السقوط في المستنقع اليمني.. بن سلمان وذراع بايدن الأمريكية…بقلم/حسن مهرج
Share
صادمًا جاء إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن نيته إنهاء الحرب في اليمن، وإيقاف الدعم الأميركي لدول العدوان، الأمر الذي جعل السعودية تشعر بالوحدة في المستنقع اليمني، وما زاد وحدتها الأنباء التي سُربت والتي تتعلق بنية الولايات المتحدة بدء التعاون مع الإمارات، لجهة وقف الحرب في اليمن، وبالتالي إقناع السعوديين بإنهاء الحرب اليمنية والخروج منها بحل سياسي؛ كل هذا دفع أبن سلمان إلى مراجعة حساباته في هذه الحرب، والبحث عن مخرج يجنبه المزيد من الكوارث سواء على الصعيد الداخلي، أو في ما يتعلق بالمستوى الإقليمي.
بايدن الذي تحدث صراحة خلال حملته الانتخابية عن ضرورة إنهاء حرب اليمن، لم يكن متوقعًا أن يُطبق ذلك واقعًا وخلال وقت يراه البعض حرجًا حيال توجهاتهم في اليمن، نتيجة لذلك بدت معالم الصدمة واضحة على ابن سلمان، تُرجم ذلك عبر تغريدة تأتي في إطار الغوغائية، حيث غرَّد خالد بن سلمان نائب محمد بن سلمان ولي العهد السعودي ووزير الدفاع، أن “بلاده لا تزال تسعی لتحقيق أهدافها في الحرب اليمنية بكل حزم”، لكن في المقابل فإن السعوديين أنفسهم يدركون جيدًا أنه ليس لديهم الوقت لتضييعه، فلا ظروف مناسبة للبدء بمناورة سياسية تكون قادرة على التأثير في القرارات الدولية وتحديدًا الأمريكية من أجل مصالح السعودية أبن سلمان الخاصة.
ما يسمى بالتحالف العربي بقيادة السعودية تألف من 16 دولة، وشنَّ هذه الحرب المدمرة على اليمن، لكن وبعد مُضي سنوات الحرب، بدء عقد التحالف بالتفكك، مع غياب واضح للمحددات الموجبة لهذه الحرب، فضلًا عن حجم الخسائر التي مُني بها المعتدين، والآن مع الوعود التي قطعها بايدن لجهة وقف الدعم العسكري والسياسي الأمريكي للسعوديين في العدوان على اليمن، وجهوده لإنهاء هذه الحرب من خلال العلاقات الدبلوماسية والسياسية عبر المفاوضات، تجد السعودية نفسها الخاسر الأكبر في هذا المجال، وللتذكير فإن جهات إقليمية ودولية كثيرة قد نصحت السعودية في الماضي بضرورة إيجاد حل لخروج مشرف من هذه الحرب، لكن أطماع السعوديين في رفع سقف شروطهم ومطالبهم دفعتهم إلى هذا المأزق الذي يواجهونه اليوم.
وفي هذا الصدد، اتصل المبعوث الأمريكي الخاص لليمن روبرت مالي مؤخرًا بوزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد، وشدد عبدالله بن زايد في هذه المكالمة للجانب الأمريكي على استعداد الإمارات للتعاون مع إدارة بايدن لتخفيف التوترات الإقليمية، لكن يبدو أن السعودية لا تزال تعيش في أجواء إدارة ترامب وتضع حساباتها على هذا الأساس، ووفقًا للأدلة فهي ليست مستعدةً لمواجهة الاستراتيجية الأمريكية الجديدة، خاصة أن القادم يؤكد عودة واشنطن إلى الاتفاق النووي مع إيران، الأمر الذي يشكل هاجسا للرياض وتبحث عن مقعد لها في هذه الصفقة.
يبدو واضحًا الارتباك السعودي بشأن القرارات الأمريكية من خلال إصدار بيانات متناقضة؛ ومن الجدير ذكره أن الجانب البريطاني أيضًا يسعى للاصطفاف إلى جانب الطرف الأمريكي، وكسب دعم المقيمين الجدد في البيت الأبيض. في جانب موازٍ، فإن الإمارات العربية المتحدة وبالتزامن مع تغيير الحكومة في الولايات المتحدة وهزيمة الرئيس السابق دونالد ترامب في الانتخابات، والذي كان مؤيدًا قويًا لمرتكبي قتل المدنيين اليمنيين، وبعد دخول بايدن البيت الأبيض، سارعت الإمارات إلى تذکير الولايات المتحدة بأن قواتها أوقفت العمليات العسكرية ضد اليمن منذ العام الماضي، بالطبع، هذا في حين أن مزاعم أبو ظبي هذه لم تثبت صحتها بعد، ولا تزال قواتها موجودةً في قواعد محافظة “حضرموت” في المناطق الشرقية والجنوبية من اليمن، يعتقد المراقبون أن الإمارات، مثل السعودية وبالطبع بشكل أقل، تعيش وضعاً سيئاً أيضاً. فمن ناحية، وبسبب تحالفها مع السعودية، لا يمكنها الإعلان رسميًا أنها تركت الرياض وحدها في الحرب التي بدأتها معًا، ومن ناحية أُخرى فهي لا تستطيع مواصلة الحرب، بسبب تداعيات الحرب المدمرة في اليمن على الوضع الداخلي لدولة الإمارات.
كل ما سبق يبدو واضحًا، لكن يبقى السؤال الرئيس هو ما إذا كانت واشنطن، باعتبارها أكبر داعم للسعودية في حرب اليمن، ستلتزم بإدارة هذا الملف بعد ذلك أم لا؟، وهذا ما كانت تخشاه الرياض خلال سنوات الحرب، إذ كانت قلقةً من دخول الأمريكيين في ملف التعاملات السعودية الإقليمية منها والدولية. ورغم ذلك فإنه لا يمكن لأي متابع الا أن يُدرك حقيقة أنّ اليمنيين انتصروا في الحرب التي شُنت عليهم من قبل السعودية و بضوء أخضر ترامبي، لكن يبقى اليمن عزيزًا ومنتصرًا.