السعودية تتفاوض على السلاح.. ونمو الإقتصاد يتلاشى!
يبدو أن الإجراءات التي تنتهجها الحكومة السعودية في إطار تنفيذ “رؤية 2030” الاقتصادية التي تستهدف الحد من اعتماد الاقتصاد السعودي على النفط، وتداركاً للانخفاض المستمر في أسعار النفط، ستأتي بنتائج “عكسية”، على الأقلّ خلال السنة الأولى لتطبيقها، وبذلك، فإن فرص النمو في الاقتصاد السعودي، بالاعتماد على القطاع غير النفطي، بدأت تُنَفَّذُ، بحسب وكالة “بلومبرغ” الاميركية.
على المقلب الآخر، لا تزال الرياض قادرة على جذب شركات الأسلحة، بحيث تتفاوض، حالياً، مع شركة “بي أي إي سيستمز” البريطانية لشراء أسلحة بقيمة 40 مليار جنيه استرليني.
ورأت وكالة “بلومبرغ” أن سياسة التقشّف التي اعتمدتها الحكومة السعودية تُساعد على تخفيض عجز الميزانية الذي وصل إلى 16 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام الماضي. لكنّها، في المُقابل، ستُؤدي إلى زيادة الركود الاقتصادي مع تراجع الاستهلاك.
وأظهر مسح أجرته الوكالة أن النمو الإجمالي في الاقتصاد السعودي بلغ 1,1 في المئة خلال هذا العام، بينما توقّعت كل من “كابيتال ايكونوميكس” و”بي ان بي باريبا” ظهور أول انكماش اقتصادي في السعودية منذ العام 2009.
وأضافت أن التشاؤم المتزايد إزاء المستقبل القريب للاقتصاد السعودي يُبرز التحديات التي يُواجهها ولي ولي العهد محمد بن سلمان، مهندس السياسة الاقتصادية، في سعيه إلى إعداد المملكة لمرحلة ما بعد النفط من دون إثارة ردود فعل عنيفة من الشعب السعودي الذي تعوّد على “سخاء” الدولة.
وحتى قبل الإعلان عن “رؤية 2030” في نيسان الماضي، رفعت الحكومة السعودية أسعار النفط والخدمات. كما أنها تُخطّط لإلغاء مشاريع بقيمة 20 مليار دولار أميركي، وفقاً لمسؤولين مطلعين. ويتوقّع “صندوق النقد الدولي” أن ينخفض العجز في ميزانية الدولة إلى ما دون نسبة 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2017.
وتوقّع “المصرف الأهلي التجاري”، وهو أكبر مصرف في المملكة في تقرير الأربعاء، أن تنخفض نسبة أرباح الشركات خلال الربع الثالث من العام الحالي. هذه “التوقّعات الضعيفة” ردعت الشركات عن الاكتتاب العام.
ووفقاً للبيانات الرسمية السعودية، كسر الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي المتوقّع هذا العام سلسلة من الانكماش لازمته خلال فترة، بحيث ارتفعت نسبة مساهمته في الاقتصاد الكلّي بشكل مطرد إلى أكثر من 55 في المئة في العام 2015.
ومع ذلك، فإن النمو ازداد نتيجة الإنفاق العام الذي يعتمد على إيرادات صادرات النفط والغاز واستثمارها في مشاريع البنية التحتية وإيجاد فرص عمل حكومية للمواطنين السعوديين. وبينما سجّل الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي نمواً بنسبة 0,4 في المئة في الربع الثاني من هذا العام بعد انكماشه في الأشهر الثلاثة السابقة، كان نشاط القطاع الخاصّ مستقرّاً.
وقالت كبيرة الاقتصاديين في مصرف أبو ظبي التجاري مونيكا مالك للوكالة: “مع خفض الإنفاق الحكومي والإصلاحات المالية، لا نرى فرصاً للنمو في القطاعات غير النفطية هذا العام”. و”على الرغم من أنه سيكون للإصلاحات الهيكلية فوائد على المدى الطويل على الاقتصاد السعودي، إلا أن تأثيرها محدود في المدى القريب”، وفقاً لما قاله كبير الاقتصاديين المختصّين بشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا في مصرف “اتش إس بي سي هولدنغ” سايمون وليامز لـ “بلومبرغ”.
وتوقّع نائب رئيس البحوث في المجموعة المالية “هيرميس” القابضة، ومقرّها القاهرة، محمد أبو باشا أن ينكمش الناتج المحلي غير النفطي في الربع الثالث من العام، أو على الأرجح في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام، مضيفاً أن “القرار الأخير بتجميد رفع الأجور في العام المقبل سيؤثر بشكل كبير في النمو في العام 2017”.
بدوره، قال وليامز إن “رفع أسعار النفط سيُساهم في النمو، لكن سعر 50 دولارا للبرميل ليس كافياً. الأرباح عند هذا المستوى لا تضخّ الحياة في الاقتصاد، بل تُبطئ وتيرة تدهوره”.
صفقة أسلحة
كشف المدير التنفيذي لشركة “بي أي إي سيستمز” مايك تورنر أن شركته تُجري مفاوضات مع السعودية بشأن صفقة بقيمة 40 مليار جنيه إسترليني لشراء أسلحة، وفي حال إتمامها سيكون لها الفضل في إنقاذ الشركة من أزمة مالية وشيكة.
وتتفاوض الشركة مع السعودية، منذ عامين، لإتمام صفقة أسلحة تُنفذ على مدى خمس سنوات تقضي بتسليم 48 مقاتلة من طراز “يوروفايتر تايفون”.
بيع سندات
وبعد مرور أقلّ من أسبوع على إصدار قانون “جاستا”، بدأت الرياض مُفاوضات مع مؤسسات مالية دولية لبيع سنداتها لدى عدد من دول العالم، وفقاً لوكالة “بلومبرغ”.
وذكرت الوكالة أن مسؤولين في مصرف “جي بي مورجان تشايس”، وهو أكبر مصرف في الولايات المتحدة للخدمات المالية المصرفية، بدأوا اجتماعات تستمرّ لمدة يومين، مع عدد من كبار المسؤولين الماليين في السعودية، بينهم رئيس هيئة السوق المالية محمد الجدعان، والرئيس التنفيذي لبورصة “تداول” خالد الحسين، ومسؤولين في وزارة الاقتصاد السعودية والمصرف المركزي وشركة الاتصالات السعودية “STC” و”سابك” ومجموعة “سامبا” المالية، لمناقشة رغبتها (الرياض) في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية لأسواقها، كما تشمل المناقشات أيضاً تبعات صدور قانون “جاستا” على الأسواق المالية في السعودية، وأثره على نوايا المستثمرين تجاه الرياض.
وكانت “بلومبرغ” نقلت أخيراً عن مصادر قولها إن الرياض تدرس بيع سندات بنحو 10 مليارات دولار على الأقل لآجال خمسة وعشرة و30 عاماً.