من يستطيعُ اليومَ أن يُـنْـكِـرَ أن هذا القادِمَ من (كهوف) مران -كما يحلو لبعض الأشباه أن يطلقوا عليه- قد استطاع في بضعِ سنينَ وبإمْكَاناتٍ ماديةٍ متواضعةٍ ومحدودةٍ أن يجيش معظم اليمنيين خلفه وخلف مشروعه؟!
أن يجعلَ من معظم الشباب رجالاً مقاتلةً وأسوداً ضاريةً ومن الشيوخ أئمةً ودعاةً مجاهدين ومن النساء حرائر وماجدات؟
تصفّحوا فقط في سجلَّات المجاهدين وتأمَّلوا في كشوف الشهداء.. وانظروا كيف كان حالُ معظمِ هؤلاء الشباب، وكيف أصبح اليوم!
ألم يكُنْ أكثرُهم في عوالم من التيه والضياع والضلالة ينعمون ويلعبون؟!
أين شبابُ (طيحني) وَ(اسكيني) ومتتبعو أخبار (الموضة) وأحدث قصَّات الأظافر والشعر؟!
أين متسكعو الطرقات والشوارع والأسواق؟!
أين مرتادو مقاهي الإنترنت وأماكن اللهو والغرام؟!
أين أُولئك (المتهبشون) واللصوص وقطَّاع الطرق؟!
لماذا لم نعد نراهم هنا؟! أين ذهبوا؟!
جميعُهم في الجبهات! إذ أن ثمة فكراً نيِّراً غيّرَ نفوسَهم إلى الأفضل.
فمنهم من ارتقى شهيداً ومنهم من لا يزال على العهد مُجاهِداً ومدافِعاً عن حمى هذه الأرض!
فماذا فعلت أيها السيد القائد العبقري؟!
وأية وصفةٍ سحريةٍ اتبعت حتى صنعت كُـلَّ هذا الفرق الهائل وهذا التحول العجيب في وقتٍ رماك العالم كله عن قوسٍ واحدة؟!
إنها عظمةُ المشروع.. يا سادة!
إنها عبقريةُ وحنكةُ القائد الذي أجبر المنصفين من خصومِه وأعدائه قبل أنصاره وأتباعه أن يقروا ويشهدوا له بذلك!
فأين مَن قلَّلوا من أهميّةِ هذا المشروع وسعوا إلى إجهاضه ووأده في المهد من هذا الثبات وهذه القدرة على التوسع والانتشار؟!
أين مَن شكَّكوا من قدرة هذا القائد العبقري على القيادة والإمساك بدفة السفينة؟!
أين هم من هؤلاء رجال الرجال الذين داسوا بأقدامهم وحطّموا طموحاتِ وأحلامَ كُـلّ أُولئك المتخمين في الجزيرة والخليج من أشباه الرجال والنساء؟!
تواروا جميعاً بعد سنواتٍ من النهيق والنعيق، فلم نعد نرى أَو نسمع لهم اليومَ ذِكْراً!