الريال اليمني مهرولاً.. من يمسك بـ “مقود” الإنهيار؟
تواصل قوى تحالف العدوان على اليمن عزفها الصاخب على وتر الجانب الإنساني الحزين منذ أن بدأت عدوانها على البلد الجار في مارس من العام 2015م، عزف نشاز تدحضه أفعالها التي جعلت من الإنسان اليمني وحياته وسبل عيشه هدفاً مباشراً للنيل من صموده وثباته وشموخه، فإلى جانب الحصار الثلاثي وإغلاق المنافذ والمعابر، قصف العدوان كل المؤسسات الاقتصادية والحيوية والمصانع والمعامل وقبلها المطارات والموانئ ومحطات الوقود في مسلسل أرعن يسعى لتدمير ركائز الاقتصاد الوطني واجتثاث كل شرايينه، ولم تقف عند هذا الحد بل عملت على نقل البنك المركزي اليمني من العاصمة صنعاء إلى مدينة عدن لضمان توريد كل عائدات النفط والغاز إلى البنك الجديد، خصوصاً وأن كل تلك العائدات تأتي من شركات النفط والغاز الواقعة في المحافظات التي ترزح تحت احتلالها، ومع كل خطوة سامة كان العدوان يستغفل العالم الصامت ويوهم مرتزقته المنتفعين أن كل هذه الإجراءات تأتي في سياق الحفاظ على الاقتصاد اليمني من ابتزاز الانقلابيين وتأمين استقرار العملة اليمنية وإنقاذها من الانهيار، في ذلك الحين كان سعر الدولار لا يتجاوز الـ 220 ريالاً، وأسعار المواد الغذائية لم تراوح مكانها السابق رغم مرور عام ونصف العام من العدوان والحصار، وما أن تمّ نقل البنك المركزي إلى عدن حتى بدأت الإصلاحات الفعلية التي ذرّ بها العدوان على عيون المؤيدين، وانطلق سعر صرف الدولار بجنون إلى الأعلى دون اكتراث من حكومة الفنادق التي تدير البنك وتتحكم بأمواله، وتغرق السوق بطبعات جديدة من الأوراق النقدية دون غطاء وصلت لأكثر من ترليون ريال، وهو ما حذّرت منه سلطات صنعاء وعدّته قتلاً مقصوداً للاقتصاد اليمني.
وتواصلاً لاستهداف اليمنيين في اقتصادهم ومعيشتهم تواصل حكومة هادي عبثها وفسادها في إغراق السوق بطبعات جديدة، وهذه المرة من فئة العملة الصغيرة، حيث نقلت نحو 38 قاطرة من ميناء عدن خلال اليومين الماضيين أموالاً طبعت في الخارج تقدر بـ 648 مليار ريال من فئة العملة الصغيرة، دون تأمين نقدي، وهو ما أكدته وكالة “سبوتنيك الروسية” من أن البنك المركزي في عدن تسلم نحو 200 مليار ريال يمني، من فئات الـ 100 ،200، و 250 ريالاً، ويأتي ذلك في ظل استمرار تراجع قيمة صرف الريال اليمني أمام العملات الأجنبية حيث وصل إلى 540 مقابل الدولار الواحد، وكانت حكومة هادي قد طبعت في وقت سابق أكثر من 400 مليار ريال عبر اتفاق مع شركة “غوزناك” الروسية دون تأمين نقدي، وهو ما جعل الريال اليمني يشهد هذا الانهيار المخيف.
وإلى جانب فشل إدارة “بنك عدن” في إيقاف التدهور الحاد للقيمة الشرائية للعملة الرسمية في الأسواق المحلية، تشهد هذه الإدارة فساداً منقطع النظير في إهدار المخزون المالي وصرفه لجيوبها وجيوب وزراء حكومة الرياض، حيث وصل الراتب الشهري لمحافظ البنك المركزي أكثر من 15 مليون ريال، ومثله لـ “مافيا” الفساد والعبث اللا مسؤول، وهو ما دعا بالحكومة إلى اتهام مرتزقة آخرين، وخرجت باعتراف يعلّل هذا التدهور بعد أن شهدت مدينة عدن انتفاضة شعبية تطالب برحيل الفاسدين في الحكومة بعد تدهور العملة المحلية وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية والمشتقات النفطية، حيث قالت الحكومة إن السبب الرئيسي لانهيار الريال اليمني أمام العملات الأجنبية هو الطبع الزائد للعملة دون تغطية مالية، وعدم توريد سلطات مأرب لإيرادات النفط والغاز إلى البنك المركزي في عدن، حيث يرفض سلطان العرادة المنتمي لحزب الإصلاح توريد أكثر من 700 مليون ريال يومياً، هي إيرادات النفط والغاز الخاصة بمحافظة مأرب إلى بنك عدن المركزي بعد أن قام بتعطيل وإغلاق بنك المحافظة المركزي.
ووسط هذه المتاهات المظلمة تستمتع الرياض وأبو ظبي بما يجري رغم استغاثة حكومة مرتزقتها، فهي تنصّب معاناة اليمنيين أمام أهدافها وإن تجلببت بوشاح القلق والاهتمام، وتدخلاتها دائماً سطحية للاستهلاك الإعلامي لا أكثر، حيث أعلن السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر أن بلاده ستقدّم المشتقات النفطية الخاصة بمحطات توليد الكهرباء إلى اليمن بقيمة تصل إلى ستين مليون دولار شهرياً، وتأتي هذه الخطوة حسب السفير السعودي لأجل المساهمة في إنقاذ الاقتصاد من الانهيار، منطق سخيف لا يقبله عقل راشد، فهذا السفير عينه هو من أعلن في وقت سابق عن وديعة مالية بملياري دولار أمريكي لدى البنك المركزي اليمني مساهمة من الرياض في تحسين صرف العملة اليمنية، لكنه يردف القول معترفاً أن تدهور سعر صرف العملة استمر في ظل عجز الحكومة عن إيجاد حلول اقتصادية، إضافة إلى الفساد الكبير الذي يرافق أداء الحكومة والرئاسة على حد سواء.
بقلم: فؤاد الجنيد