السياسي محمد ناصر البخيتي يكتب:حجور تنتصر
تتكوّنُ حجور من خمس مديريات، منها مديرية كُشَر التي تتكوّنُ بدورها من خمس عزل منها عزلة العبَّيسة والعبادلة، أي أن العبَّيسة التي دارت فيها المواجهاتُ الأخيرة ليست سوى جزء من عزلة، كما أن حجور قد قدّمت مئات الشهداء في الدفاع عن الوطن في مواجهة العدوان.
هل لا زلتم تذكرون قصة عصابة طريق العمشية في سفيان بزعامة صغير بن عزيز التي كانت تنهبُ وتبتزُّ المسافرين ثم تحولت فجأةً إلى جماعة تقاتِلُ في سبيل حماية الدولة والنظام الجمهوري كغطاء لشرعنة جرائمها بحق المسافرين؟
إنها نفسُ العصابة الموجودة في العبَّيسة التي كانت تمارسُ مهنة النهب والابتزاز بحق المسافرين من قبل 2011 إلى أن تم تحريرُها قبل يومين، وما الحربُ التي اندلعت ما بين 2011 وَ2012 إلا بسببِ قطع الطريق وتوظيف تلك العصابة من قبل حزب الإصلاح لتصفية خصومته السياسية معنا.
سواء في العمشية أو العبَّيسة أو خمر أو أرحب أو غيرها، تبدأ القصة بتبني حزب الإصلاح لعصابة قطع الطرق ويتم تزويدها بالمقاتلين العقائديين والسلاح وتبدأ بالتحَــرّك باسم القبيلة ومن ثَمَّ باسم حماية النظام الجمهورية والدفاع عن الشرعية وعن أهل السُّنة ضد مَن تسميهم الشيعة الروافض.
انتهت حربُ كُشَر التي اندلعت نهاية عام 2011 باتّفاق فبراير 2012 برعاية علي القيسي محافظ حجة آنذاك ويوسف الفيشي عن أنصار الله وزيد الشامي عن حزب الإصلاح، وقضى الاتّفاق بإعَادَة الوضع إلى ما كان عليه قبل الحرب مقابل فتح الطريق، وهذا يفسِّرُ عدمَ دخول اللجان الشعبيّة لكشر بعد ثورة 2014 احتراماً لذلك الاتّفاق.
منذ بداية العدوان، استغلت عصابةُ قُطّاع الطرق فراغَ السلطة في العبَّيسة وسعت لتوسيع جرائمها؛ بهدف فتح جبهة في حجور خلف خطوط المجاهدين، ووصل عدد السيّارات المنهوبة على المجاهدين أو على أبناء المناطق المحسوبة عليهم إلى أَكْثَــرَ من ستين سيارة، فضلاً عن عشرات القتلى والجرحى وابتزاز كُـلّ المسافرين. على سبيل المثال جرت العادة على أن سائقي دينّات نقل الأغنام يضطرون إلى منح تلك العصابة أحد الكباش مقابل مرور كُـلّ دينّة.
وبينما كان قُطّاعُ الطرق يبتزّون المسافرين من أبناء حجور وما جاورها في مناطقهم وتسبّبهم في جرح ومقتل العشرات كنا نمنعُ أية أعمال تقطّع انتقامية للضحايا في مناطقهم على أبناء العبَّيسة؛ لأَنَّ هذا يتعارَضُ مع ثقافتنا خُصُـوصاً وأن أغلب قبائل العبَّيسة لم يكونوا متورطين في عمليات التقطع..؛ لذلك يلاحظُ الجميعُ خلوَّ مناطق سيطرتنا من أية أعمال تقطع بينما لا تكاد تخلو مناطقُ سيطرة خصومنا منها.
حرصت القيادةُ السياسيّةُ على حَـلّ المشكلة سلمياً عبر الوساطات وتم تكليفُ أبو مسلم الزعكري من قبل الرئيس صالح الصمّاد كوسيط ومن قبل الرئيس مهدي المشّاط الذي عيّنه رئيساً للجنة الوساطة بحكم علاقته القوية بالعصابة لكونه مَن كان يقودُ المعارك ضدنا في الحرب السابقة، كما تم تعيينُه عضواً في مجلس الشورى ونائباً لوزير الأوقاف والإرشاد.
استغل أبو مسلم مدةَ وساطته بترتيب وضع الجبهة بالتنسيق مع العدوان وقام بإدخال السلاح والمقاتلين، وكان آخرها إدخاله لعشر سيارات محملة بالمقاتلين والسلاح وإعلان الانضمام للعصابة رسمياً من خلال بيان نشره على حسابه في الفيس بوك، وبدأت المعركةُ بمهاجَمة العصابة لأبناء العبَّيسة نفسِها من آل جحاف وآل الدريني في قريتي القيم والحديتين، وتم قتل واختطاف بعض أبنائها وتشريد مَن تبقى من النساء والأطفال، كما قامت طائرات العدوان بقصف بيوت أبناء كُشَــر الرافضين للعصابة.
وبالمناسبة فإنَّ الصورَ التي نُشِرت على أساس أنها ضربات لصاروخ بالستي هي في الحقيقة لقصف الطيران على بيوت أبناء حجور.
بعد استنفاذِ كُـلّ فرص السلام قرّرنا حسمَ المعركة في العبَّيسة وهرب أبو مسلم الزعكري إلى الزعاكرة لتفجير جبهة أخرى هناك خدمةً للعدوان دون اكتراث لحياة أبناء منطقته المنقسمة على نفسها ما بين مؤيِّد للعدوان بقيادة أبو مسلم الزعكري وما بين معارض للعدوان بقيادة الشيخ محمد صالح الزعكري.