السياسي السوري خيام الزعبي يكتب : “أنصار الله” في الميزان… أبعاد الحرب على غزة

 

استطاعت جماعة “أنصار الله” الهيمنة على البحر الأحمر وباب المندب، وفرضت معادلات جديدة في المنطقة، فالعمليات التي قام بها “أنصار الله” والاستيلاء على السفن التابعة للكيان الصهيوني أو المتعاملة معه، وتحكمها في مضيق باب المندب الاستراتيجي كبد إسرائيل العدوانية خسائر اقتصادية كبيرة.

بالتالي إن سيطرة “أنصار الله” على السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر دعماً للشعب الفلسطيني وعملية “طوفان الأقصى” تشكل عامل ضغط كبير على أمريكا في المقام الأول ومن بعدها إسرائيل والغرب من أجل وقف العدوان على الشعب الفلسطيني والإبادة الجماعية وسياسة الأرض المحروقة التي ينتهجها تجاه قطاع غزة ورفح.

والنقطة الأهم أن القيادة اليمنية كانت تتابع من كثب سير العمليات العسكرية، وكانت على تواصل مع قيادات المقاومة، وكانت مستعدة للقيام بأي دور يُطلب إليها ضمن الغرفة المشتركة لمحور المقاومة، وبذلك استطاعت أن تكون اليد الطولي في الحرب الظالمة التي يشنها الكيان الصهيوني على قطاع غزة وعلى الأراضي الفلسطينية بوجه عام، واستطاعت أن تصل بصواريخها وطائراتها المسيرة إلى قلب الكيان الاحتلالي.

وقد أدى استهداف “أنصار الله” الملاحة الدولية في البحر الأحمر إلى انخفاض حركة الشحن عبر البحر الأحمر بـ90% منذ فبراير الماضي، وتأثرت مصالح أكثر من 65 دولة، وتم تغيير مسار ما لا يقل عن 29 شركة كبرى للشحن والطاقة بعيداً عن المنطقة، كذلك ارتفعت أقساط التأمين على العبور إلى 1% من القيمة الإجمالية للسفينة في نفس الإطار الزمني، وتقطع الطرق البديلة حول أفريقيا 11 ألف ميل بحري، وتستغرق ما يصل إلى أسبوعين من السفر ومليون دولار من الوقود.

ومع تزايد الوجود العسكري للولايات المتحدة في المنطقة، ينخرط “أنصار الله”  في عملية توازن يمكن أن تغيّر مسار الحرب في حال استمرار ” أنصار الله” بشكل مستمر في إطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار واستهداف السفن المرتبطة بأمريكا وحليفتها اسرائيل، لممارسة الضغط عليهما لوقف الحرب الظالمة على الشعب الفلسطيني.

لا بد من التأكيد أن واشنطن وفّرت منذ البداية الدعم اللامحدود (الدعم السياسي والعسكري والأمني) لإسرائيل في هذه الحرب، بل إنها قادتها عملياً، على اعتبار أن فشل الاحتلال سيشكل ضربة للمشروع الاستعماري الأمريكي ولمصالحه في المنطقة، وسيؤثر سلباً في الحرب في أوكرانيا ضدّ روسيا وفي الصراع مع الصين.

وبالتالي إن انضمام اليمن إلى المعركة رسالة للعالم مفادها أن فلسطين لم تعد بمفردها، وإنما أصبح لديها أخوة قادرون على دك العدو الصهيوني بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة فتكاتف فصائل المقاومة هي بمثابة سدّ منيع في مواجهة تنفيذ مخططات الكيان الإسرائيلي المشؤومة.

على خط مواز، فإن الخطأ الأكبر الذي وقع فيه نتنياهو هو سوء تقديره لقوة خصومه، وقدرة المقاومة اليمنية على الصمود، برغم الدعم الأمريكي-الغربي له، فضرب السفن الأمريكية والإسرائيلية أعطى رجال المقاومة مؤشر ودفعة قوية في هذه الحرب، لذلك وجد الجميع أن حركة “أنصار الله” كانت واضحة ودقيقة عندما قالت ” إن موازين القوى أصبحت للمقاومة وبايدن أصبح عاجزاً عن تحقيق أهدافه”.

لذلك نستطيع أن نضع أيدينا في “ماء بارد” لإدراكنا إدراكا يقينياً بأن أمريكا  وإستراتيجيتها ستلقى ذات المصير وذات الفشل الذي لقته أدواتها في سورية، وبهذا يتم إسقاط أول هدف من أهداف العدوان على غزة والمتجسد بمحاولة خلق حواجز تعزل الشعب الفلسطيني عن المقاومة ونهجها‏ المقاوم، لذلك ستظل غزة دوماً رأس حربة في وجه أمريكا والحصن المنيع بوجه الكيان العبري وبوجه إجرامه.

 

رأي اليوم/الدكتور خيام الزعبي

كاتب سياسي سوري

قد يعجبك ايضا