أكد فخامة المشير الركن مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى، أن توجهات الدولة لهذا العام تركز على بناء الإنسان بما ينعكس إيجابا على الواقع العملي، وتحقيق تطلعات الشعب اليمني في دولة حرة ومستقلة تمثل النموذج الراقي للدولة.
وأشار الرئيس المشاط خلال لقائه قيادات الدولة، إلى أنه لن يتم القبول بأن تكون هناك دولة وظيفية، خصوصا والشعب اليمني يقارع كل قوى العدوان للعام الثامن ..
وقال” المسئولية علينا كبيرة جميعا كلاً في موقع مسئوليته، في تلبية استحقاق الشعب اليمني الذي ضحى منذ بداية العدوان إلى اليوم لأنه يطمح إلى الدولة المنشودة دولة المؤسسات، دولة ترفض الوصاية والتبعية، دولة لا تؤدي دور وظيفي لما يملى عليها من الخارج”.
ولفت إلى أن المدخل الأساسي لهذا التوجه هو بناء الإنسان، بحيث يبدأ كل مسؤول بنفسه بأن يصلحها وفق هدى الله، وتوجيهاته وتعليمات الإسلام، حتى تنعكس هذه النفسية على جميع الكوادر التابعة له.
وأضاف” بالتالي مهمتنا كبيرة وسيعمل القطاع الإداري إن شاء الله على تكثيف هذه الدورات التي دشناها في هذا الشهر الكريم، وإن شاء الله تتكلل هذه الجهود بالنجاح حتى تثمر وتنعكس ويكون لها أثر على واقع الحياة”.. لافتا إلى ضرورة العمل على برامج كثيرة بالميدان في كل المستويات الخدماتية الإدارية، بحيث يلمس المواطن أثر هذه الأنشطة والأعمال والإصلاحات في الحياة.
وحث الرئيس المشاط، القائمين على مؤسسات الدولة على تبني هذا التوجه داخل المؤسسات والوزارات والبدء بإصلاح أنفسهم ومحيطهم، ومن ثم ابتكار البرامج والأعمال التي تتجه مباشرة إلى المواطن ليلمس أثرها في واقع الحياة..
وقال ” يجب أن يستشعر كل واحد منا أنه على رأس هذه المؤسسة ويتحمل مسئولية تقديم النموذج الصحيح الذي ينشده أبناء هذا الشعب، في دولة قوية حقيقية، وهذا السؤال يجب أن يتكرر في رأس كل واحد منا باستمرار لأنه يعتبر دافع لتحمل المسؤولية والأمور مبشرة في هذا المستوى”.
وحذر من عاقبة التفريط في تحمل المسؤولية.. وقال” سيكون هناك استبدال سواء على المستوى الجماعي أو المستوى الفردي، إذا فرط أي شخص في مسئوليته”.
وأضاف” إن الفرصة لا زالت سانحة لنا جميعا أن نتجه لبناء أنفسنا البناء الصحيح التي تجعلنا مجردين لخدمة هذا الشعب ولبناء هذه الدولة، والمهم كيف نمضي ونحث الخطى ونحرص بشكل كبير كلا في مجال عمله، فيما يتعلق ببناء النفس بعيدا عن تمجيد الذات”.
وتابع” لا يوجد لدينا الدوافع المادية في ظل هذا الظرف الصعب، بل أعتقد كلنا لا يوجد لدينا المطامع الدنيوية بقدر ما هي المسئولية والضمير الذي يجعل الواحد يقوم ويعمل في ظل هذا الظرف الصعب، لكن يجب أن نكون واقعيين مع أنفسنا، فالتقييم الحاصل، لا يرقى إلى المستوى المؤمل”.
وأكد الرئيس المشاط، على أهمية التحلي بالمسئولية والتفاني في تقديم ما هو أكثر دون النظر لما حققه الآخرون من قبل، والحرص على الابتعاد عن البطانة السيئة التي تصور الأشياء الخاطئة بأنها صحيحة وتصرف عن الاتجاه الصحيح.
ولفت إلى أن هناك جهود تبذل وتفاني ولكن المطلوب هو المزيد وألا يكون هناك حد معين يجعل الشخص يتوقف عنده يعتقد أنه أنجز ما لم ينجزه أحد من قبله كون ذلك بداية للتوقف عن تطوير العمل في إطار المسؤولية.
وأضاف” من ضمن المحاذير أيضا حسب تجربتي مع كثير من مسئولي الدولة منذ أن تحملنا المسئولية، العمل وفق الروتين السابق، والتفكير السابق، وبعيداً عن أي موقف أو أي مزايدة سياسية، الوضع السابق كان مستقر، ونحن الآن نعيش في وضع استثنائي، أنا لا أقول هذا الكلام للمزايدة أو لألقاء اللوم على من كان قبلنا بل لأن الواقع يثبت أن هذا الكلام هو الصحيح، انه يجب علينا أن نبتعد عن الروتين السابق، ونفكر في كيف نخارج وضع هذا البلد في ظل هذا الوضع الاستثنائي”.
وقال” بالتالي أي تفكير مثلا على مستوى التخطيط، أنا قلت في بداية التخطيط لا ينقصني الأفكار في كل مؤسسة من مؤسسات الدولة، لدي حزمة من التصورات والأفكار، لكن المطلوب أن يعيننا الحريصون والمتحملون للمسئولية في كيف نوجد الحلول الخلاقة لأن نستطيع تسيير الوضع في ظل الصعوبات لا نستسلم لأي صعوبات ولا نستسلم لأي معطيات قائمة نتيجة الوضع الاستثنائي”.
وأشار الرئيس المشاط إلى أن من ضمن الأشياء التي يجب تجاوزها كونها تعيق الإنتاج اعتبار الإنجاز وفق المعطيات السابقة والوضع السابق ..
وقال” على سبيل المثال كثير من المسئولين بالدولة يقول أنا وفرت الخدمة للناس مع توقف الموازنة التي كانت موجودة سابقا ويعتبر ذلك إنجازا وهذا غير صحيح لأن المطلوب الاستمرار في تحقيق المزيد من الخدمات للمواطن بأقل كلفة وبأعلى جودة”.
وفيما يتعلق بمكافحة الفساد أكد الرئيس المشاط على أهمية الاستمرار في مكافحة الفساد وأن ينطلق الجميع في ذلك بشكل أكبر لتحقيق المزيد من الإصلاحات.
ولفت إلى أن الهدف من الاجتماع هو الانطلاقة الجماعية والتفكير الجماعي وهذه الأشياء ستتحقق تلقائيا في إطار الهدف الأهم والأبرز الذي هو إصلاح النفوس والذي سيحقق أشياء وحلول كثيرة..
وقال ” لدينا تجربة على مستوى الرؤية الوطنية، وعلى مستوى الوضع الاقتصادي، كان هناك الكثير من الحلول وتجاوزنا الكثير من الصعوبات بالتفكير الجماعي، فالعمل الجماعي يختصر المسافات بشكل أكبر، ويوجد الحلول”.
وشدد على أهمية أن يتجه الجميع لإيجاد الحلول رغم الصعوبات الموجودة، فهذا هو المطلوب، في ظل هذا الوضع الذي لا يوجد فيه ميزانية ولا نفط ولا غاز ولا شيء..
وقال” هدفي أنه تقيم هذه المؤسسة في ظل أصعب الظروف وفي ظل أكبر التحديات، لأننا معنيين أيضا ليس بتسيير ما هو موجود، بل البناء والتطوير رغم الصعوبات الموجودة ورغم شح الإمكانات ملزمين بالبناء والتطوير كل واحد في اطار عمله وفي اطار مسئوليته”.
وأشار إلى أن المطلوب التطوير والبناء والتحديث رغم الصعوبات فالمسؤول الحقيقي هو الذي يستطيع أن يتجاوز الصعوبات كيفما كانت، على أن يبدأ ببناء نفسه بناء صحيحا، ليكون بمستوى المسئولية ويتجاوز الصعوبات مع الاستعانة بالله سبحانه وتعالى.. لافتا إلى أن الأولويات العامة لكل مؤسسات الدولة لهذا العام تتمثل في البناء والتطوير، وإصلاح القوانين والأتمتة والربط الشبكي وهناك برامج للعمل عليها.
وقال” إن عملية إعصار اليمن مستمرة، ويجب التفاعل معها لأن هدفها في نهاية المطاف النزول إلى المواطن وتلمس وضعه التصاق مسئول الدولة بالمواطن، حتى نعيد العلاقة والانسجام بحيث لا يشعر المواطن انه لوحده والدولة كيان وحدها، بل يجب أن يشعر أن الدولة في خدمته وتعمل ما بوسعها للتخفيف من معاناته وتقدم الخدمات له”.
وشدد الرئيس المشاط على ضرورة الاهتمام بالريف، والذي لا يخص مؤسسة أو قطاع معين بل يجب أن يتجه الجميع لتطوير الأداء والخدمات في الريف، والعمل على تحفيز المجتمع وتوجيه نشاطه لتوفر بعض الخدمات والعمل على استغلال طاقة المجتمع اليمني، التي تعتبر ميزة غير موجودة في كثير من الشعوب.. لافتا إلى أنه تم التوجيه بإنشاء وحدة تنسيقية بالمحافظات لدعم الريف، تشارك فيها كل القطاعات.
وأشار إلى أن من الأولويات في الريف توفير مشاريع المياه والطرق وغيرها بالتعاون مع المجتمع.. لافتا إلى أن اللجنة الزراعية لديها برنامج تستهدف جهد المجتمع.. داعيا الجميع إلى التفاعل معها بما في ذلك وسائل الإعلام وكل مؤسسات الدولة بما يسهم في توفير الحبوب والمنتجات الزراعية خاصة مع المتغيرات العالمية وهي من أهم أولويات هذا العام والعامين القادمين.
وأكد على أهمية النهوض بمستوى الخدمات سواء في الريف أو المدن، وأن يكون هدف الجهات الخدمية إيصالها إلى كل الناس وهذا هدف استراتيجي يمكن تحقيقه عبر مراحل من خلال إصلاح وتوسيع ما هو موجود وصولا إلى تقديم الخدمة للمواطن بجودة عالية وبأقل كلفة.
وأشار الرئيس المشاط، إلى أن من ضمن الأولويات إصلاح وتحديث اللوائح والقوانين كشرط أساسي لبناء دولة..
وقال” يجب على كل مسؤول أن يعمل على بناء الدولة في اطار مؤسسته، من خلال تشخيص المشاكل بشكل صحيح، والانطلاق لمعالجتها لأن التشخيص الخاطئ ينتج عنه علاج ونتيجة خاطئة”.
وشدد على ضرورة تكريس الجهود لتقديم خدمات الصحة والنقل والكهرباء والمياه للمواطن والاهتمام بموضوع المواد الغذائية وإيصالها للمواطن دون النظر إلى الصعوبات..
وقال” الجهد الذي نقوم به هو الشيء الذي يشرفنا إزاء تضحيات شعبنا وتضحيات رجال الرجال في الجبهات”.
وأشار إلى أن التقييم لن يبقى مثل ما كان في الماضي وإنما وفق آلية ونتائج وأعمال ميدانية تم إنجازها بعيدا عن تقارير الإنجاز التي تقتصر على الورق.
ولفت إلى أهمية الاستفادة من عهد الإمام علي لمالك الاشتر، في إدراك حجم المسؤوليات الملقاة على عاتق الجميع وإصلاح النفس والاستعانة بالله لكي تصلح الحياة، وهذه هي الروحية التي يجب أن تكون سائدة لدى الجميع بحيث يحرص كل شخص على نجاح الآخر ويسود العمل الجماعي.
وقال” إن التوكل على الله والاعتماد عليه والإصرار وعقد النية هي البوابة لتحقيق النجاح “.. لافتا إلى أن ما تحقق من انكسار للعدوان وما وصل إليه من مواقف محرجة هو ثمرة لجهود الجميع وما تحقق من صمود في جميع المؤسسات.
وأكد الرئيس المشاط أن الشعب اليمني الصامد يستحق الكثير، وقد بدأت المؤشرات والعلامات بالتمكين والإنصاف لهذا الشعب من خلال التخلخل الحاصل في صفوف العدوان والاضطرابات والتشظي في صفوفه.
وأضاف” هذه من المؤشرات التي تؤكد أننا مع شعبنا في الاتجاه الصحيح وإذا اردنا أن تكون النتيجة وفق ما يطمح اليه شعبنا فعلينا أن نعمل بوتيرة عالية والله سبحانه وتعالى سيهيئ الأمور ويكتب النجاح”