السلام وشمَّاعة الشرعية!..بقلم/أحمد يحيى الديلمي

 

منذ انطلاق كتائب الحق باتجاه تحرير مارب الأبية من براثن الاحتلال وفلول العملاء والمرتزقة قام العالم ولم يقعد ، الاتصالات بين الدول والمنظمات لم تنقطع لحظة واحدة والمشاورات جارية على قدم وساق ، يرتفع الحديث عن السلام هنا ثم يخفت في اتجاه آخر ، الكل يُبدي رغبة لإزالة العقبات التي كانت سبب فشل المفاوضات في السنوات الماضية ، إلا أن الانحياز الفاضح وغير المسؤول لما يُسمى بالشرعية المزعومة يبدو الأبرز في كل ما يجري ، مع أن الجميع يُدرك أن هذه الشرعية باتت في خبر كان منذ ست سنوات وأكثر ، ومن يتابع التصريحات الأخيرة لبعض من يزعمون أنهم أنصار الشرعية سيلاحظ أنها أصبحت من الماضي ولا وجود لها إلا في أذهان من يحاولون تسخيرها لخدمة مآربهم الذاتية الدنيئة، ويسخِّرون كل شيء لخدمة مجاميع فقدت ذاتها لا تزيد عن عشرة آلاف شخص عسكريين ونواب سابقين وسياسيين وإعلاميين ، أصبحوا يعيشون في دنيا الأكاذيب والخزعبلات ، يناقشون ويخططون ويفسرون في القنوات على هواهم ، المهم هو اختيار العبارات التي تُرضي ماكنة التحالف الإعلامية ، ولو اقتضى الأمر المتاجرة بمصائر الخلق والوطن ، ولو أن المتعاطفين أو المتباكين على هذه الشرذمة درسوا جدوى عقول هؤلاء الناس وتصريحاتهم لوجدوا أنها تدور في فلك الخداع وتسويق الأكاذيب وتزييف العبارات ، خاصة عند الحديث عن الانتصارات الوهمية وإصدار البيانات الرنانة للتغطية على الهزائم الكبيرة التي يتعرض لها المرتزقة ، لأن هدفهم واضح وهو ضمان تدفق المال والسلاح وكأن الغاية هي هذه وأنه لا وجود لدولة ولا وجود لغايات وطنية ، بل أن النزعات الوطنية قد تجمدت وأصبحت مجرد شعارات تلوكها الألسنة لمجرد التباهي.

وهنا تأتي الدعوات إلى الحوار والسير نحو السلام من عدة دول ، لكنها لا تتعدى محاولات رفع العتب وخطوات استباقية لاحتواء الحراك المجتمعي الذي يطالب دول أوروبا بوقف تدفق الأسلحة لدولتي العدوان الأساسيتين ممثلة في السعودية والإمارات ، وهو ما يحوّل الدعوات إلى شعارات اضطرارية يلجأ إليها الساسة في الدول العظمى ، لأنها لا تستند إلى قراءة واقعية لما يجري على الأرض ، ولا تدرك أن الأمور تزداد سوءاً وتعقيداً وأن الظروف والملابسات المحيطة كلها تغرد في وادٍ والواقع في وادٍ آخر ، حتى تلك اللفتة شبه اليتيمة التي وردت في بيان الاتحاد الأوروبي وطالبت بانسحاب القوات الأجنبية من أجل توفير الظروف الملائمة للحوار بين الأطراف اليمنية ، العبارة الأخيرة في البيان تعارضت كلياً مع اعتراف كبار المرتزقة وقولهم بأن التحالف هو من يُدير الحرب وأن فلول المرتزقة والعملاء لا علاقة لهم بهذه الحرب ، بل أنهم مجرد أدوات ووقود للحرب الظالمة لا يملكون من الأمر شيئا ، ألا يكفي هذا للدلالة على توجيه البوصلة نحو الطرف الحقيقي الذي يُشعل الحرب ، عندها سيجد العالم أن التحالف هو المسؤول وإن كان قد عاش ويعيش داخل شرنقة إعلامية سياسية اجتماعية خلقها لنفسه بعيداً عن الواقع الحياتي للناس وأصبح يُغرد عليها صباح مساء وهي عبارة الشرعية التي تواجه بتصريحات منافية تؤكد سقوط هذا المزعوم ، وأن هذه الدول إنما تسعى إلى تحقيق أهدافها الذاتية في السيطرة على موارد البلاد وإخضاع اليمن لإرادتها المشؤومة ، أي أن التحالف يتعاطى مع أوهام زائفة فبركها بنفسه ثم صدقها ، وأصبح يتغنى بها لا لشيء إلا لكي يُقنع العالم أنه يقاتل من أجلها وجاء إلى اليمن في سبيلها وقد تحولت إلى كذبة سمجة خاصة أن عدداً من كبار المرتزقة دحضوها وقالوا بالحرف الواحد أن لا علاقة لهم بما يجري على أرض الواقع ، مع ذلك فإنها ستظل عبارة مطاطة يوظفها الأعداء لتبرير وجودهم القسري في اليمن ، وأصبحت الشغل الشاغل لإعلام المعتدين تدور في فلك الخداع وتسويق الأكاذيب ، وهنا لا نستغرب عندما يتحدثون عن انتصارات وهمية لإقناع التحالف بضخ المزيد من الأموال والسلاح مقابل إخضاع التحالف للمرتزقة لإرادته وتجميد مشاعرهم تجاه الوطن والمواطن ، وها هي الأيام تكشف عن زيف تلك الشعارات الهلامية بالذات ما يجري في مارب من انتصارات يحققها الأبطال رجال الرجال مقابل الهزائم الماحقة التي يتعرض لها المرتزقة وشذاذ الآفاق من أتباع ما يُسمى بالشرعية المزعومة .

يا سادة؛ الشرعية انتهت بل أنها ولدت ميتة ودُفنت تحت الأرض من اللحظة التي مدد فيها ما سُمي بمؤتمر الحوار للدنبوع ، فكما قال السفير الأمريكي السابق “فريستاين” (من لا يملك أعطى لمن لا يستحق ) .

لذلك نجد أن دول العدوان الأساسية ممثلة في أمريكا والسعودية والإمارات تجاهلت دعوة الاتحاد الأوروبي تماماً ، لأنها هي من تسيطر على الأرض اليمنية وتعربد فيها كما تشاء ، وهو ما يجعل دعوة هذا الاتحاد مجرد أمنيات ، وبالتالي فإن الأمر يتطلب المصداقية وإخلاص النوايا من قبل من يتباكون على اليمن واليمنيين وأن يمعنوا في قراءة الواقع لكي تتوفر لديهم إرادة حقيقة تمكنهم من التعاطي مع الواقع بمفهوم واعٍ بعيد عن الزيف والتمويه والخداع ، عندها سيتحول القول إلى فعل و يمكن للإجماع الدولي أن يستعيد ثقة اليمنيين به ، خاصة إذا ما تحدد الطرف الحقيقي للعدوان وتم كشف المجاميع الهلامية الممثلة في عبدة الشيطان القابعين في دهاليز الحشد الزائف وكلهم وصوليون وانتهازيون فقدوا أدنى إحساس بالوطن ووصلوا في هذا الجانب إلى حد التبلد حيث يتباهون بقتل الأطفال والشيوخ والنساء من أبناء جلدتهم وتخرس ألسنتهم وهم يتابعون ضحايا أسلحة الدمار الشامل الأمريكية والبريطانية غير عابهين بما يجري لأبناء وطنهم ، فأي شرعية هذه!!؟ إنها بالفعل زائفة ومزعوم كاذب سقط منذ زمن مبكر ، والشرعية إذاً هي في أيدي وسواعد الأبطال الذين يبذلون المهج والأرواح لتحرير الوطن من الغاصب المعتدي وامتلاك السيادة والاستقلال بعيداً عن الهيمنة والتبعية القسرية ، فمتى يعي أنصار السلام مثل هذه الحقائق ؟! ويتعاملون مع الواقع بوعي واحترام للعقل الإنساني بحيث لا تظل الدعوات في إطار الشعارات الاضطرارية والخطوات الاستباقية وتفادي ما هو أعظم إن ظل الأمر كما هو عليه .

ما يُثير الدهشة إلى حد السخرية أنك تسمع قنوات تابعة للمرتزقة وهي تتباكى على الوطن والجمهورية بطريقة بشعة إذ يكفي الإشارة أن هذا التباكي يصدر من غرف الفنادق ولا علاقة له بالوطن ولا بأي شبر فيه ، بل هو معيار يكشف زيف الادعاءات الكاذبة التي تتحدث عن شرعية وما شرعية ، فهل تحدث صحوة عالمية حقيقة تتعاطى مع الواقع بمصداقية بعيداً عن الشعارات وترويج الكلام الزائف ، مهما يكن مارب ستعود إلى حضن الوطن بفعل بطولات الأبطال رجال الرجال ، ولن يتوقف الأمر على مارب ولكن هذه الأقدام الكريمة والإرادات الفولاذية ستصل إلى حضرموت وشبوة والمهرة وعدن وكل شبر يمني دنسه الأعداء بأقدامهم .. وإن النصر لقريب إن شاء الله .. والله من وراء القصد ..

قد يعجبك ايضا