السؤال المطروح في “إسرائيل“.. ماذا تعني مواجهة “أنصار الله”؟
أفاد المحلّل السياسي الفلسطيني، مأمون أبو عامر، بأنّ الصراع في قطاع غزّة، إن كان في مظهره صراعًا محليًا، إلا أنّه في حقيقة الأمر بدأ يتمدّد إلى أن أخذ امتداداته الجيوإستراتيجية في المنطقة ككل، فالعملية التي نفذتها قبل أيام جماعة أنصار الله اليمنية وضربت من خلالها العمق الإسرائيلي بعد قصف مبنى في وسط تل أبيب أدى إلى مقتل عسكري إسرائيلي وسقوط عدة جرحى، كانت بالنسبة إلى الجانب الإسرائيلي بمثابة سابع أكتوبر جديد، حيث أنه ولأول مرة تصل طائرة مسيرة من اليمن إلى الأراضي المحتلة بعد حوالي أكثر من تسعة أشهر، والأكثر من ذلك أنها تمكنت ونجحت في اجتياز كافة أنظمة الرقابة والرصد والتصدي وكذا منظومات الدفاع الصاروخية الإسرائيلية سواء كان ذلك على المستوى البعيد أو المتوسط.
وفي هذا الصدد، أوضح الأستاذ أبو عامر، في تصريحات لـ “الأيام نيوز”، بأنّ كل المنظومات الدفاعية الإسرائيلية على غرار القبة الحديدية والعصا السحرية وغيرها فشلت فشلا ذريعا في التصدي لهذه العملية، بالإضافة إلى منظومات الدفاع الصاروخية الأمريكية والبريطانية وكذا الفرنسية والألمانية الموجودة في البحر الأحمر، التي نجحت هذه الطائرة المسيرة التي تحمل اسم “يافا” في تجاوزها أيضا، بل إنّ تحليلات أشارت إلى أنها اجتازت مسارات متعرجة وهذا ما يقلق الإسرائيليين.
وكشفت تقارير نشرتها صحف إسرائيلية، عن فشل قيادة الاحتلال في معرفة سبب عدم قدرة الدفاعات الجوية على اكتشاف الطائرة، حيث اعتبرت أنّ هذه الموازين للعملية اليمنية لم تواجهها دولة الاحتلال و”جيشها” وسلاح الجو من قبل، قائلة: “إنه بعد جوي جديد يتحدى قدرات سلاح الجو و”الجيش” الإسرائيلي بأكمله”.
في السياق ذاته، أشار محدثنا إلى أنّ الردّ الإسرائيلي على هذه العملية النوعية جاء بشكل استعراضي وغير متناسق بالنسبة إلى مقتل إسرائيلي واحد جراء هذه الضربة، لكن ما يفسر الرد الإسرائيلي الاستعراضي، هو أنّ الكيان الصهيوني أخذ بعين الاعتبار نوعية العملية وكذا المكان الذي نفذت فيه ونتحدث هنا عن قلب تل أبيب، التي تعتبر منطقةً حساسة وإستراتيجية بالنسبة إلى الكيان الصهيوني، وكذلك من الناحية الاقتصادية باعتبارها مركزا للأعمال التجارية في “إسرائيل” حتى إنها تتجاوز القدس نفسها، وبالتالي وجد الجانب الإسرائيلي أنّ هذه الضربة أصابته في الصميم، ومن هنا أراد أن يكون الرد مؤلما بالنسبة إلى الجانب اليمني، وكان ذلك من خلال استهداف ميناء الحديدة ومستودعات تخزين المشتقات النفطية وما إلى ذلك، ما أدى إلى سقوط عشرات الشهداء والجرحى.
على صعيد متصل، أبرز الخبير في السياسة، أنّ ردّ الفعل المتبقي الآن من قوات الجيش اليمنية قد تكون له عدّة مسارات، إمّا أن يستمر الحوثي في الاعتماد على الطائرات والصواريخ المسيرة التي قد يتم التصدي لها، وإما استخدام الصواريخ الفرط صوتية التي لا يمكن أن تنجح منظومة الدفاع الصاروخية في التصدي لها، مما سيشكل خطرا حقيقيا في حال وصولها إلى “إسرائيل”، التي فتحت على نفسها جبهة جديدة بدل أن تسعى إلى الحدّ من تمدد المعركة وجبهات القتال المتعددة التي يواجهها الكيان.
إلى جانب ذلك، أفاد الأستاذ أبو عامر، بأنّ الأكثر من ذلك هو أنّ الحوثيين نجحوا في الوصول عبر البحر الأبيض المتوسط وهناك قدرات أيضا في الوصول عبر منطقة عدن وعبر بحر العرب أو المحيط الهندي، ما يعني توسيع مساحات القتال مما قد يؤثر على الوضع الاقتصادي العالمي، وبالتالي فإنّ “إسرائيل” فتحت بابا كبيرا في هذا الجانب وفتحت عليها نافذة من نوافذ جهنم، كل هذه المعطيات قد تؤثر بشكل أو بآخر على مجريات الوضع في المنطقة الجنوبية، وستزيد من حجم التحديات الخطيرة التي تواجه الاحتلال الصهيوني خلال المرحلة القادمة، في حال ما لم يتم وقف إطلاق النار وانسحاب “إسرائيل” من قطاع غزّة.
خِتاماً، أبرز المحلّل السياسي الفلسطيني، أنّ الاحتلال الإسرائيلي لا يمكن أن يشعر بالاستقرار في ظل الوضع الراهن الذي تشهده المنطقة، ولا سيما أنّ إمكانية مواجهة الحوثي مكلفة جدّا، فعملية استهداف ميناء الحديدة كانت عملية معقدة وطويلة ومكلفة أيضا، فحسب خبراء إسرائيليين “فإنه إذا كان كل صاروخ أو طائرة تصلنا من اليمن تحتاج إلى حملة عسكرية بهذا الحجم فعلى الأغلب سيكبد ذلك الجانب الإسرائيلي خسائر كبيرة وكبيرة جدّا”، لذلك هناك تحدٍّ مهم يؤثر على قوة الردع الإسرائيلية وعلى استمرار العدوان على قطاع غزّة، وتصاعد الوضع في الشمال، وبالتالي قد يؤثر بشكل أو بآخر على المشهد برمته، الأمر الذي سيدفع الاحتلال إلى وقف عدوانه وإجباره على الذهاب إلى إبرام صفقة لتبادل الأسرى ووقف القتال على كافة الجبهات.