الرفسة الأخيرة!
عين الحقيقة/كتب/ د/مصباح الهمداني
اعتصدَ المشهَدْ وحقَّ له أن يعتصد!
فما فعَلته صنعاء، في 72 ساعة، وما فعلَته الجبهات في 120 ساعة، قد قَلبَ عاليها سافِلهَا، وخلطَ بل أحرَقَ الأوراق، حتى تاهَتْ عقولُ الغزاة، وتورَّمتْ أقدَامُ المُرتزقة!
وكانَ رجالُ القبائلِ في طوق صنعاء قد أثبتوا للمرةِ الألف أنهم أحرار، ويتبرؤون من كل خائنٍ وعميل، وكلَّما اتضحَ لهمُ المشهَدَ ازدادوا ثباتًا وإصرارًا وعزةً وكرامة!
لقد استوعبوا المشهدَ من بعيد؛ وعرفوا دروسَ المستعمرِ جيدًا؛ حين رأوا مشائخ الجنوبِ بعد الترحيبِ بالغزاة؛ يخلعونَ نِعالهم وجنابيهم وسلاحهم كلَّما أرادوا السَّلامَ على الغازي!
وسمعوا من بعيد كيفَ تشتكي الحرائرُ من تطاوِلُ جنود الجنجويد في الشوارعِ والحواري، وأدركوا أنَّ الغازي يأخذُ خيرةَ شبابِ البلاد ليزُجَّ بهم لحماية مُدنه المُتساقطة، بينما يوكِلُ المعسكرات والدوريات لجنوده الساقطة!
وكانَ لرجالِ الرجال؛ جوَلاتٌ في ميادين المواجهة، فاجأتِ القريبَ والبعيدْ، وحيَّرت العدو والصَّدِيقْ، فما إنْ اتضحتْ صورة صنعاء، وتوارَتْ ذبذباتِهَا، والتي لم تُخِلِّفْ إلا هزَّةً خفيفة في الخوخة؛ حتى بدأتْ مسيرةُ رجال الرجال؛ بالإقدَامِ والتنكيل، واشتَّدت عواصفُ الإقتحام، من جيزان إلى عسير وصرواح، وسجَّلت يَخْتِلْ أعلى معدلاتِ السيلِ الجارِفْ، والذي لم يتوقف حتى اللحظة!
وبدأتْ الأيامُ الأولى بعدَ انتهاءِ فتنةِ صنعاء؛ تشير إلى أن المعركةِ تسيرُ بالعدو ومرتزقته؛ بعيونٍ عمياء، وأقدامٍ عرجاء، فسُرعان ما يقعون في الكمائن مراتٍ ومرات، ويقعون في كماشةٍ كراتٍ وكراتْ، ويُحاصرون من كلِّ جانبٍ على حين غِرَّة، وأضحتْ المُعدَّاتِ الثقيلة، والعتادُ الكبير عبئًا عليهم، لا نافعًا لهُم، وبدأتْ صرخاتُ الجنودِ والضباطِ والمرتزقةِ تتعالى طالبةً النجاة، ومُقرَّة بالهزيمة.
وانهمكَ جنودُ الارتزاق في إرسالِ نداءات الاستغاثة، خاصةً وهم يرون الطيران يباشرهم بالإبادةِ والتنكيل، حينَ أدركَ بهزيمتهم، واستِحالةِ صمودهم، مع ما معهم من عتاد وعدة!
ولَمْ يدُر بخُلدِ محمد بن زايِدْ أن يحمِلَ حقائِبه ويطير إلى السعوديةِ على وجه السرعة ليعقِدَ صفقةً جديدة مع أعدائه وأعداء أبيه الإخوانَ المسلمين.
الإخوان المسلمين، والذين قال فيهم زايد بالحرف الواحد: (يتصرفون تصرف الفسقة الكفرة… يجب التعاون عليهم-الاخوان المسلمين- حتى تطهر الارض بدمهم، الأرض يلي دنسوها بدم الأبرياء ما يطهرها الا دمهم)
الإخوان المسلمين الذين صنَّفتهم الإمارات جماعةً إرهابية، وحاربهم محمد بن زايد حربًا شعواء، وأعلنها عليهم حربًا لا تقبل الصُّلح، وبسببهم حوصِرتْ قطر، وقطُعتِ العلاقات معها، وخسِرتِ الإمارات المليارات، وسَجَنت العديد من أبنائها، وكادت أن تنفرِط بسببهم وحدة الإمارات السبع.
وفي حربِ الإمارات للإخوان؛ تم قتل العديدِ من قادةِ الإصلاح في الجنوب، وتم حرق مقرات الإخوان في عدن وحضرموت، وتم سجن الكثيرِ من شبابهم، وزجَّ الآلاف في سجونٍ لا يرونَ فيها الشمس.
جاء ابن زايد ليجتمعَ مع ابن سلمان؛ بعيدًا عن عبدربه وشر/عيته، وحكو/مته، وبعيدًا عن كبار قيادات الج/نوب، ويكون اللقاء بحضرةِ كَبشينِ خائفينَ مذعورين، لا يعلمانِ بأنَّهما يجتمعانِ بجزارين مُحترفين، قد عادا للتو من ذبحِ خرافٍ أخرى بالطيرانِ وبالكاتمِ وبالدفعِ إلى جبهاتِ الموتِ المُحقَّقْ..
جلسا جلسةً ذليلةً بائسة؛ ليُقَدِّما ما تبقى من أتباعهما قرابينًا رخيصة، في موطنِ الخزي والعارِ الذي لن يلحقَ بهما فقط، بل سيلحقُ بحفيدِ حفيدِهِمَا، جلسا منصَتينِ كطالبينَ بنقاليين في مدرسةٍ أمريكية في يومهما الأوَّلْ.
تمنيتُ حين شاهدتُ الصورة أن أهمسَ في أذنيهما الشائبتين؛ أنْ يُدركا بأنهما آخر القشَّةِ في بحرٍ أوشكَ المحمدان فيه أن يغرقَا؛ خاصةً وقد انكسَرَ ظهراهما من مُرتزقةِ العالَمِ أجمع، ومن سلاحِ العالمِ كلِّه..تمنيتُ أن أهمسَ في أذنيهما المليئةِ وقرا؛ إن كانَ لا بدَّ من صفقة فلتكن غالية الثمن ولن يتردَّد الجزاران أن يدفعا كل ما تطلبان، ولو طلبتماهما نصفَ ما طلبَ الترامب!
وتمنيتُ لحظتها أيضًا؛ أن أهمِسَ في أذن المحمدين وأقولُ لهُما:
إن الإخوانَ في كل جبهة متواجِدون، وما زادوكم إلا خُسرانًا وتخذيلا، وهم أحرص على الحياةِ أكثَرَ من اليهودِ أنفسهم، وأنَّ جبهاتكم قد كفَتِ المؤمنين شرَّ العناء، وأنَّ نصفُ قتلاكُم بطائراتكم، وأن صفقة اليومَ ما هي إلا لزيادة النيران الصديقة فيما بينكم، وأنَّ آخر الأوراقِ احترقتْ مع عفاش؛ لا ولنْ تعوض، وأن نصرُ المؤمنين نراهُ في وعدِ ربنا، وفي بنادقِ أشبالِنا.
وأرفعُ صوتي لأخاطبهم بالنصيحةِ جميعًا؛
لملموا بقايا جنودكم واجنحوا للسلمِ وكونوا على يقين بأنهُ لا صالِح لكم بعدَ صالِحْ!