السياسي اليمني علي العماد يكتب عن :مملكة “آل سعود” والانهيار المفاجئ
يكاد يجمع المراقبون والخبراء الدوليون، بأن ما تمر به المملكة العربية السعودية في الفترة الراهنة، من تطورات ومتغيرات جديدة، خصوصا، تلك الناتجة عن التصرفات والمغامرات المتهورة التي يقوم بها محمد بن سلمان وابيه في المنطقة العربية والمحيط الإقليمي، يأتي وفقا لمشروع تقسيم السعودية إلى 3 دويلات أو أكثر، ويبدو أنّ فصول هذا المشروع بدأت تطبّق تدريجياً في السعودية.
كما أنه بات من الواضح أنّ الزمن يمارس لعبته ضدّ البيت السعودي، فالنهج الذي تتبعه السلطات السعودية يمكن أن يحمل إليها مفاجآت كارثية، ومن المفارقات العجيبة أن ولي العهد محمد بن سلمان، يمثّل محور الارتكاز في سياق هذه المفاجآت التي ستقود إلى تقسيم السعودية، فبالإضافة إلى مغامراته المتهورة في المحيط الإقليمي، ستتسبب تصرفاته في حالة من الفوضى التي ستضرب السعودية، وذلك بسبب أفعال القمع التي تنفذها السلطات وتفشي الفساد والاعتقالات الجماعية. وقرارات الانفتاح في عقر دار الوهابية التكفيرية.
يضاف إلى كل ذلك، أنّ من يحرك ملفات هذا التقسيم في السعودية هم أصدقاء وحلفاء النظام السعودي، صنّاع القرار الأمريكي، وهم من يدرسون الخطط على الأرض ويتنبأون بالنتائج ثم ينفذون مخطط عملياتهم، ويبدو أنّ حجم الخطر الذي يواجه السعودية والمقبل عليها من حلفائها الأمريكيين، لم يغير حتى الآن، في رؤية النظام السعودي لطبيعة تعامله مع معظم ملفات المنطقة، وملفات الداخل السعودي كذلك، فتصرفات ومغامرات النظام السعودي تظهر أنه لم يدرك حتى الآن حجم مخاطر المشروع الأمريكي الذي يستهدف السعودية، هذا المشروع الذي دفع السعودية إلى الانزلاق نحو مستنقعات أرهقت السعوديون وتزيد من تفكك بنية المجتمع السعودي، وهو يهدف إلى توفير المناخ الخصب لتنفيذ فصول المشروع الأمريكي التقسيمي في السعودية، حيث تحتل المملكة العربية السعودية حوالي 80 في المائة من شبه الجزيرة العربية تقريبًا، وهي مساحة كبيرة جداً مقارنة بجيرانها العرب مثل قطر والبحرين والكويت والإمارات وعمان واليمن.
وبالطبع تأتى الأهمية الروحية للمملكة العربية السعودية من الحرمين الشريفين، كعبة المسلمين في جميع أنحاء العالم والمسجد النبوي ناهيك عن الإشراف على موسم الحج الذي يأتي إليه المسلمون من العالم أجمع.
وأيضاً تزيد الأهمية مع وجود احتياطي عالمي من البترول في أراضيها، وهو ما جعلها مطمع للقوى الكبرى التي لا تقنع أبداً بما تحصل عليه بل تريد تفتيت وحدة الدول العربية لتأتى بنظم جديدة تقدم تنازلات أكثر من السابق مرفقة بضمان أمن وتوسع إسرائيل.
ويرى عدد من الخبراء أن لمملكة آل سعود، وضعاً خاصاً لدى القوى الكبرى، التي تعلم مدى ارتباط الشعوب المسلمة بالحرمين الشريفين، لذا تتعامل مع خطة تقسيم السعودية بمنتهى الحساسية، وتحرص على تفجير المملكة من الداخل على عدة مراحل بحيث تنتهي المراحل المختلفة بمطالب داخلية تريد فصل بعض المناطق عن الأخرى، حيث يجري استهداف المملكة، من خلال تفكيك النسيج الاجتماعي، ومن خلال خلق صراعات عقائدية، كما هي الحال في التعامل مع الشيعة في القطيف، وغيرها من المناطق ذات الكثافة الشيعية، بالإضافة إلى خلق صراع سني سني، والذي يتمثل في فتح جبهة مع الإخوان المسلمين، وما هو حاصل الآن في الأزمة الخليجية بين قطر المرتبطة بالإخوان المسلمين، والسعودية الوهابية، يندرج ضمن هذا المخطط، وما يزيد من تعقيد الأمور أن لكل هذه الصراعات تبعات وأبعاد أمنية، أشبه ما يكون بكرة الثلج التي تزداد حجماً كلما تدحرجت أكثر، يضاف إلى كل ذلك عوامل أخرى خاصة بالعائلة المالكة التي بدأ انفراط عقدها نتيجة بعض الخلافات التي نشأت داخلها، خصوصا بعد إقالة ولي العهد السابق، محمد بن نايف، من منصبه، وفرض الإقامة الجبرية عليه وعلى عدد من أفراد العائلة المالكة.
ومن العوامل المساعدة أيضا، على تقسيم السعودية، يبرز البعد الجغرافي، حيث يقوم ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، وهو الحاكم الفعلي حاليا، وصاحب قرار شن الحرب على اليمن، على تجريف المناطق الحدودية مع اليمن، وكذلك مع العراق، وهي العملية التي تقود إلى طمس الملامح الحدودية مع جيران المملكة، وهذا ما يحدث فعلا على الأرض، حيث شهدت في الفترة الأخيرة، عملية ترحيل لآلاف الأسر من المناطق الحدودية، ومن هنا يسهل تقسيم المنطقة جغرافيا، وما يزيد الأمور أكثر تعقيدا هو المساحة الهائلة للمملكة العربية السعودية والتي يصعب معها حماية حدود الدولة، لكن يخطئ من يعتقد أن السعودية يمكن أن تتعرض لهجوم مباشر من قوى خارجية، بل على العكس سوف تظهر القوى الكبرى بمظهر المساند لوحدة الشعب السعودي، في حين أنّ جيشاً أخر سيخدم الولايات المتحدة من المغيبين وهم تنظيمي القاعدة وداعش، اللذان يمكن إغرائهما عن طريق أئمة الضلال الذين يمكن أن يكررون ما حدث في سوريا من إتهام السعودية بعدم تطبيق الشريعة ومحاربة الإسلام بعد الإجراءات السعودية الأخيرة ضد الإخوان الذين كانت تنوي أمريكا استخدامهم في إسقاط أنظمة الخليج، وقريبا سيتم خلق بؤرة للقاعدة وداعش، داخل الأراضي السعودية التي تتمتع بمساحة هائلة يمكن أن تغري عناصر تنظيمي القاعدة وداعش، بمحاولة السيطرة عليها لتحويل بلد المقدسات الإسلامية إلى دولة الخلافة المزعومة.
بحجة محاربة الانفتاح والفساد والمد الرافضي وهذا المشروع تحديداً يمكن أن ترعاه الولايات المتحدة، في حين ستبقى هي بعيدة عن الصورة، وتترك الأمور على الأرض لـ(القاعدة وداعش) للعمل على تفكيك المملكة من الداخل، وما يجعل هذا السيناريو قابلاً للحدوث هو وجود موالين للقاعدة وداعش، بكثرة داخل السعودية نفسها، وإذا استخدمت المملكة العنف ضدهم، فالسيناريو السوري جاهز للتطبيق.
كما أنه في حال استهدفت السعودية، فإن الحشود العسكرية على حدودها، مثل الحشد الشعبي العراقي والسوري واليمني، وغيرها من الحشود التي تحمل ثأرا كبيرا ضد النظام السعودي الذي زرع الألم والوجع في أكثر من مكان في محيطه العربي والإقليمي، ستعمل هذه الحشود على حماية الأقليات المضطهدة من قبل النظام السعودي.
وبالإضافة إلى العوامل السالفة الذكر، فإن الحروب الباردة بين السعودية وإيران، وكذلك بين السعودية ومصر، سيكون لها دورا بارزا في المساهمة بانهيار وتفكك السعودية، فمصر التي تمثل العمق العربي القومي، بالتأكيد تتقاطع مصالحها مع السعودية، وكذلك الحال مع إيران التي تمثل البعد الإسلامي الرافض للتواجد الأمريكي في المنطقة، وهذا ما سيسهل من انهيار المملكة وتشظيها.
فقط، علينا أن ندرك بأنه عندما تقرر القوى الكبرى تقسيم بلداً ما، فإنها لم تعد تلجأ للحل العسكري الذي ثبت فشله في أكثر من مكان، ناهيك عن تكلفته الباهظة، أكان ذلك في الأرواح أو المعدات، لذلك فإن هذه القوى صارت تلجأ لحروب الجيل الرابع التي تقضي بالحصول على أكبر مكاسب من خلال الحرب عن بعد، وباستخدام كل الوسائل الممكنة، مرتكزة في خططها على دراسة الدولة المراد تقسيمها من جميع النواحي الجغرافية والسياسية والدينية والاجتماعية والبحث عن نقاط ضعف يمكن النفاذ منها لتفجير الدولة من الداخل من خلال دعم طرف داخلي ضد آخر، أو دعم جميع الأطراف في وقت واحد لخلخلة ركائز الدولة عن بعد، ويكون الاعتماد في تلك الخطة على رجال المخابرات، كما هي الحال في الخطط التي تنتهجها المخابرات الأمريكية (CIA)، والموساد الإسرائيلي.
في وقت سابق، نشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية، تقريرا موسعا حول تقييمها لمستقبل المنطقة، وخصت فيه بشكل عام مستقبل الدولة السعودية، مشيرة إلى أنّ جميع صانعي الخرائط (الأنجلوسكسونيين) يتفقون فيما يخصّ السعودية على أنّ المملكة يجب ألا تبقى موحدة.