الصحفي عابد المهذري يكشف سر طيار التايفون المفقود ويحل أحجية فقدانه التي استهلكت تفكير البعض ..
(( العثور على “طيار التايفون” في سوق الليل ))
عين الحقيقة/عابد المهذري
هذا هو الطيار الملعون يا من تبحثون عن طيار التايفون وتطالبون بظهوره وتخوضون جدالا عقيما حول مصيره .. هاهو الطيار قد ظهر اليوم وامس ويظهر كل يوم ولا احد يراه ويتحدث عما يفعل الا القليل .. لأن الغالبية من أهل السياسة ومسئولي الحكومة ونشطاء الاعلام مشغولين بطيار واحد ومحدد ولا يهمم سواه .
الطيار قصف فجر وقت الفجر لوكندة شعبية في سوق الليل بمنطقة علاف مديرية سحار محافظة صعدة ؛ فأودى في حصيلة أولية ب28 شهيد و29 جريح وزاد في طريق عودته لقاعدته الحربية السعودية قصف سيارة مواطن محملة باكياس الدقيق في منطقة رغافة مديرية باقم محافظة صعدة فاستشهد اثنين واصيب ثالث .. وقبلها بيومين شن الطيار غارات على الابرياء في منطقة آل عمار مديرية الصفراء محافظة صعدة وسقط عدد من الشهداء والجرحى .. وهكذا يوميا في صعدة وصنعاء وحجة وعمران وتعز والحديدة والمحويت واب ومارب والجوف والبيضاء وريمة وذمار وكل قرى ومدن ومديريات ومحافظات اليمن ؛ يرتكب طيار وطيران العدوان مجازر حرب بالجملة .
يقصف الاسواق والبيوت والاحياء السكنية والفنادق والمساجد والمدارس والمستشفيات وصالات الاعراس وتجمعات العزاء والمطاعم والمنشآت الخدمية والمحلات التجارية والطرق والجسور والمصانع وثلاجات تبريد المياه وسيارات الأجرة وشاحنات النقل وحتى قطعان الاغنام وبسطات الخضار ومزارع الفواكه وآبار وخزانات الماء ، فيحصد ضحايا بالعشرات والمئات من الاطفال والنساء والشباب والمواطنين اليمنيين من كل الشرائح والفئات والانتماءات .. ولا يرف للطيار المجرم رمش جفن او يعتري قادته الاوباش ذرة خوف من عقاب رب السماء او عقوبة حكام الارض .. مطمئنا من تعرض مواطتي السعودية ودول العدوان من الانتقام اليمني المماثل لالتزام القوات اليمنية بأخلاقيات الحرب ومبادئ الدين الاسلامي القويم والفطرة الانسانية المجرمة لهكذا جرائم قتل وتدمير .
هاهو الطيار الذي نتعارك عبثيا منذ أيام على صحة سقوط طائرته والقبض عليه من عدمه ؛ يسخر منا ويتحدانا من على بعد 5000 قدم ولا يتورع عن امطار اراضينا وأهالينا بصواريخ وقنابل غاراته كل مساء ونهار وبلا توقف منذ قرابة ثلاثة اعوام .. اقترف خلالها طيران العدوان مئات المجازر وآلاف الجرائم ؛ بمئات الﻵلاف من الغارات الغاشمة التي سفكت دماء وارواح عشرات ألوف من ابناء يمن الحكمة والايمان ؛ الى درجة صرنا فيها نستبسط ونستسهل ونتكيف ونتجاهل لما يحل بنا من قتل واستهداف متواصل .. مما شجع العدو على التمادي أكثر والايغال في جرائمه بحقنا بحقد جنوني وشهية بطش وعنف يهتز لها عرش الرحمن ولا تحرك ساكنا في ضمائر شعوب العالم او يلقي لها بالا مجلس الامن والامم المتحدة والمنظمات الدولية المعنية .. كما لو ان الانسان اليمني محسوبا على كوكب المريخ بما يلزمه ودولته ان يدافع عن نفسه وبلده واطفاله وامهاته بذات المثل والفعل والقتل الذي يرتكبه الاعداء بحق المستضعفين اليمنيين القادرون لو قرروا ؛ على قطف روح ألف مواطن سعودي على الأقل في اليوم الواحد لو فتح الباب للقصاص والثأر بقانون الغاب وقواعد الجاهلية الأولى .. وهذه النقطة تحديدا لن يظل بابها موصدا الى ما لا نهاية مع اصرار العدو على ذبحنا بهذا الاستهرار .. فالصبر والحكمة التي تمنح القاتل اللعين الاعتقاد بأن عدم الرد هو عجز وضعف حيلة .
في الايام القليلة الماضية .. تعرضت مناطق سنحان ونهم وبني مطر وسفيان وحرض وتهامة وغيرها للقصف المكثف من طيران العدوان .. ونحن نتصارع فيما بيننا على سفاسف الأمور وهامشيات القضايا ولا نولي قضيتنا الاهم وملف مظلوميتنا جزء من الاهتمام .. اذ نكتفي في أفضل الاحوال بنشر صور الاشلاء واسماء الضحايا عند كل مجزرة .. او ننفذ حملة اعلامية بهاشتاقات مناشدة لسكان الكرة الارضية نتوسلهم المساعدة ونجهل ان صوتنا الاعلامي لا يصل لاقرب كيلو مربع في بلادنا ؛ فكيف سيصل لاقطار المعمورة بلا فكرة ولا خطة ولا استشعار الجهات المعنية لواجباتها مادامت الأرقام متضاربة والاحصائيات مجهولة والتقارير وتفاصيل الحوادث محدودة التداول في نطاق ضيق .. هل لدى مؤسساتنا الرسمية رقما او احصائية او توثيقا مفصلا يمكن الاعتماد عليه كمرجعية موثوقة بالمعايير الحقوقية والقانونية تلمتعارف عليها دوليا . بالتأكيد لا وجود لشيئ مما ينبغي وجوده منذ اول يوم عدوان ومن اول مجزرة .
يكفي ان نعترف بالاخفاق والتقصير في هذه المواضيع البديهية .. اذا اردنا ايقاف مجازر العدوان ووضع حد لنزيف دماء واراوح ابنائنا وشعبنا .. اما الانتضار لصحوة ضمير الآخرين في الخارج او الرهان على مبادرة قادمة المجتمع الدولي فذلك هو الهوان وضياع الوقت وزراعة اليأس والاحباط في نفسيات مجتمعنا الوطني .
لقد نسينا مثلا مجزرة العدوان الكبرى العام الماضي في الصالة الكبرى .. نسينا عشرات المجازر والجرائم الأخرى .. التي لو اهتمينا بها اعلاميا وسياسيا وعسكريا كما ينبغي .. لما وصل الوضع الى هذا المستوى من اللامبالاة المزدوجة من الداخل ومن تحالف العدوان .. كما لو ان الدم اليمني بات رخيصا ولا روح اليمني رخيصة لا تستحق سوى قليل من التباكي المصطنع في بيانات التنديد والشجب وتصريحات التهديد وكتابات استدار العواطف بتكلف واضح وفاضح .. بلا ايجاد خطط ورؤى تكون كفيلة بإنهاء الاستهانة والاستسهال واستمراء العدو في ارتكاب المزيد من ابشع الجرائم الوحشية .
صار اقتناعا بأن كل مجزرة لطيران العدوان ناتجة عن تنكيل ابطالنا بجنوده ومرتزقته ؛ غير لائق بإتخاذه مبررا كافيا ؛ يتخذه العدو عاملا مساعدا لمواصلة إجرائمه بلا هوادة .. لان هذه المبررات العقيمة اصبحت جوفاء ومستهلكة وليست اجراءات علمية وعملية مطلقا .
لقد صارت الأمور تتطلب تجديدا في طريقة واسلوب ادارة الملف الحقوقي والانساني والاعلامي .. وليس من العقل ان نظل متقوقعين خائري القوى وجامدي التفكير في ابتكار الوسائل المناسبة للمواجهة والردود الكفيلة بإيقاف المجازر الدامية .
نستطيع وحدنا الاقتصاص من تحالف العدوان وطيرانه وطياريه ونصب المشانق والمحاكم لهؤلاء المجرمين .. لو امتلكنا الارادة واضطلعت الاجهزة الحكومية ومسئوليها بمهامهم الملقاة عليهم وحدهم لا على الأجانب والغربيين وهيومن رايتس ومنظمة العفو ومحكمة الجنايات .
لن يكترث الاجنبي والغربي بأمرنا ونحن نتقرفص الفشل وننتظر الفرج من خلف المحيطات .
العدو يرتكب عمدا مجزرة بين كل مجزرتين .. يهدف لتتويهنا بإسرافه في القتل والبطش والتدمير واراقة الدماء .. يتعمد العدو دفن المجزة السابقة بمجزرة تالية .. يريد ان ينجو ونتورط نحن .
هذا هو الطيار وهذه هي عقليته وسلوكياته القذرة ؛ أيها المشغولون بالخلاف على طيار التايفون الذي قصف في الصباح سوقا شعبيا في علاف وأودى بخمسين مواطن يمني ضحايا بين شهيد وجريح .