السياسي علي القحوم يقرأ في خطاب قائد الثورة في ذكرى استشهاد الإمام زيد عليه السلام
في خطاب استثنائي خارج عن المؤلوف بكل المقاييس خطاب صريح واضح لا يعتمد اللغة الدبلوماسية المنمقة ولا الرسائل السياسية المشفرة التي تتطلب تفكيكا عميقا وفهما دقيقا لصبر أغوار معانيها والوقوف على أبعاد مراميها..
حيث وضع النقاط على الحروف وطرق كل الجوانب والمشاكل والحلول وتناول قضايا أساسية ومحورية .. ليصبح الخطاب خارطة طريق هامة من شأنها إخراج البلد من براثن المؤامرات الأمريكية.. ويشمل القضايا الوطنية والدولية ويتضمن الرسائل المباشرة والغير مباشرة لتصبح بنية الخطاب ذات اتجاهات ثلاثة الاول عن مناسبة الامام زيد بن علي بن الحسين عليه السلام حيث يحييه أبناء الشعب اليمني في كل سنة وبشكل واسع وحضور جماهيري كبير ..حيث تحدث عن الإمام زيد ومحطات حياته والمدرسة التي درس فيها وعلى امتداد نفس الخط والمنهج الذي استشهد عليه الإمام زيد عليه السلام وبقية أئمة أهل البيت عليهم السلام ..
والثاني كان مرتكزا على وضع البلد والتدهور الاقتصادي والتحذير من مخاطر الاستعمار وعن الحرب الاقتصادية.. والتأكيد على العمل الشعبي لمواجهة وإفشال كل المخططات التآمرية على البلد .. فكان التأكيد اننا لن نسكت على ذلك بل سنتحرك مع بقية أبناء الشعب للحيلولة دون انزلاق اليمن في الحضيرة الأمريكية وسرد كثير من الحقائق والأعمال التي تمارسها أمريكا وعملائها في البلد .. وكيف تدار هذه المخططات وكيف تنفذ والتضليل الإعلامي الرهيب الموازي لهذه المخططات سيما رياح السلام .. والثالث عن التصعيد العسكري في الساحل الغربي والجبهات الاخرى ..
وبهذا قمت بكتابة هذه القراءة التحليلية وربما لا تفي بتفكيك وتشريح هذا الخطاب الهام بالتفصيل الذي يستحقه لكن سنكتفي بذكر النقاط المهمة التي أوردت في الخطاب وتحليلها لا سيما وانه مطلوب استرجاع الظروف التي أدت إلى إنتاج هذا الخطاب وإننا لا نريد أن نتوقف عند حد البنية السطحية لهذا الخطاب وإنما نتجاوزها إلى محاولة قراءة بمختلف الرموز والإشارات .. والدلالات لتحليل الهيكل للخطاب ونرصد الجوهر والتركيبه بين الإدراك الاجتماعي والإدراك الشخصي .. لقراءة ما بين السطور وما وراء الكلمات ومعرفة لغة الخطاب وهذا يستلزم دراسة لكل الوحدات البلاغية المتماسكة من حيث التركيب البنائي ومن ناحية المفاهيم والإجراءات النظرية والمنهجية والأهداف الكامنة في الخطاب ..
فالخطاب كان جامعا وشاملا ففيه الدعوة للتوحد والاصطفاف تحت مظلة القران ونبي القران والوعي والبصيرة .. ونبذ كل الخلافات التي يزرعها الغازي والمحتل وعلى أن يجمع الشعب اليمني شمله وتوحد كلمته التي تعزز موقفه في مواجهة التحديات والأخطار الكبرى التي تستهدف الجميع ولا تفرق بين احد لا بالاعتبارات الطائفية ولا الجغرافية ولا السياسية ..
السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي حفظه الله كان واثقا وثابتا على ما يقول فملامح وجهه في لغة الجسد تدلل على ذلك وتحرك اليدين تنبئ عن الحرص الشديد والمصلحة الوطنية على إخراج البلد مما هو فيه مطمئن ومحذرا في نفس الوقت .. فبنظراته الثاقبة والمحدقة تؤكد أن زمن بيع وشراء الأوطان قد ولى .. وان هذا هو زمن الشعوب فنبرة صوته تدلل على ذلك وكذلك إشارة أصبعه الذي ورائها الويل والثبور لمن يريد أن يعبث بأمن واستقرار البلد ومن يفتح الأبواب أمام الاستعمار الخارجي ..
فعندما نتحدث عن هذا القائد سيما وانه ليس مثل أي رجل يكون الحديث عنه اعتياديا بل انه قائد جسد معاني الانسانية وبرز في عصر الذلة والهوان والانكسار .. لتتحول بعد ذلك الهزائم إلى انتصارات ويرفع القيد ويجبر الانكسار ويطعم أبناء شعبنا اليمني طعم الحرية والكرامة .. ويقف حيث أراد الله أن يقف كل مسلم ويعرف من العدو ومن الصديق كيف لا وهو القائد الذي غير ملامح التاريخ وغير في الميازين العسكرية والمعادلات السياسية .. ولا يسعني أن أقول كما يقال أن هناك رجال صنعهم التاريخ واقعدهم على العروش في حين يوجد رجال هم من صنعوا التاريخ وسطروا على صفحاته حكايات لعروش هم صناعها الحقيقيون ..
وبالتالي فالخطاب حمل عنوان رسالة واضحه فيها طمئنه للداخل واهتمام بقضايا الأمة فعندما نجمع بين حسابات عوامل القوة والضعف وحسابات الفرص والمخاطر نلاحظ أن تأثير عامل أنصار الله قد أدى إلى تغيير كامل المعادلات وقد شمل الأبعاد الإستراتيجية في الجغرافيا السياسية والميزان العسكري .. فقد صب السيد الماء الساخن ليكون هذا الخطاب مفرداته وقعاً صاعقاً على رؤوس المتآمرين .. فالخطاب كان مهما ليس بسبب مفرداته القوية البلاغية فحسب بل بسبب المحتوى المضموني والذي ينطوي في مضمونه على ما يمكن تسميته اللحظة الإستراتيجية التي تشكل النقطة الفاصلة التي يجب أن تتم مراجعة كل الحسابات الإستراتيجية المتعلقة باليمن والمنطقة ..
في المقابل كان التركيز الكبير على الوضع المحلي لما له مدلولاته الواضحة سيما والبلد اليوم يمر بمنعطف خطير وحصار خانق ونهب الثروات واحتلال البلد والعدوان مستمر .. فوضع البلد اليوم ليس خفيا على احد ومن الواجب علينا أن نسعى إلى إخراج البلد من براثن المؤامرات الأمريكية والأجنبية .. ولهذا استدعاء الأمر من السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي حفظه الله أن يغوص في الوضع المحلي ويطرق كل الجوانب والمشاكل التي يعانيها أبناء شعبنا اليمني والمخاطر التي تحدق به فطرح المشاكل وطرح الحلول ..
وفي نفس الوقت لم تخلوا رسائل سماحة السيد حفظه الله في الخطاب للشعب والإشادة بالتحرك الشعبي والوعي والبصيرة في إفشال المؤامرات ..
كما اثبت الواقع والأحداث أن سماحة السيد لا يتحدث ولا يقول إلا ويتحقق ما يقوله لأنه يثق كل الثقة بالله وبهذا الشعب العظيم الذي يتحرك بوعي وبصيرة .. لان قوة الشعوب فوق كل قوة ولا تستطيع أي قوة في هذه الأرض أن تقهر الشعب اليمني لان إرادته قوية وصلبة .. ويتحرك في الاتجاه الصحيح لا يبالي بالضجيج الإعلامي الموجه والهادف إلى وهن عزائم الشعب اليمني والتقليل من الانجاز تلو الانجاز الذي يصنعه الشعب جنبا إلى جنب مع القائد الذي يزداد حبه في قلوب اليمنيين يوما بعد يوم .. والذي تحرك مع شعبه في إسقاط قوى الإجرام والفساد وواجه قوى الغزو والاحتلال لتتجلى بعدها العظمة وتلوح في الافوق بشائر النصر وينتصر الشعب وتنتصر إرادته وتبقى اليمن في الخارطة كما هي حرة مستقلة فقد صنع الشعب اليمني بتضحياته ويده المستقبل المشرق بعيدا عن الهيمنة والوصاية الخارجية .. ولا قلق على اليمن ما دام وهناك قائدا شجاعا وحكيما وشعبا عظيما يبادله الوفاء بالوفاء ويتحرك في ضوء توجيهاته فكل المؤامرات والرهانات خاسرة لا محالة .. فالشعب كل الشعب اثبت للعالم انه بحراكه والتزامه بما يصدر من القائد استطاع أن يحقق ما لم يحققه أي شعب من شعوب المنطقة لتصبح بعد ذلك الثورة اليمنية والصمود الأسطوري في وجه العدوان أنموذجا رائع يحتذى به ..
في المقابل أصبحت خيوط اللعبة مكشوفة وأدرك الشعب اليمني أنه مستهدف وان دول الاستكبار العالمي تطبخ مؤامرة كبيرة تستهدف البلد ولا يخفى على احد ما تمارسه أمريكا من إجرام وقتل لا بناء الشعب اليمني بوسائل متعددة ومؤامرات هي من تصنعها غير القنابل المحرمة والفتاكة التي تقذفها طائراتهم وطائرات عملائهم على اليمن بشكل يومي طيلة أربعة أعوام من العدوان قتل خلالها الالاف من ابناء الشعب اليمني .. فالمتابع للوضع في اليمن يجد أن هناك من يسعى إلى دفع البلد إلى الفوضى الخلاقة والانهيار الاقتصادي وهذه من فصول المؤامرة .. فالأمريكان يتحركون على جميع الأصعدة والمستويات سواء على المستوى الأمني والعسكري والسياسي والإعلامي والاقتصادي .. وكلا له سيناريو وأدوات محلية قذرة تنفذه بإشراف الاستخبارات المركزية الأمريكية وهذا ليس خفيا على احد .. فمن متى وأمريكا تسعى إلى مساعدة أي بلد عربي وإسلامي في نيل حريته واستقراره فازدواجية المعايير في السياسة الأمريكية باتت واضحة لا سيما انكشافها في التعامل مع ما يسمى بالقاعدة واثبتت الاحداث انها صنيعتها وأنها اداه تنفذ المشروع الامريكي في اليمن والمنطقة مثلها مثل بقية الأدوات من انظمة العمالة والاجرام كالنظام السعودي والإماراتي وغيرهم .. وبالتالي كل هذه الأعمال الحثيثة من قبل الأمريكيين لم تأتي من اجل اليمن ولا لمصلحة اليمنيين فأمريكا دائما وعبر التاريخ لا تسعى إلا لمصلحتها .. فهي صاحبة النظرية المشهورة “حروب دائمة من أجل سلام دائم “
فالامريكي يطمع في احتلال اليمن سيما وهي ذات الموقع الجغرافي الهام والاستراتيجي والغني بالثروات والمطل على البحر العربي والاحمر وباب المندب .. فهو جزء لايتجزء من المنطقة فأي تغير في الخارطة سيكون حاضرا فيها وهذا ما جعل الامريكان يهتمون باليمن ويعملون ليلا نهارا لفرض هيمنتهم وبسط سيطرتهم عليه وعلى مقدراته والذي بالفعل لازال بلدا بكرا لم تستخرج ثرواته بعد.. ولذلك القوى الاستكبارية تسعى دائما إلى رسم معادلات جديدة من خلال ورقة التكفير وما يسمى بالقاعدة وأخواتها واستجلاب المرتزقة من الجنجويد السوداني ومن شركات القتل والاجرام بلاك ووتر وغيرها في هذا العدوان فيتأتى لهم احتلال الارض ونهب الثروة .. وهذا من اجل تقسيم المقسم وإعادة رسم الخارطة من جديد لتصبح بعد ذلك تلك المعادلات الحاكمة للتوازنات الجديدة في اليمن والمنطقة .. وتكون أمريكا ودول الاستكبار العالمي هم المهيمنون على العالم ويكون أي تغيير أو استقرار إقليمي تحت المظلة .. ومن ثم تبدو قائمة على ثابتة واحدة هي الخروج التدريجي من المواجهات المباشرة إلى الزج بعملائها وعناصرها الاستخباراتية التي جندتها منذ زمن بعيد .. لتكون وقودا لحروب أمريكا في المنطقة وتحصد أمريكا الثمار بأقل الأضرار لتفادي الدخول في حرب مباشرة يكون مصيرها الخسران والهزيمة كما حصل لهم في العراق سابقا .. وهي من ذلك مستفيدة من رسم حدود أرصدة موائد التفاوض أو ما أنجزته عناصرها الاستخباراتية في محاولة لإثبات قاعدة تفادي كل مخاطر المواجهات الشاملة .. ومن ثم يصير الزمن اللازم لنهاية المسارات مقبولاً مهما طال الانتظار .. فهو ليس عاملاً ضاغطاً لسرعة الإنجاز تحت ضغط الحاجة أو القلق وليس بين العوامل التي يمكن أن تشكل عاملاً حاسماً في رسم النتائج .. ويصير المنطق الحاكم دعوا الأمور تبرد تدريجاً والمعادلات تقول كلمتها تحت سقف الخطر من دون تخطيه ولا مشكلة أن ننتظر مدة زمنية تقل أم تكثر حتى تختمر النتائج فكلّ شيء يستطيع الانتظار ..
فالوضع في البلد بات صعب والأمور تتجه نحو منعطف خطير سيجرف بالجميع إذا لم يتحرك أبناء الشعب اليمني ويكون هناك اصطفاف وطني لإنقاذ اليمن من براثن المؤامرات الأمريكية ..
وفي المقابل بعد كل هذه السنين من العدوان بات عنوان القوى الوطنية وعلى رأسها انصار الله ليس خفيا على احد بل كان ولازال عنوانا لمسمى حقيقي موجود على الأرض ارتقى بعمله النضالي وتضحياته الجسيمة إلى ما فوق حسابات السياسة وتقدير المصالح الضيقة .. والعناوين المؤطره والتقوقع في حلقة مفرغة تدور حول نفسها فهم غيروا مجريات الأحداث وأحبطوا وافشلوا كل المخططات الاستعمارية وهم بذلك يستحقوا بان يكونوا صمام أمان ليمن الإيمان والحكمة ولكل عربي ومسلم غيور على دينه ونبيه .. فهم فعلا ضمير الأمة ولسانها مهما حاول الأعداء عبثا أن يعيدوا هذه الأمة إلى مربع الاصطفاف والتخندق لحسابات محدودة وهم من يتخلقون بأخلاق القران في الرحمة ويمارسون أبوته السياسة لأنهم كبار ينأون بأنفسهم عن التفاصيل ويسمحون ويغفرون ويبادرون ويتواضعون في نفس الوقت فهم فعلا الرافعة الوطنية لمشروع وطني متحرر من الهيمنة والوصاية الخارجية .. فلا احد ينكر أن القوى الوطنية وعلى رأسها انصار الله تمثل معادلة صعبة على المستوى المحلي والدولي فهم كانوا ولازالوا ركن من أركان قلاع الصمود والعزة المتبقية في زمن الاندحارات .. ففي ظل هذه المعادلات تصير الحركة السياسية والإعلامية النشطة غير مؤهلة لإحداث الاختراق المنشود .. ومن ثم يتبلور المشهد اليمني ليرسم قاعدة حتمية انه لن يستقر اليمن ما دام والأمريكان ودول الاستكبار العالمي لهم اليد الطولا فيه ولذلك لا بد من قطع هذه اليد لتصبح اليمن أمنه ومستقرة ولكي لا تنحدر نحو الانهيار الدراماتيكي ..
وبالتالي لم يكن غريبا على بلد كثرة فيه التجاذبات الإقليمية والدولية وبات مسرحا لهذه التجاذبات أن يعلم الجميع أن هذا الوطن مهزوما فينتصر .. فهذا البلد المستهدف والذي يمثل وزنا كبيرا في الميزان الجغرافي في المنطقة يشده المد والجزر في إقحامه في صراعات جانبية المستفيد الأول والأخير منها العدو الأمريكي .. حيث يقضم الأرض وينهب الثروات وينتهك السيادة ويبني القواعد وينشر التفجيرات ويثير النعرات والفتن .. قد علمنا نحن اليمنيين أن فعل التقسيم لن يجدي نفعا طالما أن الأوطان برسم الصمود والمقاومة لها حد تنتهي عنده القسمة .. فالجزء الذي لا يتجزأ من الأوطان يفجر أكبر انتفاضة ويصنع معجزة النصر .. فاليمن اصغر حقا من أن يجزأ لكنة أكبر من أن يخضع ويهضم ويبتلع .. فدروس الصمود ضد العدوان تؤكد على حتمية النصر بالأولوية القطعية وهي ابلغ طريقة للتأكيد على أن ما لا يقهر في تقدير صناع الأوهام والمرجفين قابل أن يقهر شر قهر .. وان ما لا ينتصر في تقديرهم قابل أن ينتصر أعظم انتصار فما حصل في الساحل الغربي مثل مفاجئة للأمريكي وأدواته القذرة من السعودي والإماراتي وكسر أهم فقرات في العمود الفقري للمؤامرة مما تسبب في شل قدرة العدوان وإعلان الفشل والاعتراف بصعوبة المعركة فكسر جبروت امريكا ودفنت جحافلها في الرمال ..