“الزراعة احد الخيارات الاستراتيجية” ….بقلم /عبدالملك فايع
نحاول الرجوع إلى الماضي لربط الحاضر ولنتذكر أين كنا سابقا ونفهم أين نحن الان وندرك أين سنكون في المستقبل..كانت تسمى اليمن فيما مضى باليمن السعيد أو اليمن الخضراء ولم يأتي هذا المسمى من فراغ وإنما كان الواقع القديم هو أن اليمن البلد الزراعي الوحيد في الجزيرة العربية لخصوبة الاراضي المتعدده والوديان الكثيرة والقيعان الواسعة والمياه الوافره المتمثله في السدود والعيون وغيرها امتازت اليمن على غيرها من الدول القريبه والبعيده وكان لها الحظ الاوفر والنصيب الاكبر من الزراعه.
اليمن السعيد أو اليمن الأخضر أطلقه الإغريق قديما على الجمهورية اليمنيه دون غيره لما ذكرنا من مميزات انفردت بها اليمن دون أغلب الدول وكانت هذه المميزات متوافقه ومنسجمه مع لطافة المناخ وروعة الطقس اليمني.
كان اليمنيون قديما يزرعون لياكلون وهذا ما جعل لليمن استقلالية وسيادة في زمن الخضوع والخنوع الأموي والعباسي والايوبي والعثماني وأيام الإحتلال البريطاني والاستعمار الفرنسي والحروب العالمية الاولى والثانيه وسمعنا عن أشخاص متقدمين في العمر وقرأنا في كتب التاريخ والسير أن اليمن قدمت مساعدات غذائية لبعض الدول منها المانيا والمملكة السعودية أثناء سنين القحط وأيام الجوع وانتشار المجاعة بسبب الحروب العالمية.
وكانت اليمن من القلائل التي لديها مخزون غذائي واكتفاء ذاتي.
بعد مرور عقود من الزمن وفي ظل إحباك مؤامرة عالمية تغافلت عنها أغلب الدول ونحن أحدها وعدم وجود مشروع وطني مستقل من الشعب وإلى الشعب.
صارت اليمن تبعية وضحية للحبوب المستوردة والتي تسيطر عليها امريكا وبعض الدول العظمى كروسيا واستراليا والسبب هو ترك الزراعة الضرورية والاساسية وعدم دعم الدولة للمزارعين وتوفير التسهيلات لهم ايضا عدم تبني مشروع وطني زراعي يحمل في طياته الاستقلال والتحرر مما جعل المزارعون يعدلون عن زراعة الحبوب إلى الزراعة التجارية والربحية المتمثلة في شجرة القات والتبغ. اليوم وفي ظل الحصار الجائر على المواطن اليمني منذ ما يقارب عامان نفجر للعالم مفاجأة جديدة ونثبت للعدو أننا أمة لا تقبل الهزيمة ولا تفاوض على الكرامة وانما تراهن دائما على الانتصار لايمانها بعدالة قضيتها وصحة مبدئها وصدق دعواها في بيان حريتها. نستطيع اليوم أن نثبت واقع الأمس من خلال التركيز على الزراعة لانها تحمل في ثناياها التفاؤل من خلال الحرص على المستقبل..وقد عبر هذا التفاؤل العجوز الذي كان يزرع زيتونة في أواخر عمره،عندما سأله أحدهم عما يفعل وهو على حافة قبره؟ فقال (زرعوا فأكلنا ،ونزرع ليأكلون) وهذه حكمة الشعوب التي تستهدف الحفاظ على الوجود. الزراعة اليوم بإمكانها أن تضمن للشعب اليمني بدلا عن الحبوب المستوردة والتي نتيجتها السقوط في حلقة مدمرة من التبعية والفقر وسوء التغذية بالنسبة للغالبية الساحقة من السكان. باعتقادي أن أهم ما يقدمه هذا العمل الزراعي العظيم هو القضاء على الحصار السعوامريكي الذي سيبوء بإذن الله بالعقم والفشل. وبإمكاني القول أن الزراعة المتنوعة والمتداخلة التي توفر الاحتياجات الغذائية الأساسية للناس تعتبر عاملا أساسيا وحاسما للتخلص من التبعية الاقتصادية ولعل اعتمادنا على أنفسنا في إنتاج غذائنا الأساسي يحررنا من قيود الاقتصاديات والأسواق الخارجية ويعتبر شكلا أساسيا من أشكال السيادة الحقيقية. في الأخير أدعو جميع المزارعين لتفعيل دورهم في مجال الزراعة والاهتمام بهذا العمل الكبير الذي يعتبر جبهة من جبهات المقاومة ويمثل نوعا من أنواع الصمود اليمني وفي الحقيقة أن العدوان على اليمن قذر وهمجي ولا يراعي شيء وقد تنوعت الوانه واختلفت اشكاله إلا أنه في المقابل كان الصمود والدفاع عظيم وكبير وقد لخص اليمنيون المقاومون كل صفات ومعاني الحرية والكرامة ودافعوا في كل الجبهات العسكرية والإعلامية والأدبية والسياسية والثقافية والاقتصادية رغم تعددها وتنوعها دفاع الأبطال على مدى عامان وقد شارك أغلب أحرار شعبنا اليمني كلا بما يستطيع حسب المكان والزمان..إن المسئولية اليوم ملقاة على عاتق المزارعين وأصحاب الأراضي الواسعه في الأرياف والمدن لأن الحصار لا يفرق بين أحد وفي المقابل على الدولة أن تلتزم بتقديم الحلول أمام مشاكل ومعوقات المزارعين لتحقيق الاستثمار الأمثل الممكن لأفضل الفرص المحلية التي من شأنها تحقيق الزراعة في اليمن وكما أسلفت أن العدوان أتى بأشكال مختلفه والوان متنوعه فقد كان الرد من جنس العمل ونحن في الجبهة الداخلية لا بد أن يكمل بعضنا؛البعض الآخر فحملة تدشين الزراعة التي سيقوم بها المزارعون تمثل شكرا ووفاءا لتضحيات وصمود واستبسال المجاهدين المرابطين في سبيل الله وتقديرا لرجال الرجال في جبهات العز والشرف في الختام أسأل الله الرحمة للشهداء والشفاء للجرحى والحرية للاسرى والنصر والتمكين لشعبنا اليمني العظيم والخزي والخسران للمعتدين