الطرمب ترامب ..يودّع ،، بقلم: أسعد العزوني
بالنسبة لنا كعرب إستلمتنا أمريكا عهدة من بريطانيا ،عندما أسهم الصهاينة الذين مكنتهم في فلسطين بإنهيارها بعد أن حققوا المراد منها ،نعتبر أن كافة الرؤساء الأمريكيين وتحديدا الذين تربعوا على عرش البيت الأبيض في السبعين عاما الأخيرة فاشلين، ما عدا الرئيس الراحل المغدور جون كينيدي الذي إغتيل بطريقة يهودية-صهيونية عام 1964 ،بعد إنتقاده إمتلاك مستدمرة إسرائيل الخزرية الصهيوينة الإرهابية النووية مفاعلا نوويا “مفاعل ديمونا ،وإنكشاف زيف إدعائهم بأنه مصنع للأقمشة والخياطة ،وقال للإعلام بعد إستدعاء رئيس وزراء المستدمرة آنذاك ديفيد بن غوريون وتوبيخه :إلى متى ستبقى إسرائيل فوق القانون الدولي؟ وليس مستغربا أن القضاء الأمريكي وحتى يومنا هذا لم يبت في جريمة إغتياله.
وتأتي نظرتنا إلى الماسوني الإنجيلي دونالد ترامب الذي سهلت له روسيا إحتلال البيت الأبيض،إنتقاما من دس أمريكا غورباتشوف في موسكو لتفكيك الإتحاد السوفييتي وهذا ما حصل إذ تشارك مع الرئيس بوريس يلتسين في إنهاء العظمة السوفييتية بتفكيك الإتحاد السوفييتي،وتنصيب أمريكا القوة العظمى الوحيدة في العالم وقبر ثنائية القوة التي كانت تمثلها أمريكا والإتحاد السوفييتي.
هذا الرجل الذي فاجأنا بنجاحه كان قد حذر الجمهوريين يوم الإقتراع، بأن الديمقراطيين سيقرصنون أصواتهم إليكترونيا ويحولونها إلى صندوق منافسته السيدة هيلاري كلينتون ،وكان لسان حاله يقول :تعالوا وخذوني ،بينما يقول المثل الدارج: كاد المريب ان يقول خذوني.
لا نريد الخوض في تفاصيل الدعم البوتيني لترامب ،ويكفي ان نعرف ان الرئيس بوتين يرتبط بصداقة متينة وربما هناك شراكة من نوع ما مع رجل الأعمال الماسوني ترامب ،وأن بوتين رأى فيه “حصان طروادة” ليثأر من تفكيك الإتحاد السوفييتي الذي لا يزال بوتين يتحسر أنه لم يستطع فعل أي شيء لمنع إنهيار الإتحاد السوفييتي وتفكيكه.
يعلم “القيصر” بوتين ان ترامب ليس رجل سياسة ولا خبرة لديه غير الإبتزاز وجمع المال من خلال شراكاته مع العرب والمسلمين ،ولديه طريقة سحرية بإغواء النساء،ومع ذلك رأينا كيف قام بوتين بتسهيل دخوله للبيت الأبيض ،متسلحا بجهله في السياسة وفي العلاقات الدولية ،وهذا ما ظهر عليه منذ اليوم الأول لتسلمه مقاليد الأمور في البيت الأبيض.
ظهر الإرتباك عليه مليا ،ورأينا كيف كان يستقبل ضيوفه ويشدهم إليه وهو يصافحهم ،وهذا أمر غريب في مجال الدبلوماسية ،كما أنه عندما كان يوقع على أي مذكرة تفاهم مع ضيف او ما أشبه ،كان يرفع توقيعه الطويل بكلتا يديه ،وهذا أيضا امر مستهجن في عالم الدبلوماسية ،وليس تجنيا عليه ان ما يقوم به دليل واضح على جهله بأمور الحكم.
كان ترامب يحاول تقمص شخصية القيصر بوتين كصانع قرار ،دون علم منه ان الإدارتين الروسية والأمريكية تختلفان في هذا المجال ،إذ ان الرئيس الروسي بوتين صانع قرار ،بعكس الرئيس الأمريكي الذي ينتخب ليكون منفذ قرار تصنعه المؤسسات الأمريكية،ولذلك نجد أن الرئيس الروسي يبدو قويا ،بينما يظهر الرئيس الأمريكي ضعيفا أمام صناع القرار في الكونغرس وربما كانت الأغلبية من خصومه .
لا يمر يوم على الرئيس ترامب إلا ويحمل معه قنبلة تتفجر في وجهه،بسبب جهله السياسي ،فهو يعلم جيدا ان الشعب الأمريكي لا يجمع عليه ،وأنه غير قادر على إدارة شؤون الولايات المتحدة كقوة عظمى في العالم ،وبسبب جهله إقترح تسليح المعلمين لمواجهة ظاهرة إطلاق النار في المدارس الأمريكية ،كما أنه عمق التناقضات بين أبناء الشعب الأمريكي ،ولا أغالي عندما أقول انه زرع بذور الإنفصال في الإتحاد الأمريكي،ناهيك عن سمعته السيئة بسبب تحرشه الدائم بالنساء ،وهذا بحد ذاته ملف قائم بذاته ويستطيع إخراج ترامب من البيت الأبيض.
منذ الأيام الأولى بدأت رياح التزوير تهب على ترامب ،وهناك قناعة تامة من الجميع بأن التزوير الروسي قد تم ،وقد عزز ذلك طبيعة العلاقات الأمريكية –الروسية مع انها ولزوم اللعبة توترت مؤخرا، ليبعد ترامب الشبهة عن نفسه ظنا منه انه يحكم جزيرة نائية شعبها غير معني بمن يحكمه.
ومن صور الفشل الذريع التي لازمت ترامب طريقة تعيينه لكبار مستشاريه ومساعديه ووزرائه ،إذ إتسمت تلك الطريقة بقلة الخبرة وإنعدام النظرة ،فكان يعين أحدهم ويمتدحه ويدافع عن قراره ،وبعد أيام يقيله فجأة بعد أن يكتشف ان ذلك المسؤول يصعب إنقياده، كما حصل مع وزير الخارجية تيلارسون الذي دافع عن قرار تعيينه وإختياره وزيرا للخارجية ،ولكنه فصله من عمله بتغريدة تويترية ، رغم انه كان في مهمة خارجية بإفريقيا وكان يوصف حقا بأنه حكيم البيت الأبيض ، وقد أطفا العديد من الحرائق الترامبية التي أشعلها ترامب بجهله وغبائه ،ويبدو أن هناك من دفع للرئيس ترامب كي يتخلص من تيلارسون ،ونخشى أن يكون الدور على وزير الدفاع ما تيس الذي وقع مع تيلارسون مؤخرا في واشنطن تحالفا إستراتيجيا مع دولة قطر المحاصرة.
أيضا فإن ملف التعيينات وإنهاء الخدمات بات ثقيلا ويعج بأسماء كبيرة وازنة ،ومع ذلك لم تنج من تهور ترامب وسيدفع ثمن ذلك غاليا ،لأنهم سيتحالفون ضده فهم بيوت خبرة ورجالات حكم وإدارة،ولذلك نراه هذه الأيام مثل”الحبة في المقلاة التي يغلي زيتها”،لأن ملف تزوير الإنتخابات يشبه كرة الثلج التي تتدحرج من على قمة الجبل وتكبر شيئا فشيئا ،وسيتم تخيير ترامب إما ان يستقيل أو يتم إنهاء حياته برصاصة من أحد ما يعمل لحساب جهة ما .
العدو اللدود لترامب المحقق موللر تجاوز الحدود ولم يرضخ للضغوط ،فها هو يصر على إستكمال التحقيق في ملف التزوير، ويستدعي الشهود ويفتح الملفات المتعلقة بالعلاقة ما بين شركات ترامب وروسيا ،وقد شهدنا موجات من الإتهامات لنجله الأكبر وصهره اليهودي كوشنير، الذي عينه كبير مستشاريه في البيت مع انه شاب غض فشل في إدارة شركته فتعثرت ،وحاول إبتزاز قطر لكن الدوحة رفضت التبرع له بالمال ،فتحالف مع المراهقة السياسية التي ناصبت بعد مجيء ترامب قطر العداء.
من المؤشرات التي تدل على إقتراب وقوع ترامب في الحفرة طرد صهره اليهودي كوشنير وزجته إيفانكا من البيت الأبيض ،بعد ان كانا يمثلان سياجا قويا له ،ما جعله وحيدا في البيت الأبيض،لأنه لا ناصر له هناك ،فهم يعرفونه جيدا وقد أسهم كبير المستشارين السابق السيد وولف في كتابه بعنوان”النار والغضب”بفضح الطريقة الترامبية في الحكم والتنبؤ بمصيره .
حاول ترامب التملص من قدره بأن إرتمى في أحضان اللوبيات وفي مقدمتها “الإيباك” كما نصحه اليهودي-الصهيوني كوشنير،وخروجه عن مألوف البيت الأبيض،بأن أعلن إعترافه رسميا بأن القدس المحتلة هي العاصمة الأبدية الموحدة لمستدمرة إسرائيل ،ويقيني أن هذا القرار والحديث عن ما يسمى ب”صفقة القرن” كان هو ثمن حماية اللوبيات له حتى يومنا هذا ،وهناك حديث عن تأجيله لصفقة القرن ولهذا الأمر قصة أخرى .