الشعب يصادقُ على قرار القائد لمواجهة التصعيد الاقتصادي والإنساني
تفاقَمَ مأزِقُ العدوِّ السعوديّ بشكلٍ أكبرَ، مع تأكيدِ قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي على الموقف المعلَن بشأن الاستعداد والجهوزية لمواجهة التصعيد الاقتصادي والإنساني المساند للعدو للصهيوني، وفقًا لمبدأ “العين بالعين”، والتأييد الشعبي الكبير لهذا الموقف؛ الأمر الذي يضع الرياض ورعاتها الأمريكيين على شفا معادلة جديدة تنطوي على تحولات مفصلية كبرى تعزز الواقع الإقليمي الجديد الذي فرضته معركة (طوفان الأقصى) وثبَّتته جبهةُ الإسناد اليمنية في هذه المعركة.
مصادَقةٌ شعبيّة على قرارِ مواجهة التصعيد:
بعد أسبوع من تحذيراتٍ غير مسبوقة وجّهها قائد الثورة للعدو السعوديّ بشأن مآلات تورطه في التصعيد الاقتصادي والإنساني الذي تقوده الولايات المتحدة ضد الشعب اليمن، من خلال قرارات نقل البنوك وإغلاق مطار صنعاء والتحريض لإغلاق ميناء الحديدة، دفع قائد الثورة بقرار المواجهة إلى الساحة الشعبيّة للمصادقة عليه، وهو ما تم بإجماع جماهيري غير مسبوق شهدته ساحات الاحتشاد الأسبوعية في كُـلّ المحافظات وعلى رأسها العاصمة صنعاء التي عبَّرَ المحتشدون فيها بكل صراحة عن جاهزية عالية لمواجهة التصعيد وتأييد مسبق كامل لكل الخيارات اللازمة في هذا السياق مهما كانت التداعيات والنتائج.
هذه الخطوة نقلت قرارَ مواجهة التصعيد الاقتصادي والإنساني إلى مستوى قريب جِـدًّا من التنفيذ؛ وهو ما يشكل صفعة كبيرة للنظام السعوديّ ولرعاته الأمريكيين الذين بدا بوضوح أنهم كانوا يعولون على مواصلة استراتيجية الخداع والمماطلة لتمرير التصعيد؛ فالاستجابة الشعبيّة الاستثنائية للنداء الذي وجهه قائد الثورة في خطابه الأخير وطلب فيه من الجماهير التعبير بوضوح عن رفضها للابتزاز الأمريكي السعوديّ، أتمَّت الحجّـة بشكل تام على العدوّ، ويمكن القول إنها أطلقت عَدًّا تنازليًّا للانفجار الكبير، في حال لم يتدارك النظامُ السعوديّ موقفَه بسرعة وبشكل حاسم.
لا مساحةَ للمراوغات والمساومة:
وفيما لا تبدي الرياضُ وواشنطن حتى الآن أيةُ مؤشراتٍ على التراجُعِ عن التصعيد، مؤكّـدتَين بذلك على اندفاع كبير مشترَكٍ نحو مساندة العدوّ الصهيوني في مواجهة جبهة الإسناد اليمنية؛ فَــإنَّ الالتفافَ الشعبي حولَ القرار الشجاع المعلَن من جانب السيد القائد، يؤكّـد للسعوديّين والأمريكيين بالمقابل الجِدية التامة في الدفاع عن خيارات وحقوق الشعب اليمني، بما في ذلك خيار مساندة الشعبِ الفلسطيني بكل ما يمكن حتى إنهاء الإبادة الجماعية في غزة؛ وهو ما يعني أنه لا توجدُ مساحةٌ للمراوغات أَو المساومات التي قد يلجأ إليها الأعداء.
وفي هذا السياق فقد تحدثت عدةُ تقاريرَ خلال اليومين الماضيين عن معلومات حول “تأجيل” قرارات التصعيد الاقتصادي والإنساني وعلى رأسها قرار نقل البنوك، وهو ما يشير إلى محاولات مرتبكة لامتصاص رد فعل صنعاء، مع إبقاء هذه القرارات كأوراق ابتزاز؛ الأمر الذي تؤكّـد كُـلُّ المؤشرات أنه لن ينجحَ في إنهاء المشكلة؛ فطبيعة التحذيرات التي وجَّهها قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين والحوثي والموقف الذي عبرت عنه حشودُ الجماهير اليمنية في هذا السياق، تؤكّـد بوضوح أن تورط النظام السعوديّ في التصعيد الاقتصادي والإنساني الأمريكي ضد اليمن خدمة للعدو الصهيوني ليس مُجَـرّد خطوة استفزازية بسيطة، بل تحَرُّكٌ عدواني خطير يستدعي ردًّا حاسمًا لا مجال فيه لأية ألاعيب؛ فالحل الوحيد لتجنب الانفجار هو إنهاء التصعيد بشكل كامل، والتوقف عن استخدام حقوق الشعب اليمني كأوراق ابتزاز.
السعوديّة أمام اختبار حاسم:
ووفقًا للطبيعة الحاسمة والحازمة الواضحة لقرار مواجهة التصعيد الإنساني والاقتصادي، فَــإنَّ الحلَّ الوحيد يكمنُ في إنهاء هذا التصعيد بشكل تام، وليس “تأجيله” أَو تحويله إلى موضوع جدَل وورقة ضغط تفاوضية جديدة.
ويمكن القول إن الطريقَ لتجنب الانفجار الناجم هذه التصعيد يستدعي أَيْـضاً ضمانَ عدم العودة لاستخدام الحُقوق الإنسانية للشعب اليمنية كأوراقِ ضغط مرة أُخرى، وذلك من خلال إنهاء حالة المماطلة التي يمارسها العدوُّ منذ أكثر من سنتين؛ لتجنُّبِ التقدم نحو اتّفاق سلام واضح يحيد الاقتصاد اليمني والاستحقاقات الإنسانية بشكل نهائي، ويسمحُ بالوصول إلى حَـلٍّ شامل؛ لأَنَّ بقاء مطار صنعاء وميناء الحديدة والقطاع المصرفي تحت سيطرة الرغبات السعوديّة والأمريكية يعني تمديد حالة المعاناة وبقاء الوضع مرشَّحًا للانفجار بشكل دائم.
وبناءً على ذلك، فَــإنَّ السعوديّة قد أخطأت التقديرَ بشكل فاضح، من خلال تورطها في التصعيد الأمريكي ضد الشعب اليمني؛ فبدلًا عن الهروب من استحقاقات السلام وامتلاك أوراق ضغط جيدة، سلطت الضوء بشكل مباشر على خطورة استمرارها بالمماطلة والمراوغة ووضعت نفسها على شفا تصعيد تعرف جيِّدًا أن كُـلّ الأوراق التي تمتلكها لن تجديَ نفعًا في مواجهته أَو حتى تخفيف آثاره.
الانفجارُ الكبير:
وبالحديث عن تداعيات التصعيد، فَــإنَّ تحذيراتِ قائد الثورة قد رسمت صورةً واضحة وكافية للوضع في حال الانفجار، من خلال معادلة “البنوك بالبنوك والمطارات بالمطارات والموانئ بالموانئ” وبرغم أن هذه المعادلةَ لا تفصح تماماً عن أساليب واستراتيجيات الرد اليمني، فَــإنَّها تسلط الضوءَ على النتيجة الرئيسية الأهم وهي أن اقتصادَ العدوّ السعوديّ سيتعرض لضرباتٍ متنوعة وكبيرة وغير مسبوقة، وهو أمرٌ تعرف الرياض جديتَه وخطورته؛ لأَنَّها قد تعرضت خلال سنوات العدوان لضربات يمنية كبدتها خسائرَ فادحة، علمًا بأن شدة الضربات الجديدة ستكون أكبرَ بكثير كما أكّـد قائد الثورة بشكل صريح.
هذا الانفجار لن تقتصرَ تداعياته على العدوّ السعوديّ وحدَه؛ فمسارُ معركة مواجهة التصعيد سيكون مفتوحًا على كُـلّ الاحتمالات؛ ونظرًا لاعتماد الرياض على حماية الولايات المتحدة المنخرطة أصلًا في اشتباك مباشر مع جبهة الإسناد اليمنية، فَــإنَّ العملياتِ اليمنيةَ ستجمعُ بين ردع العدوّ السعوديّ والعدوّ الأمريكي معًا؛ وهو ما يعني تثبيتَ المزيد من المعادلات الإقليمية التي ستثبت مكاسبَ المراحل السابقة من معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدَّس” وستبني عليها مكاسبُ جديدة.
ومثلما ارتدت الحملةُ الأمريكية البريطانية لإيقافِ جبهة الإسناد اليمنية بنتائجَ عكسية عرضت مصالحَ أمريكا وبريطانيا للمخاطر، فَــإنَّ نتائجَ التصعيد الإنساني والاقتصادي الجديد لن تكونَ مختلفةً، فبدلًا عن “إشغال” الجيش اليمني وتشتيت جهوده، كما تأمل الولايات المتحدة، ستكون النتيجة هي ارتفاع وتيرة إضعاف النفوذ الأمريكي واستنزاف وجوده في المنطقة عسكريًّا واقتصاديًّا، بصورة سيصل تأثيرها أَيْـضاً إلى العدوّ الصهيوني الذي يعتمد على واشنطن بشكل رئيسي.