سفينة ثم ينتقلون إلى هدفهم التالي، لكن مؤخرًا بدأوا بمهاجمة نفس السفينة عدة مرات باستخدام مجموعة متنوعة من الأساليب المختلفة وتكتيكات جديدة، على سبيل المثال شهدنا ذلك مع الهجمات الثلاثة على ناقلات النفط الخام التي تديرها شركة دلتا تانكرز، قبل أن ينجحوا في تعطيل إحدى السفن في المحاولة الرابعة الواضحة لهم. ومع ذلك، استهدفوا نفس الناقلة مرة أخرى في هجوم أوقفته فرقاطة فرنسية حسب زعم الصحيفة.
فشل بعثة “أسبيدس” الأوروبية
شهدت بعثة “أسبيدس” الأوروبية، لحماية الكيان والتي أُطلقت تحت مسمي تأمين الملاحة البحرية في البحر الأحمر والخليج العربي، فشلاً ذريعاً في تحقيق أهدافها المعلنة. فبعد أشهر من العمليات، بات واضحاً عجز القوى الأوروبية عن مواجهة التحديات التي تطرحها القدرات العسكرية اليمنية المتنامية.
ورغم الادعاءات الأوروبية بتأمين الممرات المائية وحماية السفن التجارية، إلا أن الواقع يشير إلى عجز واضح عن مواجهة الهجمات اليمنية التي تستهدف بشكل أساسي السفن المتجهة إلى (إسرائيل).
فشل البعثة في تحقيق أهدافها أدى إلى انسحاب عدة فرقاطات أوروبية، وتأجيل انضمام سفن أخرى، مما يعكس ضعف الثقة في قدراتها على التعامل مع التهديدات اليمنية.
بعد أن عجزت بعثة «أسبيدس» الأوروبية عن تحقيق أهدافها في استعادة «حرية الملاحة» وفقاً للمفهوم الغربي – في البحرين الأحمر والعربي، تحوّل أداؤها على الأرض إلى محاولة رفع المهانة عن فخر الصناعات الأوروبية التي وقفت عاجزة أمام الأسلحة اليمنية، ولا سيما المسيّرات والمنظومات الصاروخية.
ويسعى الاتحاد الأوروبي إلى التعويض عن فشله ذاك، بإصدار بيانات عسكرية يتحدّث فيها عن اعتراض سفنه مُسيّرات أو صواريخ يمنية قبل أن تصيب سفناً تجارية، ويذكّر بمواكبة السفن العسكرية الأوروبية للسفن التجارية.
انتهاء عصر حاملات الطائرات البحرية
وخلال العقود الماضية سيطرة أمريكا على الملاحة في البحار والمحيطات كقوة كبرى ذات تراسانه عالية وكبيرة من الأساطيل وحاملات الطائرات المدمرات، ولكنها خلال المواجهة مع القوات المسلحة اليمنية التي استخدمه أسلحة وتكتيكات عسكرية حديثة، ظهر للعالم بأن عصر حاملات الطائرات قد انتهار وأصبح من التاريخ بعد فشلهم في ردع العمليات اليمنية.. وحول هذا الموضوع قالت مجلة “ناشيونال إنترست” الأمريكية، في تقرير حديث لها، إن التحدي الذي يشكله اليمن يُشغل ثلث قوة حاملات الطائرات الأمريكية، مما يقلل من تواجدها في مناطق أخرى ذات أهمية استراتيجية.
وذكرت المجلة أن الولايات المتحدة خصصت جزءًا كبيرًا من أسطول حاملات الطائرات لمواجهة التهديد من اليمن، مؤكدة أن الإدارة الأمريكية تتبع استراتيجية مُكلفة وغير فعالة في البحر الأحمر عبر تخصيص موارد كبيرة دون تحقيق نتائج ملموسة.
وأشارت المجلة إلى أن أمريكا اختارت إنفاق مليار دولار من الذخائر التي يصعب الحصول عليها لاعتراض الصواريخ والطائرات من اليمن.
وكانت المجلة قد أكدت في تقرير سابق لها أن عصر حاملات الطائرات البحرية القوية قد انتهى، وأصبحت الصواريخ والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت هي القاعدة في الحرب الحديثة.
وفي وقت سابق ذكرت شبكة “إن بي سي نيوز” أن حاملة الطائرات الأمريكية التي تعمل بالطاقة النووية دوايت أيزنهاور والتي سبق وأن استهدفتها جماعة “أنصار الله “الحوثيين” اليمنيين، ستغادر البحر الأحمر.
تآكل الهيمنة البحرية الأمريكية
في حين قالت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية، إن واقع المواجهة بين الولايات المتحدة وقوات صنعاء في البحر الأحمر وخليج عدن يسلط الضوء على “تآكل الهيمنة البحرية الأمريكية في المنطقة”، ويرسل رسالة مفادها أن الولايات المتحدة يتم ردعها، بدل أن تقوم هي بردع أعدائها.
ونشرت الصحيفة، تقريرا تناولت فيه أنباء قيام الولايات المتحدة بإرسال قطع حربية بحرية إلى المنطقة، وقالت إنه “في حين قد يعالج هذا الانتشار التهديدات المباشرة، فإنه لا يفعل الكثير لمعالجة الضرورة الاستراتيجية الأوسع نطاقاً، وهي استعادة الهيمنة الأمريكية في الممرات البحرية”.
وقالت الصحيفة إن “العام الماضي شهد إضعافاً لموقف الولايات المتحدة، وخاصة بسبب افتقارها إلى استجابة جريئة وقوية بما فيه الكفاية لردع الحوثيين”.
الموانئ فلسطين المحتلة تصاب بالشلل
أظهر الأحداث الأخيرة تأثير الحصار اليمني على الملاحة البحرية الصهيونية، حيث تجاوز تأثيره ميناء أم الرشراش (إيلات) على البحر الأحمر، وصولاً إلى ميناء أسدود على البحر الأبيض المتوسط. وقد أدت هذه التطورات إلى تراجع أرباح ميناء أسدود بنسبة تزيد عن 63%.
ومع استمرار الحصار الذي تفرضه القوات المسلحة اليمنية، والذي دخل شهره العاشر منذ بدء معركة “طوفان الأقصى”، بات هذا الحصار يشكل ضربة قاسية للاقتصاد الصهيوني. وبعد إعلان إفلاس ميناء أم الرشراش “إيلات” نتيجة الشلل التام الذي أصابه، بدأت تأثيرات الحصار تتسع لتشمل موانئ أخرى على البحر المتوسط في فلسطين المحتلة.
تُظهر هذه التطورات مدى قوة تأثير العمليات العسكرية البحرية على الاقتصاد الصهيوني، وتعتبر ضربة استراتيجية من الجانب اليمني في معركة استنزاف طويلة الأمد.
وبشأن الخسائر فقد أوضح تقريرين متتاليين في نهاية شهر أغسطس الجاري تكبد موانئ العدو خسائر كبيرة غير متوقعة.. فقد أقرت صحيفة “كالكاليست” الاقتصادية الصهيونية أن ميناء أشدود، أحد أكبر موانئ العدو في البحر الأبيض المتوسط، “فقد 63% من أرباحه خلال الربع الثاني من العام الجاري، بسبب تداعيات الحرب، وعلى رأسها الحصار البحري من اليمن، وتغيير طرق الشحن بعيدًا عن البحر الأحمر”.
وأشارت الصحيفة إلى أن قطاع السيارات في الکیان تأثر بشكل كبير نتيجة توقف مرور السفن عبر البحر الأحمر.
وفي ميناء أم الرشراش الذي يصفه العدو بأنه بوابته البحرية الجنوبية المشلول والمهجور منذ ما يقارب تسعة أشهر، والذي أعلن إفلاسه قبل عدة أشهر، كشفت الصحيفة أن إدارة الميناء تلقت وعودا بالتعويض ما لم فسيتم تسريح العاملين بنهاية العام الجاري مع استمرار الحظر اليمني التام على الميناء.. ولفتت إلى أن إدارة الميناء طالبت بحزمة مساعدات تشمل التعويض الكامل عن أجور ونفقات العمال بما يعادل اثنين مليون دولار شهريا.. موكداً أن التهدين اليمني نجح في إلحاق أضرار قاتلة بالميناء خلال شهر واحد.
وكان الرئيس التنفيذي لميناء “إيلات”، غدعون غولبر، قد أكد في وقت سابق، أن العمل في الميناء توقف كليا لعجز السفن عن الوصول إلى الميناء بسبب هجمات قوات صنعاء في البحر الأحمر، مشيراً إلى أن حجم خسائر الميناء بلغ 50 مليون شيكل (14 مليون دولار)، وهي قابلة للزيادة.