السعودية وحصار اليمن.. العجز عن كسر الردع
هادي الأحسائي
لا نعلم لماذا تُصر السعودية على تكريس معادلة الفشل في اليمن، ولماذا كل هذا القتال في حرب فاشلة كلفت البلد وشعبها مليارات الدولارات وهددت أمن المملكة وشوهت سمعتها في العالم، والنتيجة لاشيء يذكر على المستوى الاقتصادي أو السياسي ولا حتى العسكري، وعلى العكس تماماً أظهرت هذه الحرب مدى هشاشة المنظومة الدفاعية والقتالية السعودية، ولم تتمكن الرياض من كسر معادلة الردع التي فرضها اليمنيون خلال سنوات الحرب الستة، والمثال على ذلك قريب جداً حصل منتصف الأسبوع الفائت، عندما استهدف القوات المسلحة اليمنية مقرات ومراكز مهمة في السعودية منها وزارة الدفاع والاستخبارات وقاعدة سلمان الجوية، ومواقع عسكرية في جيزان ونجران.
الضربة كانت قاصمة بالفعل حيث أكد اليمنييون من خلال هذه الضربة انهم قادرون على استهداف العمق السعودي متى أرادوا ذلك، وان بإمكانهم توجيه ضربات موجعة للرياض في حال لم تسارع لفك الحصار المفروض على الشعب اليمني، وكذلك استمرار استهداف المدنيين وجميعنا يذكر كيف استهدفت طائرات التحالف 13 مدنياً، بينهم نساء وأطفال في مديرية شدا في محافظة صعدة، في منتصف الشهر الماضي.
ولكن الضربة التي وجهتها القوات المسلحة اليمنية لا تقتصر على الرد على استهداف المدنيين وانما على الحصار المفروض على الشعب اليمني والذي بدأ يزداد يوما بعد يوم في محاولة لدفع اليمنيين نحو الاستسلام، وما يقوم به آل سعود يعد امراً خطيرا يخالف جميع القوانين الدولية وكذلك مطالب الامم المتحدة المستمرة لرفع الحصار عن اليمنيين.
الحصار هو ورقة السعودية الأخيرة لتحقيق معادلة جديدة في اليمن على مقاس الرياض بحيث تضمن السعودية كمل تدعي أمن حدودها وتضمن أكثر عدم تعرض مراكزها الحيوية لقصف اليمنيين، ولكن هذه المعادلة سقطت مرة جديدة كما سقطت عندما استهدف اليمنيون منشأتي بقيق وخريص التابعتين لشركة أرامكو في سبتمبر الماضي، وكذلك استهداف مدينة ينبع في فبراير الماضي، ونعتقد بأن القوات المسلحة اليمنية لن تتخلى عن استهدافها لأي موقع داخل المملكة لطالما ان الحصار لايزال قائما وكذلك استهداف المدنيين وارتكاب المجازر دون اي مبرر.
اليمنيون أصبح لديهم خبرة في الحرب وبإمكانهم استهداف المناطق التي يريدونها بعد أن أصبحوا يملكون جميع ادوات الردع ولديهم من الصواريخ ما يكفي للنجاح في تحقيق هذه المعادلة على طول الايام المقبلة، ولا نستبعد أن يكثف اليمنيون من استهداف مناطق حيوية أخرى داخل المملكة كلما اشتد الحصار أكثر، لكسر هذا الحصار والخروج من هذه الأزمة بأفضل طريقة ممكنة.
العملية الاخيرة تؤكد أن الهدنة لن تتحقق ضمن الظرف الحالي، خاصة وان اليمنيين تأكدوا أن الرياض تعمل على المراوغة فقط ولم تنفذ اي هدنة بشكلها الصحيح، ولم تلتزم بأي شيء تحدثت عنه من شأنه أن يخفف من الاحتقان وينهي هذه الحرب، وانما تعمل دائما على التصعيد والضغط على اليمنيين للاستسلام والرضوخ لشروط المملكة، بحيث تكون الشروط من طرف واحد وليس من من طرفين، كما هو الحال مع الحكومة اليمنية “حكومة عبدربه منصور هادي” أو ما تسمى بالشرعية التي لا تملك اي قرار مستقل، حتى أن هذه الحكومة بغالبية وزرائها تعيش في الرياض وتأخذ أوامرها من الرياض.
حاليا يضغط السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر كثيرا على ما تسمى بالشرعية لتوقيع مسودة اتفاقيات بين الطرفين تحت إطار ما يسمى بالبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن والذي يرأسه السفير السعودي، والجلوس مع حلفاء الإمارات المجلس الانتقالي الجنوبي المتمرد على الحكومة لمناقشة تنفيذ اتفاق الرياض بصيغته المعدلة والتي ترفضها الحكومة.
وهناك خطوات واضحة من قبل السعودية للسيطرة على مصادر النفط في اليمن، وخاصة في كل من مأرب وشبوة والجوف، بحيث تصبح المملكة السعودية هي الآمر الناهي في معادلة النفط اليمنية، وهناك خطوات سرية تسير بها المملكة في هذا الاتجاه.
السعودية حاليا لا تكتفي بمنع اليمنيين من الاستفادة من نفطهم واستخراجه بل حتى انها تمنع وصول اي سفينة تحمل النفط إلى ميناء الحديدة، إذ تحتجز الرياض أكثر من 15 سفينة محمّلة بالمشتقات النفطية في ميناء جيزان السعودي، على رغم خضوعها لآلية التفتيش الأممية في جيبوتي.
منع وصول هذه السفن إلى اليمن ينبيء بكارثة خطيرة على جميع الاصعدة خاصة في ظل تفشي فيروس كورونا، وقد تذهب الامور نحو الاسوء ولذلك لن يكون امام اليمنيين سوى المقاومة وربما توجيه المزيد من الصواريخ نحو المملكة لاجبارها على فك الحصار.