السيد القائد: المعركة لم تبدأ بعد.. والقادم أشد إيلاماً للعدو

عندما يتحدث السيد عبد الملك بدرالدين الحوثي عن أن حظر الملاحة الإسرائيلية ليس سقف الموقف بل خطوة أولى، وعن أن كل الخيارات العملية مطروحة على الطاولة إذا استمر العدو في تجويع غزة، فإننا لسنا أمام كلام عام أو تهديدات فضفاضة، بل أمام إشارة واضحة إلى ترسانة عسكرية جاهزة وخطط تصعيدية مدروسة تمتلكها القوات اليمنية اليمنية وهذا ليس حديثاً يعتمد على العاطفة، بل على واقع ميداني أثبتته سنوات من المواجهات ضد قوى أكبر بكثير، سواء كان تحالف العدوان السعودي أو السفن الحربية الأمريكية والبريطانية التي حاولت التدخل في البحر الأحمر. السيد الحوثي يضع العدو أمام معادلة بسيطة: كلما زادت جرائمه في غزة، كلما ارتفع سقف الرد اليمني وهذا الرد لن يكون مجرد استمرار للحظر البحري، بل سيمتد إلى خيارات أعمق وأكثر تأثيراً تعتمد على قدرات مثبتة وأخرى محتملة يمكن تفعيلها…

أول الخيارات المتاحة أمام صنعاء هو توسيع نطاق العمليات البحرية ضد السفن الإسرائيلية والداعمة لها. الحظر الحالي يستهدف السفن التي تحمل علم إسرائيل في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن والبحر العربي، لكن التصعيد قد يشمل سفن أمريكية أو غربية تقدم الدعم اللوجستي أو الحماية للعدو. اليمنيون لديهم صواريخ مضادة للسفن مثل “المندب” و”روبيج”، وهي أسلحة أثبتت قدرتها على إصابة أهداف على بعد مئات الكيلومترات بدقة عالية، كما أن لديهم طائرات مسيرة بحرية مثل “صماد” و”قاصف” مزودة برؤوس متفجرة يمكنها ضرب السفن المتحركة أو حتى الراسية. هذه الأسلحة ليست جديدة، فقد استخدموها سابقاً ضد سفن شحن مرتبطة بإسرائيل وضد فرقاطات التحالف في 2023 و2024، وأظهروا قدرة على تنسيق هجمات مركبة تجمع بين الصواريخ والمسيرات لإرباك أنظمة الدفاع الجوي البحرية.

التصعيد هنا قد يعني زيادة وتيرة الهجمات أو توسيع نطاق الاستهداف ليشمل أي سفينة تقدم دعماً غير مباشر لإسرائيل، مثل ناقلات النفط أو السفن التجارية التي تمر بمناطق العمليات وتتعاون مع العدو. هذا الخيار لن يكون صعباً تنفيذياً، لأن الحوثيين يمتلكون شبكة رصد استخباراتية متطورة تعتمد على الطائرات المسيرة والقوارب الصغيرة لتحديد الأهداف، وهم يسيطرون على سواحل اليمن الغربية التي تمكنهم من إطلاق الهجمات من مواقع متعددة.

لكن الخيار البحري وحده لا يكفي لفهم عمق التهديد الذي يتحدث عنه السيد الحوثي هناك خيار آخر أكثر جرأة وتأثيراً، وهو استهداف أهداف داخل الأراضي الإسرائيلية المحتلة مباشرة.

الحوثيون لديهم صواريخ باليستية بعيدة المدى مثل فلسطين 2 الفرط صوتي و”بركان” و”قدس”، وهي صواريخ أثبتت قدرتها على الوصول إلى أهداف على بعد أكثر من 1000 كيلومتر، كما أظهروا في ضرباتهم على منشآت أرامكو السعودية في 2019 و2022. إسرائيل ليست بعيدة عن هذا المدى، فموانئ مثل إيلات على البحر الأحمر أو حتى تل أبيب يمكن أن تكون ضمن نطاق هذه الصواريخ إذا أطلقت من شمال اليمن. هذه ليست مجرد تكهنات، فقد أطلق الحوثيون صواريخ ومسيرات باتجاه إسرائيل في وقت سابق خلال الحرب على غزة، وأعلنوا مسؤوليتهم عن ضربات وصلت إلى إيلات، وتل ابيب

لكن التصعيد قد يعني زيادة كثافة هذه الهجمات، باستخدام أعداد أكبر من الصواريخ والمسيرات في موجات متتالية لتشبع أنظمة الدفاع الجوي مثل “القبة الحديدية” أو “أرو”، مما يزيد فرص اختراقها وضرب أهداف حيوية مثل الموانئ أو المنشآت العسكرية أو حتى البنية التحتية الاقتصادية. هذا الخيار سيرفع التكلفة على إسرائيل بشكل مباشر، لأنه سيجبرها على تخصيص موارد دفاعية أكبر بعيداً وهو ما يتماشى مع استراتيجية صنعاء في استنزاف العدو على جبهات متعددة.

الخيار الثالث الذي يمكن أن يكون مطروحاً هو استهداف مصالح الدول المتواطئة مع إسرائيل، خاصة تلك التي تدعم العدو عبر المسارات البرية كما كشف تقرير البنك الدولي. السيد لم يحدد هذا الخيار صراحة، لكنه ضمن السياق العام لمواجهة كل من يساند العدو.

ولكن ربما يصبح استهداف هذه المسارات أو المنشآت المرتبطة بها خياراً عملياً. على سبيل المثال، يمكن استخدام طائرات مسيرة مثل “وعيد” لضرب الشاحنات أو المستودعات على طول هذه الطرق، أو حتى استهداف موانئ صغيرة تستخدم كنقاط تفريغ بديلة. هذا الخيار لن يكون سهلاً سياسياً، لأنه قد يفتح جبهة جديدة مع دول الخليج، لكنه ممكن تنفيذياً بفضل مدى أسلحة صنعاء وقدراتها على التخطيط لهجمات بعيدة المدى. الهدف هنا سيكون إرسال رسالة واضحة: أي تواطؤ مع العدو سيدفع ثمنه، وهذا يتماشى مع نهج الحوثيين في فرض الردع على كل الأطراف المعادية.

كل هذه الخيارات تعتمد على قدرات عسكرية حقيقية يمتلكها الحوثيون، من صواريخ باليستية ومضادة للسفن إلى مسيرات جوية وبحرية وزوارق هجومية، مدعومة بشبكة لوجستية متطورة تمكنهم من الاستمرار في حرب طويلة الأمد.

السيد عبد الملك الحوثي يتحدث عن “سقف عالٍ” للتصعيد، وهذا يعني أن القوات اليمنية مستعدة لرفع مستوى المواجهة إلى حد يجعل العدو يعيد التفكير في سياسته. الترسانة الحالية تسمح بضرب أهداف بحرية وبرية، داخل إسرائيل وخارجها، واستهداف حلفائها إذا لزم الأمر.

المعادلة هنا واضحة: الحوثيون يستخدمون مبدأ الردع الاستراتيجي. هم يقولون للعدو إن كل جريمة في غزة ستقابلها ضربة في مصالحه، سواء كانت سفن شحن أو منشآت اقتصادية أو حتى أهداف عسكرية.

كامل المعمري

قد يعجبك ايضا